رأيت بعيني كيف اغتالت قوى الظلام الفضيلة والطهر والنقاء، وأحلام الطفولة تحلّق عالياً إلى السماء وهي تمرّ على رماد الخيام..
رأيت الموت وهو يحرق سنين العمر في بقايا حَكَايا الحياة، وقميصاً يُنشر بين الأرض وبين السماء، ينزف ألماً مخضباً بالدماء، ممزّقاً وعلى ثناياه منثور ذرّ رماد حرق خيام زينب (عليها السلام) ..
لملمتْ بقايا الروح، واتكأتْ على الأرزاء، نثرتْ تلك البقايا على عليل وأيتام..خاطبته بعيونها وهي ترمق جسداً لم يَبقَ فيه مكان لطعنة رمح أو ضربة سيف:
أنا أؤمن أن قربك جنتي يا ربيع الأكوان لكن درب الفراق قدرٌ رسمته مشيئة السماء، ها هو خريفي يُساقط أوراقي صفراء شاحباً لونها يابسة، ولكن قدري أن لا أنحني على الرغم من أن ظهري قوّسته المصيبة، وعليّ أن لا أُفصح عن أحزاني وقد شاب رأسي حزناً، تناثرتْ حولي جبال الصبر جزعاً، أقمتُ أودها، أثبتُ أوتادها بيد لطالما لامستها كفوف تفايضت غيرة، تحمل راية تبحث عن خفقانها العلياء، راية الكرار لا تعرف الانتكاس، أمامي تخفق على رأسي ورؤوس أيتامي، كلّما اشتقت إليها، مرائي الذكريات تخفق في ثنايا القلب، عطر وصية الوديعة ما يزال يداعب مشامي، يشاكس عيوني رذاذ دموع سال قسراً على وجناتي (اكشف لي عن نحرك) لأشمّ منه آخر مرة عطر أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ولألتمس منه شذا ثغر النبوة، إذ لطالما طُبعت قبلات سيّد المرسلين على هذا النحر، آه آه يا سيّدة النساء لقد أديتُ وصيتك، وها هو عاشوراء يخيّم عليّ بظلاله..
أنتهت رحلة الذكريات وازداد رذاذ الدموع تساقطاً، تسرع كفوفها لإخفائه خوفاً من الشماتة، فلابدّ من أن تُخفي ذلك الحزن الذي راهن أعداؤها على رؤيته في عيونها، كلمات قرعت مسامعها (كيف رأيت صنع الله بكم)، كيف ترى امرأة مصرع أهلها وإخوتها وبني إخوتها، وفرار الأيتام والنساء من النار والزحف في منظر لا يستطيع الوجدان تخيّله، أطفال حفاة على رمال تلتهب من حرارة الشمس، وفوق رؤوسهم احترقت خيامهم، فمنهم مَن لاحت النار أطراف ثيابه، ومنهم مَن داست الخيل على جسده كما داست الخيول على جسد الإمام المظلوم، ومنهم مَن فقد أمّه، ومنهم مَن تاه في الصحراء، ومنهم مَن أدمت أقدامه النيران وأشواك الصحراء، ومنهم مَن تمزقت أذناها حينما سلبوها أقراطها، ومن النساء مَن احتارت في سترها فلم تجد ملاذاً إلّا بسيّدة الخدر، وعلى الرغم من كلّ هذه الأرزاء ما رأت إلّا جميلاً، جمال المصائب لا يراه إلّا القدّيسون بعين اليقين لا بعين النظر.
رأيت الموت وهو يحرق سنين العمر في بقايا حَكَايا الحياة، وقميصاً يُنشر بين الأرض وبين السماء، ينزف ألماً مخضباً بالدماء، ممزّقاً وعلى ثناياه منثور ذرّ رماد حرق خيام زينب (عليها السلام) ..
لملمتْ بقايا الروح، واتكأتْ على الأرزاء، نثرتْ تلك البقايا على عليل وأيتام..خاطبته بعيونها وهي ترمق جسداً لم يَبقَ فيه مكان لطعنة رمح أو ضربة سيف:
أنا أؤمن أن قربك جنتي يا ربيع الأكوان لكن درب الفراق قدرٌ رسمته مشيئة السماء، ها هو خريفي يُساقط أوراقي صفراء شاحباً لونها يابسة، ولكن قدري أن لا أنحني على الرغم من أن ظهري قوّسته المصيبة، وعليّ أن لا أُفصح عن أحزاني وقد شاب رأسي حزناً، تناثرتْ حولي جبال الصبر جزعاً، أقمتُ أودها، أثبتُ أوتادها بيد لطالما لامستها كفوف تفايضت غيرة، تحمل راية تبحث عن خفقانها العلياء، راية الكرار لا تعرف الانتكاس، أمامي تخفق على رأسي ورؤوس أيتامي، كلّما اشتقت إليها، مرائي الذكريات تخفق في ثنايا القلب، عطر وصية الوديعة ما يزال يداعب مشامي، يشاكس عيوني رذاذ دموع سال قسراً على وجناتي (اكشف لي عن نحرك) لأشمّ منه آخر مرة عطر أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ولألتمس منه شذا ثغر النبوة، إذ لطالما طُبعت قبلات سيّد المرسلين على هذا النحر، آه آه يا سيّدة النساء لقد أديتُ وصيتك، وها هو عاشوراء يخيّم عليّ بظلاله..
أنتهت رحلة الذكريات وازداد رذاذ الدموع تساقطاً، تسرع كفوفها لإخفائه خوفاً من الشماتة، فلابدّ من أن تُخفي ذلك الحزن الذي راهن أعداؤها على رؤيته في عيونها، كلمات قرعت مسامعها (كيف رأيت صنع الله بكم)، كيف ترى امرأة مصرع أهلها وإخوتها وبني إخوتها، وفرار الأيتام والنساء من النار والزحف في منظر لا يستطيع الوجدان تخيّله، أطفال حفاة على رمال تلتهب من حرارة الشمس، وفوق رؤوسهم احترقت خيامهم، فمنهم مَن لاحت النار أطراف ثيابه، ومنهم مَن داست الخيل على جسده كما داست الخيول على جسد الإمام المظلوم، ومنهم مَن فقد أمّه، ومنهم مَن تاه في الصحراء، ومنهم مَن أدمت أقدامه النيران وأشواك الصحراء، ومنهم مَن تمزقت أذناها حينما سلبوها أقراطها، ومن النساء مَن احتارت في سترها فلم تجد ملاذاً إلّا بسيّدة الخدر، وعلى الرغم من كلّ هذه الأرزاء ما رأت إلّا جميلاً، جمال المصائب لا يراه إلّا القدّيسون بعين اليقين لا بعين النظر.
تعليق