من أساسيات الثورة الحسينية المباركة هو محاربة التمايز بكافة أنواعه .

[المرتجى]

وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين . اللهم صل على محمد وآل محمد .
لم تكن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ثورة طبقية كثورة الأسياد ضد العبيد أو بالعكس ، ولم تكن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ثورة عنصرية كثورة البيض ضد السود ، ولم تكن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ثورة طائفية كثورة الشيعة على أبناء العامة أو على غيرهم و بالعكس .
بل كانت ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ثورة الإنسانية ضد ألا إنسان وثورة الحق ضد الباطل ، وثورة الإصلاح ضد الإفساد ، وثورة الهداية ضد الضلال ، وثورة الإسلام ضد الكفر .
ومما يدل على أن ثورة الإمام الحسين (ع) ليست ثورة طبقية هو وجود العبيد فيها ومنهم أسلم ابن عمرو التركي اشتراه الإمام الحسين (عليه السلام) بعد وفاة الإمام الحسن (عليه السلام) و وهبه لابنه علي السجاد (عليه السلام) و كان أبوه تركيا فاستأذن الإمام ، فخرج يقاتل حتى قتل من القوم جمعا كثيرا ثم سقط صريعا ، فمشى إليه الحسين فرآه و به رمق فاعتنقه الحسين و وضع خده على خده ففتح عينيه فتبسم و قال : من مثلي و ابن رسول الله واضع خده على خدي . (1) .
ومن العبيد أيضا سليمان ابن أبي رزين ، و منجح و قارب بن عبد الله بن أرقد .

ومما يدل على أن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ليست ثورة عنصرية هو مشاركة ذوي البشرة السوداء فيها صفاً واحداً مع أقمار آل محمد (عليهم السلام) كمشاركة جون بن حوي الذي كان عبداً أسود . رخص له الحسين (عليه السلام) بالإنصراف في يوم عاشوراء ، ولكنه قال للإمام : (يا ابن رسول الله ، أنا في الرخاء ألحَسُ قِصاعَكم وفي الشدّة أخذُلُكم ؟! واللهِ إنّ ريحي لَنتِن ، وإنّ حَسَبي لَلئيم ، ولوني لأسوَد ، فتَنَفّسْ علَيّ بالجنّة فتطيبَ ريحي ، ويَشرُفَ حَسَبي ، ويَبيضَّ وجهي ، لا واللهِ لا أُفارقُكم حتّى يختلطَ هذا الدمُ الأسود مع دمائكم ) . (2) .
فأذِن له الإمام بالقتال ، فحمَلَ جون على القوم فقَتَل خمسةً وعشرين رجلاً من الأعداء (3) حتّى تعطّفوا عليه فقتلوه رحمه الله . فجاءه الإمام الحسين عليه السّلام ووقف عليه قائلاً : (( اللهمّ بَيِّضْ وجهَه ، وطَيِّبْ ريحَه ، واحشُرْه مع محمّدٍ صلّى الله عليه وآله ، وعَرِّفْ بينه وبين آل محمّد عليهم السّلام )) . (4) .

ومما يدل على أن ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) ليست ثورة طائفية هو مشاركة بعض الأفراد من الديانات الأخرى فيها كمشاركة وهب المسيحي في يوم عاشوراء حتى مضى شهيدا مع الإمام الحسين (عليه السلام) .
قال القس ( تينه جوزيف ديمتري ) عميد الديانة المسيحية والقس في عرش الكزندري في الكاميرون :
ان مدينة كربلاء تمثل عاصمة الانسانية في العالم ، وهي الاولى في توحيد الاديان السماوية ، ومنها انبثقت الوحدة والوقوف بوجه الظالمين وعرفها العالم بإنسانيتها .
واضاف : ان واقعة الطف الاليمة التي حدثت في هذه المدينة لم تقتصر على طائفة او دين فهناك اناس عرفوا الحق فاتبعوه وضحوا من اجله ، فكان جزاؤهم ان خلدهم التأريخ .
واشار الى ان وهب المسيحي احد شهداء واقعة الطف وهو من بين الاسماء التي نصرت الامام الحسين ووقفت معه ضد الظلم والطغيان) .
فيعلم مما تقدم أن الثورة الحسينية المباركة هي ثورة للإنسانية كافة ولجميع ألوان البشرية وقد حاربت التمايز بين الأفراد والمجتمعات بكافة أشكاله وأنواعه .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تنقيح المقال / الجزء 1 / الصفحة 152 .
(2) أعيان الشيعة / الجزء 1 / الصفحة 605 .
(3) ذخيرة الدارين فيما يتعلق بمصائب الحسين(ع) / الجزء 1 / الصفحة 389 .
(4) إبصار العين في أنصار الحسين / الشيخ محمّد بن طاهر السَّماويّ / الجزء 1 / الصفحة 196 .

[خادم الكفيل]

الأخ الفاضل والزميل العزيز والمشرف الغالي المرتجى . أحسنتم و أجدتم و سلمت أناملكم على نشر هذا الموضوع القيم الذي يبين محاربة ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) للتمايز والتعلي على الأخرين بكافة أشكاله وأنواعه . جعل الله عملكم هذا في ميزان حسناتكم . ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه .