بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
زينب صرخة في ضمير الأمة:
وما زال يدوّي صوت زينب أصداء المكان الذي كان يعلو فيه صوت الظلم والاستبداد، لا يُنسى ذاك الموقف المشرّف أمام الطاغية يزيد:”فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا”.
ما هو هذا الذكر الذي وعدت زينب عليها السلام ببقائه وحفظه؟
هذا الوعد من زينب عليها السلام لم يكن وعداً من إمرأة عادية، إنّما كان وعداً إلهياً بحتاً، ونحن نعلم أنّ مثل هذا الوعد لما تفوّهت به زينب عليها السلام إلاّ من بعد ما رأت المؤامرة المدبّرة لمحو الدين وإماتة الوحي.
المؤامرة المدّبرة:
إذاً الاسلام مستهدف منذ ذلك الحين ولن ينكفئ هذا الاستهداف إلى قيام يوم الدين، فالعدو متربص بنا بكل قواه، مع أنواع متعددة من الطرق الظاهرة والباطنة.
ونحن نشهد اليوم الهجمة العمياء على الاسلام المعتدل المنتمي لآل البيت عليهم السلام ، المتمثل بالحرب الناعمة، والغزو الفكري والثقافي والعقائدي..
زينب قدوة النساء:
كانت زينب عليها السلام ومنذ صغرها خير مواسية لآمها الزهراء عليها السلام، نهلت من مدرسة أمها ، فكانت خير مثال للمرأة الراوية لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأمير المؤمنين عليه السلام، والمؤمنة الصابرة، الخلوقة، الورعة، البارّة، السيدة زينب عليها السلام حيث اعتُبرت القرين المقدس لأخيها الإمام الحسين عليه السلام، وكان دورها بعد شهادته عظيماً جداً، حيث إنّها حملت تكليف الحفاظ على الإمامة مع أخواتها العلويات ، ولذلك لُقّبت بعقيلة بني هاشم وأم المصائب، وقال في حقّها الامام زين العابدين عليه السلام: “يا عمة أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة” (بحار الأنوار: ج2ص 522)
وقفت السيدة زينب عليها السلام أمام أعتى طغاة الأرض، وتحملت أعباء المسؤولية الرسالية، فقامت بدور بارز في تعليم النساء وإعطائهن دروساً في الجهاد والتضحية، في خطابها المدوّي الذي هزّ عروش الظلمة وأوضح ماهية النهضة الحسينية وبنفس الوقت كان هذا الخطاب متمم لمسيرة كربلاء.
هذا الخطاب الزينبي العلوي، دمّرت فيه عقيلة بني هاشم جبروت الأموي الظالم يزيد، وألحقت به وبمن مكّنه من رقاب المسلمين العار والخزي وعرفته عظمة الأسرة النبوية التي لاتنحني جباهها أمام الطغاة والظالمين.
المرأة و تحديات العصر:
كان لزينب عليها السلام موقفاً أخر أمام أهل الكوفة، حيث خاطبت الناس بلسان أبيها علي أمير المؤمنين بينما الجميع صامت..لماذا؟ لكون الأمّة التي رضخت للذل والهوان في بداية نهضتها على يد يزيد وأمثاله ليس بمقدورها النهوض في هذا العصر التي تشتت به وضعفت حتى بان الخلل عليها بالشكل الذي نراه اليوم.
واأسفاه على المسلمين أصحاب الحق لماذا أغمضت أعينهم عن كلمات آل الرسول وعقيلتهم زينب التي دوّت كلماتها صدىً لن يهدأ إلى قيام الساعة، ولماذا لا يلاحظون تلك التربية التي أنجبت هكذا نساء وأوصلو أنفسهم الى التسكع والإنحلال بابتعادهم عن العقيدة الحق.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وهن الأمة وانحرافها عن المسير القويم الزي والستر، الذي ذكره القرآن الكريم:
«ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما» (59) سورة الأحزاب
فما الفرق بين المرأة المسلمة والمرأة الغربية الفاسقة إذاً؟؟
نرى اللباس واحد والمنطق واحد والتفكير واحد.. لا بل يزيدون على ذلك ويتنافسون!!
فالنساء باعتبارهن جزء فعّال من الواقع الاجتماعي العام الذي تظهر فيه الكثير من العقبات والسلبيات المحيطة بالفرد المتمثلة بالعولمة والغزو الثقافي والفكري والعقائدي ، فعلاً إنها حرب حقيقية، هجمة على جميع أفراد المجتمع ، تراه باللباس وطريقة الحجاب، كيف غيّروا عنوانه؟ كيف بدّلوه تحت اسم الشريعة، نساء كاشفات عاريات كما جاء في الحديث النبوي:” يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الأزمنة نسوة كاشفات عاريات متبرجات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، من الدين داخلات في الفتن مائلات إلى الشهوات مسرعات إلى اللذات مستحلاّت للمحرمات في جهنم خالدات”. ( وسائل الشيعة ج3 ص59)
الأسنمة: جمع سنام والبخت الإبل والعجاف التي ذهب ثمنها
اليوم نرى الحجاب كيف حُوّل إلى طريقة تشبه ما ذكره رسول الله في الرواية ونهى النساء عنه، وكأنه سنام الجمل..
نرى اللباس الغير محتشم مع الحجاب الناقص المقلّد..
بينما كانت مولاتنا زينب عليها السلام تدافع عن حجابها إلى آخر نفس، سبيت وأحرق ثوبها وصمدت وبقيت محتشمة، صابرة، متعففة..
أوليس كلُّ هذا سهامٌ في جسد السيدة زينب عليها السلام والرسالة الزينبية؟؟
مواقف القدوة:
الثبات والارادة والعزيمة:
يصعب أن تحافظ المرأة على ثباتها ورباطة جأشها في مثل ظروف واقعة كربلاء، بحسب طبيعة المرأة العاطفية. وإذا حصل ، فهو نادر ويحتاج الى تفسير. مواقف السيدة زينب عليها السلام في الثبات كثيرة، فهناك مواقف محددة، وهناك النظرة العامة لدورها في كربلاء، الذي تميز بثبات قلّ نظيره في تاريخ الرجال لا النساء فقط. وتفسيره الوحيد هو البعد الإيماني لسيدة تربّت في بيت النبوة والإمامة. فحينما غادرت قافلة السبايا أرض كربلاء، عرّج الجيش بالنساء والأطفال على ساحة المعركة، فكان المنظر مهيباً مفزعاً. وهنا كان دور السيدة زينب القائدة التي تتسامى على الألآم، وتسيطر على مشاعرها، حيث احتفظت برباطة جأشها، وكظمت كل ما يختلج في نفسها من الحزن والألم.
أداء التكليف الشرعي:
تتفرع هذه الصفة من البعد الإيماني أيضاً. لكنها في ظروف متعارضة مع رغبة الإنسان، أو طاقته وقدرته في الظروف العادية. كأن تقدم لإمامها الجواد الذي سيقوده إلى ساحة المعركة ولن يعود بعدها، وهو لم يأمرها بإحضاره بل سأل الحاضرات: من يقدم لي جوادي؟ فقدمّته وهي تحدّث نفسها ” أي أخت تقدّم لأخيها جواد المنية؟”(مقتل الحسين ع ص308 المقرم عبد الرزاق)
تصعب هذه المبادرة في الظروف الطبيعية، وبما أنّها قدّمته فعلاً/ فقد تعالت وتسامت فوق شعور الأخت وعاطفتها؟ وهنا بلمح احترام التكليف والالتزام به، ولو كان صعباً أليماً.
الأنس بالعبادة:
يكفينا شاهد، أن تقوم السيدة الخمسينية لأداء صلاة الليل، التي ينقل أنَها لم تقطعها في حياتها، لا قبل كربلاء ولا بعدها، فيراها الإمام السجاد ع عشية المعركة، وهي تصليها من جلوس، ولم يدهَش لأنها تصلي استحباباً في تلك الظروف.(زينب الكبرى –جعفر بن محمد النقدي ص112)
سمو الأخلاق:
قد تبدو الأخلاق لشخصية كالسيدة زينب ع ، صفة أكيدة ومتحصلة. لكن مع ظروف كربلاء، تبدو الأخلاق فوق الطبيعية. والمميز أن تكون خلوقاً مع الخصم! فبعد رحلة السبي الشاقة، يكلف أحد الجنود بإرجاع القافلة إلى المدينة، وكان ليّناً في تعامله معهم، يسألهم عن حاجاتهم ويلطف بهم. فلما وصلو إلى المدينة، أرادت العقيلة زينب ع مكافئته على حسن تعامله، ولم يكن لديها مال تقدمّه إليه، فجمعت ما بقي من حليّها وأختها، وقدمته إليه معتذرة قائلة:” هذا جزاؤك بصحبتك إيّانا بالحسن من الفعل”(تايخ الطبري ج6 ص266)
الصبر الجميل:
من الشائع أنّ الصبر يرتبط بتحمل المصاعب والابتلاءات، وقد يكون هذا التحمل على مضض وكراهية، وقد يكون مجرد سكون عن الغضب. يقدم لنا القرآن الكريم نوعاً من الصبر:
»وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون» (155-156) سورة البقرة
صبر مع التسليم أيضاً، لكنّه يحمل رضى صاحبه،لكونه قد وكّل ربّه بما حلّ به. لكن أن يقدّم مصيبته قرباناً:” اللهم تقبل منّا هذا القربان”، وأن يراها أمراً جميلاً بكل شجونها:”ما رأيت إلاّ جميلاً” فذلك صبر يدفعنا لنسأل: ما هي تلك السيدة ( أن جاز التعبير) التي تقف على جثّة أخيها الحزوز عنقه للتو، فتكون أول ردّة مفعل على ما تشاهده، أن تنظر الى السماء وتقدمه قرباناً.
شدّة العفة والجلال مع قوة الجرأة:
قد نرى العفّة والجرأة كضدين، حيث إنّ المرأة العفيفة هي التي “لاترى الرجال ولا يروها”، والجريئة هي التي لا تترك موقفاً من مواقف الظهور والمخالطة، إلا وحضرت فيه. وفي الواقع، إن السيدة زينب ع أفضل نموذج لخلق توازن بين الجانبين. عند جمع بعض مواقفها معاً نفهم التوازن النفسي المطلوب والطبيعي الذي علينا أن نتأسى به.
دفاعها عن الإمامة:
ينقل التاريخ أن السيدة زينب ع كانت حارسة على حياة الامامة، المتمثلة بشخص الإمام زين العابدين ع، في أكثر من حادثة: في المعركة، حيث هبّ الإمام زين العابدين ع للقتال رغم شدّة مرضه، فناداها الامام الحسين ع :” خذيه واحبسيه لئلاّ تخلو الأرض من نسل آل محمد” (زينب الكبرى م س ص 30)
هل فعلاً نتخذ من العقيلة قدوة؟؟
في الحقيقة عندما نتحدث عن السيدة زينب ع تحتشد الدروس التي يمكن أن نستفيد منها، وتضيق مساحة الحديث مهما اتسعت، ونحار أيها نذكر وعن أيّها نسكت.
نقول هذه الشخصية الاستثنائية وجدت في ظروف استثنائية أبدعت بكل ما أُعطت من قوّة في سبيل إحياء الدين والحفاظ على الذكر الالهي.
لذا فلتكن بيننا زينبيات(وليس أمراً هيّناً)، نحتاج الى تدعيم الأسس لدينا. بدءاً بالبعد الإيماني، إلى الدفاع عن الامامة ومواجهة الطغاة، إلى الانتظار للفرج بالعمل التبليغي ونشر الدين ليظهر على الدين كله، ولنراقب أنفسنا من الهجمة الشرسة المتربصة بنا كنساء وبنات ورجال وصغار وكهول.. نعم هذه الهجمة لا بد من مواجهتها بكل الطرق، بالاحتشام ، بالعفة، بالصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والشعور بالمسؤولية التامة لرعاية بناتنا من غيابات التواصل الحديث الذي لا يقل خطورة عن الحبوب المخدرة فهذا النوع من التطور الهدّام دخل من دون استئذان إلى كل بيت وعائلة بل أصبح بحوزة صغارنا فضلا عن كبارنا، وللأسف بات يستعمل بالممنوع والغير المسموح أخلاقياً ولا دينياً، وبات الاختلاط المحرم والعلاقات الغير شرعية، تحت غطاء الدين!! أي دين هذا؟ دين محمد ص، أم دين يزيد؟ فلننتبه جيدً ولنستيقظ قبل فوات الآوان ولنكن زينبيات قولا وفعلاً.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
زينب صرخة في ضمير الأمة:
وما زال يدوّي صوت زينب أصداء المكان الذي كان يعلو فيه صوت الظلم والاستبداد، لا يُنسى ذاك الموقف المشرّف أمام الطاغية يزيد:”فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا”.
ما هو هذا الذكر الذي وعدت زينب عليها السلام ببقائه وحفظه؟
هذا الوعد من زينب عليها السلام لم يكن وعداً من إمرأة عادية، إنّما كان وعداً إلهياً بحتاً، ونحن نعلم أنّ مثل هذا الوعد لما تفوّهت به زينب عليها السلام إلاّ من بعد ما رأت المؤامرة المدبّرة لمحو الدين وإماتة الوحي.
المؤامرة المدّبرة:
إذاً الاسلام مستهدف منذ ذلك الحين ولن ينكفئ هذا الاستهداف إلى قيام يوم الدين، فالعدو متربص بنا بكل قواه، مع أنواع متعددة من الطرق الظاهرة والباطنة.
ونحن نشهد اليوم الهجمة العمياء على الاسلام المعتدل المنتمي لآل البيت عليهم السلام ، المتمثل بالحرب الناعمة، والغزو الفكري والثقافي والعقائدي..
زينب قدوة النساء:
كانت زينب عليها السلام ومنذ صغرها خير مواسية لآمها الزهراء عليها السلام، نهلت من مدرسة أمها ، فكانت خير مثال للمرأة الراوية لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله ، وأمير المؤمنين عليه السلام، والمؤمنة الصابرة، الخلوقة، الورعة، البارّة، السيدة زينب عليها السلام حيث اعتُبرت القرين المقدس لأخيها الإمام الحسين عليه السلام، وكان دورها بعد شهادته عظيماً جداً، حيث إنّها حملت تكليف الحفاظ على الإمامة مع أخواتها العلويات ، ولذلك لُقّبت بعقيلة بني هاشم وأم المصائب، وقال في حقّها الامام زين العابدين عليه السلام: “يا عمة أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، فهمة غير مفهمة” (بحار الأنوار: ج2ص 522)
وقفت السيدة زينب عليها السلام أمام أعتى طغاة الأرض، وتحملت أعباء المسؤولية الرسالية، فقامت بدور بارز في تعليم النساء وإعطائهن دروساً في الجهاد والتضحية، في خطابها المدوّي الذي هزّ عروش الظلمة وأوضح ماهية النهضة الحسينية وبنفس الوقت كان هذا الخطاب متمم لمسيرة كربلاء.
هذا الخطاب الزينبي العلوي، دمّرت فيه عقيلة بني هاشم جبروت الأموي الظالم يزيد، وألحقت به وبمن مكّنه من رقاب المسلمين العار والخزي وعرفته عظمة الأسرة النبوية التي لاتنحني جباهها أمام الطغاة والظالمين.
المرأة و تحديات العصر:
كان لزينب عليها السلام موقفاً أخر أمام أهل الكوفة، حيث خاطبت الناس بلسان أبيها علي أمير المؤمنين بينما الجميع صامت..لماذا؟ لكون الأمّة التي رضخت للذل والهوان في بداية نهضتها على يد يزيد وأمثاله ليس بمقدورها النهوض في هذا العصر التي تشتت به وضعفت حتى بان الخلل عليها بالشكل الذي نراه اليوم.
واأسفاه على المسلمين أصحاب الحق لماذا أغمضت أعينهم عن كلمات آل الرسول وعقيلتهم زينب التي دوّت كلماتها صدىً لن يهدأ إلى قيام الساعة، ولماذا لا يلاحظون تلك التربية التي أنجبت هكذا نساء وأوصلو أنفسهم الى التسكع والإنحلال بابتعادهم عن العقيدة الحق.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على وهن الأمة وانحرافها عن المسير القويم الزي والستر، الذي ذكره القرآن الكريم:
«ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما» (59) سورة الأحزاب
فما الفرق بين المرأة المسلمة والمرأة الغربية الفاسقة إذاً؟؟
نرى اللباس واحد والمنطق واحد والتفكير واحد.. لا بل يزيدون على ذلك ويتنافسون!!
فالنساء باعتبارهن جزء فعّال من الواقع الاجتماعي العام الذي تظهر فيه الكثير من العقبات والسلبيات المحيطة بالفرد المتمثلة بالعولمة والغزو الثقافي والفكري والعقائدي ، فعلاً إنها حرب حقيقية، هجمة على جميع أفراد المجتمع ، تراه باللباس وطريقة الحجاب، كيف غيّروا عنوانه؟ كيف بدّلوه تحت اسم الشريعة، نساء كاشفات عاريات كما جاء في الحديث النبوي:” يظهر في آخر الزمان واقتراب الساعة وهو شر الأزمنة نسوة كاشفات عاريات متبرجات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، من الدين داخلات في الفتن مائلات إلى الشهوات مسرعات إلى اللذات مستحلاّت للمحرمات في جهنم خالدات”. ( وسائل الشيعة ج3 ص59)
الأسنمة: جمع سنام والبخت الإبل والعجاف التي ذهب ثمنها
اليوم نرى الحجاب كيف حُوّل إلى طريقة تشبه ما ذكره رسول الله في الرواية ونهى النساء عنه، وكأنه سنام الجمل..
نرى اللباس الغير محتشم مع الحجاب الناقص المقلّد..
بينما كانت مولاتنا زينب عليها السلام تدافع عن حجابها إلى آخر نفس، سبيت وأحرق ثوبها وصمدت وبقيت محتشمة، صابرة، متعففة..
أوليس كلُّ هذا سهامٌ في جسد السيدة زينب عليها السلام والرسالة الزينبية؟؟
مواقف القدوة:
الثبات والارادة والعزيمة:
يصعب أن تحافظ المرأة على ثباتها ورباطة جأشها في مثل ظروف واقعة كربلاء، بحسب طبيعة المرأة العاطفية. وإذا حصل ، فهو نادر ويحتاج الى تفسير. مواقف السيدة زينب عليها السلام في الثبات كثيرة، فهناك مواقف محددة، وهناك النظرة العامة لدورها في كربلاء، الذي تميز بثبات قلّ نظيره في تاريخ الرجال لا النساء فقط. وتفسيره الوحيد هو البعد الإيماني لسيدة تربّت في بيت النبوة والإمامة. فحينما غادرت قافلة السبايا أرض كربلاء، عرّج الجيش بالنساء والأطفال على ساحة المعركة، فكان المنظر مهيباً مفزعاً. وهنا كان دور السيدة زينب القائدة التي تتسامى على الألآم، وتسيطر على مشاعرها، حيث احتفظت برباطة جأشها، وكظمت كل ما يختلج في نفسها من الحزن والألم.
أداء التكليف الشرعي:
تتفرع هذه الصفة من البعد الإيماني أيضاً. لكنها في ظروف متعارضة مع رغبة الإنسان، أو طاقته وقدرته في الظروف العادية. كأن تقدم لإمامها الجواد الذي سيقوده إلى ساحة المعركة ولن يعود بعدها، وهو لم يأمرها بإحضاره بل سأل الحاضرات: من يقدم لي جوادي؟ فقدمّته وهي تحدّث نفسها ” أي أخت تقدّم لأخيها جواد المنية؟”(مقتل الحسين ع ص308 المقرم عبد الرزاق)
تصعب هذه المبادرة في الظروف الطبيعية، وبما أنّها قدّمته فعلاً/ فقد تعالت وتسامت فوق شعور الأخت وعاطفتها؟ وهنا بلمح احترام التكليف والالتزام به، ولو كان صعباً أليماً.
الأنس بالعبادة:
يكفينا شاهد، أن تقوم السيدة الخمسينية لأداء صلاة الليل، التي ينقل أنَها لم تقطعها في حياتها، لا قبل كربلاء ولا بعدها، فيراها الإمام السجاد ع عشية المعركة، وهي تصليها من جلوس، ولم يدهَش لأنها تصلي استحباباً في تلك الظروف.(زينب الكبرى –جعفر بن محمد النقدي ص112)
سمو الأخلاق:
قد تبدو الأخلاق لشخصية كالسيدة زينب ع ، صفة أكيدة ومتحصلة. لكن مع ظروف كربلاء، تبدو الأخلاق فوق الطبيعية. والمميز أن تكون خلوقاً مع الخصم! فبعد رحلة السبي الشاقة، يكلف أحد الجنود بإرجاع القافلة إلى المدينة، وكان ليّناً في تعامله معهم، يسألهم عن حاجاتهم ويلطف بهم. فلما وصلو إلى المدينة، أرادت العقيلة زينب ع مكافئته على حسن تعامله، ولم يكن لديها مال تقدمّه إليه، فجمعت ما بقي من حليّها وأختها، وقدمته إليه معتذرة قائلة:” هذا جزاؤك بصحبتك إيّانا بالحسن من الفعل”(تايخ الطبري ج6 ص266)
الصبر الجميل:
من الشائع أنّ الصبر يرتبط بتحمل المصاعب والابتلاءات، وقد يكون هذا التحمل على مضض وكراهية، وقد يكون مجرد سكون عن الغضب. يقدم لنا القرآن الكريم نوعاً من الصبر:
»وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون» (155-156) سورة البقرة
صبر مع التسليم أيضاً، لكنّه يحمل رضى صاحبه،لكونه قد وكّل ربّه بما حلّ به. لكن أن يقدّم مصيبته قرباناً:” اللهم تقبل منّا هذا القربان”، وأن يراها أمراً جميلاً بكل شجونها:”ما رأيت إلاّ جميلاً” فذلك صبر يدفعنا لنسأل: ما هي تلك السيدة ( أن جاز التعبير) التي تقف على جثّة أخيها الحزوز عنقه للتو، فتكون أول ردّة مفعل على ما تشاهده، أن تنظر الى السماء وتقدمه قرباناً.
شدّة العفة والجلال مع قوة الجرأة:
قد نرى العفّة والجرأة كضدين، حيث إنّ المرأة العفيفة هي التي “لاترى الرجال ولا يروها”، والجريئة هي التي لا تترك موقفاً من مواقف الظهور والمخالطة، إلا وحضرت فيه. وفي الواقع، إن السيدة زينب ع أفضل نموذج لخلق توازن بين الجانبين. عند جمع بعض مواقفها معاً نفهم التوازن النفسي المطلوب والطبيعي الذي علينا أن نتأسى به.
دفاعها عن الإمامة:
ينقل التاريخ أن السيدة زينب ع كانت حارسة على حياة الامامة، المتمثلة بشخص الإمام زين العابدين ع، في أكثر من حادثة: في المعركة، حيث هبّ الإمام زين العابدين ع للقتال رغم شدّة مرضه، فناداها الامام الحسين ع :” خذيه واحبسيه لئلاّ تخلو الأرض من نسل آل محمد” (زينب الكبرى م س ص 30)
هل فعلاً نتخذ من العقيلة قدوة؟؟
في الحقيقة عندما نتحدث عن السيدة زينب ع تحتشد الدروس التي يمكن أن نستفيد منها، وتضيق مساحة الحديث مهما اتسعت، ونحار أيها نذكر وعن أيّها نسكت.
نقول هذه الشخصية الاستثنائية وجدت في ظروف استثنائية أبدعت بكل ما أُعطت من قوّة في سبيل إحياء الدين والحفاظ على الذكر الالهي.
لذا فلتكن بيننا زينبيات(وليس أمراً هيّناً)، نحتاج الى تدعيم الأسس لدينا. بدءاً بالبعد الإيماني، إلى الدفاع عن الامامة ومواجهة الطغاة، إلى الانتظار للفرج بالعمل التبليغي ونشر الدين ليظهر على الدين كله، ولنراقب أنفسنا من الهجمة الشرسة المتربصة بنا كنساء وبنات ورجال وصغار وكهول.. نعم هذه الهجمة لا بد من مواجهتها بكل الطرق، بالاحتشام ، بالعفة، بالصبر على الطاعة، والصبر عن المعصية، والشعور بالمسؤولية التامة لرعاية بناتنا من غيابات التواصل الحديث الذي لا يقل خطورة عن الحبوب المخدرة فهذا النوع من التطور الهدّام دخل من دون استئذان إلى كل بيت وعائلة بل أصبح بحوزة صغارنا فضلا عن كبارنا، وللأسف بات يستعمل بالممنوع والغير المسموح أخلاقياً ولا دينياً، وبات الاختلاط المحرم والعلاقات الغير شرعية، تحت غطاء الدين!! أي دين هذا؟ دين محمد ص، أم دين يزيد؟ فلننتبه جيدً ولنستيقظ قبل فوات الآوان ولنكن زينبيات قولا وفعلاً.
تعليق