إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حكومة يزيد ونهضة الامام الحسين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حكومة يزيد ونهضة الامام الحسين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين



    انّ الإمام الحسين (عليه السّلام) بالرغم من معارضته الشديدة لحكم معاوية بن أبي سفيان رفض التحرّك لخلع معاوية؛ التزاماً منه بالعهد الذي وقّعه أخوه الإمام الحسن (عليه السّلام) مع معاوية.




    وقد سجّل المؤرّخون هذا الموقف المبدئي للإمام الحسين (عليه السّلام)، فقالوا: لمّا مات الحسن (عليه السّلام) تحرّكت الشّيعة بالعراق، وكتبوا إلى الحسين(عليه السّلام) في خلع معاوية والبيعة له فامتنع عليهم، وذكر أنّ بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه حتّى تمضي المدّة، فإذا مات معاوية نظر في ذلك1.
    من هنا كان معلوماً لشيعته وللجهاز الحاكم أيضاً أنّ موت معاوية يعني بالنسبة للإمام الحسين (عليه السّلام) أنّه في حلّ من أيّ التزام، ومن ثمّ فإنّه سيطلق ثورته على نظام الحكم الغاشم الذي استلمه يزيد الفاسق؛ لذلك كان الإمام الحسين (عليه السّلام) يمثّل الهاجس الأكبر للطغمة الحاكمة.


    رسالة يزيد إلى حاكم المدينة


    قال المؤرّخون: إنّ يزيد كتب فور موت أبيه إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - وكان والياً على المدينة من قِبَل معاوية - أن يأخذ على الحسين (عليه السّلام) بالبيعة له، ولا يرخّص له في التأخّر عن ذلك2.
    وذكرت مصادر تأريخية اُخرى أنّه جاء في الرسالة: إذا أتاك كتابي هذا فاحضر الحسين بن عليّ، وعبد الله بن الزبير فخذهما بالبيعة، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما، وخذ النّاس بالبيعة، فمَنْ امتنع فأنفذ فيه الحكم3.
    الوليد يستشير مروان بن الحكم


    حار الوليد في أمره؛ إذ يعرف أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) لا يُبايع ليزيد مهما كانت النتائج، فرأى أنّه في حاجة إلى مشورة مروان بن الحكم عميد الاُسرة الاُموية فبعث إليه، فأشار مروان على الوليد قائلاً له: ابعث إليهم4 في هذه السّاعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم، وإن أبوا قدّمهم واضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية؛ فإنّهم إن علموا ذلك وثب كلّ رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به، إلاّ عبد الله بن عمر؛ فإنّه لا ينازعُ في هذا الأمر أحداً، مع أنّني أعلم أنّ الحسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد، ولا يرى له عليه طاعةً.
    ووالله لو كنت في موضعك لم اُراجع الحسين بكلمة واحدة حتّى أضرب رقبته كائناً في ذلك ما كان5.
    وعظم ذلك على الوليد، وهو أكثر بني اُميّة حنكةً، فقال لمروان: يا ليت الوليد لم يولد، ولم يك شيئاً مذكوراً6.
    فسخر منه مروان وراح يندّد به، قائلاً: لا تجزع ممّا قلتُ لك؛ فإنّ آل أبي تراب هم الأعداء من قديم الدهر7.
    ونهره الوليد فقال له: ويحك يا مروان! اعزب عن كلامك هذا، وأحسن القول في ابن فاطمة؛ فإنّه بقيّة النبوّة2.
    واتّفق رأيهما على استدعاء الإمام (عليه السّلام) وعرض الأمر عليه لمعرفة موقفه من السّلطة.
    الإمام (عليه السّلام) في مجلس الوليد


    أرسل الوليد إلى الحسين (عليه السّلام) يدعوه إليه ليلاً، فجاءه الرّسول وهو في المسجد، ولم يكن قد شاع موت معاوية بين النّاس، وجال في خاطر الحسين (عليه السّلام) أنّ الوليد قد استدعاه ليخبره بذلك، ويأخذ منه البيعة إلى الحاكم الجديد بناءً على الأوامر التي جاءته من الشّام، فاستدعى الحسين (عليه السّلام) مواليه وإخوته وبني عمومته وأخبرهم بأنّ الوالي قد استدعاه إليه، وأضاف: "إنّي لا آمن أن يكلّفني بأمر لا اُجيبه عليه"8.
    وقال الإمام (عليه السّلام) لمواليه بعد أن أمرهم بحمل السّلاح: "كونوا معي، فإذا دخلت إليه فاجلسوا على الباب، فإن سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه"9.
    ودخل الإمام (عليه السّلام) على الوليد فرأى مروان عنده وكانت بينهما قطيعة، فقال (عليه السّلام): "الصلةُ خير من القطيعة، والصلح خير من الفساد، وقد آن لكما أن تجتمعا، أصلح الله ذات بينكما"10.
    ثمّ نعى إليه الوليد معاوية، فاسترجع الإمام الحسين (عليه السّلام)، ثمّ قرأ عليه كتاب يزيد وما أمره فيه من أخذ البيعة منه له. فقال الحسين (عليه السّلام): "إنّي لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرّاً حتّى اُبايعه جهراً".
    فقال الوليد: أجل.
    فقال الحسين (عليه السّلام): "فتصبح وترى رأيك في ذلك".
    فقال له الوليد: انصرف على اسم الله تعالى حتّى تأتينا مع جماعة النّاس. فقال له مروان: والله لئن فارقك الحسين السّاعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتّى تكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتّى يبايع أو تضرب عنقه.
    فوثب الحسين (عليه السّلام) عند ذلك وقال: "أنت يابن الزرقاء تقتلني أم هو؟! كذبت والله وأثمت". وخرج يمشي ومعه مواليه حتّى أتى منزله.
    فقال مروان للوليد: عصيتني! لا والله لا يمكّنك مثلها من نفسه أبداً. فقال له الوليد: ويح غيرك يا مروان! إنّك اخترت لي التي فيها هلاك ديني. والله، ما اُحبّ أنّ لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وإنّي قتلت حسيناً. سبحان الله! أقتل حسيناً لمّا أن قال: لا اُبايع؟ والله، إنّي لأظنّ امرأً يحاسبُ بدم الحسين خفيف الميزان عند الله يوم القيامة11.
    وثمّة روايات أفادت بأنّ النقاش قد احتدم بين الإمام (عليه السّلام) وبين مروان حتّى أعلن (عليه السّلام) رأيه لمروان بصراحة، قائلاً: "إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون، وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة"12.
    الإمام (عليه السّلام) مع مروان والتقى الإمام الحسين (عليه السّلام) في أثناء الطريق بمروان بن الحكم في صبيحة تلك الليلة التي أعلن فيها رفضه لبيعة يزيد، فبادره مروان قائلاً: إنّي ناصح فأطعني ترشد وتسدّد.
    فقال الإمام (عليه السّلام): "وما ذاك يا مروان؟".
    قال مروان: إنّي آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد؛ فإنّه خير لك في دينك ودنياك.
    فردّ عليه الإمام (عليه السّلام) ببليغ منطقه، قائلاً: "على الإسلام السّلام إذ قد بليت الاُمّة براع مثل يزيد!... سمعت جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان، وعلى الطلقاء وأبناء الطلقاء، فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه. فوالله، لقد رآه أهل المدينة على منبر جدّي فلم يفعلوا ما اُمروا به"13.


    المصادر


    1. الإرشاد 2 / 32.
    2. المصدر السابق.
    3. تأريخ اليعقوبي 2 / 215.
    4. المقصود هنا الإمام الحسين (عليه السّلام)، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، باعتبار أنّ بعض المصادر التأريخية أفادت بأنّ رسالة يزيد تضمّنت أسماءهم جميعاً، مثل تأريخ الطبري 6 / 84.
    5. حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) 2 / 25.
    6. المصدر السابق 2 / 251.
    7. حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) 2 / 251.
    8. إعلام الورى 1 / 434، وروضة الواعظين / 171، ومقتل أبي مخنف / 27، وتذكرة الخواص / 213.
    9. الإرشاد 2 / 33.
    10. حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) 2 / 254.
    11. الإرشاد 2 / 33 - 34.
    12. مقتل الحسين - للمقرّم / 144، وإعلام الورى 1 / 435.
    13. الفتوح - لابن أعثم 5 / 17، ومقتل الحسين - للخوارزمي 1 / 184.

    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .

  • #2
    الأخت الفاضلة شجون الزهراء . عظم الله لنا ولكِ الأجر بإستشهاد الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه (عليهم السلام) في يوم عاشوراء على رمضاء كربلاء . أحسنتِ وأجدتِ وسلمت أناملكِ على نشر هذه المقالة القيمة على خروج الإمام الحسين (عليه السلام) بوجه يزيد الجائر الفاجر لعنه الله . جعل الله عملكِ هذا في ميزان حسناتكِ . ودمتِ في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X