بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إن الإمام زين العابدين(ع) الذي كان يمثل كل الروحانية والزهد والخوف، كان القوي في موقفه أمام جميع الطغاة، كان القوي بالله كما الخاشع بين يديه، وكلما أحب الإنسان الله أكثر كلما كان إنساناً أكثر وقوياً أكثر..
يقول الله سبحانه و تعالى في محكم كتابه:{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، من أهل هذا البيت الإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد(ع) ، فإننا نقف أمام إمام عاش لله وعلم الناس كيف يجلسون بين يدي الله ويتضرعون ويبتهلون إليه، وكيف يعبرون عن خوفهم منه ومحبتهم له، وكيف ينطلقون مع الله في كل شؤون حياتهم، فقد كان تراث السجاد(ع) في الدعاء تراثاً مميزاً، لا سيما في أدعية الصحيفة السجادية، التي تجعل لكل حالة من حالإت الإنسان دعاء معيناً يشتمل على كل عناصر تلك الحالة، فنحن عندما نقرأ دعاءه في تحميد الله نخرج منه بمعرفة عميقة لصفات الله ونعمه، وعندما يتحدث عن الملائكة فإنه يقدم لنا ثقافة غنية عن أنواع الملائكة ووظائفهم ومواقعهم وأشكالهم، وهكذا عندما يذكر الرسول(ص) فإنه يختصر كل حياته الرسالية والجهادية وكل الإمه وهمومه، بحيث نستطيع معرفة حياة رسول الله(ص) منذ البعثة إلى وفاته(ص).
وهكذا عندما يدعو لأهل بيته ولولده وجيرانه وأوليائه، كذلك أدعيته في الصباح والمساء وأثناء المهمات والكرب، أو في مكارم الإخلاق وفي المرض والموت، و مع الجار والقريب في دعاء عرفة، حتى أن الصحيفة تملأ كل الإيام والظروف والمناسبات بالإدعية الكفيلة بتكامل الإنسان على المستوى الثقافي وعلى مستوى القرب من الله. وفي الواقع تمثل "الصحيفة السجادية" الكتاب الثقافي الإرقى على مستوى المنهج الروحي والإخلاقي والنفسي، بحيث يمكن لنا أن نطلقه ليكون أروع الكتب في الثقافة الإسلامية، دون أن ننسى الدعاء الخالد المعروف بدعاء "أبي حمزة الثمالي" وغيره من الإدعية، ونحن ننصح جميع المؤمنين والمؤمنات أن يتابعوا قراءة أدعية الإمام السجاد(ع) لأنها تربطهم بالله من موقع متقدم، ولأنها تؤكد الخط الإسلامي المستقيم في كثير من قضاياهم العامة والخاصة في الحياة.
رسالة الحقوق
وإذا تناولنا "رسالة الحقوق" للامام(ع) فإننا نرى أن السجاد(ع) حدد حقوق الجميع على الجميع، فقد حدد حقوق الله على الناس وحق الرسول(ص) على المسلمين، حق الإباء على الإبناء وبالعكس، حق المعلم والمتعلم، حق المسؤول وما إلى ذلك من حقوق فردية واجتماعية كثيرة، ولا بد من الإلتفات إلى مسألة هامة ذات صلة وثيقة بمشاكلنا، ومفادها أن كل واحد منا يعتقد أن له الحق على الناس وأن ليس للناس من حقوق عليه، فالزوج يطلب من زوجته أن تؤدي له حقوقه ولا يقبل العكس، كذلك الجار أو الإب أو الحاكم، فيما الحقوق متبادلة، والإهم أن يعرف الإنسان حق الله في توحيده وطاعته والقيام بواجبه وتأدية ما فرضه من عبادات وطاعات والتزامات هي بمثابة حقوق الله.
لقد ترك الإمام(ع) ثروة أخلاقية في سيرته وعمله الكثير، لأنه كان في القمة من الإخلاق والروحية والحركة في خط المسؤولية، وقد ملأ المرحلة التي عاشها علماً، حتى كان أساتذة الفكر في ذلك الزمن من تلامذة الإمام، ونحن للأسف لا نذكر السجاد(ع) الإ باكياً، بالرغم من أن بكاءه على أبيه الحسين(ع) لم يكن بكاء الجزع وكان للعبرة والتعليم.
يدخلون الجنة بغير حساب
ونحن في هذا اللقاء نحب أن نقرأ بعض كلمات الإمام(ع) التي تتخذ طابع التوجيه القائم على أساس البشارة والحصول على الدرجة العليا عند الله:
عن علي بن الحسين(ع) قال: "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ليقم أهل الفضل ـ الذين لهم التميز ـ فيقوم ناس من الناس، فيُقال: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة وتسألهم إلى أين؟ فيجيبون: إلى الجنة، قالت الملائكة: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا من أنتم؟ قالوا: أهل الفضل، قالوا: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنا إذا جُهل علينا حلُمنا، وإذا ظُلمنا صبرنا، وإذا إسيء إلينا غفرنا، قالوا: أدخلوا الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد: ليقم أهل الصبر فتتلقاهم الملائكة، فيقال: إنطلقوا إلى الجنة، ويحدث لهم مثل ذلك، فيقال لهم: وما كان صبركم؟ قالوا: صبّرنا أنفسنا على طاعة الله ـ فالتزمنا بكل ما أمرنا الله وكنا نُصبّر أنفسنا رغم ما كانت تعانيه من ضغوط نفسية واجتماعية تدفعها للتخلي عن مسؤولياتها ـ وصبّرناها عن معصية الله عز وجل ـ فإذا اتجهت نفوسنا إلى الشهوات وارتكاب المعاصي كنا نلزم أنفسنا بالإمتناع عن كل ذلك ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. ثم ينادي منادٍ: ليقم جيران الله في داره، فيقوم ناس من الناس وهم قليل، فيقال لهم انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة، ويقال لهم مثل ذلك، قالوا: بما جاورتم الله في داره؟ قالوا: كنا نتزاور في الله عز وجل ـ كنا نتزاور لا لعلاقة عاطفية أو شخصية بل قربة إلى الله ـ ونتجالس في الله ـ نتجالس على أساس علاقة الإيمان ـ ونتباذل في الله ـ يبذل كل منا نفسه في الله ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين".
ويريد الإمام(ع) بذلك أن يبين لنا أن هذه الإخلاق الإسلامية من حلم وصبر ومغفرة وتواصل وبذل تمثل الخط الإسلامي الذي يمنحك الجائزة الكبرى فتدخل إلى الجنة بغير حساب، وأية جائزة أعظم من ذلك. صحيح أن الإنسان قد يعيش الشعور بالحرمان إذا ابتعد عن المطامع، لكن إذا كان ثمن ذلك الجنة، فإن كل شيئ يهون أمام هذا النعيم.
كفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس
وفي حديث آخر للسجاد(ع): "ثلاث من كُنّ فيه كان في كنف الله ـ رعاية الله وحمايته ـ وأظلّه الله يوم القيامة في ظل عرشه ـ من الشمس الملتهبة ـ وآمنه من فزع اليوم الإكبر ـ ذلك اليوم ـ: من أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لنفسه ـ أي أنه يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به ـ ورجل لم يقدم يداً ولا رِجلاً ـ إلى شهوة أو حرام ـ حتى يعلم أنه في طاعة الله قدمها أو في معصيته، ورجل لم يُعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه ـ إذا أردت أن تنتقد أخاك، فارجع إلى نفسك، فإذا كنت سالماً من العيوب التي تنتقدها فانتقده والإ فعلى أي أساس تُعيب أخاك ـ وكفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس"، إشغل نفسك بعيوبك قبل انتقاد الناس، وإذا حصل الإنسان على هذه الصفات الثلاث كان تحت ظل عرش الله وكان آمناً من الفزع الإكبر.
وفي حديث ثالث يقول الإمام(ع): "إن أحبكم إلى الله أحسنكم عملاً، وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً وإن أرضاكم عند الله أسعاكم على عياله ـ أي الذين يتحملون مسؤولية عيالهم، فلا يضيعونهم في الجانب المالي والعملي ـ وإن أكرمكم عند الله أتقاكم".
القوي أمام الطغاة
وفي ختام الحديث أن عبد الملك بن مروان بعث إلى الإمام(ع) رسالة وطلب منه أن يهب له سيف رسول الله(ص) ويسأله الحاجة، وعندما رفض الإمام(ع) طلب بن مروان وأبى عليه، كتب إليه عبد الملك يهدده بأن يمنع عنه ما يستحق من بيت المال، فأجابه الإمام(ع): "أما بعد: فإن الله أمّن للمتقين المخرج من حيث يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال جل ذكره: {إن الله لا يحب كل خوانٍ كفور} فانظر أينا أولى بهذه الإية". فالإمام(ع) يرفض تهديده، بل يهدده بالله ولا يخضع له أبداً.
أيها الإحبة، إن الإمام زين العابدين(ع) الذي كان يمثل كل الروحانية والزهد والخوف، كان القوي في موقفه أمام جميع الطغاة، كان القوي بالله كما الخاشع بين يديه، وكلما أحب الإنسان الله أكثر كلما كان إنساناً أكثر وقوياً أكثر.. إن أهل البيت(ع) هم أئمتنا وقادتنا وسادتنا وهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بهم فتح الله وبهم يختم، فعلينا أن نتولاهم ونسير في خطهم، فإن ذلك هو معنى الولاية والإرتباط بالإمامة.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
إن الإمام زين العابدين(ع) الذي كان يمثل كل الروحانية والزهد والخوف، كان القوي في موقفه أمام جميع الطغاة، كان القوي بالله كما الخاشع بين يديه، وكلما أحب الإنسان الله أكثر كلما كان إنساناً أكثر وقوياً أكثر..
يقول الله سبحانه و تعالى في محكم كتابه:{إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}، من أهل هذا البيت الإمام علي بن الحسين زين العابدين السجاد(ع) ، فإننا نقف أمام إمام عاش لله وعلم الناس كيف يجلسون بين يدي الله ويتضرعون ويبتهلون إليه، وكيف يعبرون عن خوفهم منه ومحبتهم له، وكيف ينطلقون مع الله في كل شؤون حياتهم، فقد كان تراث السجاد(ع) في الدعاء تراثاً مميزاً، لا سيما في أدعية الصحيفة السجادية، التي تجعل لكل حالة من حالإت الإنسان دعاء معيناً يشتمل على كل عناصر تلك الحالة، فنحن عندما نقرأ دعاءه في تحميد الله نخرج منه بمعرفة عميقة لصفات الله ونعمه، وعندما يتحدث عن الملائكة فإنه يقدم لنا ثقافة غنية عن أنواع الملائكة ووظائفهم ومواقعهم وأشكالهم، وهكذا عندما يذكر الرسول(ص) فإنه يختصر كل حياته الرسالية والجهادية وكل الإمه وهمومه، بحيث نستطيع معرفة حياة رسول الله(ص) منذ البعثة إلى وفاته(ص).
وهكذا عندما يدعو لأهل بيته ولولده وجيرانه وأوليائه، كذلك أدعيته في الصباح والمساء وأثناء المهمات والكرب، أو في مكارم الإخلاق وفي المرض والموت، و مع الجار والقريب في دعاء عرفة، حتى أن الصحيفة تملأ كل الإيام والظروف والمناسبات بالإدعية الكفيلة بتكامل الإنسان على المستوى الثقافي وعلى مستوى القرب من الله. وفي الواقع تمثل "الصحيفة السجادية" الكتاب الثقافي الإرقى على مستوى المنهج الروحي والإخلاقي والنفسي، بحيث يمكن لنا أن نطلقه ليكون أروع الكتب في الثقافة الإسلامية، دون أن ننسى الدعاء الخالد المعروف بدعاء "أبي حمزة الثمالي" وغيره من الإدعية، ونحن ننصح جميع المؤمنين والمؤمنات أن يتابعوا قراءة أدعية الإمام السجاد(ع) لأنها تربطهم بالله من موقع متقدم، ولأنها تؤكد الخط الإسلامي المستقيم في كثير من قضاياهم العامة والخاصة في الحياة.
رسالة الحقوق
وإذا تناولنا "رسالة الحقوق" للامام(ع) فإننا نرى أن السجاد(ع) حدد حقوق الجميع على الجميع، فقد حدد حقوق الله على الناس وحق الرسول(ص) على المسلمين، حق الإباء على الإبناء وبالعكس، حق المعلم والمتعلم، حق المسؤول وما إلى ذلك من حقوق فردية واجتماعية كثيرة، ولا بد من الإلتفات إلى مسألة هامة ذات صلة وثيقة بمشاكلنا، ومفادها أن كل واحد منا يعتقد أن له الحق على الناس وأن ليس للناس من حقوق عليه، فالزوج يطلب من زوجته أن تؤدي له حقوقه ولا يقبل العكس، كذلك الجار أو الإب أو الحاكم، فيما الحقوق متبادلة، والإهم أن يعرف الإنسان حق الله في توحيده وطاعته والقيام بواجبه وتأدية ما فرضه من عبادات وطاعات والتزامات هي بمثابة حقوق الله.
لقد ترك الإمام(ع) ثروة أخلاقية في سيرته وعمله الكثير، لأنه كان في القمة من الإخلاق والروحية والحركة في خط المسؤولية، وقد ملأ المرحلة التي عاشها علماً، حتى كان أساتذة الفكر في ذلك الزمن من تلامذة الإمام، ونحن للأسف لا نذكر السجاد(ع) الإ باكياً، بالرغم من أن بكاءه على أبيه الحسين(ع) لم يكن بكاء الجزع وكان للعبرة والتعليم.
يدخلون الجنة بغير حساب
ونحن في هذا اللقاء نحب أن نقرأ بعض كلمات الإمام(ع) التي تتخذ طابع التوجيه القائم على أساس البشارة والحصول على الدرجة العليا عند الله:
عن علي بن الحسين(ع) قال: "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ ليقم أهل الفضل ـ الذين لهم التميز ـ فيقوم ناس من الناس، فيُقال: انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة وتسألهم إلى أين؟ فيجيبون: إلى الجنة، قالت الملائكة: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا من أنتم؟ قالوا: أهل الفضل، قالوا: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنا إذا جُهل علينا حلُمنا، وإذا ظُلمنا صبرنا، وإذا إسيء إلينا غفرنا، قالوا: أدخلوا الجنة بغير حساب. ثم ينادي مناد: ليقم أهل الصبر فتتلقاهم الملائكة، فيقال: إنطلقوا إلى الجنة، ويحدث لهم مثل ذلك، فيقال لهم: وما كان صبركم؟ قالوا: صبّرنا أنفسنا على طاعة الله ـ فالتزمنا بكل ما أمرنا الله وكنا نُصبّر أنفسنا رغم ما كانت تعانيه من ضغوط نفسية واجتماعية تدفعها للتخلي عن مسؤولياتها ـ وصبّرناها عن معصية الله عز وجل ـ فإذا اتجهت نفوسنا إلى الشهوات وارتكاب المعاصي كنا نلزم أنفسنا بالإمتناع عن كل ذلك ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين. ثم ينادي منادٍ: ليقم جيران الله في داره، فيقوم ناس من الناس وهم قليل، فيقال لهم انطلقوا إلى الجنة، فتتلقاهم الملائكة، ويقال لهم مثل ذلك، قالوا: بما جاورتم الله في داره؟ قالوا: كنا نتزاور في الله عز وجل ـ كنا نتزاور لا لعلاقة عاطفية أو شخصية بل قربة إلى الله ـ ونتجالس في الله ـ نتجالس على أساس علاقة الإيمان ـ ونتباذل في الله ـ يبذل كل منا نفسه في الله ـ قالوا: ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين".
ويريد الإمام(ع) بذلك أن يبين لنا أن هذه الإخلاق الإسلامية من حلم وصبر ومغفرة وتواصل وبذل تمثل الخط الإسلامي الذي يمنحك الجائزة الكبرى فتدخل إلى الجنة بغير حساب، وأية جائزة أعظم من ذلك. صحيح أن الإنسان قد يعيش الشعور بالحرمان إذا ابتعد عن المطامع، لكن إذا كان ثمن ذلك الجنة، فإن كل شيئ يهون أمام هذا النعيم.
كفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس
وفي حديث آخر للسجاد(ع): "ثلاث من كُنّ فيه كان في كنف الله ـ رعاية الله وحمايته ـ وأظلّه الله يوم القيامة في ظل عرشه ـ من الشمس الملتهبة ـ وآمنه من فزع اليوم الإكبر ـ ذلك اليوم ـ: من أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لنفسه ـ أي أنه يعامل الناس بما يحب أن يعاملوه به ـ ورجل لم يقدم يداً ولا رِجلاً ـ إلى شهوة أو حرام ـ حتى يعلم أنه في طاعة الله قدمها أو في معصيته، ورجل لم يُعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه ـ إذا أردت أن تنتقد أخاك، فارجع إلى نفسك، فإذا كنت سالماً من العيوب التي تنتقدها فانتقده والإ فعلى أي أساس تُعيب أخاك ـ وكفى بالمرء شغلاً لنفسه عن عيوب الناس"، إشغل نفسك بعيوبك قبل انتقاد الناس، وإذا حصل الإنسان على هذه الصفات الثلاث كان تحت ظل عرش الله وكان آمناً من الفزع الإكبر.
وفي حديث ثالث يقول الإمام(ع): "إن أحبكم إلى الله أحسنكم عملاً، وإن أعظمكم عند الله عملاً أعظمكم فيما عند الله رغبة، وإن أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشية لله، وإن أقربكم من الله أوسعكم خلقاً وإن أرضاكم عند الله أسعاكم على عياله ـ أي الذين يتحملون مسؤولية عيالهم، فلا يضيعونهم في الجانب المالي والعملي ـ وإن أكرمكم عند الله أتقاكم".
القوي أمام الطغاة
وفي ختام الحديث أن عبد الملك بن مروان بعث إلى الإمام(ع) رسالة وطلب منه أن يهب له سيف رسول الله(ص) ويسأله الحاجة، وعندما رفض الإمام(ع) طلب بن مروان وأبى عليه، كتب إليه عبد الملك يهدده بأن يمنع عنه ما يستحق من بيت المال، فأجابه الإمام(ع): "أما بعد: فإن الله أمّن للمتقين المخرج من حيث يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وقال جل ذكره: {إن الله لا يحب كل خوانٍ كفور} فانظر أينا أولى بهذه الإية". فالإمام(ع) يرفض تهديده، بل يهدده بالله ولا يخضع له أبداً.
أيها الإحبة، إن الإمام زين العابدين(ع) الذي كان يمثل كل الروحانية والزهد والخوف، كان القوي في موقفه أمام جميع الطغاة، كان القوي بالله كما الخاشع بين يديه، وكلما أحب الإنسان الله أكثر كلما كان إنساناً أكثر وقوياً أكثر.. إن أهل البيت(ع) هم أئمتنا وقادتنا وسادتنا وهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، بهم فتح الله وبهم يختم، فعلينا أن نتولاهم ونسير في خطهم، فإن ذلك هو معنى الولاية والإرتباط بالإمامة.