بين الغدر والغدير..
من أكبر انواع الألم أنك لا تستطيع أن تعبر عن وجعك وما يعتريك..
وأي مصيبة أكبر مِن أنْ تُطالَب بإثباتِ حقٍ بديهي نصَّ عليه القرآن الكريم وأكد عليه الرسول العظيم، ليأتي أحد الجهلة من هنا وهناك ويشكك ويحرّف الثابت الذي لا ريب فيه ولا هوى..
ما هو حالك وأنت ترى منزلتك وحقك يتقاذفه أُناس ملعونون يتلاعبون به امامك وأنت لا ناصر لك ولامعين..
تعال معي لنستمع الى ما يقوله أمير المؤمنين عليه السلام عن بعض معاناته:
-أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها فُلانٌ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا..... وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَدٍ جَذَّاءَ (مقطوعه)، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَةٍ (ظلمة) عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فيهَا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ..
فَصَبَرتُ وَفي الْعَيْنِ قَذًى، وَفي الحَلْقِ شَجاً، أَرَى تُرَاثي نَهْباً، حَتَّى مَضَى الْأَوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا إِلَى فُلانٍ بَعْدَهُ.. حَتَّى إِذا مَضَى (الثاني) جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ...
لله صبرك يا أبا الحسن.. وهل هناك اوضح من حقك..
الغدير..
ورد في الروايات ان جبرائيل (عليه السلام) نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع ثلاث مرات:
1- في عرفه.
2- في مسجد الخيف.
3- بعد انتهاء الحج في غدير خم.
وفي كل مرة يأمره بأن يستخلف عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وأن يسلّم إليه ما عنده من العلم وميراث علوم الأنبياء (عليهم السلام)، وأن يقيمه عَلماً للناس وولياً، ويأخذ منهم البيعة له..
وفي المرة الثالثة نزلت آية التبليغ.
فأمر الرسول المسلمين بالتوقّف عن المسير وأن يردّ من تقدّم من القوم، وكان يوماً شديد الحرّ..
ثم أمر مناديه فنادى في الناس: الصلاة جامعة، فلما اجتمعوا صعد (صلى الله عليه وآله) على الرحال ودعا علياً (عليه السلام) فرقى معه حتى قام عن يمينه ثم خطب فحمد الله وأثنى عليه، ونعى إلى الاُمّة نفسه، ومما قال (صلى الله عليه وآله):
معاشر الناس، ان الله أوحى إليّ يقول: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ}.
إنّ جبرئيل هبط عليّ مراراً ثلاثاً يأمرني عن ربّي جلّ جلاله أن أقوم في هذا المشهد، فاُعلم كل أبيض وأسود، أنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي على اُمّتي، والإمام من بعدي.
فاعلموا معاشر الناس، *أن الله قد نصبه لكم ولياً وإماماً مفترضاً طاعته*
الله هو مولاكم وإلهكم، ثم من بعده رسوله محمّد وليّكم، ثم من بعدي علي وليّكم وإمامكم بأمر ربّكم، ثم الإمامة في ذرّيتي من ولده إلى يوم تلقون الله ورسوله...
معاشر الناس فما تقولون؟
فناداه القوم: سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا.
ثم نادى رسول الله بأعلى صوته ويده في يد علي وقال:
*فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، والعن من خالفه، وأدر الحقّ معه حيثما دار،* ألا فليبلّغ ذلك منكم الشاهد الغائب..
ثم أجلس عليّاً في خيمة وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فيهنّؤوه بالولاية، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، ويبايعوه على ذلك.
ثم أمر أزواجه وسائر نساء المؤمنين معه أن يدخلن على علي (عليه السلام) ويسلّمن عليه بإمرة المؤمنين، ويبايعنه على ذلك..
فنزل قوله تعالى: {*الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً*}.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): *الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ سبحانه وتعالى برسالتي إليكم، والولاية لعليّ بن أبي طالب بعدي*.
🌹ثبتنا الله وإياكم على الحق والهدى ورزقنا زيارة صاحب بيعة الغدير عليه السلام🌹