بسم الله الرحمن الرحيم
يقول آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئيّ قدس سره :
القرآن بسلوكه طريق الاعتدال ، وأمره بالعدْل والاستقامة ، قد جمع نظام الدنيا إلى نظام الآخرة ، وتكفّل بما يُصلح الأُولى، وبما يضمن السعادة في الأخرى ، فهو الناموس الأكبر جاء به النبيّ الأعظم ؛ ليفوز به البشَر بكِلتا السعادتين ، وليس تشريعه دنيويّاً محْضاً لا نظَر فيه إلى الآخرة ، كما تجده في التوراة الرائجة ، فإنّه مع كِبَر حجمها لا تجد فيها مورداً تعرّضت فيه لوجود القيامة ، ولم تُخبر عن عالَمٍ آخر للجزاء على الأعمال الحسنة والقبيحة .
نعم صرّحت التوراة بأنّ أثَر الطاعة هو الغنى في الدنيا ، والتسلّط على الناس باستعبادهم ، وأنّ أثَر المعصية والسقوط عن عَين الربّ هو الموت وسلب الأموال والسلطة ، كما أنّ تشريع القرآن ليس أُخرويّاً محضاً لا تعَرُّض له بتنظيم أمور الدنيا ، كما في شريعة الإنجيل .
فشريعة القرآن شريعة كاملة تنظر إلى صلاح الدنيا مرّة ، وإلى صلاح الآخرة مرّة أخرى ، فيقول في تعليماته : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ٤ : ١٣ . (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ )٤ : ١٤
ويحثّ الناس - في كثير مِن آياته - على تحصيل العِلم ، وملازمة التقوى ، بينما يُبيح لهم لذائذ الحياة وجميع الطيّبات : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) ٧ : ٣٢ .
ويدعو كثيراً إلى عبادة الله ، وإلى التفكّر في آياته التشريعية والتكوينية وإلى التأمّل والتدبّر في الآفاق وفي الأنفس ، ومع ذلك لم يقتصر على هذه الناحية التي تُوصل الإنسان بربّه ، بل تعرّض للناحية الأخرى التي تجمعه مع أبناء نوعه .
______________________________
البيان في تفسير القرآن
يقول آية الله العظمى السيّد أبو القاسم الموسوي الخوئيّ قدس سره :
القرآن بسلوكه طريق الاعتدال ، وأمره بالعدْل والاستقامة ، قد جمع نظام الدنيا إلى نظام الآخرة ، وتكفّل بما يُصلح الأُولى، وبما يضمن السعادة في الأخرى ، فهو الناموس الأكبر جاء به النبيّ الأعظم ؛ ليفوز به البشَر بكِلتا السعادتين ، وليس تشريعه دنيويّاً محْضاً لا نظَر فيه إلى الآخرة ، كما تجده في التوراة الرائجة ، فإنّه مع كِبَر حجمها لا تجد فيها مورداً تعرّضت فيه لوجود القيامة ، ولم تُخبر عن عالَمٍ آخر للجزاء على الأعمال الحسنة والقبيحة .
نعم صرّحت التوراة بأنّ أثَر الطاعة هو الغنى في الدنيا ، والتسلّط على الناس باستعبادهم ، وأنّ أثَر المعصية والسقوط عن عَين الربّ هو الموت وسلب الأموال والسلطة ، كما أنّ تشريع القرآن ليس أُخرويّاً محضاً لا تعَرُّض له بتنظيم أمور الدنيا ، كما في شريعة الإنجيل .
فشريعة القرآن شريعة كاملة تنظر إلى صلاح الدنيا مرّة ، وإلى صلاح الآخرة مرّة أخرى ، فيقول في تعليماته : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ٤ : ١٣ . (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ )٤ : ١٤
ويحثّ الناس - في كثير مِن آياته - على تحصيل العِلم ، وملازمة التقوى ، بينما يُبيح لهم لذائذ الحياة وجميع الطيّبات : ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) ٧ : ٣٢ .
ويدعو كثيراً إلى عبادة الله ، وإلى التفكّر في آياته التشريعية والتكوينية وإلى التأمّل والتدبّر في الآفاق وفي الأنفس ، ومع ذلك لم يقتصر على هذه الناحية التي تُوصل الإنسان بربّه ، بل تعرّض للناحية الأخرى التي تجمعه مع أبناء نوعه .
______________________________
البيان في تفسير القرآن
تعليق