ان کثيراً من المحدثين و المؤرخين و المفسرين ذکروا أنه ، نزلت آية (يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل اليک من ربّک وان لم تفعل فما بلّغت رسالته والله يعصمک من الناس والله لا يهدي القوم الکافرين) سورة المائدة / ۶۷ ) نزلت الآية يوم الغدير و ذلک يوم ۱۸ من ذي الحجة الحرام سنة العاشرة من الهجرة و في منطقة تدعي ب (غدير خم) بقرب الجحفة وعند رجوع الرسول الأکرم ( صلي الله عليه و آله و سلم ) من حجّة الوداع .
فبعد نزول هذه الآية التي هي امر من الله تبارک و تعالي في تبليغ الرسالة و اکمالها ، جمع النبي ( ص) المسلمين الذين کانوا يرجعون من الحج الي جانب مناطقهم و بلادهم و انتظر حتي جاء الباقي من الحجاج و ذلک في رابعة النهار و علي رغم تعبهم من السفر و وسط أضواء الشمس و اشعاتها الساخنة و علي ما نقل في التاريخ أن عدد المسلمين کان مأة الف او يزيدون والنبي الأکرم (صلي الله عليه و آله و سلم )صعد المنبر و ألقي خطابا تامًّا ، فأخذ بيد علي ( عليه السلام ) فرفعها ، حتي نظر الناس الي بياض ابطي رسول الله (ص ) و علي (ع ) ، و قال : ( أيها الناس ، ألست أولي منکم بأنفسکم ؟ قالوا : بلي يا رسول الله ، قال من کنت مولاه فعلي مولاه ، أللهم وال من والاه و عاد من عاداه ، وأنصر من نصره وأخذل من خذله و أدر الحق معه کيف ما دار
ان نزول آية التبليغ في حق علي أمير المؤمنين ، مما دلّت عليه الروايات المتواترة في کتب الحديث ، والتفسير و التأريخ والکلام و الفقه . ونص الأعاظم من الجمهور علي صحة تلک الروايات والوثوق بها والرکون اليها مما لا شک فيه .و قد جمع منها العلامة الأميني في کتابه ( الغدير ) ج۲ ص ۲۵ ، والعلامة الفيروز آبادي في کتابه ( فضائل الخمسة من الصحاح الستة ) والعلامة السيد شرف الدين العاملي في کتابه ( المراجعات ) و في کتابه الآخر ( النص و الاجتهاد ) طائفة لا باس بها من الکتب المعتبرة و المصادر المهمة عند القوم ، فمن اراد التفصيل فاليراجعها و غيرها من کتبهم.
و کذلک حديث الغدير قد نقل في کثير من المصادر المهمة و المعتبرة عند اهل السنة و الجماعة ، منها : شواهد التنزيل ج۱ / ۱۷ ، الدر االمنثور ج۲ / ۲۹۸ ، فتح القدير ج۳ / ۵۷ ، روح المعاني ج۶ / ۱۶۸ ، المنار ج۶ / ۴۶۳ ، تفسير الطبري ج۶ / ۱۹۸ ، الصواعق المحرقة ص ۷۵ ، تفسير ابن کثيرج۲ / ۱۴ و تاريخ بغداد ج ۸ / ۲۹۰ و غير ذلک من المصادر المعتبرة الاخري.
إن حديث الغدير من الاحاديث المتواترة و نقلها کثير من المصادر المعتبرة سنة و شيعة . أما الخلاف بين علماء الشيعة و السنة في دلالته و علماء اهل السنة يعتقدون أن کلام النبي الأکرم (صلي الله عليه وآله و سلم ) في تلک الواقعة حينما يقول ( من کنت مولاه فهذا علي مولاه ) ان لکلمة مولي في العبارة عدة معاني في اللغة ، منها : الولي کما يقول الرسول ( صلي الله عليه و آله و سلم ): (أيما امراة نکحت بغير اذن مولاها … ) يعني بغير اذن وليها . وفي القران : (ذلك بان الله مولي الذين آمنوا و أن الکافرين لا مولي لهم )
ومنها : العصبة کما في القرآن ( و انّي خفت الموالي من ورائي) ومن المعاني الأخري هي : المعتق و الناصر و مقصود النبي ( صلي الله عليه و آله و سلم ) من کلمة مولي ، اما ناصره علي دينه و حاميا عنه بظاهري و باطني و سري و علانيتي و اما مقصوده ( ص ) من کنت محبوبا عنده و وليا له فعلي مولاه بمعني محبوبه .
و الرسول الاکرم ( ص ) لم يبين للمسلمين في خطابه للناس أن مقصوده الامامة و الخلافة و اذا کان مقصوده هذا فيجب عليه أن يبيّن لهم کما بيّن القبلة و عدد رکعات الصلوة و غير ذلک من الشبهات في دلالة الحديث . ثم يقول علماء السنة : من المعلوم أن علي ابن ابي طالب ( ع ) قد بايع ابا بکر بالخلافة بعد وفاة النبي ( ص ) فهل يعقل أن عليا ابن ابي طالب بايع أبا بکر و أخفي حديثاً سمعه من رسول الله ( صلي الله عليه و آله ) يکلّفه بالخلافة و ينصّ فيه خلافته ثم لم يحتجّ عند استخلاف ابي بکر لعمر بانه أحق منه لنص النبي ( ص ) علي امامته و کذلک لماذا شارک في الشوري للخلافة بعد مقتل عمر ابن خطاب ؟
اما الاجابة علي شبهاتهم
اولا ان النبي ( ص ) قال قبل أن يقول ( من کنت مولاه فعلي مولاه ) قال : الست أولي منکم بأنفسکم ؟ قالوا بلي فقال (من کنت مولاه فهذا علي مولاه ) فسؤال النبي من المسلمين : ألست أولي منکم بانفسکم و اجابتهم بکلمة ( بلي ) له دلالة واضحة علي أن الرسول أراد الولاية المطلقة لنفسه علي المسلمين و هذا اشارة الي الآية القرانية التي تقول ( النبي اولي بالمؤمنين من أنفسهم … ) ( احزاب / ۶ ) فبعد هذا السؤال و اجابتهم ، قال لهم : من کنت مولاه فهذا علي مولاه . و هذا قرينة علي أن مقصود النبي کان امامة علي ابن ابي طالب ( عليه السلام ) و ولايته علي المسلمين.
القرينة الأخري علي دلالة حديث الغدير في امامة علي ابن ابي طالب ( عليه السلام ) هي أن الرسول الاکرم ( صلي الله عليه و آله و سلم ) قد جمع المسلمين و يعادل عدد المسلمين الراجعون من الحج المجتمعون في الغدير مأة ألف شخصا او يزيدون و قد جمعهم علي رغم تعبهم من السفر و وسط أضواء الشمس و اشعاتها الساخنة و فعل ما فعل .
فقضية المحبّة و المودة ليست ذات أهمية کبيرة حتي جمعهم في تلک المنطقة و ليست قضية جديدة لان القرآن الکريم يأمر المسلمين باتخاذ المؤمنين اولياء و امرهم بمودة اهل البيت ( عليهم السلام ) و جعل أجر الرسالة ، مودتهم کما يقول في آية المودة : ( قل لا اسئلکم عليه اجرا الا المودة في القربي).
اضافة الي أن الناس بعد ذلک اجتمعوا حول علي ابن ابي طالب للتبريک و کانوا يبارکوه و حتي جائه عمر ابن خطاب و قال بخّ بخّ لک يابن أبي طالب اصبحت مولاي و مولي کل مؤمن ومؤمنة و الناس لا زالوا يبايعوه و يبارکوه . و في هذه المراسيم قد أنشد بعض الشعراء أشعارهم بامر من النبي ( ص ) في شأن و مناقب علي ابن ابي طالب (عليه السلام ).
هذه قضية الغدير الواضحة دلالتها والتي لا ابهام و لا تعقيد فيها و اما ما وقع في التاريخ فلا يمکنه ان يغيّر الحقيقة و ان الشيعة لا يجعلون التاريخ و الاحداث التاريخية محکاّ لدينهم بل يراجعون الي الکتاب و السنة الصحيحة و العترة النبوية و يطبقون عقائدهم علي وفق هذه المنابع .
المصدر: الشيعة نت
تعليق