السؤال: مكانة المرأة في المجتمع الغربي قبل الإسلام وبعده
كيف كان اوربا يعاملون النساء قبل الاسلام؟
الجواب:
لا بأس لمزيد الفائدة من التطرق إلى ذكر مكانة المرأة بصورة عامة في الغرب سواء أكان قبل الإسلام أم بعده وسواء في المجتمع المدني أم الديني: فإن صورة المرأة في الإنجيل مثلا تقوم على أنها هي التي أغوت آدم وكانت سببا في خروجه من الجنة.. ولقد أثرت هذه الصورة الشائهة على وجود المرأة في المجتمع، فالمرأة يعتقد أنها ورثت الذنب من أمها حواء، بالتالي فالمرأة لا يوثق بها وليست على خلق، ففي الإنجيل الكاثوليكي "لا يوجد خطيئة يمكن مقارنتها بخطيئة المرأة، فأي خطيئة تكون وراءها امرأة وبسبب المرأة سنموت جميعا".
وقد عدد حاخام يهودي تسع لعنات على المرأة بسبب السقوط من الفردوس: "على المرأة تسع لعنات ثم الموت: الطمث ودم العذرية وتعب الحمل والولادة وتربية الأطفال وتغطية رأسها كأنها في حداد، وتخرم أذنها مثل الجارية ولا يؤخذ بشهادتها، وبعد كل هذا الموت".
وحتى الآن، اليهود الأرثوذكس يقولون في صلاتهم: "نحمد الله أننا لم نخلق نساء". ودعاء آخر يوجد في كتاب الصلاة عند اليهود "الحمد لله أنه لم يخلقني وثنيا، الحمد لله أنه لم يخلقني امرأة، والحمد لله أنه لم يخلقني جاهلا".
والمصلح المشهور مارتن لوثر لا يرى فائدة للمرأة سوى إنجاب كثير من الأبناء "إذا تعبن أو متن الأمر لا يهم، فليمتن بعد الولادة، فهذه هي وظيفتهن".
بل في الإنجيل الكاثوليكي يقول بكل وضوح "إن ميلاد الفتاة خسارة".
وقد ذكر في التوراة "المرأة لا يحق لها أن تدرس التوراة". وقد صرح حاخام يهودي "أنه من الأفضل أن يحترق كتاب التوراة عن أن تقرأه امرأة".
"وأنه لا يحق للرجل أن يعلم ابنته التوراة" وقال القديس بول في العهد الجديد: "لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهن أن يتكلمن، بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا، ولكن إن كن يردن أن يتعلمن شيئا فليسألن رجالهن في البيت، لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة"(كورنثوس 14: 34-35).
والمرأة الحائض أيضا في الكتاب المقدس مدنسة وتدنس كل ما حولها، أي شيء أو أي أحد تلمسه يظل مدنسا يوما بأكمله(لاويين 15: 19-23).
وبسبب هذا كانت المرأة الحائض تنفي أحيانا لتجنب أي تعامل معها، فكانت ترسل إلى بيت يسمى بيت الدناسة. والتلمود يعتبر المرأة الحائض قاتلة، حتى بدون أن تلمس أحدا. وقد ورد في التلمود ما يشبهها بالغائط
وأما في الحضارة الإغريقية والرومانية فقد كانت المرأة مظلومة على الدوام، بل كانت كما يقول عنها د.عبد السلام الترمانينى في كتابه "الوسيط في تاريخ القانون والنظم القانونية": إنها لا تمثل الأسلاف؛ فهي إن كانت زوجه لا تنحدر منهم؛ وإن كانت ابنة لا ينحدر الأسلاف منها؛ وليس عند موتها عبادة خاصة.
فهذه كانت حياة المرأة عندهم؛ فلا يليق بالكاهن أن يصلي على امرأة؛ ولا يجوز إشعال المجامر وإضرام النار في مواقد المعابد من أجل موت الأنثى؛ بل قضت شرائع الهند القديمة "أن الوباء والموت والجحيم والأفاعي خير من المرأة"، وكان حق الأنثى في الحياة ينتهي بانتهاء حياة زوجها الذي هو مالكها قبل أن يكون زوجها؛ وما عليها – من باب الواجب- بعد موت وإحراق جثة زوجها إلا أن تلقي بنفسها في النار أسوة بمالكها؛ وإلا فإن اللعنة الأبدية ستحيق بها إلى نهاية الزمان.
وكانت مسلوبة الحرية والحقوق بكل أنواعها، وقد ورد في بعض النصوص في شرعهم أنه "لا تليق الحرية المطلقة بالمرأة قط، بل يجب أن يرعاها أبوها في صغرها وزوجها بعد ذلك وابنها في كبرها".
والمرأة لا تتاح لها فرصة التحصيل العلمي خاصة، لأنَّها لا تطيق ذلك، ويقودها إلى الجنون. وكذلك يحرمونها دراسة كتب الفيدا والويدا المقدسة عندهم.
ينقل "ديورانت" في هذا الصدد: "ففي المهابهاراثا إذا درست المرأة كتب الفيدا كانت هذه علامة الفساد في المملكة". ويروي "المجسطي" عن أيام شاندرا جوبتا "إنَّ البراهمة يحولون بين زوجاتهم وبين دراسة الفلسفة؛ لأنَّ النساء إن عرفن كيف ينظرن إلى اللذّة والألـم، والحياة والموت، نظرة فلسفية، أصابهن مسٌّ من جنون، أو أبَينَ بعد ذلك أن يظلن على خضوعهن"
والهندوس كما جاء في منوسمرتي يشجعون على الزواج المبكر، ويعتبرون عدم الزواج عارا، ومنذ الصغر يهتم الأهل بإتمام زواج أولادهم. والزواج يربط المرأة بزوجها رباطا أبديا، لذلك انتشر عندهم إذا مات الزوج قبل الزوجة أن تحرق الأرملة مع جثمان زوجها لأنَّه خير لها أن لا تبقى بعده.
واما المرأة في العالم الغربي فهي أسوأ حالا من كل ما تقدم، لا يحسب لها حساب.. سلعة تتداولها أيدي تجار الأخلاق، وبأبخس الأثمان، بوصفهن زينة للمجالس، وأداة من أدوات الترف التي يحرص الأغنياء والمترفون على إبرازها زهوا وعجبا، ولم تكن قط موضع الاحترام الحقيقي كمخلوق إنساني جدير بذاته، بل تستغل في الأعمال والوظائف التي تهان فيها
وفي العصور الوسطى عقدت في العديد من البلدان الأوروبية العديد من الاجتماعات للبحث بشأن المرأة، وما إذا كانت تعد إنسانا أم لا! وقد ذكر د. أحمد شلبي في كتابه "مقارنة الأديان" أن أحد هذه الاجتماعات قد تم في فرنسا لمعرفة ماهية المرأة؛ وبعد نقاش تبين للمجتمعين أن المرأة يمكن أن تكون إنسانا؛ لكنها مخلوقه من أجل خدمة الرجل فقط ومن أجل راحته هو فحسب.
وفي إنجلترا حرم الملك "هنري الثامن" على المرأة الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس، وظلت النساء حتى عام 1850م غير معدودات من المواطنين؛ وظللن حتى عام 1882م ليس لهن حقوق شخصية؛ ولا حق لهن في التملك الخاص؛ وقد روى المفكر ليكي "Licky" في كتابه "تاريخ الأخلاق الأوروبية" الكثير من الحكايات التي هي أقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة؛ فقد روى في كتابه المذكور كيف كان الرجال في إنجلترا يفرون من ظل النساء ويتأثمون من قربهن والاجتماع بهن؛ وكانوا يعتقدون أن مصادفتهن في الطريق والتحدث إليهن، ولو كن أمهات أو زوجات أو شقيقات تحبط أعمالهم وجهودهم الروحية.
كل هذه الروايات التاريخية الموثقة تدحض الادعاءات الباطلة التي يتخذها أعداء الإسلام في العالم الغربي (غير المسلم) للهجوم على الإسلام والنيل منه والإساءة إليه، مما جعل المفهوم يترسخ لديهم أن الإسلام يضطهد المرأة ولا يوفيها حقها، ويرجع ذلك إلى سوء فهم، أو قراءة غير منصفة عن الإسلام بصفة عامة.. كانت هذه نظرة عابرة على صورة المرأة في جاهلية العرب القديمة.. وكذلك صورتها لدى الحضارات والأمم الأخرى.. وبمقارنتها بنظرة الإسلام لها سيتبين لنا المرموقة التي وضع فيها الإسلام المرأة مما يدحض كل الشبه المثارة ويظهر زيفها.
موقع مركز الابحاث العقائدية