بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مواعظ الإمام الرضا 7 ومن أقواله وحكمه المضيئة وكلماته البليغة التي عالج فيها مزيداً من الأبعاد الفردية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية والتعليميّة باسلوب متين مقرون بالبلاغة والفصاحة مع ايجاز في الكلام غير مخلّ ، بل كانت كلماته من جوامع الكلم التي أتاه الله ذلک ، كما أفاض على آبائه وأولاده المعصومين : فشملت كلماته جوانب الحياة وهي بمجموعها توجب السعادة في الدنيا والآخرة لمن التزم بها وطبقها في حياته ، وتحلّى بها في معتقداتة وسلوكه ليكون بذلک منسجماً مع مبادئ الاسلام قولاً وعملاً.
وهذه نبذة يسيرة من كلماته القصيرة بمنزلة لوحات وأعمدة ضوء ونور في طريق الهدى والسعادة .
1 ـ قال 7: «أجلّ الخلائق وأكرمها: إصطناع المعروف وإغاثة الملهوف ، وتحقيق أمل الآمل ، وتصديق مخيلة الراجي ، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة والباكين بعد الوفاة ».
إعلم ان كل كلمة من هذه الكلمات الرضوية المباركة من ورائها خزائن وكنوز من العلم والمعرفة فمن أجمل الأخلاق وأكرمها عند الله وعند الناس ان يصنع الانسان المعروف ، فلا يصدر منه الّا الخير ويغيث الملهوف أياً كان ـ للاطلاق في الخبر ـ ويحقق الأمل من يأمل فلا يخيب أمل الآملين ، ويصدق ظن الراجين ، فمن يأمل بک ويرجوک فلا تخيبه ، وهذا من علوّ الهمة وسماحة النفس وأكرم الفضائل ، ثم تكن في حياتک طيباً خلوقاً حسن المعاشرة سخيّاً كريماً، فيكثر أصدقاءک في الدنيا ومن بعد وفاتک يبكيک الناس ، إذ أنهم يفقدون عزيزاً لكوم كان في حياته خدوماً وأغدق على الكثير من فضله المادي والمعنوي فقدم الخدمات والمشاريع الخيرية للإفراد وللمجتمع ، فما أروع هذه الكلمات التي تُخبر عن علوّ الأخلاق ومكارمها.
ودعني أن أسرد عليک بعض كلماته الحكميّة ومواعظه القيمة من دون شرح وتعليق ، بل تدبّر وتنكّر وارجع البصر كرّات واغرق من هذه البحار الرضويّة بما تروي عطشک وعطش المجتمع الذي أنت فيه ، ومن الله التوفيق والتسديد.
2 ـ قال 7: «الآجل آفة الآمل ، والبرّ غنيمة الحازم ، والتفريط مصيبة ذي القدرة ، والبخل يمزّق العرض ، والحب داعي المكاره . والاخ الاكبر بمنزلة الأب ، وإذا كان الرجل حاضراً فكنّه ـ اي ناديه بكنيته وهذا من الادب الاسلامي ـ وإذا كان غائباً فسمّه ، والاسترسال بالانس يذهب المهابة ، وان الذي يطلب من فضل ـ اي يشتغل ويعمل ـ يكفي به عياله أعظم من المجاهدين في سبيل الله ـ فان الكاد لعياله كالمجاهد في سبيل الله ـ».
3 ـ ان الله أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة : أمر بالصلاة والزكاة ، فمن صلّى ولم يزکّ لم تقبل صلاته . وأمر بالشكر له وللوالدين ، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله، وأمر باتقاء الله وصلة الرحم ، فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عزوجل .
4 ـ ان الله يبغض القيل والقال وإضاعة المال ، وكثرة السؤال .
5 ـ إنّ في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن ، ومحكماً كمحكم القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا.
6 ـ الايمان أربعة أركان : التوكّل على الله، والرّضا بقضاء الله، والتسليم لامر الله، والتفويض إلى الله. التودد إلى الناس نصف العقل . ثلاثة من سنن المرسلين : العطر وإحفاء الشعر، وكثرة الطروقة .
7 ـ خمس من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة ـ اي لا تطلب منه شيء ولا ترجوه لشيء ـ: من لم تعرف الوثاقة في أرومته ـ أي أصله ، فلم يكن من عائلة اصيلة ـ والكريم في طباعه ، والرصانة في خلقه ، والنبل في نفسه ، والمخافة لربّه .
8 ـ السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه ، والبخيل لا يأكل من طعام الناس لئلا يأكلوا من طعامه .
9 ـ صاحب السلطان ـ الحكومة والدولة ـ بالحذر، والصديق بالتواضع ، والعدوّ بالتحرّز، والعامة ـ أي عامة الناس ـ بالبشر ـ اي بالبشاشة وبُشر الوجه وورد في الخبر: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه ...
10 ـ صاحب النعمة يجب ان يوسّع على عياله ، صديق كل امرء عقله وعدوه
جهله ، صل رحمک ولو بشربة من الماء، وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، ففي كتاب الله: (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالاَْذى ). الصمت باب من أبواب الحكمة ، ان الصمت يكسب المحبّة ، إنه دليل على كل خير. طوبى لمن شغل قلبه بشكر النعمة .
11 ـ عليكم بتقوى الله والورع والاجتهاد وأداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد 6 وعليكم بسلاح الأنبياء، قيل : وما سلاح الأنبياء؟ قال : الدّعاء. عونک للضعيف أفضل من الصدقة . لا تمارينّ العلماء فيرفضوک ، ولا تمارينّ السفهاء فيجهلوا عليک ـ ان يستطالون ويتجاوزون حدودهم بجهلهم عليکـ.
12 ـ لا يتم عمل امرئٍ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشّر منه مأمون ، يستكثر قليل الخير من غيره ، ويستقل كثير الخير في نفسه ، لا يسأم من طلب الحوائج اليه ، ولا يحلّ من طلب العلم طول دهره ، الفقر في الله أحب اليه من الغنى ، والذّل في الله أحب اليه من العزّ في عدوه ، والخمول أشهى اليه من الشهرة .
ثم قال : العاشرة وما العاشرة ! قيل له : ما هي ؟ قال : لا يرى أحداً إلّا قال : هو خير مني وأتقى ، إنما الناس رجلان : رجل خير منه واتقى ، ورجل شر منه وأدنى ، فاذا لقى الذي هو شر منه وأدنى ، قال : لعلّ خير هذا باطن وهو خير له ، وخيري ظاهر وهو شرّ لي ، وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى تواضع له ليحلق به ، فاذا فعل ذلک فقد علا مجده ، وطاب خيره ، وحسن ذكره ، وساد أهل زمانه .
فعلوا المجد وطيب الخير وحسن الذكر وسيادة أهل زمانه لمن طبّق في حياته ما قاله الإمام الرضا 7. وقال 7 :
13 ـ لا يجمع المال إلّا بخصال خمس : ببخل شديد، وأمل طويل ، وحرصٍ غالب ، وقطيعة الرّحم ، وإيثار الدنيا على الآخرة .
14 ـ لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوفى ثمن يده أظهر الله عليه ـ فان الله هو الستّار ولكن العبد إذا اذنب وأسرق ولم يتب فانه سبحانه لحكمته ولسلامة المجتمع يفضحه حتى يقام عليه الحد ـ.
15 ـ لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى تكون فيه خصال ثلاث : التفقه في الدين ، وحسن التقرير في المعيشة ، والصبر على الرزايا.
16 ـ لا يكون المؤمن مؤمناً ـ ان كامل الايمان ـ حتى يكون فيه ثلاث خصال : سُنّة من ربه ، وسنة من نبيّه ، وسُنّة من وليّه ، فامّا السنة من ربّه فكتمان السرّ، وأمّا السنّة من نبيّه فمداراة الناس ، وامّا السنّة من وليّه فالصبر في البأساء والضرّاء.
لم يخنک الأمين ، ولكن ائتمنت الخائن . لو انّ الناس قصد وافي المطعم ـ أي بلا افراط ولا تفريط وهذا معنى الاقتصاد لغة ـ لاستقامت أبدانهم ـ أي لا يُبتلى بالمرض والسقم فان المعدة دار البلاء والداءـ.
17 ـ ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة ، وانما العبادة كثرة التفكر في أمر الله وقدرته .
18 ـ ليس لبخيل راحة، ولالحسود لذة، ولالملولٍ وفاء، ولالكذوب مروءة .
المؤمن إذا غضب لم يخرج عن حق ، وإذا رضي لم يدخل في باطل ، وإذا قدر لم يأخذ اكثر من حقّه . من اخلاق الأنبياء التنظف ـ فان النظافة من الايمان وان الله نظيف ويحبّ النظافة ، فكان التنظف من أخلاق انبيائه ورسله وعباده المؤمنين ـ.
19 ـ من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن ، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم ، وصديق الجاهل في تعب ، وأفضل المال ما وقي به العرض ـ اي تحفظ عرضک وسمعتک بمالک ـ وأفضل العقل معرفة ألانسان نفسه ـ ومن عرف نفسه فقد عرف ربه ومن عرف ربّه ، عرف كل شيء ـ.
20 ـ من رضي من الله عزوجل بالقليل من الرزق ، رضي منه بالقليل من العمل .
21 ـ من كثرت محاسنه مدح بها، واستغنى عن التمدح بذكرها ـ وهذا حث على تكثير المحاسن في الحياة ، ومن ثم يكون ذلک سبب للسان صدق في الآخرين ـ.
22 ـ من لقي فقيراً مسلماً فسلّم عليه خلاف سلامه على الغني لقى الله عزوجل يوم القيامة وهو عليه غضبان ـ وهذا داءٌ اعضال ابتلى به اكثر المجتمعات فإنّه يتعامل مع الفقير بغير ما يتعامل مع الغني ، فان صدر المكان وصدر الدّجاج دائماً عند الناس ـ ومع كل الأسف ـ للاغنياء والذيل كذيل السمكة وعند صفّ التّعال للفقراء!! ـ.
وأخيراً وليس بآخر :
23 ـ قال 7: من جلس مجلساً يُحيى فيه أمرنا، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب[1] .
فالحياة كل الحياة في الدنيا والآخرة في إحياء أمر الائمة الاطهار : فانه من إحياء القرآن الكريم والسنة الشريفة ، وقال سبحانه وتعالى : (اسْتَجيüبُوا للهِِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْييüكُمْ ).
وأمر الائمة : وان كان مصداقه الأتم ولايتهم العظمى ، إلّا إنّ شمس ولايتهم الطالعة والمشرقة لها اشعّات وخيوط ذهبيّة من نور الله، فكلامهم نور، وإنّ الله سبحانه نور السموات والأرض ، فمن إحياء أمرهم إقامة مجالس العزاء في وفياتهم ، ومجالس السرور في مواليدهم ، وإعمار قبورهم وزيارتهم ، وإعانة شيعتهم ومواليهم ، وترويج مذهبهم ومرامهم ، وتناقل أحاديثهم ومروياتهم وكلماتهم بين الناس في كل محفل ومجلس عام وخاص ، في الاعلام والتلفاز والفضائيات .
ثم معنى الإحياء: أنّه يدبّ فيها الحياة كما يدبّ في الانسان الحى بحركته وسكوته ، بخلاف الميت فلا حياة له ، فلابدّ من أن يجري أمرهم في المجتمع بكل أبعاده الاجتماعية والاخلاقية والثقافية والسياسية والاقتصادية كجرى الدم الذي يكون بسببه الحياة ، وبهذا نكون قد احيينا أمرهم ، ونكون لهم زيناً في
سلوكنا وأخلاقنا وآدابنا، ونذكرهم ونذكّر الناس بهم في محافلنا ومجالسنا في كل جوانب الحياة وحقولها.
ومن إحياء أمرهم إقامة الحكومة الاسلامية على ضوء مذهبهم في كل البلاد في مشارق الأرض ومغاربها، كما يتحقّق ذلک بالجلال والجمال والكمال بظهور مولانا وإمام زماننا صاحب الزمان . الحجة الثاني عشر، الإمام المهدي الموعود المنتظر، عجّل الله فرجه الشريف ، وجعلنا وإياكم من خُلّص شيعته وانصاره وأعوانه . ومن خيرة تلامذته وأُسرته وأصحابه وخدّامه والمستشهدين بين يديه ، وفي يومنا هذا من وظيفتنا أن نمّهد لدولته وحكومته العالميّة ، وان نُسرج الضوء في الليل الأظلم ، باقامة العدل الميسّر، بانتظار طلوع الفجر الصادق ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، وإنّ الصبح لقريب ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
[1] () هذه الاحاديث الشريفة من كتاب (موسوعة المصطفى والعترة ) المجلد الثاني عشر من صفحة 379إلى 287) واعتمد في اعدادها على المصادر التالية : تحف العقول ، وبحارالأنوار، والخصال ، وعيونأخبار الرضا، والكافي ، والتهذيب ، وكشف الغمة
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
مواعظ الإمام الرضا 7 ومن أقواله وحكمه المضيئة وكلماته البليغة التي عالج فيها مزيداً من الأبعاد الفردية والاجتماعية والأخلاقية والتربوية والتعليميّة باسلوب متين مقرون بالبلاغة والفصاحة مع ايجاز في الكلام غير مخلّ ، بل كانت كلماته من جوامع الكلم التي أتاه الله ذلک ، كما أفاض على آبائه وأولاده المعصومين : فشملت كلماته جوانب الحياة وهي بمجموعها توجب السعادة في الدنيا والآخرة لمن التزم بها وطبقها في حياته ، وتحلّى بها في معتقداتة وسلوكه ليكون بذلک منسجماً مع مبادئ الاسلام قولاً وعملاً.
وهذه نبذة يسيرة من كلماته القصيرة بمنزلة لوحات وأعمدة ضوء ونور في طريق الهدى والسعادة .
1 ـ قال 7: «أجلّ الخلائق وأكرمها: إصطناع المعروف وإغاثة الملهوف ، وتحقيق أمل الآمل ، وتصديق مخيلة الراجي ، والاستكثار من الأصدقاء في الحياة والباكين بعد الوفاة ».
إعلم ان كل كلمة من هذه الكلمات الرضوية المباركة من ورائها خزائن وكنوز من العلم والمعرفة فمن أجمل الأخلاق وأكرمها عند الله وعند الناس ان يصنع الانسان المعروف ، فلا يصدر منه الّا الخير ويغيث الملهوف أياً كان ـ للاطلاق في الخبر ـ ويحقق الأمل من يأمل فلا يخيب أمل الآملين ، ويصدق ظن الراجين ، فمن يأمل بک ويرجوک فلا تخيبه ، وهذا من علوّ الهمة وسماحة النفس وأكرم الفضائل ، ثم تكن في حياتک طيباً خلوقاً حسن المعاشرة سخيّاً كريماً، فيكثر أصدقاءک في الدنيا ومن بعد وفاتک يبكيک الناس ، إذ أنهم يفقدون عزيزاً لكوم كان في حياته خدوماً وأغدق على الكثير من فضله المادي والمعنوي فقدم الخدمات والمشاريع الخيرية للإفراد وللمجتمع ، فما أروع هذه الكلمات التي تُخبر عن علوّ الأخلاق ومكارمها.
ودعني أن أسرد عليک بعض كلماته الحكميّة ومواعظه القيمة من دون شرح وتعليق ، بل تدبّر وتنكّر وارجع البصر كرّات واغرق من هذه البحار الرضويّة بما تروي عطشک وعطش المجتمع الذي أنت فيه ، ومن الله التوفيق والتسديد.
2 ـ قال 7: «الآجل آفة الآمل ، والبرّ غنيمة الحازم ، والتفريط مصيبة ذي القدرة ، والبخل يمزّق العرض ، والحب داعي المكاره . والاخ الاكبر بمنزلة الأب ، وإذا كان الرجل حاضراً فكنّه ـ اي ناديه بكنيته وهذا من الادب الاسلامي ـ وإذا كان غائباً فسمّه ، والاسترسال بالانس يذهب المهابة ، وان الذي يطلب من فضل ـ اي يشتغل ويعمل ـ يكفي به عياله أعظم من المجاهدين في سبيل الله ـ فان الكاد لعياله كالمجاهد في سبيل الله ـ».
3 ـ ان الله أمر بثلاثة مقرون بها ثلاثة : أمر بالصلاة والزكاة ، فمن صلّى ولم يزکّ لم تقبل صلاته . وأمر بالشكر له وللوالدين ، فمن لم يشكر والديه لم يشكر الله، وأمر باتقاء الله وصلة الرحم ، فمن لم يصل رحمه لم يتق الله عزوجل .
4 ـ ان الله يبغض القيل والقال وإضاعة المال ، وكثرة السؤال .
5 ـ إنّ في أخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن ، ومحكماً كمحكم القرآن ، فردّوا متشابهها إلى محكمها، ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلّوا.
6 ـ الايمان أربعة أركان : التوكّل على الله، والرّضا بقضاء الله، والتسليم لامر الله، والتفويض إلى الله. التودد إلى الناس نصف العقل . ثلاثة من سنن المرسلين : العطر وإحفاء الشعر، وكثرة الطروقة .
7 ـ خمس من لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة ـ اي لا تطلب منه شيء ولا ترجوه لشيء ـ: من لم تعرف الوثاقة في أرومته ـ أي أصله ، فلم يكن من عائلة اصيلة ـ والكريم في طباعه ، والرصانة في خلقه ، والنبل في نفسه ، والمخافة لربّه .
8 ـ السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه ، والبخيل لا يأكل من طعام الناس لئلا يأكلوا من طعامه .
9 ـ صاحب السلطان ـ الحكومة والدولة ـ بالحذر، والصديق بالتواضع ، والعدوّ بالتحرّز، والعامة ـ أي عامة الناس ـ بالبشر ـ اي بالبشاشة وبُشر الوجه وورد في الخبر: المؤمن بشره في وجهه وحزنه في قلبه ...
10 ـ صاحب النعمة يجب ان يوسّع على عياله ، صديق كل امرء عقله وعدوه
جهله ، صل رحمک ولو بشربة من الماء، وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، ففي كتاب الله: (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالاَْذى ). الصمت باب من أبواب الحكمة ، ان الصمت يكسب المحبّة ، إنه دليل على كل خير. طوبى لمن شغل قلبه بشكر النعمة .
11 ـ عليكم بتقوى الله والورع والاجتهاد وأداء الأمانة وصدق الحديث وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد 6 وعليكم بسلاح الأنبياء، قيل : وما سلاح الأنبياء؟ قال : الدّعاء. عونک للضعيف أفضل من الصدقة . لا تمارينّ العلماء فيرفضوک ، ولا تمارينّ السفهاء فيجهلوا عليک ـ ان يستطالون ويتجاوزون حدودهم بجهلهم عليکـ.
12 ـ لا يتم عمل امرئٍ مسلم حتى تكون فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشّر منه مأمون ، يستكثر قليل الخير من غيره ، ويستقل كثير الخير في نفسه ، لا يسأم من طلب الحوائج اليه ، ولا يحلّ من طلب العلم طول دهره ، الفقر في الله أحب اليه من الغنى ، والذّل في الله أحب اليه من العزّ في عدوه ، والخمول أشهى اليه من الشهرة .
ثم قال : العاشرة وما العاشرة ! قيل له : ما هي ؟ قال : لا يرى أحداً إلّا قال : هو خير مني وأتقى ، إنما الناس رجلان : رجل خير منه واتقى ، ورجل شر منه وأدنى ، فاذا لقى الذي هو شر منه وأدنى ، قال : لعلّ خير هذا باطن وهو خير له ، وخيري ظاهر وهو شرّ لي ، وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى تواضع له ليحلق به ، فاذا فعل ذلک فقد علا مجده ، وطاب خيره ، وحسن ذكره ، وساد أهل زمانه .
فعلوا المجد وطيب الخير وحسن الذكر وسيادة أهل زمانه لمن طبّق في حياته ما قاله الإمام الرضا 7. وقال 7 :
13 ـ لا يجمع المال إلّا بخصال خمس : ببخل شديد، وأمل طويل ، وحرصٍ غالب ، وقطيعة الرّحم ، وإيثار الدنيا على الآخرة .
14 ـ لا يزال العبد يسرق حتى إذا استوفى ثمن يده أظهر الله عليه ـ فان الله هو الستّار ولكن العبد إذا اذنب وأسرق ولم يتب فانه سبحانه لحكمته ولسلامة المجتمع يفضحه حتى يقام عليه الحد ـ.
15 ـ لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتى تكون فيه خصال ثلاث : التفقه في الدين ، وحسن التقرير في المعيشة ، والصبر على الرزايا.
16 ـ لا يكون المؤمن مؤمناً ـ ان كامل الايمان ـ حتى يكون فيه ثلاث خصال : سُنّة من ربه ، وسنة من نبيّه ، وسُنّة من وليّه ، فامّا السنة من ربّه فكتمان السرّ، وأمّا السنّة من نبيّه فمداراة الناس ، وامّا السنّة من وليّه فالصبر في البأساء والضرّاء.
لم يخنک الأمين ، ولكن ائتمنت الخائن . لو انّ الناس قصد وافي المطعم ـ أي بلا افراط ولا تفريط وهذا معنى الاقتصاد لغة ـ لاستقامت أبدانهم ـ أي لا يُبتلى بالمرض والسقم فان المعدة دار البلاء والداءـ.
17 ـ ليست العبادة كثرة الصيام والصلاة ، وانما العبادة كثرة التفكر في أمر الله وقدرته .
18 ـ ليس لبخيل راحة، ولالحسود لذة، ولالملولٍ وفاء، ولالكذوب مروءة .
المؤمن إذا غضب لم يخرج عن حق ، وإذا رضي لم يدخل في باطل ، وإذا قدر لم يأخذ اكثر من حقّه . من اخلاق الأنبياء التنظف ـ فان النظافة من الايمان وان الله نظيف ويحبّ النظافة ، فكان التنظف من أخلاق انبيائه ورسله وعباده المؤمنين ـ.
19 ـ من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر، ومن خاف أمن ، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم ، وصديق الجاهل في تعب ، وأفضل المال ما وقي به العرض ـ اي تحفظ عرضک وسمعتک بمالک ـ وأفضل العقل معرفة ألانسان نفسه ـ ومن عرف نفسه فقد عرف ربه ومن عرف ربّه ، عرف كل شيء ـ.
20 ـ من رضي من الله عزوجل بالقليل من الرزق ، رضي منه بالقليل من العمل .
21 ـ من كثرت محاسنه مدح بها، واستغنى عن التمدح بذكرها ـ وهذا حث على تكثير المحاسن في الحياة ، ومن ثم يكون ذلک سبب للسان صدق في الآخرين ـ.
22 ـ من لقي فقيراً مسلماً فسلّم عليه خلاف سلامه على الغني لقى الله عزوجل يوم القيامة وهو عليه غضبان ـ وهذا داءٌ اعضال ابتلى به اكثر المجتمعات فإنّه يتعامل مع الفقير بغير ما يتعامل مع الغني ، فان صدر المكان وصدر الدّجاج دائماً عند الناس ـ ومع كل الأسف ـ للاغنياء والذيل كذيل السمكة وعند صفّ التّعال للفقراء!! ـ.
وأخيراً وليس بآخر :
23 ـ قال 7: من جلس مجلساً يُحيى فيه أمرنا، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب[1] .
فالحياة كل الحياة في الدنيا والآخرة في إحياء أمر الائمة الاطهار : فانه من إحياء القرآن الكريم والسنة الشريفة ، وقال سبحانه وتعالى : (اسْتَجيüبُوا للهِِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْييüكُمْ ).
وأمر الائمة : وان كان مصداقه الأتم ولايتهم العظمى ، إلّا إنّ شمس ولايتهم الطالعة والمشرقة لها اشعّات وخيوط ذهبيّة من نور الله، فكلامهم نور، وإنّ الله سبحانه نور السموات والأرض ، فمن إحياء أمرهم إقامة مجالس العزاء في وفياتهم ، ومجالس السرور في مواليدهم ، وإعمار قبورهم وزيارتهم ، وإعانة شيعتهم ومواليهم ، وترويج مذهبهم ومرامهم ، وتناقل أحاديثهم ومروياتهم وكلماتهم بين الناس في كل محفل ومجلس عام وخاص ، في الاعلام والتلفاز والفضائيات .
ثم معنى الإحياء: أنّه يدبّ فيها الحياة كما يدبّ في الانسان الحى بحركته وسكوته ، بخلاف الميت فلا حياة له ، فلابدّ من أن يجري أمرهم في المجتمع بكل أبعاده الاجتماعية والاخلاقية والثقافية والسياسية والاقتصادية كجرى الدم الذي يكون بسببه الحياة ، وبهذا نكون قد احيينا أمرهم ، ونكون لهم زيناً في
سلوكنا وأخلاقنا وآدابنا، ونذكرهم ونذكّر الناس بهم في محافلنا ومجالسنا في كل جوانب الحياة وحقولها.
ومن إحياء أمرهم إقامة الحكومة الاسلامية على ضوء مذهبهم في كل البلاد في مشارق الأرض ومغاربها، كما يتحقّق ذلک بالجلال والجمال والكمال بظهور مولانا وإمام زماننا صاحب الزمان . الحجة الثاني عشر، الإمام المهدي الموعود المنتظر، عجّل الله فرجه الشريف ، وجعلنا وإياكم من خُلّص شيعته وانصاره وأعوانه . ومن خيرة تلامذته وأُسرته وأصحابه وخدّامه والمستشهدين بين يديه ، وفي يومنا هذا من وظيفتنا أن نمّهد لدولته وحكومته العالميّة ، وان نُسرج الضوء في الليل الأظلم ، باقامة العدل الميسّر، بانتظار طلوع الفجر الصادق ، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، وإنّ الصبح لقريب ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
[1] () هذه الاحاديث الشريفة من كتاب (موسوعة المصطفى والعترة ) المجلد الثاني عشر من صفحة 379إلى 287) واعتمد في اعدادها على المصادر التالية : تحف العقول ، وبحارالأنوار، والخصال ، وعيونأخبار الرضا، والكافي ، والتهذيب ، وكشف الغمة