إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تاريخ موجز للإسلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تاريخ موجز للإسلام

    الإسلام هو الدِّين الذي بُعِثَ به النبي محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) في أوائل القرن السابع الميلادي في مكّة المكرمة ، والذي يدلُّ على صفة معيّنة مشتقة من معنى الإسلام وهو ما يدلُّ على أنّ الإسلام لم يؤسّس من قبل أحد البشر وليس خاصاً بأُمّةٍ معيّنة ، بل شرّعه الله تعالى ليتحلّى جميع البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم بصفته ، فهو لا يدلُ على اسم شخص أو أمّة معينة كالبوذية على سبيل المثال مُشتقة من اسم مؤسسها وهو بوذا ، واليهودية نسبة إلى قبيلة وهي يهوذا ، والنصرانية نسبة إلى النصارى .
    وهو يشتمل على الإيمان بدين جميع الأنبياء والرسل السابقين كالنبي نوحٍ وصالحٍ وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويوسف وأيوب وذو الكفل ويونس وموسى وهارون ويوشع بن نون وإلياس واليسع وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى (عليهم الصلاة والسلام) ، وهو امتدادٌ لدين الأنبياء السابقين وهو مؤتلفٌ معهم غير مختلف ، فلما بعث الله نبيه الخاتم محمدًا (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صار الإسلام الذي يرضاه الله ، وهو ما بعث به محمدًا (صلّى الله عليه وآله وسلم) من الإيمان به وتوحيده وإخلاص العبادة له والإيمان برسوله وما أنزل عليه من الكتاب والسُّنة ، والإيمان بمن قبله من الأنبياء والرسل ، فكل من اتبعه وصدق ما جاء به فهو من المسلمين ، ومن حادّ عن ذلك بعد ما بلغته الدعوة فهو من الكافرين .
    قَالَ تَعَالَى : ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ *﴾ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 31 - 32.]
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	30688411_2142575892630452_2646628488674542533_n.png 
مشاهدات:	584 
الحجم:	97.9 كيلوبايت 
الهوية:	895004
    عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
    إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَعْطَى مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) شَرَائِعَ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) ، التَّوْحِيدَ وَالْإِخْلَاصَ وَخَلْعَ الْأَنْدَادِ وَالْفِطْرَةَ الْحَنِيفِيَّةَ السَّمْحَةَ وَلَا رَهْبَانِيَّةَ وَلَا سِيَاحَةَ أَحَلَّ فِيهَا الطَّيِّبَاتِ وَحَرَّمَ فِيهَا الْخَبَائِثَ وَوَضَعَ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ، ثُمَّ افْتَرَضَ عَلَيْهِ فِيهَا الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَالْمَوَارِيثَ وَالْحُدُودَ وَالْفَرَائِضَ وَالْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَزَادَهُ الْوُضُوءَ وَفَضَّلَهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَبِخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالْمُفَصَّلِ وَأَحَلَّ لَهُ الْمَغْنَمَ وَالْفَيْ‏ءَ وَنَصَرَهُ بِالرُّعْبِ وَجَعَلَ لَهُ الْأَرْضَ مَسْجِداً وَطَهُوراً ، وَأَرْسَلَهُ كَافَّةً إِلَى الْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ وَأَسْرَ الْمُشْرِكِينَ وَفِدَاهُمْ ، ثُمَّ كُلِّفَ مَا لَمْ يُكَلَّفْ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِ سَيْفٌ مِنَ السَّمَاءِ فِي غَيْرِ غِمْدٍ وَقِيلَ لَهُ :
    ﴿فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا﴾ - [سُّورَةُ النِّسَاءِ : 84.]
    المصدر : (الكافي : ج2، ص17.)
    فالحنيفية هي أساس الدين ، وأنّ شريعة الإسلام ناسخة لما قبلها من شرائع ، أي أنّ الدين الإسلامي يتكون من العقيدة والشريعة ، فأما العقيدة فهي مجموعة المبادئ التي على المسلم أن يؤمن بها وهي ثابتة لا تختلف باختلاف الأنبياء ، وأما الشريعة فهي اسم للأحكام العمليّة التي تختلف باختلاف الأنبياء والرسل ونسخ اللاحق منها السابق .
    قَالَ تَعَالَى : ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ - [سُّورَةُ الْمَائِدَةِ : 48.]
    قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ)‏ :
    الْإِسْلَامُ هُوَ التَّسْلِيمُ ، وَالتَّسْلِيمُ هُوَ الْيَقِينُ ،
    وَالْيَقِينُ هُوَ التَّصْدِيقُ ، وَالتَّصْدِيقُ هُوَ الْإِقْرَارُ ،
    وَالْإِقْرَارُ هُوَ الْأَدَاءُ ، وَالْأَدَاءُ هُوَ الْعِلْمُ .
    المصدر : (الأمالي : ص524.)
    وَعَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ :
    عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْوَلَايَةِ ، وَلَمْ يُنَادَ بِشَيْ‏ءٍ كَمَا نُودِيَ بِالْوَلَايَةِ .
    المصدر : (الكافي : ج2، ص18.)
    وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قِيلَ لَهُ :
    أَخْبِرْنِي بِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا يَسَعُ أَحَداً التَّقْصِيرُ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا ، الَّذِي مَنْ قَصَّرَ عَنْ مَعْرِفَةِ شَيْ‏ءٍ مِنْهَا فَسَدَ دِينُهُ وَلَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ عَمَلَهُ ، وَمَنْ عَرَفَهَا وَعَمِلَ بِهَا صَلَحَ لَهُ دِينُهُ وَقَبِلَ مِنْهُ عَمَلَهُ وَلَمْ يَضِقْ بِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ لِجَهْلِ شَيْ‏ءٍ مِنَ الْأُمُورِ جَهْلُهُ .
    فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَالْإِيمَانُ بِأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَالْإِقْرَارُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَحَقٌّ فِي الْأَمْوَالِ الزَّكَاةُ ، وَالْوَلَايَةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا وَلَايَةُ آلِ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) .
    فَقِيلَ لَهُ : لَهُ هَلْ فِي الْوَلَايَةِ شَيْ‏ءٌ دُونَ شَيْ‏ءٍ فَضْلٌ يُعْرَفُ لِمَنْ أَخَذَ بِهِ ؟
    قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : نَعَمْ .
    قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ .
    وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : مَنْ مَاتَ وَلَا يَعْرِفُ إِمَامَهُ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً .
    المصدر : (الكافي : ج2، ص19.)
    فالإسلام بالمعنى الخاص يختص بما بُعِث به النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فصار من اتبعه مسلماً ومن خالفه ليس بمسلم ؛ لأنه لم يستسلم لله بل استسلم لهواه ، فاليهود مسلمون في زمن موسى (عليه السلام) ، والنصارى مسلمون في زمن عيسى (عليه السلام) ، وأما بعد أن بعث النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فكفروا به فليسوا بمسلمين . ويجب الاعتقاد أنّ الديانتين اليهودية والنصرانية قد نسختا برسالة النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الخاتم ، فوجب العمل بما جاء به مع الإيمان بجميع ما أنزل على الأنبياء السابقين .
    وأنّ من أعظم الفروق بين الإسلام وبين اليهودية والنصرانية هي التوحيد والإيمان بالرسل ، ولا توجد ملّة على وجه الأرض تعرف الله تعالى وتوحده وتمجده وتثني عليه بما هو أهله وتثبت له جميع صفات الكمال وتنزهه عن كافة صفات النقص إلّا الإسلام .
    ثم إنّه من أصول الإسلام أنّ أتباعه يؤمنون ويعظمون جميع الأنبياء والرسل ويحكمون بكفر من جحد ولو نبوة نبي واحد ، فهم يؤمنون بأنّ موسى وعيسى عبد الله ورسوله كغيره من الأنبياء (عليهم السلام) ، أما اليهود فيجحدون نبوة عيسى ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وأما النصارى فيجحدون نبوة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
    وكما أنّ اليهود والنصارى ينسبون لله الولد .
    قَالَ تَعَالَى : ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ *﴾ - [سُّورَةُ التَّوْبَةِ : 30 - 31.]
    هذا ومن ناحيةٍ أخرى فإنّ النبي محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يكن يطلب الدنيا والمُلْك والرياسة قط ! فالنبي كان معروفاً "بالصادق الأمين" وهذا يعني أنه لم يكذب قط خلال أربعين سنةً من حياته وذلك بشهادة قومه .
    ومن الصعب جداً أن نتصور انساناً لم يكذب طيلة أربعين سنة متتاليّة ثم يجرؤ على كذبة عظيمة كادعاء النبوة حاشاه . فحتى "الكذّاب المحترف" لا يجرؤ على اطلاق أكذوبة بمثل هذه العظمة كالرسالة السماويّة والنبوة والوحي والقرآن الكريم ...
    فما بالك بإنسان لم يكذب قط طيلة حياته بشهادة قومه ؟! أتُراه يكون جريئاً على هذه الكذبة وقومه ينادونه بالصادق الأمين ؟! وحتى لو فرضنا أنّ النبي محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان كاذباً ولم يكن نبياً (حاشاه ثم حاشاه) .
    فذلك اما أنه يطلب المُلك والحُكم . وأما أنّه يطلب المال والثروة . وربما كل هذه الأهداف .
    ولنتعرف بشكل مختصر عن مظاهر المُلك والسلطان التي اشترك فيها ملوك وسلاطين التاريخ :
    القصر ، بما فيه من خدم وحشم وحراس وحجبة وما فيه من أفرشة وثيرة ورياشٍ وما فيه تميزٍ وفخامةٍ وتعالي على منازل الرعيّة كلّها أغنياؤهم وفقراؤهم ، وكذلك الألبسة الفاخرة المرصعة بالجواهر الخاصة بـ"جلالة" الملك وحاشيته الأقربين والأطعمة الفاخرة التي لا ينالها كل الناس ، والثروة الطائلة وكثرة الحُراس والعربات الفاخرة ، وكذلك استحالة غالبيتهم العظمى النزول إلى الشوارع دون حماية سواء تكبراً أو خوفاً من بعض الرعية ، وكذلك وراثة المُلْك والثروة .
    كانت هذه مظاهر المُلك المشتركة عند جميع ملوك العالم .
    ولكن عندما نأتي ونرى حال نبينا محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلم) فلقد عاش في منزلٍ لا يعرف الأثاث ولا الرياش ولم يكن فيه بساطٌ قط ، ولا كان يستر حيطانه من الطين شيء من الأصباغ بل ولا تسويه بالملاط . وكان النبي وعترته يعيشون الشهر والشهرين على الماء والتمر فقط ، ولم يكن يجد آل محمد التمر في كل أوقاتهم ، بل كان رسول الله يمضي عليه اليوم واليومين وهو لا يجد من الدقل (التمر الرديء) ما يملأ به بطنه ، وكان هديُّ النبي أن يلبس ما تيسَّر من اللباس ولم يكن يُميز نفسَه بلباس خاص عن بقية المسلمين .

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	unnamed (1).jpg 
مشاهدات:	438 
الحجم:	26.3 كيلوبايت 
الهوية:	895005
    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	unnamed.jpg 
مشاهدات:	433 
الحجم:	28.1 كيلوبايت 
الهوية:	895006

    بيت الرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) والسيد خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها)

    والتاريخ يشهد لرسول الله أنّه لم تكن له جيادٌ يتفاخرُ بها ولا حرسٌ ولا عرباتٌ إلى يوم وفاته . والحقُّ يُقال أنّ الرسول لم يفرض ضريبة على أحد ومن يقول "الزكاة" فإنها فرضٌ على الأغنياء يعود للفقراء من المسلمين لا للنبي . وكان (صلّى الله عليّه وآله وسلّم) ينزل الأسواق مثله مثل الناس يبيع ويشتري ويعمل ليكسب رزقه . وتروي كتب السيرة أنّ الرسول قبل وفاته بيومٍ واحد قد تصدقّ بسبعة دنانير كانت كل ما يملك ووهب سلاحه للمسلمين .
    ولما دخل على النبي عدي بن حاتم الطائي وهو ملك طيء وسيدهم وحبرهم وقد علق صليباً من الذهب في صدره ، واستضافه النبي إلى منزله لم يجد النبي ما يقدم لضيفه ليجلس عليه إلّا وسادةً واحدة من ليفٍ وضعها النبيُّ لضيفه ليجلس عليها ، وجلس رسول الله على الأرض !.
    وكان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لا يدعُ قيام الليل ، وكان إذا مرضَ أو كسلَ صلّى قاعداً ، وكان اشدَّ حياءً من العذراء في خدرها ، وأنّ ابغضُ الخُلقِ إليه الكذبُ ، وكان إذا عمل عملاً اثبته ، ولا يتطيَّر ولكن يتفاءلُ ، وكان يُعرَف بريح الطيب إذا أقبلَ ، وكان إذا تغدى لم يتعش وإذا تعشى لم يتغد ، وكان يؤدي الخيط والمخيط بيده ، وكان إذا حدّث بحديثٍ تبسَّم في حديثه ، وينفق على الطِّيب أكثر ممّا ينفقُ على الطعام ، وكان رحيماً بالعيال ، ويَقسِمُ بين نسائه فيعدل ، وكان يُغيّر الاسمَ القبيحَ ، وكان إذا دخلَ على مريض يعوده ، وكان أصبر الناس على أقذار الناس ، وكان يُصْغي للهرّة الإناء فتشربُ ، وكان من رأفته لأمّته مداعبته لهم لكيلا يبلغ بأحد منهم التعظيمُ حتى لا يُنظَرَ إليه ، وكان إذا يؤتى بالصغير ليَدعوَ بالبركة او يسميه فيأخذُه فيضعُه في حجره تكرمةً لأهله فربما بالَ الصبيُ عليه فيصيحُ بعضُ من رآه حين يبول فيقول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لا تَزرِمُوا بالصبيّ ، فيدعُه حتى يقضي بولَه ثم يفرغ له من دعائه أو تسميَته ويبلغُ سرورُ أهلِه فيه ولا يرون أنه يتأذى ببول صبيّهم ، فإذا أنصرفوا غَسَلَ ثوبه .
    وكان (صلّى الله عليه وآله وسلّم) دائمٌ البشْر ، سَهْلَ الخُلُقِ ، لَيّنَ الجانب ، ليس بفِظِّ ولا غليظٍ ، ولا ضَحاكٍ ، ولا فحاشٍ ، ولا عَيابٍ . يأكل على الأرض ، ويجلس جِلسَة العبد ، ويخصفُ بيدِهِ نَعله ، ويرقّع ثوبَه ، ويركبُ الحمارَ العاري ، ويردفُ خلفه ، ويكون الستر على بابه فيكون عليه التصاويرُ فيقول : يا فلانة – لإحدى زوجاته – غيِّبيه عنّي فإني إذا نَظَرْتُ إليه ذكرتُ الدنيا وزخارفها . فأعرضَ عن الدنيا بقَلبه ، وأمات ذكرَها عن نفسه ، وأحبَّ أن تغيبُ زينتها عن عينيه لكيلا يتخذ منها ريشاً ، ولا يعتقدها قراراً ، ولا يرجو فيها مقاماً ، فأخرجها من النفس وأشخصها عن القلب وغيّبها عن البصر .


    معجزات النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
    منها انشقاق القمر إلى نصفين وذلك بعد ان طالبه المشركون بمعجزةٍ خارقة لم يأت بها غيره ، فطلبوا منه شقّ القمر فأجابهم بشرط ان يؤمنوا بالله ورسوله فقبلوا بذلك ، فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بما طلبوه من الله تعالى وانشقّ القمر الى نصفين ، واتهموه بالسحر وقالوا له ننتظر قافلة تأتي من الشام لينبؤوهم بما رأوه لاعتقادهم أنّ السحر لا يؤثر على البعيد ، وحين وصول القافلة سألوهم فأجابوا أنّ القمر قد انقسم الى نصفين .
    وإنّ موسى (عليه السلام) أرسل إلى فرعون فأراه الآية الكبرى ونبينا أرسل إلى فراعنة شتى ! كأبي لهب وأبي جهل وشيبة وعتبة ابني أبي ربيعة وأبي بن خلف والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل السهمي والنضر بن الحارث وغيرهم ، فأراهم الآيات‏ في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق‏ ولم يؤمنوا .
    وإن كان الله تعالى انتقم لموسى (عليه السلام) من فرعون فقد انتقم لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم بدر فقتلوا بأجمعهم وألقوا في القليب وانتقم له من المستهزءين ، فأخذهم بأنواع البلاء . وإن كان موسى (عليه السلام) صار عصاه ثعبانا فاستغاث فرعون منه رهبة ، فقد أعطى محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مثله لما جاء إلى أبي جهل شفيعا لصاحب الدين فخاف أبو جهل وقضى دين الغريب‏ ثم إنه عتب عليه‏ فقال رأيت عن يمين محمد ويساره ثعبانين ، تصطك أسنانهما وتلمع النيران من أبصارهما لو امتنعت لم آمن أن يبتلعني الثعبان ، وقال تعالى لموسى (عليه السلام) : ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾‏ .
    وقال في وصيُّ النبي محمد وأولاده‏ : ﴿سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ .
    وإن كان داود (عليه السلام) سخر له الجبال والطير يسبحن وسارت بأمره ، فالجبل نطق لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذ جادله اليهود وشهد له بالنبوة ، ثم سألوه أن يسير الجبل‏ فدعا فسار الجبل إلى فضاء كما تقدم وسبح‏ الحصى في يد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وسخرت له الحيوانات كما ذكرنا .
    وإن لان الحديد لداود (عليه السلام) فقد لين لرسولنا الحجارة التي لا تلين بالنار والحديد ، وقد لين الله تعالى العمود الذي جعله وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) في عنق خالد بن وليد ، فلما استشفع إليه أخذه من عنقه . وإن محمداً لما استتر من المشركين يوم أحد مال برأسه نحو الجبل حتى خرقه بمقدار رأسه ، وهو موضع معروف مقصود في شعب ، وأثر ساعدا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في جبل أصم من جبال مكة ، لما استروح في صلاته فلان له الحجر حتى ظهر أثر ذراعيه فيه ، كما أثر قدما إبراهيم (عليه السلام) في المقام ولانت الصخرة تحت يد محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ببيت المقدس حتى صار كالعجين ، ورئي ذلك من مقام دابته والناس يلمسونه بأيديهم إلى يومنا هذا .
    وفي عهد الإسلام ردّ الله تعالى الشمس مرّتين لوصي رسول الله الإمام علي (عليه السلام) ، فمرّةٌ ردّ الله تعالى له الشمس في حياة الرسول ومرة أخرى بعد رحيل الرسول الى جوار الله تعالى . وكلامه (عليه السلام) مع الجمجمة وكلامه مع الحجر الأسود وشهادته له بالإمامة ، وضربه للفرات بسوطه حتى بدت حصباؤه ، وكلامه مع السباع ومع أهل الكهف ، ودعاؤه للظبي فجاءه فأكل معه من الطعام .
    ومن ذلك عودة النخلة اليابسة للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ذات تمْر وانتشاره عليه وعلى أصحابه ، وتوضؤه في مسجد ببغداد يعرف موضعه بدار المسيب في أصل نبقة يابسة ، فلم يخرج من المسجد حتى اخضرت وأينعت ، ومسحه على عين أبي بصيرٍ حتى رأى السماء ثم أعاده ، وإنفاذه الجن في حوائجه .
    ومن ذلك دعاء الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) الشجرة فجاءت تخدُّ الأرض خدا ثم أشار إليها فرجعت ، وخطابه للأسد ، وقصصه مع علي بن يقطين ، وقوله لهشام بن سالم بعد شكّه وقوله في نفسه : أين أذهب إلى الحرورية أم إلى المرجئة أم إلى الزيدية ؟ فقال له :
    إليّ إليّ ! لا إلى الحرورية ولا إلى المرجئة ولا إلى الزيدية .
    وإنّ الرضا (عليه السلام) من ولده دعا في خراسان فلين الله له جبلاً يؤخذ منه القدور وغيرها ، واحتاج الرضا (عليه السلام) هناك إلى الطهور فمس بيده الأرض فنبع له عين وكلاهما معروف‏ . وآثار وصي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في الأرض أكثر من أن تحصى ، منها بئر عبادان ، فإن‏ المخالف والمؤالف يروي أنّ من قال عندها بحق علي يفور الماء من قعرها إلى رأسها ، ولا يفور بذكر غيره وبحق غيره . وإنّ سور حلب من أصلب الحجارة ، فضربه علي بن أبي طالب (عليه السلام) بسيفه فأثره من فوقه إلى الأرض ظاهر .
    وإنّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما خرج إلى صفين ، كان‏ بينه وبين دمشق مائة فرسخ وأكثر ، وقد نزل ببرية فكان يصلي فيها ، فلما فرغ ورفع رأسه من سجدة الشكر قال أسمع صوت بوق التبريز لمعاوية من دمشق ، فكتبوا التاريخ فكان كما قال وقد بني هناك مشهد يقال له مشهد البوق . وبكى داود (عليه السلام) على خطيئته حتى سارت الجبال معه ، ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قام إلى الصلاة فسمع لجوفه أزيز كأزيز المرجل على الأثافي‏ من شدة البكاء ، وقد آمنه الله من عقابه فأراد أن يتخشع وقام على أطراف أصابع رجليه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه من قيام الليل ، فأنزل الله :‏ ﴿طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى‏﴾‏ .
    وإنّ سليمان (عليه السلام) سأل الله فأعطي مُلكاً لا ينبغي لأحد من بعده ، والنبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عُرِضَت عليه مفاتيح خزائن كنوز الأرض فأبى استحقاراً لها فاختار التقلل والقربى ،‏ فآتاه الله الشفاعة والكوثر وهي أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة ، فوعد الله له المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون وسار في ليلة إلى بيت المقدس ومنه إلى سدرة المنتهى ، وسخر له الريح حتى حملت بساطه بأصحابه إلى غار أصحاب الكهف .
    وإن كان لسليمان غدوها شهر ورواحها شهر فكذلك كانت لأوصياء محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وسُخرِت له الجن وآمنت به منقادة طائعة في قوله‏ : ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ﴾ .
    وأنّ الله تعالى سخّر الملائكة المقربين لمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأهل بيته وذريته الطاهرين (عليهم السلام) . فقد كانوا ينصرون‏ محمداً ويقاتلون بين يديه كفاحاً ويمنعون منه ويدفعون وكذلك كانوا مع علي بن أبي طالب ويكونون مع بقية آل محمد (عليهم السلام) .
    وإنّ سليمان (عليه السلام) كان يفهم كلام الطير ومنطقها ، فكذلك نبينا كان يفهم منطق الطير فقد كان في برية ورأى طيرا أعمى على شجرة فقال للناس إنه قال (يا ربي‏ إنني جائع لا يمكنني أن أطلب الرزق) ، فوقع جرادة على منقاره فأكلها . وكذا فهم منطقها أهل بيته (عليهم السلام) .
    عَنْ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ آبَائِهِ (عَلَيْهِمْ السَّلَامُ) قَالَ :
    إِنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كَانُوا جُلُوساً يَتَذَاكَرُونَ وَفِيهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذْ أَتَاهُمْ يَهُودِيٌّ فَقَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ مَا تَرَكْتُمْ لِلْأَنْبِيَاءِ دَرَجَةً إِلَّا نَحَلْتُمُوهَا لِنَبِيِّكُمْ !
    فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : إِنْ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ مُوسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ)‏ كَلَّمَهُ رَبُّهُ عَلَى طُورِ سَيْنَاءَ ، فَإِنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُحَمَّداً فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ .
    وَإِنْ زَعَمَتِ النَّصَارَى أَنَّ عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَبْرَأَ الْأَكْمَهَ وَأَحْيَا الْمَوْتَى ، فَإِنَّ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) سَأَلَتْهُ قُرَيْشٌ أَنْ يُحْيِيَ مَيِّتاً فَدَعَانِي وَبَعَثَنِي مَعَهُمْ إِلَى الْمَقَابِرِ ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ فَقَامُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
    وَإِنَّ أَبَا قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ الْأَنْصَارِيَّ شَهِدَ وَقْعَةَ أُحُدٍ ، فَأَصَابَتْهُ طَعْنَةٌ فِي عَيْنِهِ فَبَدَتْ‏ حَدَقَتُهُ ، فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ ثُمَّ أَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ : امْرَأَتِي الْآنَ تُبْغِضُنِي .! فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) مِنْ يَدِهِ ثُمَّ وَضَعَهَا مَكَانَهَا فَلَمْ يَكُ يُعْرَفُ إِلَّا بِفَضْلِ حُسْنِهَا وَضَوْئِهَا عَلَى الْعَيْنِ الْأُخْرَى .
    وَلَقَدْ بَارَزَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ ، فَأُبِينَ يَدُهُ فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لَيْلًا وَمَعَهُ الْيَدُ الْمَقْطُوعَةُ ، فَمَسَحَ عَلَيْهَا فَاسْتَوَتْ يَدُهُ‏ .
    المصدر : (البحار : ج17، ص249.)
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X