بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ..
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لّا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ35 سورة النور ..
النفس المؤمنة تطيب بذكركِ مولاتي ، تركب الصعب من أجل أن تصل إليكِ وتهنأ بذكركِ ..
مذ نعومة أظفاري مولاتي وهذه الآية الشريفة تشدني إليكِ وتهيم بفكري إلى عالمكِ الطيب الطاهر ، كنتُ في كل يوم أتعطر بتلاوة هذه الآية وأرى فيها أن المشكاة أنتِ والزجاجة أنتِ والكوكب الدري أنتِ والشجرة الزيتونة أنتِ ، لم أتوجه إلى عالِمِ يُبين لي تفسير هذه الاية بل كنت أرى أن هذه الآية بأكملها تعنيكِ ، بقيتُ على هذا الحال إلى أن صرتُ شاباً يافعاً ، وحينما بدأتُ أفكر في بناء بيتٍ طيب أساسه الإيمان وأركانه الولاء وطلاؤه المحبة والوئام قررتُ أن أسمي إن وفقتُ لبنتٍ بمشكاة لتضيء بيتِ بأنواركِ الزاهية ..
لما استلمت مفتاح القفص الذهبي وأسست شركة الحياة مع شريكة العمر منَّ الله علي بأولى الثمار ، لم أوفق لتسميتها بهذا الإسم الطيب ، انتظرتُ ينع الثمرة الثانية وحينما أينعت لم يتسنى لي أيضاً تسميتها بالإسم المطيب لنفسي ، لم أملُّ الإنتظار ، بقيت أنتظر أن تينع الثمرة الثالثة ، ولما أينعت فكانت ذكراً أسميته قاسماً ، وبقيت منتظراً ، لما بُشرتُ بحمل شجرتي للثمرة الرابعة دعوتُ ربي أن يجعلها أنثى وعاهدته أن أسميها مشكاة تبركاً بكِ سيدتي ، فلقد طالت المدة وكدتُ أن أبتعد عن تسميت إحدى ثماري بإسم أحببته وتمنيته أن يكون في بيتي منذ أن كنتُ صغيراً ..
مولاتي: لقد أينعتُ الثمرة ، أسميتها مشكاة ، لكن للأسف كان وقع هذا الإسم على القريب والبعيد غير طيب ، كنتُ بعدُ لم أسجله رسمياً في سجلات المملكة ..
لم أعبأ مولاتي بأي انتقاد ، صممتُ أن يُضيء هذا الإسم بيتي مهما صار ، بعد اسبوع أردتُ أن يعتمد هذا الإسم رسمياً ، ذهبتُ بأوراقي لإدارة الأحوال وعند استقبال تسجيل الأسماء سألني الموظف بأي اسم أتريد أن تسمي ابنتك ، أجبته مشكاة ، نظر إليَّ بتعجب وقال: هذا الإسم ليس له مثيل في سجلات الأحوال على مستوى المملكة ، لذا أعتذر إليك لا أقدر على تسجيل بنتك بهذا الإسم ، قلت له وما العمل إني قررت أن أسمي بنتي بهذا الإسم ولن أحيد عن ذلك مهما صار ، قال: عليك أن تراجع المدير علَّه يجد لك مخرجاً ، دخلتُ مولاتي على المدير ، كان مكتبه مليء بالموظفين والمراجعين ، سلمتُ وبقيتُ منتظراً ، بعد أن فرغ سألني ما عندك ، قلت له أحالني موظف الإستقبال إليك لطلب موافقتك على اسم مولودتي ، قال وماذا نويت أن تسميها ، قلت له مشكاة ..
نزل هذا الإسم مولاتي كالصاعقة على قلب المدير لتنعكس على ألفاظه وارتفاع صوته حيث قال لي وبصوتٍ عال: لم تجد اسماً غير هذا الإسم الأعجمي تسمي ابنتك به ، لن يكون لك ذلك والأحسن أن تبحث عن اسم يتوافق والأسماء المدرجة في سجلاتنا ، تبسمتُ في وجهه وقلتُ: كيف عرفت أن هذا الإسم أعجمي ، قال: وما شأنك أنت لا تطل النقاش ، إما أن تستبدل هذا الإسم وإما أن تنصرف ، قلتُ له: ألم يمرُّ عليك هذا الإسم في كتاب الله؟ قال: كتاب الله عربي ومحفوظ من الله فلا تضع فيه ما ليس فيه فتكون بذلك محرفاً له ، لم أطل الكلام معه بل تلوت عليه هذه الآية التي افتتحت بها هذا المقال ، نظر إلي وإلى وجلسائه بازدراء ، خيم الصمتُ على المكان للحظات ، ثم أتاني بورقة وقال أكتب تعهداً بأن لا تتراجع عن هذا الإسم وفي حال تراجعك سيطبق بحقك الإجراء اللازم ، كتبتُ تعهداً ووقعت في ذيله وذهبت به لموظف الإستقبال ، قال لي كيف أقنعته؟ الإسم جديد ولم يسبق أن تسمى به أحد بحسب سجلات المملكة من قبل؟ قلتُ له يسرت الأمر مولاتي الزهراء عليها السلام ..
مولاتي: ها هو ذا الإسم المبارك قد انتشر في بلادي وها هي ذي بركاتكِ قد زينت هذا الإسم بعد أن كان منبوذاً من القريب فضلاً عن البعيد وها هي ذي بنتي اليوم قد اقتربت من القفص الذهبي حيث خُطبها أحد الشباب المؤمن لتبني معه مستقبلاً زاهراً وتؤسس معه حياة هانئة ملؤها الحب وطيبها الإستقرار ..
إذا ما أردتُ ممازحة ابنتي اليوم قلتُ لها سأذهب لإدارة الأحوال المدنية لاستبدال اسمكِ بإسمٍ آخر أرى منها موقفها الرافض وبشدة ، وإذا ما سألتها عن السبب أجابت: اسم يزهر بنور الزهراء لا يعاب عليه بل هو زينة الحياة وبركتها ..
مولاتي أردتُ اليوم أن أذكر قصة تسميتي لابنتي بعد مضي ما يقارب 16 عاماً تبركاً بها في يوم ميلادكِ ، قاقبليه مني وتقبلي ابنتي لتكون خادمة لكِ ولأبيكِ وبعلكِ وبنيكِ الطيبين الأطهار ..
تعليق