بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
روي عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل.
قلت له: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لا يؤذن لي في كشفه لكم.
قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟
قال: وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله (1) تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره (2)، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام)، من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلى وقت افتراقهما.
يا بن الفضل! إن هذا الأمر أمر من الله، وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف (3).
_______________
(1) راجع: كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: ج 1 ص 127 - 153 (في الحكمة من غيبات بعض الأنبياء (عليهم السلام)).
(2) إن مفاد هذه الرواية الشريفة هو عدم معرفة وجه الحكمة من غيبته الشريفة حتى يظهر عجل الله فرجه الشريف، فحينئذ يتبين للناس وجه الحكمة من غيبته، إلا أن هناك مجموعة من الروايات الشريفة والتي ذكرها الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كمال الدين: ج 1 ص 479 - 482 (ب علة الغيبة) قد أفصحت عن بعض أوجه الحكمة من غيبته: وهي على طوائف خمس على حسب ما تتبعته عاجلا وهي: الطائفة الأولى: كرواية علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه قال: كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث (الرابع ن ل) من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت له: ولم ذاك يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لأن إمامهم يغيب عنهم، فقلت: ولم؟ قال: لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف. الطائفة الثانية (وهي رواية واحدة): ما روي عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن للقائم منا غيبة يطول أمدها، فقلت له: يا بن رسول الله ولم ذلك؟ قال: لأن الله عز وجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وإنه لا بد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق: 19] - أي سنن من كان قبلكم.
الطائفة الثالثة: كرواية زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: للقائم غيبة قبل قيامه، قلت: ولم؟ قال: يخاف على نفسه الذبح. الطائفة الرابعة: (وهي التي ذكرها أيضا الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كمال الدين: ج 2 ص 641 ب 54) عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله ألم يكن علي (عليه السلام) قويا في دين الله عز وجل؟ قال: بلى. قال: فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم وما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله عز وجل منعته قال: قلت وأية آية هي؟ قال: قوله عز وجل: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25] إنه كان لله عز وجل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت (عليهم السلام) لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع الله عز وجل فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله. الطائفة الخامسة: وهي ما روي عن أبي جعفر (عليهم السلام) محمد بن علي أنه قال: إذا اجتمع للإمام عدة أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر وجب عليه القيام والتغيير. (بحار الأنوار: ج 10 ص 49 ح 18). فمفاد هذه الطوائف الخمس هي أن أوجه الحكمة خمسة أمور في عدم ظهوره حتى يأذن الله له بالخروج صلوات الله عليه وهي: 1 - لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف. 2 - لكي تجري فيه سنن الأنبياء السابقين في غيباتهم واستيفائها. 3 - إنه (عليه السلام) يخاف على نفسه الذبح لو خرج قبل أوان خروجه المناسب. 4 - إنه لن يظهر (عليه السلام) حتى تظهر ودائع الله (كما في رواية أخرى: ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين). 5 - إنه (عليه السلام) لا يظهر حتى تتكامل عدة أصحابه عدة أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا، وهم أصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه على خلفه... الخ كما في رواية المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام) (بحار الأنوار: ج 52 ص 326 ح 42). فما هو وجه الجمع بين رواية الهاشمي التي مفادها عدم معرفة الحكمة من غيبته حتى يظهر، وبين تلك الطوائف الخمس في بيان الحكمة من الغيبة؟ نقول: لعل الرواية الأولى ناظرة إلى عدم انكشاف تمام العلة من غيبته لا بعضها، ولا مانع من بيان بعض وجوه الحكمة كما في الطوائف الخمس، وتبقى الحكمة الأصل خافية علينا في غيبته حتى يظهر عجل الله فرجه، فلا تنافي بين الروايات والله العالم.
(3) الإحتجاج للطبرسي : ج 2 ص 376، كمال الدين وتمام النعمة: ج 2 ص 482 ح 11، حلية الأبرار: ج 2 ص 589 - 590.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
روي عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: سمعت الصادق (عليه السلام) يقول: إن لصاحب هذا الأمر غيبة لا بد منها، يرتاب فيها كل مبطل.
قلت له: ولم جعلت فداك؟ قال: لأمر لا يؤذن لي في كشفه لكم.
قلت: فما وجه الحكمة في غيبته؟
قال: وجه الحكمة في غيبته، وجه الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله (1) تعالى ذكره، إن وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلا بعد ظهوره (2)، كما لم ينكشف وجه الحكمة لما أتاه الخضر (عليه السلام)، من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) إلى وقت افتراقهما.
يا بن الفضل! إن هذا الأمر أمر من الله، وسر من سر الله، وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم صدقنا بأن أفعاله كلها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف (3).
_______________
(1) راجع: كمال الدين وتمام النعمة للصدوق: ج 1 ص 127 - 153 (في الحكمة من غيبات بعض الأنبياء (عليهم السلام)).
(2) إن مفاد هذه الرواية الشريفة هو عدم معرفة وجه الحكمة من غيبته الشريفة حتى يظهر عجل الله فرجه الشريف، فحينئذ يتبين للناس وجه الحكمة من غيبته، إلا أن هناك مجموعة من الروايات الشريفة والتي ذكرها الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كمال الدين: ج 1 ص 479 - 482 (ب علة الغيبة) قد أفصحت عن بعض أوجه الحكمة من غيبته: وهي على طوائف خمس على حسب ما تتبعته عاجلا وهي: الطائفة الأولى: كرواية علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن بن موسى الرضا (عليه السلام) أنه قال: كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث (الرابع ن ل) من ولدي كالنعم يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت له: ولم ذاك يا بن رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال: لأن إمامهم يغيب عنهم، فقلت: ولم؟ قال: لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف. الطائفة الثانية (وهي رواية واحدة): ما روي عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن للقائم منا غيبة يطول أمدها، فقلت له: يا بن رسول الله ولم ذلك؟ قال: لأن الله عز وجل أبى إلا أن تجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السلام) في غيباتهم، وإنه لا بد له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال الله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } [الانشقاق: 19] - أي سنن من كان قبلكم.
الطائفة الثالثة: كرواية زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: للقائم غيبة قبل قيامه، قلت: ولم؟ قال: يخاف على نفسه الذبح. الطائفة الرابعة: (وهي التي ذكرها أيضا الشيخ الصدوق عليه الرحمة في كمال الدين: ج 2 ص 641 ب 54) عن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أصلحك الله ألم يكن علي (عليه السلام) قويا في دين الله عز وجل؟ قال: بلى. قال: فكيف ظهر عليه القوم، وكيف لم يدفعهم وما يمنعه من ذلك؟ قال: آية في كتاب الله عز وجل منعته قال: قلت وأية آية هي؟ قال: قوله عز وجل: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [الفتح: 25] إنه كان لله عز وجل ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين ومنافقين، فلم يكن علي (عليه السلام) ليقتل الآباء حتى يخرج الودائع فلما خرجت الودائع ظهر على من ظهر فقاتله، وكذلك قائمنا أهل البيت (عليهم السلام) لن يظهر أبدا حتى تظهر ودائع الله عز وجل فإذا ظهرت ظهر على من يظهر فقتله. الطائفة الخامسة: وهي ما روي عن أبي جعفر (عليهم السلام) محمد بن علي أنه قال: إذا اجتمع للإمام عدة أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر وجب عليه القيام والتغيير. (بحار الأنوار: ج 10 ص 49 ح 18). فمفاد هذه الطوائف الخمس هي أن أوجه الحكمة خمسة أمور في عدم ظهوره حتى يأذن الله له بالخروج صلوات الله عليه وهي: 1 - لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا قام بالسيف. 2 - لكي تجري فيه سنن الأنبياء السابقين في غيباتهم واستيفائها. 3 - إنه (عليه السلام) يخاف على نفسه الذبح لو خرج قبل أوان خروجه المناسب. 4 - إنه لن يظهر (عليه السلام) حتى تظهر ودائع الله (كما في رواية أخرى: ودائع مؤمنون في أصلاب قوم كافرين). 5 - إنه (عليه السلام) لا يظهر حتى تتكامل عدة أصحابه عدة أهل بدر ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا، وهم أصحاب الألوية، وهم حكام الله في أرضه على خلفه... الخ كما في رواية المفضل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام) (بحار الأنوار: ج 52 ص 326 ح 42). فما هو وجه الجمع بين رواية الهاشمي التي مفادها عدم معرفة الحكمة من غيبته حتى يظهر، وبين تلك الطوائف الخمس في بيان الحكمة من الغيبة؟ نقول: لعل الرواية الأولى ناظرة إلى عدم انكشاف تمام العلة من غيبته لا بعضها، ولا مانع من بيان بعض وجوه الحكمة كما في الطوائف الخمس، وتبقى الحكمة الأصل خافية علينا في غيبته حتى يظهر عجل الله فرجه، فلا تنافي بين الروايات والله العالم.
(3) الإحتجاج للطبرسي : ج 2 ص 376، كمال الدين وتمام النعمة: ج 2 ص 482 ح 11، حلية الأبرار: ج 2 ص 589 - 590.