بسم الله الرحمن الرحيم
تاريخ زواجهما( عليهما السلام ) ومكانه
1 ذو الحجّة 2ﻫ ، المدينة المنوّرة .
مجيء الإمام علي ( عليه السلام ) للخطبة
جاء الإمام علي ( عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وهو في منزل أُمّ سلمة ، فسلّم عليه وجلس بين يديه ، فقال له النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
: « أتَيْتَ لِحاجَة » ؟
فقال الإمام ( عليه السلام ) : « نَعَم ْ، أتَيتُ خاطباً إبنتك فاطمة ، فهلْ أنتَ مُزوِّجُني » ؟
قالت أُمّ سلمة : فرأيت وجه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
يَتَهلّلُ فرحاً وسروراً ، ثمّ إبتسم في وجه الإمام علي ( عليه السلام ) ،
ودخل على فاطمة ( عليها السلام )
وقال لها : « إنّ عَليّاً قد ذكرعن أمرك شيئاً ،
وإنّي سألتُ ربِّي أن يزوِّجكِ خير خَلقه ، فما تَرَين » ؟
فسكتت ، فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وهو يقول : « اللهُ أكبَر ُ، سُكوتُها إِقرارُها » ،
فأتاه جبرائيل ( عليه السلام )
فقال : يا محمّد ، زوّجها علي بن أبي طالب ، فإنّ الله قد رضيها له ورضيه لها .
إخبار الصحابة
أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنس بن مالك أن يجمع الصحابة
ليُعلِن عليهم نبأ تزويج فاطمة للإمام علي ( عليهما السلام ) .
فلمّا اجتمعوا قال ( صلى الله عليه وآله وسلم )
لهم :
« إنّ الله تعالى أمَرَني أن أزوِّجَ فاطمة بنت خديجة من علي بن أبي طالب »(1) .
خطبة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عند تزويجهما ( عليهما السلام ) ✨
« الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المرهوب من عذابه ، المرغوب إليه فيما عنده ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ،
الذي خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيّه محمّد .
ثمّ إنّ الله جعل المصاهرة نسباً لاحقاً ، وأمراً مفترضاً ، وشجّ بها الأرحام ، وألزمها الأنام ، وقال تبارك إسمه ، وتعالى جده :
وَهُوَ الّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً .. (2)
ثمّ إنّ الله أمرني أن أزوّج فاطمة من علي ، وإنّي أشهد أنّي قد زوّجتها إيّاه على أربعمائة مثقال فضّة ، أرضيتَ » ؟قال ( عليه السلام ) :
« قد رضيت يا رسول الله » ، ثمّ خرّ ساجداً ،
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « بارك الله عليكما ، وبارك فيكما ، وأسعد جدّكما ، وجمع بينكما ، وأخرج منكما الكثير الطيّب » (3) .
خطبة الإمام علي ( عليه السلام ) عند تزويجه بفاطمة ( عليها السلام )
« الحمد لله الذي قرّب حامديه ، ودنا من سائليه ، ووعد الجنّة من يتّقيه ، وأنذر بالنار من يعصيه ، نحمده على قديم إحسانه وأياديه ، حمد من يعلم أنّه خالقه وباريه ، ومميته ومحييه ، ومسائله عن مساويه ، ونستعينه ونستهديه ، ونؤمن به ونستكفيه .
ونشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، شهادة تبلغه وترضيه ، وأنّ محمّداً عبده ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) صلاة تزلفه وتحظيه ، وترفعه وتصطفيه ، والنكاح ممّا أمر الله به ويرضيه ، وإجتماعنا ممّا قدرّه الله وأذن فيه ، وهذا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) زوّجني إبنته فاطمة على خمسمائة درهم ، وقد رضيت ، فإسألوه وإشهدوا » (4) .
قدر مهر الزهراء ( عليها السلام )
إختلفت الروايات في قدر مهر الزهراء ( عليها السلام ) ، والمشهور أنّه كان خمسمائة درهم من الفضّة ؛ لأنّه مهر السنّة ، كما ثبت ذلك من طريق أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، والخمسمائة درهم تساوي 250 مثقالاً من الفضّة تقريباً .
جهاز الزهراء( عليها السلام )
جاء الإمام علي ( عليه السلام ) بالدراهم ـ مهر الزهراء ـ فوضعها بين يدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فأمر أن يجعل ثلثها في الطيب ، وثلثها في الثياب ، وقبض قبضة كانت ثلاثة وستين لمتاع البيت ، ودفع الباقي إلى أُمّ سلمة ، فقال : « أبقيه عندك » .
وليمة العرس
قال الإمام علي ( عليه السلام ) :
« قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
يا علي ، إصنع لأهلك طعاماً فاضلاً ، ثمّ قال :
من عندنا اللحم والخبز ، وعليك التمر والسمن . فاشتريت تمراً وسمناً ، فحسر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن ذراعه ، وجعل يشدخ التمر في السمن حتّى اتّخذه خبيصاً ، وبعث إلينا كبشاً سميناً فذُبح ، وخبز لنا خبزاً كثيراً .
ثمّ قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
اُدع من أحببت ، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصحابة ، فاستحييت أن أشخص قوماً وأدع قوماً ،
ثمّ صعدت على ربوة هناك وناديت :
أجيبوا إلى وليمة فاطمة ، فأقبل الناس أرسالاً ، فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام ، فعلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما تداخلني ، فقال : يا علي ، إنّي سأدعو الله بالبركة » .
قال علي ( عليه السلام ) :
« وأكل القوم عن آخرهم طعامي ، وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة ، وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل ، ولم ينقص من الطعام شيء ، ثمّ دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالصحاف فملئت ، ووجّه بها إلى منازل أزواجه ، ثمّ أخذ صحفة وجعل فيها طعاماً ، وقال : هذا لفاطمة وبعلها » (5) .
كيفية الزفاف
لمّا كانت ليلة الزفاف ، أتى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ببغلته الشهباء ، وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة ( عليها السلام ) : « إركبي » ،
فأركبها وأمر سلمان أن يقود بها إلى بيتها ، وأمر بنات عبد المطّلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة ، وأن يفرحن ويرزجن ويكبّرن ويحمدن ، ولا يقلن ما لا يرضي الله تعالى (6) .
ثمّ إنّ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أخذ علياً ( عليه السلام ) بيمينه وفاطمة ( عليها السلام ) بشماله ، وضمّهما إلى صدره ، فقبّل بين أعينهما ، وأخذ بيد فاطمة فوضعها في يد علي ، وقال :
« بارك الله لكَ في إبنة رسول الله » .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« يا علي ، نعم الزوجة زوجتك » ،
وقال :
« يا فاطمة ، نعم البعل بعلك » ،
ثمّ قال لهما :
« إذهبا إلى بيتكما ، جمع الله بينكما وأصلح بالكما » ،
وقام يمشي بينهما حتّى أدخلهما بيتهما (7) .
ثمّ أمر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) النساء بالخروج ، فخرجن .
تقول أسماء بنت عُميس : فبقيت في البيت ، فلمّا أراد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الخروج رأى سوادي فقال :
« من أنتِ » ؟
فقلت : أسماء بنت عُميس ، قال :
« ألم آمرك أن تخرجي » ؟
قلت : بلى يا رسول الله ، وما قصدت خلافك ،
ولكن أعطيت خديجة عهداً . ثمّ حدّثته بما جرى عند وفاة السيّدة خديجة ( عليها السلام ) ، فبكى ( صلى الله عليه وآله وسلم) وأجاز لها البقاء (8) .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
« لولا أنّ الله خلق أميرالمؤمنين لفاطمة ما كان لها كفؤ على الأرض » (9) .
-------------------------------
1. اُنظر: إحقاق الحق 4/475، الأمالي للطوسي: 39.
2. الفرقان: 54.
3. اُنظر: تاريخ مدينة دمشق 52/445، مناقب آل أبي طالب 3/128.
4. بحار الأنوار 43/112.
5. الأمالي للطوسي: 42.
6. اُنظر: مناقب آل أبي طالب 3/130.
7. اُنظر: بحار الأنوار 43/142.
8. اُنظر: المصدر السابق 43/138.
9. الأمالي للطوسي: 43.