بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
انا لست ممن هاجني
ذكر المعاهد والدمن
بل انما ابكي لرزء
طبق الدنيا شجن
رزء أذاب حشاشي
مهما له قلبي فطن
مثل العقيلة زينب
يحدو بها حادي الظعن!
ساروا بها فوق الجمال
وبكتفها شدوا الشطن
واذا بكت عين لها
في منكبيها السوط حن
ترنو بعينيها الجسوم
علىالبسيطة ترتهن
رأت الحسين مجدلاً
ما بينها دامي البدن
رضت قراه امية
برحىعداه بها طحن
والجسم منه درية
لسهام عابدة الوثن
متلفعاً بدمسائه
بين الاسنة مرتهن
عريان تنسج في العرا
سافي الرياح له كفن
ملقيً على وجه الثرى
أبكي الفرائض والسنن
أأخي كيف نساق أسرى
في السهول وفي الحزن
أأخي رأسك قد سروا
فيه على رمح علن
يتلو الكتاب مرتلاً
آياته بين الظعن
أأخي بعدك قد رأت
عيني مرنات المحن
تتطلب الرسالة الالهية احياناً بذلاً وعطاءاً، وأرواحاً ودماءاً زاخرة، لكي تستمر وتمتد الى الاجيال اللاحقة، ولكنها احياناً اخرى قد تتطلب هجرةً وتغرباً ومفارقةً للأهل والوطن، وحملاً للدين الى ديار اخرى ربما تكون بعيدة الشقة، ثقيلة المشقة! وفي ذلك الرحيل تكون الآلام والمصائب، فلابد من الصبر على قضاء الله - تبارك وتعالى-، والرضى والتسليم لأمر الله - جل وعلا-، والانتظار للفرج الراحم الذي سينزله الله وهو ارحم الراحمين.
الثانية، في وفد كانت معه أم عمارة نسيبة بنت كعب المازنية، وأم قنيع من بني سلمة، ومرةً الى المدينة لاداء البيعة الخاصة، وقد نزل فيهن آية المبايعة قوله تعالى: «يا ايها الذين آمنوا اذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله اعلم بايمانهن»، ومن بينهن كانت (سبيعة بنت الحارث السلمية - ام حكيم) وام سلمة بعد حين وقبلها زينب ربيبة النبي نخسها مشرك في الطريق فأسقطت جنينها! وسيدة النساء المهاجرات كانت فاطمة الزهراء بنت المصطفى (صلى الله عليه وآله)، وكان منها فاطمة بنت اسد (رضوان الله عليها) ام اميرالمؤمنين علي وزوجة ابي طالب سيد البطحاء (عليهما السلام).
ومن الهجرات الرسالية الشريفة هجرة العقيلة المكرمة زينب بنت علي (عليهما السلام)، التي شدت رحال السفرالى كربلاء تعاضد اخاها وامام زمانها ابا عبد الله الحسين سيد شباب أهل الجنة، وتؤازره في مهمته الالهية، ولتكون في خدمته وطاعته، تتلقى وصاياه، وتصبر على أداء تكاليفه، ولتعاني من بعده اشد المحن والنوائب في مسيرة الطف وفي هذا المسير الشريف كانت هجرة خليل الرحمن ابراهيم (عليه السلام)، وكذا هجرة موسى الكليم (عليه السلام)، وهجرة النبي المعظم محمد المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم)... اذ كانت من مكة موطنه وبلدة صباه واسرته، الى المدينة التي نورها الله سبحانه بقدومه المبارك.... ثم تبعه وصيه المرتضى علي بن ابي طالب (عليه السلام) تصطحبه الفواطم من آل الرسول.
ولم تكن الهجرة الدينية مقتصرةً على الرجال، فقد حدثنا القرآن الكريم والتاريخ الصادق عن رحيل (سارة) زوجة النبي ابراهيم الخليل (سلام الله عليه) الى واد غير ذي زرع، فبورك عليه وفيه، ثم أصبحت مكة عامرةً باسماعيل (عليه السلام)، ورزقها الله تعالى من الثمرات وجعل فيها الأمن ومناسك الحج الشريفة. كما حدثتنا الاخبار الموثقة عن هجرة جمع من النساء المسلمات التحقن برسول الله (صلى الله عليه وآله)، مرةً الى مكة لأداء بيعة العقبة المفجعة وأسفارها المريرة الى الكوفة والشام، ثم الى كربلاء فالمدينة! فعاشت تلك المشاهد بصبر عجيب، ورضىً بقضاء الله تعالى، وجلادة ابدتها في وجوه الظالمين.. وللهجرة الزينبية خصوصية مهمة هي انها ارتبطت بالمشيئة الالهية