بسم الله الرحمن الرحيم
دروس من اخلاق الإمام الحسن المجتبى
ومن حلمه ما روى المبرد وابن عائشة أن شاميا رآه راكبا
فجعل يلعنه و الحسن لا يرد فلما فرغ أقبل الحسن (عليه السلام) فسلم عليه وضحك
فقال:
أيها الشيخ أظنك غريبا، ولعلك شبهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك،
ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإن كنت جائعا أشبعناك، وإن كنت
عريانا كسوناك، وإن كنت محتاجا أغنيناك، وإن كنت طريدا آويناك، وإن كان لك حاجة
قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لان
لنا موضعا رحبا وجاها عريضا ومالا كثيرا. فلما سمع الرجل كلامه، بكى ثم قال: أشهد
أنك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله
إلي والان أنت أحب خلق الله إلي وحول رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار
معتقدا لمحبتهم (1).
ثم استضافه الإمام حتى وقت رحيله ، وقد تغيَّرت فكرته ، وعقيدته ، ومفاهيمه ،
عن أهل البيت ( عليهم السلام ) .
وفي هذا التصرف منه درسٌ تربوي في كيفية التعامل مع الطرف الآخر ، حتى لو كان خصماً .
وهذا النحو من المعاملة مُستَفَادٌ من القرآن الكريم ، وذلك في قوله تعالى : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) فُصِّلت : 34 .
ـــــــــــــ
(1) البحار ج 43 ص 344 .
تعليق