ظاهرة سمو الارادة وتسافلها في عاشوراء
حينما تكون الارادة متطابقة مع العاطفة والفكر يكون الانسان مستقرا نفسيا وروحيا
الحر بن يزيد الرياحي كانت عاطفته وفكره مع الامام الحسين (ع) ولكن كانت ارادته وموقفه مع يزيد وجيشه .
فبقي قلقا الى ان جعل ارادته ثم موقفه متطابقة مع عاطفته وفكره ، فالتحق بالامام عليه السلام .
وكان عمر بن سعد مثله كانت عاطفته وفكره مع الامام الحسين (ع) ولكن كانت ارادته وموقفه مع يزيد و الجيش الاموي .
فبقي قلقا الى ان جعل عاطفته وفكره متطابقة مع ارادته وموقفه فبدل فكره واقنع نفسه ان الحق مع يزيد
وكان يعيش الصراع الداخلي الذي سلبه الأمان والاطمئنان والاستقرار، واشتد الصراع وعظم لديه حينما خيّر بين ملك الريّ وبين قتل الحسين (ع)، وقد أفصح عن حقيقة الصراع قائلاً:
أأترك ملك الريّ والريّ رغبة أو أرجع مذموماً بقتل حسين
وفي قتله النار التي ليس دونها حجاب وملك الري قرّة عين ([1])
وبقي يعيش عدم الاستقرار النفسي لعدم تطابق الفكر والعاطفة والإرادة ففقد الاستقرار والتوازن النفسي وخدعته نفسه أو خدع نفسه، فجعل فكره وعاطفته تبعاً لإرادته.
وأول خطوة خطاها هي نكران يوم القيامة أو التشكيك به.
يقولون إن الله خالق جنة ونار وتعذيب وغلّ يدين
فان صدقوا فيما يقولون إنني أتوب الى الرحمن من سنتين
وأن كذبوا فزنا بدنيا عظيمة وملك عقيم دائم الحجلين ([2])
والخطوة الثانية هي إعلان إيمانه الكامل بأحقية الحكم الأموي حيث قال: «يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري»([3]).
وبعد انتهاء المعركة لم يحصل على ملك الري فعاد الى ثوابته الفكرية وقال: «ما رجع أحد الى أهله بشرّ مما رجعت به أطعت الفاجر الظالم ابن زياد، وعصيت الحكم العدل وقطعت القرابة الشريفة»([4]).
([1]) الكامل في التاريخ 4: 52.
([2]) مقتل الحسين، أبو مخنف: 79.
([3]) بحار الأنوار 44: 391.
([4]) أنساب الأشراف 3: 211.
تعليق