السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد
✴🔴✴🔴✴🔴✴🔴✴
كيف كانت مصيبة سبي السيدة زينب عليها السلام وبنات الرسالة بعد إخراجهم من كربلاء وأي الطرق الطويلة والوعرة مر بها ركب السبايا، هل أكتفى الاعداء أخذهم للشام لا والله بل كان سبيهم من كربلاء للكوفة وصعوداً للمناطق الشمالية في العراق، ولتركيا، ولبنان وسوريا إلى المناطق والمدن الكثيرة فمن أهالي بعض المناطق التي مر بها السبايا أستقبلوهم متألمين وباكين لما جرى على أهل البيت وغيرهم من مناطق أخرى أستقبلوهم بالتشمت والاستهزاء.
طافوا بهم في البلدان إلى أن يصلوا بهن إلى عاصمتهم الشام وسيراهم كل إنسان مكشفات الوجوه وفي أيديهم الأغلال والسلاسل وأكثر الناس سيقابلون ذلك بالنقمة على الأمويين والأسف والحزن لآل بيت نبيهم الذي بعث رحمة للعالمين جاء في كتاب المنتخب إن عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي وعمرو بن الحجاج وضم إليهم ألف فارس وأمرهم بإيصال السبايا والرؤوس إلى الشام.
كان سبي بنات الرسالة من كربلاء إلى الكوفة جنوباً من ثم القادسية بعدها شمالاً إلى تكريت والموصل، ثم غرباً عبر جبل سنجار، ثم منطقة الجزيرة في الشمال السوري، وبعدها إلى حلب، حماة، بعلبك في لبنان وصولاً إلى دمشق في سوريا يقول أبو مخنف أنهم مروا بهم بمدينة تكريت وكان اغلب أهلها من النصارى فلما اقتربوا منها وأرادوا دخولها اجتمع القسيسون والرهبان في الكنائس وضربوا النواقيس حزنا على الحسين وقالوا: إنا نبرأ من قوم قتلوا ابن بنت نبيهم فلم يجرؤوا على دخول البلدة وباتوا ليلتهم خارجها في البرية.
وهكذا كانوا يقابلون بالجفاء والإعراض والتوبيخ كلما مروا بدير من الأديرة أو بلد من بلاد النصارى، وحينما دخلوا مدينة لينيما وكانت عامرة يومذاك تظاهر أهلها رجالاً ونساء وشيباً وشبانا وهتفوا بالصلاة والسلام على الحسين وجده وأبيه ولعن الأمويين وأشياعهم وأتباعهم وأخرجوهم من المدينة وتعالى الصراخ من كل جانب، وأرادوا الدخول إلى جهينة من بلاد سورياً فتجمع أهلها لقتالهم فعدلوا عنها واستقبلتهم معرة النعمان بالترحاب بلدة المعري الذي يقول:
أليس قريشكم قتلت حسيناً وصار على خلافتكم يزيد
وقال: وعلى الأفق من دماء الشهيدين علي ونجله شاهدان وحينما اشرفوا على مدينة كفرطاب أغلق أهلها الأبواب في وجوههم فطلبوا منهم الماء ليشربوا فقالوا لهم: والله لا نسقيكم قطرة من الماء بعد أن منعتم الحسين وأصحابه منه، واشتبكوا مع أهالي حمص وكان أهلها يهتفون قائلين: أكفرا بعد إيمان وضلالا بعد هدي، ورشقوهم بالحجارة فقتلوا منهم 26 فارساً ولم تستقبلهم سوى مدينة بعلبك كما جاء في الدمعة الساكبة فدقت الطبول وقدموا لهم الطعام والشراب.
وجاء عن سبط بن الجوزي عن جده انه كان يقول: ليس العجب أن يقتل ابن زياد حسينا وإنما العجب كل العجب أن يضرب يزيد ثناياه بالقضيب ويحمل نساءه سبايا على أعقاب الجمال قد رأى الناس في السبايا من الفجيعة أكثر مما رأوه في قتل الحسين وهذا ما أراده الحسين (عليه السلام) من الخروج بالنساء والصبيان، ولو لم يخرج بهن لما حصل السبي الذي ساهم مساهمة فعالة في الهدف الذي أراده الحسين من نهضته وهو انهيار تلك الدولة الجائرة.
ولكم التعريف ببعض الاماكن التي أوقف فيها سبايا أهل البيت عليهم السلام عند وصولهم إلى الشام:
مشهد مسجد الحنانة
موقعه شمال شرق "النجف" على يسار الذاهب إلى "الكوفة" ومن الثابت أنّه كان قديماً عبارة عن "قائم"، أي نصب مبنيّ عموديّاً، في الموضع الذي أُودع فيه رأس الإمام الحسين عليه السلام قبل دخول موكب السبايا الكوفة قال المحدّث القمّي في (نفس المهموم) وفي ظهر الكوفة عند "قائم" الغريّ مسجدٌ يُسمّى بالمسجد الحنانة، فيه يستحب زيارة الحسين عليه السلام، لأنّ رأسه عليه السلام وُضِع هناك.
قال المفيد والسيّد "ابن طاوس" في باب زيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فإذا بلغتَ العَلم وهي الحنانة فصلِّ هناك ركعتين فقد روى محمد بن أبي عمير عن مفضل بن عمر قال جازَ الصادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغَريّ فصلّى ركعتين، فقِيل له ما هذه الصلاة؟ فقال: هذا موضعُ رأس جدّي الحسين بن عليّ عليهما السلام، وضعوه هَهنا لمّا توجّهوا من كربلاء، ثمّ حملوه إلى عبيد الله بن زياد.
مشهد المُوصل
وهي مدينة في شمال "العراق" اليوم على شاطئ نهر دجلة تبعد عن الكوفة زهاء 600 كلم وكان فيها إلى القرن السابع للهجرة/ الثالث عشر للميلاد مشهدٌ يُسمّى "مشهد رأس الحسين"، "وكان الرأس الشريف به لمّا عبروا بالسبي" كما في (الإشارات) للهَروي قال في (نفَس المهموم): وأما مشهد الموصل " فإنّ القوم لمّا أرادوا أن يدخلوا الموصل أرسلوا إلى عامله أن يُهيّئ لهم الزاد والعلوفة وأن يزيّن لهم البلدة، فاتّفق أهل الموصل أن يهيّئوا لهم ما أرادوا وأن يستدعوا منهم أن لا يدخلوا البلدة.
بل ينـزلون خارجها ويسيرون من غير أن يدخلوا فيها، فنـزلوا ظاهر البلد على فرسخٍ منها ووضعوا الرأس الشريف على صخرة، فقطرَت عليها قطرة دم من الرّأس المكرّم فصارت تنبع ويغلي منها الدم كلّ سنة في يوم عاشوراء، وكان الناس يجتمعون عندها من الأطراف ويُقيمون مراسم العزاء والمآتم في كلّ عاشوراء، وبقِي هذا إلى عبد الملك بن مروان فأمر بنقل الحجر فلم يُرَ بعد ذلك منه أثر، ولكن بنوا على ذلك المقام قبّة سمّوها مشهد النقطة وفي (الكامل البهائي): أنّ حاملي الرأس الشريف كانوا يخافون من قبائل العرب أن يخرجوا عليهم ويأخذوا الرّأس منهم،
فتركوا الطريق المعروف وأخذوا من غير الطريق لذلك، وكلّما وصلوا إلى قبيلةٍ طلبوا منهم العلوفة وقالوا معنا رأسُ خارجيّ.
مشاهد نَصيبين
وهي مدينة في "تركية اليوم"، على نهرٍ صغيرٍ بين نهرَي دجلة والفرات، يفصلُها عن مدينة "القامشلي" السوريّة خطّ الحدود، وفيها ثلاثة مشاهد:
أ-مسجد زين العابدين عليه السلام.
ب-مشهد الرّأس في أحد أسواقها، حيث عُلّق الرأس الشريف في طريق الموكب إلى الشام.
ت-مشهد النقطة، يُقال إنّه من دَم الرّأس هناك قال في (نفَس المهموم): لمّا وصلوا إلى نَصيبين أمر منصور بنُ إلياس بتزيين البلدة، فزيّنوها بأكثر من ألف مرآة، فأراد الملعون الذي كان معه رأس الحسين عليه السلام أن يدخل البلد فلم يُطِعْه فرسه، فبدّله بفرس آخر فلم يُطِعه، وهكذا فإذا بالرأس الشريف قد سقط إلى الأرض، فأخذه إبراهيم الموصلي فتأمل فيه فوجده رأس الحسين عليه السلام فلامهم ووبّخهم فقتله أهل الشام، ثمّ جعلوا الرأس في خارج البلد ولم يدخلوه به قلت: ولعلّ مسقطَ الرأس الشريف صار مشهداً.
مشاهد بالس/ المسكنة
هي أوّل بلدٍ من بلدان "الشام" من جهة الغرب للقادم من "الجزيرة" كانت يوم نزل فيها موكب السبايا على شاطئ نهر الفرات، لكنّ مجرى النهر صار بعيداً عنها مع مرور الزمن، ثمّ غطّى أطلالَها بعد بناء السدّ الذي أنشأ "بحيرة الأسد"، والقرية المعروفة اليوم بالاسم نفسه قرية جديدة أمّا ما بقي من القرية القديمة، فمَشهدان:
أ-مشهد الطُّرح أي الحمْل الذي طرحته أمّه قبل أوانه فهذا مشهدٌ بُنيَ على المكان الذي دُفن فيه أحدُ الأجنّة.
ب-مشهد الحجر يقال إنّ رأس الحسين عليه السلام وُضع هناك عندما عبروا بالسّبي كما في الإشارات للهَروي وكِلا المشهدين على الضفّة اليُمنى لـ "بحيرة الأسد"، على تلٍّ تحيط به مياه البحيرة من ثلاث جهات، يتوسّط مقبرة قديمة ممّا يدلّ على أنّ الناس كانوا يدفنون موتاهم قُرب المشهد تبرّكاً به.
مشاهد "جبل جوشن"
هو مرتفعٌ صخريّ غرب "حلب" القديمة كان خارجَ السّور يوم مرور الموكب، وغدا اليوم ضمن أحد أحياء المدينة المستحدَثة وكان في الموقع عند مرور موكب السبايا ديرٌ يُسمّى "دير البيعتين" أو "دير مرّوثا"، ذكره الحموي في (معجم البلدان) وقال: "ذهبَ ذلك الدّير" "وقد استجدّ في موضعِه الآن مشهد".
والظاهر أنّ واقعة تحوّل هذا الدير إلى مشهد هي أصل الرّوايات الكثيرة التي تقول إنّ الرّأس الشريف وُضع في بعض مراحل الطريق لدى راهبٍ في دير والموجود الآن في الموقع، المشهدُ المُسمّى "مشهد رأس الحسين"، لكنّ ابنَ أبي طيّ الحلبي وهو من مؤرّخي القرن السابع يتحدّث عن مشهدين، أحدهما "عامرٌ مسكون" وهو مشهد الرّأس نفسه، والثاني "إلى الخراب أقرب"، "هو المشهد المعروف بمشهد النقطة" قِبليّ المشهد الأوّل.
وفي المشهد القائم اليوم الصخرة التي وُضع عليها الرّأس الشريف، وكان عليها أثرٌ من دمه، فالظاهر أنّها ضُمّت إلى المشهد الأساسي بعد أن آل مشهد الصخرة أو "النقطة" إلى الخراب
ويتحدّث الهَروي عن مشهدٍ ثالث في الموضع عينه هو "مشهدُ الدّكّة" فيقول: "وبها حلب غربيّ البلد مشهد الدّكّة به قبر المُحسّن بن الحسين عليه السلام.
قال المحدّث القمّي إعلم أنّ في قرب حلب مشهداً يُسمّى بمشهد السّقط على جبل جوشن وهو جبل مطلّ على حلب في غربيّها قال الحموي في (معجم البلدان): جوشن جبل في غربي حلب ومنه يُحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويُقال إنه بطلَ منذ عبر عليه سبي الحسين بن علي عليه السلام ونساؤه، وكانت زوجة الحسين عليه السلام حاملاً فأسقطت هناك فطلبت من الصنّاع في ذلك الجبل خبزاً وماءً
اللهم صل على محمد وآل محمد
✴🔴✴🔴✴🔴✴🔴✴
كيف كانت مصيبة سبي السيدة زينب عليها السلام وبنات الرسالة بعد إخراجهم من كربلاء وأي الطرق الطويلة والوعرة مر بها ركب السبايا، هل أكتفى الاعداء أخذهم للشام لا والله بل كان سبيهم من كربلاء للكوفة وصعوداً للمناطق الشمالية في العراق، ولتركيا، ولبنان وسوريا إلى المناطق والمدن الكثيرة فمن أهالي بعض المناطق التي مر بها السبايا أستقبلوهم متألمين وباكين لما جرى على أهل البيت وغيرهم من مناطق أخرى أستقبلوهم بالتشمت والاستهزاء.
طافوا بهم في البلدان إلى أن يصلوا بهن إلى عاصمتهم الشام وسيراهم كل إنسان مكشفات الوجوه وفي أيديهم الأغلال والسلاسل وأكثر الناس سيقابلون ذلك بالنقمة على الأمويين والأسف والحزن لآل بيت نبيهم الذي بعث رحمة للعالمين جاء في كتاب المنتخب إن عبيد الله بن زياد دعا شمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي وعمرو بن الحجاج وضم إليهم ألف فارس وأمرهم بإيصال السبايا والرؤوس إلى الشام.
كان سبي بنات الرسالة من كربلاء إلى الكوفة جنوباً من ثم القادسية بعدها شمالاً إلى تكريت والموصل، ثم غرباً عبر جبل سنجار، ثم منطقة الجزيرة في الشمال السوري، وبعدها إلى حلب، حماة، بعلبك في لبنان وصولاً إلى دمشق في سوريا يقول أبو مخنف أنهم مروا بهم بمدينة تكريت وكان اغلب أهلها من النصارى فلما اقتربوا منها وأرادوا دخولها اجتمع القسيسون والرهبان في الكنائس وضربوا النواقيس حزنا على الحسين وقالوا: إنا نبرأ من قوم قتلوا ابن بنت نبيهم فلم يجرؤوا على دخول البلدة وباتوا ليلتهم خارجها في البرية.
وهكذا كانوا يقابلون بالجفاء والإعراض والتوبيخ كلما مروا بدير من الأديرة أو بلد من بلاد النصارى، وحينما دخلوا مدينة لينيما وكانت عامرة يومذاك تظاهر أهلها رجالاً ونساء وشيباً وشبانا وهتفوا بالصلاة والسلام على الحسين وجده وأبيه ولعن الأمويين وأشياعهم وأتباعهم وأخرجوهم من المدينة وتعالى الصراخ من كل جانب، وأرادوا الدخول إلى جهينة من بلاد سورياً فتجمع أهلها لقتالهم فعدلوا عنها واستقبلتهم معرة النعمان بالترحاب بلدة المعري الذي يقول:
أليس قريشكم قتلت حسيناً وصار على خلافتكم يزيد
وقال: وعلى الأفق من دماء الشهيدين علي ونجله شاهدان وحينما اشرفوا على مدينة كفرطاب أغلق أهلها الأبواب في وجوههم فطلبوا منهم الماء ليشربوا فقالوا لهم: والله لا نسقيكم قطرة من الماء بعد أن منعتم الحسين وأصحابه منه، واشتبكوا مع أهالي حمص وكان أهلها يهتفون قائلين: أكفرا بعد إيمان وضلالا بعد هدي، ورشقوهم بالحجارة فقتلوا منهم 26 فارساً ولم تستقبلهم سوى مدينة بعلبك كما جاء في الدمعة الساكبة فدقت الطبول وقدموا لهم الطعام والشراب.
وجاء عن سبط بن الجوزي عن جده انه كان يقول: ليس العجب أن يقتل ابن زياد حسينا وإنما العجب كل العجب أن يضرب يزيد ثناياه بالقضيب ويحمل نساءه سبايا على أعقاب الجمال قد رأى الناس في السبايا من الفجيعة أكثر مما رأوه في قتل الحسين وهذا ما أراده الحسين (عليه السلام) من الخروج بالنساء والصبيان، ولو لم يخرج بهن لما حصل السبي الذي ساهم مساهمة فعالة في الهدف الذي أراده الحسين من نهضته وهو انهيار تلك الدولة الجائرة.
ولكم التعريف ببعض الاماكن التي أوقف فيها سبايا أهل البيت عليهم السلام عند وصولهم إلى الشام:
مشهد مسجد الحنانة
موقعه شمال شرق "النجف" على يسار الذاهب إلى "الكوفة" ومن الثابت أنّه كان قديماً عبارة عن "قائم"، أي نصب مبنيّ عموديّاً، في الموضع الذي أُودع فيه رأس الإمام الحسين عليه السلام قبل دخول موكب السبايا الكوفة قال المحدّث القمّي في (نفس المهموم) وفي ظهر الكوفة عند "قائم" الغريّ مسجدٌ يُسمّى بالمسجد الحنانة، فيه يستحب زيارة الحسين عليه السلام، لأنّ رأسه عليه السلام وُضِع هناك.
قال المفيد والسيّد "ابن طاوس" في باب زيارة أمير المؤمنين صلوات الله عليه: فإذا بلغتَ العَلم وهي الحنانة فصلِّ هناك ركعتين فقد روى محمد بن أبي عمير عن مفضل بن عمر قال جازَ الصادق عليه السلام بالقائم المائل في طريق الغَريّ فصلّى ركعتين، فقِيل له ما هذه الصلاة؟ فقال: هذا موضعُ رأس جدّي الحسين بن عليّ عليهما السلام، وضعوه هَهنا لمّا توجّهوا من كربلاء، ثمّ حملوه إلى عبيد الله بن زياد.
مشهد المُوصل
وهي مدينة في شمال "العراق" اليوم على شاطئ نهر دجلة تبعد عن الكوفة زهاء 600 كلم وكان فيها إلى القرن السابع للهجرة/ الثالث عشر للميلاد مشهدٌ يُسمّى "مشهد رأس الحسين"، "وكان الرأس الشريف به لمّا عبروا بالسبي" كما في (الإشارات) للهَروي قال في (نفَس المهموم): وأما مشهد الموصل " فإنّ القوم لمّا أرادوا أن يدخلوا الموصل أرسلوا إلى عامله أن يُهيّئ لهم الزاد والعلوفة وأن يزيّن لهم البلدة، فاتّفق أهل الموصل أن يهيّئوا لهم ما أرادوا وأن يستدعوا منهم أن لا يدخلوا البلدة.
بل ينـزلون خارجها ويسيرون من غير أن يدخلوا فيها، فنـزلوا ظاهر البلد على فرسخٍ منها ووضعوا الرأس الشريف على صخرة، فقطرَت عليها قطرة دم من الرّأس المكرّم فصارت تنبع ويغلي منها الدم كلّ سنة في يوم عاشوراء، وكان الناس يجتمعون عندها من الأطراف ويُقيمون مراسم العزاء والمآتم في كلّ عاشوراء، وبقِي هذا إلى عبد الملك بن مروان فأمر بنقل الحجر فلم يُرَ بعد ذلك منه أثر، ولكن بنوا على ذلك المقام قبّة سمّوها مشهد النقطة وفي (الكامل البهائي): أنّ حاملي الرأس الشريف كانوا يخافون من قبائل العرب أن يخرجوا عليهم ويأخذوا الرّأس منهم،
فتركوا الطريق المعروف وأخذوا من غير الطريق لذلك، وكلّما وصلوا إلى قبيلةٍ طلبوا منهم العلوفة وقالوا معنا رأسُ خارجيّ.
مشاهد نَصيبين
وهي مدينة في "تركية اليوم"، على نهرٍ صغيرٍ بين نهرَي دجلة والفرات، يفصلُها عن مدينة "القامشلي" السوريّة خطّ الحدود، وفيها ثلاثة مشاهد:
أ-مسجد زين العابدين عليه السلام.
ب-مشهد الرّأس في أحد أسواقها، حيث عُلّق الرأس الشريف في طريق الموكب إلى الشام.
ت-مشهد النقطة، يُقال إنّه من دَم الرّأس هناك قال في (نفَس المهموم): لمّا وصلوا إلى نَصيبين أمر منصور بنُ إلياس بتزيين البلدة، فزيّنوها بأكثر من ألف مرآة، فأراد الملعون الذي كان معه رأس الحسين عليه السلام أن يدخل البلد فلم يُطِعْه فرسه، فبدّله بفرس آخر فلم يُطِعه، وهكذا فإذا بالرأس الشريف قد سقط إلى الأرض، فأخذه إبراهيم الموصلي فتأمل فيه فوجده رأس الحسين عليه السلام فلامهم ووبّخهم فقتله أهل الشام، ثمّ جعلوا الرأس في خارج البلد ولم يدخلوه به قلت: ولعلّ مسقطَ الرأس الشريف صار مشهداً.
مشاهد بالس/ المسكنة
هي أوّل بلدٍ من بلدان "الشام" من جهة الغرب للقادم من "الجزيرة" كانت يوم نزل فيها موكب السبايا على شاطئ نهر الفرات، لكنّ مجرى النهر صار بعيداً عنها مع مرور الزمن، ثمّ غطّى أطلالَها بعد بناء السدّ الذي أنشأ "بحيرة الأسد"، والقرية المعروفة اليوم بالاسم نفسه قرية جديدة أمّا ما بقي من القرية القديمة، فمَشهدان:
أ-مشهد الطُّرح أي الحمْل الذي طرحته أمّه قبل أوانه فهذا مشهدٌ بُنيَ على المكان الذي دُفن فيه أحدُ الأجنّة.
ب-مشهد الحجر يقال إنّ رأس الحسين عليه السلام وُضع هناك عندما عبروا بالسّبي كما في الإشارات للهَروي وكِلا المشهدين على الضفّة اليُمنى لـ "بحيرة الأسد"، على تلٍّ تحيط به مياه البحيرة من ثلاث جهات، يتوسّط مقبرة قديمة ممّا يدلّ على أنّ الناس كانوا يدفنون موتاهم قُرب المشهد تبرّكاً به.
مشاهد "جبل جوشن"
هو مرتفعٌ صخريّ غرب "حلب" القديمة كان خارجَ السّور يوم مرور الموكب، وغدا اليوم ضمن أحد أحياء المدينة المستحدَثة وكان في الموقع عند مرور موكب السبايا ديرٌ يُسمّى "دير البيعتين" أو "دير مرّوثا"، ذكره الحموي في (معجم البلدان) وقال: "ذهبَ ذلك الدّير" "وقد استجدّ في موضعِه الآن مشهد".
والظاهر أنّ واقعة تحوّل هذا الدير إلى مشهد هي أصل الرّوايات الكثيرة التي تقول إنّ الرّأس الشريف وُضع في بعض مراحل الطريق لدى راهبٍ في دير والموجود الآن في الموقع، المشهدُ المُسمّى "مشهد رأس الحسين"، لكنّ ابنَ أبي طيّ الحلبي وهو من مؤرّخي القرن السابع يتحدّث عن مشهدين، أحدهما "عامرٌ مسكون" وهو مشهد الرّأس نفسه، والثاني "إلى الخراب أقرب"، "هو المشهد المعروف بمشهد النقطة" قِبليّ المشهد الأوّل.
وفي المشهد القائم اليوم الصخرة التي وُضع عليها الرّأس الشريف، وكان عليها أثرٌ من دمه، فالظاهر أنّها ضُمّت إلى المشهد الأساسي بعد أن آل مشهد الصخرة أو "النقطة" إلى الخراب
ويتحدّث الهَروي عن مشهدٍ ثالث في الموضع عينه هو "مشهدُ الدّكّة" فيقول: "وبها حلب غربيّ البلد مشهد الدّكّة به قبر المُحسّن بن الحسين عليه السلام.
قال المحدّث القمّي إعلم أنّ في قرب حلب مشهداً يُسمّى بمشهد السّقط على جبل جوشن وهو جبل مطلّ على حلب في غربيّها قال الحموي في (معجم البلدان): جوشن جبل في غربي حلب ومنه يُحمل النحاس الأحمر وهو معدنه، ويُقال إنه بطلَ منذ عبر عليه سبي الحسين بن علي عليه السلام ونساؤه، وكانت زوجة الحسين عليه السلام حاملاً فأسقطت هناك فطلبت من الصنّاع في ذلك الجبل خبزاً وماءً
تعليق