اللّحن الأسمى
أناملٌ لولاكِ ما وجِدتْ ولا خطّتْ على قرطاس الخلود قصائداً وأشعار.. غنّتها أسراب اليمام المهاجر نحو الحنان والأمان..
هناك ساعة الاعتراف أو البوح فضيلة, تحت جناح الرحمة أعلِنَ الحكم, فأنت كل القضية والحكاية..
لتعزف اللحن مفرداتٌ تُوجّت بأكاليل الغار وزهرة الليمون .. فلمحياكِ أرزة الشموخ أراها راكعةً..
فأنتِ القادم من بعيد.. فُرِشتْ لكِ تربة الجنان والرضوان ولِخُطاكِ هي تطوق..
فالحمدُ لكَ ربٌّ كريمٌ, توّجكِ نجمةً في سمائي أستضيء بنوركِ في دُجى الأيام, وحقٌ لكِ يا سماء العلا أن تزهو صفحتكِ بوجودِ أمي..
أمواج الشاطئ بتكسرها أعلنتْ بدأ مقطوعة الربيع, لتُسدلُ الستارة في مسرح الحنين..
فأبدعِ يا مفردات وتألقي بأبهى التعابير, لا لأداء الحقّ فهذا محال, بل لتسجيل المحاولة..
عزف الحنان لحناً دافئاً, فالخالق أبدع التكوين داخل الأحشاء, وأعهدَ إليكِ يا منبع العطاء تنميتي وتغذيتي وتربيتي..
فاتخذّتِ من الحبِّ وعبير الولاية الوسيلة, فبدمع العين شجرة العترة رويتِ , ولرائحة المولى أرشدتني, بصمةً حفرتها في الأعماق : " عليّ درب النجاة, لا حبّاً بالجنان بل عشقاً بأبي تراب "
هذا المقطع الأول..
على خشبة المسرح علتْ سانفونية الأمل ممتزجة بالأنين, فالدمعة تلامس أمنية الظهور ولِوقعِها رنين. ناشدتُها لمَ دمع العين يسيل والساحة لفرحٍ زُيّنتْ, لمَ الخافق ينبض ألماً والحفلة لعزفٍ قُرّرتْ..
أجابتني ياسمينة لجئتْ لثوب الشجاعة والعفة, أجَهِلةٌ أنتِ !! لن تَكُفى العين ولن يبرد الخافق قبل وضعكِ على تربة القائم والصواب, أو وضعكِ إياها في تربة الوداع والغياب...
لزاوية المسرح تحوّلتْ الأنظار, نايٌّ بيد البراءة يعزف لحن الطفولة والشقاوة, لحن سهر اللّيالي وتعب السنين, لا لقطف الثمر وحصد المحصول بل لفخرٍ وعزّةٍ أمام البتول, هي لوحة بصورٍ عِمادها اللّعب والضحك والصراخ..
للحظةٍ فارقة عيوني شاشة الذكريات لأنظر لمحياكِ, فأجدُ لألئ الإله تشع من ثغركِ, ودُّرةٌ تتّخِذُ من وجنتك عرشاً لها..
هكذا أنتِ تتلاش في حضرتكِ الكلمات لا لمدحٍ أو إطراء بل لسرد واقعٍ عايشه كلّ منّا..
توقفت المفردات عن العزف لعجزٍ لانكسار..
غادرتْ المسرح نحوها وكهالةٍ من ضياء استقرتْ فوق الجبين..
ليعلو في لحظة السكون صوتٌ أعذبُ من أوتار العود..
أمي تُقدّم لي بعد كلّ العجز هذا جائزة الحفل, شهادة بها أضمن وسام الإبرار يوم المعاد...
دمعةٌ على خدها وبيدٍّ ترتجف مدتها لي..
أقدمي من غربتكِ القاتلة وخذّي تحت الجناح ملجأً دافئاً..
هذا هو اللحن الأسمى على الإطلاق..
رنين من بين الأضلاع أسمعه مع بعد المكان..
أمي زاد الأنين...
وحان موعد الأذان...
تعليق