بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلامُ على مَن شاطرتِ أُمَّها الزهراء في ضروب المحن و الأرزاء، و دارت عليها رَحى الكوارث و البلاء يومَ كربلاء، السلامُ على مَن عجِبت مِن صبرها ملائكة السماء، السلام عليك يا سيدتي و مولاتي يا زينب الحوراء.
بـ أبي التي ورثت مصائب أمها ......... فـ غدت تقابلها بصبر أبيها
**************
يا حبيبي يا إماماً ياقطيع الودجين
أيها السيف ترفق إنه نحر الحسين
(آه ... يا زينب) التي حطّت ركابها اليوم عند أقدس الأبواب و أشرف الأطياب ، باب زينب روحي فداها الذي سندخله عبر شفاعة المذبوح من القفا ؛ مسلوب العمامة والردا ؛ المرفوع رأسه على القنا ؛ من رأته من على التل الزينبي صريعاً على الرمضاء، مرّمل بالدماء ، مقطّع الأعضاء ، فأجهشت بالبكاء، و نادت بهذا النداء : أخي يا حسين إن كنت حياً فأدركنا و أن كنت ميتاً فأمرنا و أمرك إلى الله . ولما رأته بهذه الحالة رفعت يديها في تلك اللحظات الحاسمة نحو السماء لتند عن فمها عبقة من فيض النبوة و الخلود تناجي ربها و تتضرع إليه قائلة: اللهم تقبل منا هذا القربان!!
سلامٌ أيها الحـوراء ألا يـا كـعـبـة البـاكـي
أيـا قـلبـاً عـرفـنـاه يـدق الآه فـالآهـا
ويـا روحـاً بـعـاشـورا نـزيـف الدم أدماها
ويـا صوتاً وصيحـاتٍ كـرعـدٍ قد سمعنـاهـا
ويـا عيناً مـن البلـوى لهيـب الدمـع آذاهـا
ويـا كأساً من الصبر مدى الأزمان أسـقـاهـا
خـلودٌ أنتِ في قلبي حيـاة صـرت أهـواهـا
أيُّ قلب هو قلب زينب الذي تحمّل من المصائب ما تهتز من عِظمِها الأكوان ، و أيُّ اللحظات كانت أقسى على ذلك القلب الصبور؟! أهي لحظات وداع الأبناء و الأشقّاء و الأقرباء؟! أم لحظات وداع سيد الشهداء و هي تقدم له جواد المنية و الفداء؟! كان الدواء أن تتصّبر بصبر أبيها رمز الإباء و تشكي حالها لأمها الزهراء.
ليت الموت أعدمني الحياة بعدك يا أبا عبد الله!!!!
السلام على من غسله دمه و التراب كافوره و نسج الريح أكفانه و القنا الخطي نعشه و في قلوب من والاه قبره
لما ايس الامام الحسين عليه السلام ما اصحابه بعد ان راهم جثثا مطرحين على الرمضاء أقبل الى الخيمة, صاح : يا زينب ويا ام كلثوم ويا سُكينة ويا رقية ويا فلانة.. هلممن, عليكن مني السلام فهذا اخر العهد واللقاء في الجنة, فخرجن النساء واحدقن بالحسين من كل جانب وأمسكن بشكيمة فرسه, هذه تقول : الى اين يا حمانا؟ وتلك تقول : الى اين يا رجانا؟ أقبلت اخته زينب عليها السلام وقالت : أخي كانك قد استسلمت للموت؟ قال لها : اخيه وكيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين؟ ولكن اخيه اذا انا قتلت فلا تخمشي علي وجها ولا تضربي علي صدرا ولا تشقي علي جيبا ولا تدعي بالويل والثبور, قالت : اخي أفشاهد مصرعك وأبتلي بهذه المذاعير من النساء و الاطفال؟ ليت الموت اعدمني الحياة يا ثُمالة الباقين ويا بقية الماضين فقال لها : اخيه تعزي بعزاء الله إن أهل الارض يموتون واهل السماء لا يبقون لقد مات جدي وهو خير مني وقد مات ابي وهو خير مني وقد مات اخي وهو خير مني, فصاحت السيدة زينب عليها السلام : واثكلاه هذا الحسين ينعى نفسه, ثم وقعت مغمى عليها, نزل الحسين من على ظهر فرسه فأخذ برأسها ووضعه في حجره وجعل يمسح على قلبها وهو يقول : اللهم اربط على قلبها بالصبر, ثم نظر الحسين في صفوف النساء قال : ام كلثوم اخيه مالي لا ارى ابنتي سُكينة؟ قالت : اخي سُكينة جالسة في الخيمة تبكي, فأقبل الى الخيمة وإذا بسُكينة واضعة رأسها بين ركبتيها حزينة باكية جلس الحسين عندها, جعل يمسح على رأسها بيده وهو يقول :
سيطول بعدي يا سُكينةُ فاعلمي .... منك البكاء إذا الحمامُ دهاني
لا تُحرقي قلبي بدمعك حسرة .... ما دام مني الروح في جثماني
فإذا قُتلتُ فأنت اولى بالذي .... تأتينه يا خيرة النسوان
رفعت سُكينة رأسها اليه وقالت : أبه كأنك استسلمت للموت؟ قال : بُنية وكيف لا يستسلم للموت من لا ناصر له ولا معين؟ قالت : أبه إذن رُدنا الى حرم جدنا, قال : بنية هيهات لو تُرك القطا لغفى ونام, ثم ركب جواده, فأقبلت اليه سُكينة عليها السلام وقالت : أبه إن لي اليك حاجة, قال عليه السلام : وما حاجتك يا بنتاه؟ قالت : حاجتي ان تنزل من على ظهر فرسك, نزل الحسين عليه السلام من على ظهر فرسه, دنت منه سُكينة أخذت يده وجعلت تمسح بها على رأسها, فعرف الحسين ما تقول سُكينة, تريد ان تقول : أبه بعد ساعة سأكون يتيمة لا اجد من يمسح على رأسي.
بعدها ركب الامام الحسين عليه السلام جواده فأحطن النساء به كالحلقة هذه تقبل يده وهذه تقبل رجله فجعل يودعهن وهو يقول : الله خليفتي عليكن ثم توجه الى الميدان سار قليلا وإذا بالنداء من خلفه : أخي حسين قف لي هُنيئة, فالتفت الى ورائه وإذا هي اُخته السيدة زينب عليها السلام, عاد اليها الحسين عليه السلام وقال : أُخيه ما تريدين؟ قالت : أخي انزل من على ظهر جوادك, فنزل الحسين, دنت منه وقالت : أخي اكشف لي عن نحرك وصدرك, كشف الحسين عليه السلام لها عن نحره وصدره, فقبلته في صدره وشمته في نحره ثم حولت وجهها الى جهة المدينة وصاحت : أُماه يا زهراء لقد استُرجعت الوديعة وأُديت الامانة فقال الامام الحسين عليه السلام : أُخيه أيةُ وديعة وأمانة قالت : أخي اعلم انه لما دنت الوفاة من اُمنا الزهراء دعتني اليها فقبلتني في صدري وشمتني في نحري ثم قالت لي : بُنية زينب هذه وديعتي عندك إذا رأيت اخيك الحسين بأرض كربلاء وحيدا فريدا فشميه في نحره فانه موضع السيوف وقبليه في صدره فانه موضع حوافر الخيول فلما سمع بذكر أُمه الزهراء عليها السلام هاج به الحنين إليها.
بعدها سار الامام الحسين عليه السلام نحو ميدان القتال شاهرا سيفه ثم حمل على ميمنة القوم وهو يقول :
أنا الحسين ابن علي .... آليت أن لا انثني
احمي عيالات أبي .... امضي على دين النبي
ثم حمل على الميسرة وهو يقول :
الموت اولى من ركوب العار .... والعار اولى من دخول النار
أخذ يحمل عليهم فينكشفون من بين يديه فصاح عمر بن سعد لعنه الله واخزاه بالجيش : ويلكم اتدرون من تقاتلون؟ هذا ابن الانزع البطين, هذا ابن قتال العرب, والله ان فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم فقالوا لعنهم الله : إذن ما نصنع؟ قال : ويحكم احملوا عليه حملة رجل واحد, (فحملوا عليه حملة رجل واحد, فكان عليه السلام يشد عليهم ويبعدهم عن مخيمه ثم يعود الى موقفه أمام البيوت وهو يكثر من قول لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وإنا لله وأنا اليه راجعون).
نظر الحسين عليه السلام الى مخيم اصحابه واهل بيته فلم ير فيه احدا من الرجال, وصار يكثر من قول : لا حول ولا قوة الا بالله, ثم اقبل الى المخيم دعا بفرسه وهو ذو الجناح فرس رسول الله صل الله عليه واله وسلم, هذا الفرس ركبه الحسين يوم عاشوراء, اقتحم به المشرعة فلما ولج الماء مد الفرس رأسه ليشرب, فقال له الحسين : أنت عطشان وانا عطشان فلا اشرب حتى تشرب فرفع الفرس رأسه عن الماء وكأنه فهم كلام الحسين, فلما مد الحسين يده الى الماء ليشرب ناداه رجل لعين : يا حسين اتلتذ بشرب الماء وقد هتكت حرمك وخيامكم؟ فرمى الماء من يده وخرج من المشرعة, وتوجه نحو الخيام فوجدها سالمة, فعلم أنها مكيدة, فجعل يستسقي الاعداء ينادي : يا قوم أسقوني شربة من الماء, اجابه لعين من القوم : يا حسين لن تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها, فقال عليه السلام : أأنا ارد الحامية؟ لا و الله وانما ارد على جدي رسول الله واشكو اليه ما ارتكبتم مني وانتهكتم من حرمتي فغضبوا عليه.
عندما اضر العطش بالامام الحسين عليه السلام, اراد أن يصل الى المشرعة فحمل على الجيش وكشفهم عن الفرات فلما مد يده الى الماء ليشرب مد الفرس رأسه الى الماء, فالتفت الحسين قائلا : يا جواد أنت عطشان وانا عطشان فلا اشرب حتى تشرب فكان الفرس قد فهم كلام الامام الحسين, فرفع رأسه عن الماء كأنه يقول : لا أشرب حتى تشرب أنت, فمد الحسين يده واغترف من الماء غرفة, وادنى الماء من فمه فجائه سهمٌ من الاعداء في حلقه فامتلأت كفه دما فرمى الماء وانتزع السهم, ومد يده ثانيا ليشرب فناداه لعين من القوم : يا حسين اتلتذ بالماء وقد هُتكت حرمك فلما سمع الحسين عليه السلام رمى الماء من يده وخرج من المشرعة وإذا بالخيام سالمة, وما استطاع ان يعود الى المشرعة خوفا على حرمه فنادى : يا قوم اسقوني شربة من الماء فقد تفتت كبدي من الظمأ, فاجابوه : يا حسين لن تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها, فقال الامام الحسين عليه السلام : أأنا ارد الحامية لا و الله بل ارد على جدي رسول الله واشكوا اليه ما ارتكبتم مني وانتهكتم من حرمتي, فصاح ابن سعد لعنه الله : ما تنتظرون بالرجل ثكلتكم امهاتكم احملوا عليه فاحاطوا بالامام الحسين من كل جانب وافترقوا عليه أربع فرق, فرقة بالسيوف وفرقة بالرماح وفرقة بالسهام وفرقة بالحجارة.
فكثرت جراحاته واعياه نزف الدم, فوقف ليستريح وقد اعياه الضعف فأخذ أبو الحتوف الجعفي لعنه الله حجرا ورمى به الحسين فصك به جبهته فسالت الدماء على وجهه الشريف فرفع الحسين ثوبه ليمسح الدم عن وجهه وعينيه فأتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شُعب وقع على قلبه فصاح الامام الحسين عليه السلام : بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله, فكلما اراد الامام الحسين أن ينتزع ذلك السهم من موضعه لم يتمكن, انحنى على قربوس سرج فرسه ثم استخرج السهم من قفاه, فانبعث الدم كالميزاب فوضع كفيه تحت ذلك الجرح فلما امتللات دما رمى به نحو السماء وقال : (هون علي ما نزل بي أنه بعين الله).
ثم وضع كفيه ثانية فلما امتلأت دما خضب به عمامته ووجهه ولحيته المباركة وهو يقول :
(هكذا اكون حتى القى جدي وأنا مخضوب بدمي مغصوب علي حقي).
بعد هذا انهارت قوى سيد الشهداء بسبب ذلك السهم المثلث المسموم, ما استطاع البقاء على فرسه, مال ليسقط من على ظهر الجواد الى الجهة اليمنى, فمال الجواد معه لكي لا يسقط فمال الحسين ليسقط الى الجهة اليسرى فمال الجواد معه لكي لا يسقط, فالتفت الامام الحسين عليه السلام قائلا : يا جواد لا طاقة لي على الجلوس على ظهرك, دعني اسقط على وجه الارض, فكأن الجواد قد فهم كلام الامام الحسين, حينها مد الفرس يديه ورجليه حتى الصق بطنه على الارض ثم انزل الحسين برفق ولين, وجعل يحوم حول الامام الحسين, فصاح عمر بن سعد لعنه الله : علي بهذا الفرس فإنه من جياد خيل النبي, فركبت الفرسان في طلبه فصار يرمح بيديه ورجليه, فصاح اللعين عمر بن سعد : دعوه لننظر ماذا يصنع, فلما امن الطلب أقبل حتى وصل الى مصرع الحسين وصار يجمع العنان بفمه ويضعه في كف ابي عبد الله عليه السلام فكأنه يريد من الامام الحسين أن ينهض فلما أيس من نهوض الحسين أراد ان يخبر العائلة بمصرع الحسين فجعل يلطخ وجهه وناصيته بدم الحسين, حينها كانت النساء بالمخيم ينتظرن عودة الحسين بعد ان خفي صوته, فقالت احداهن : مالي لا أرى لابن أُمي شخصا ولا اسمع له صوتا؟
قالت الاخرى : لعل الخيل حالت بيننا وبينه , فقالت السيدة زينب عليها السلام : حاشى لابن أُمي أن تضمه خيل او رجال , بينما هن في هذا الكلام وإذا بالفرس أقبل نحو المخيم يصهل صهيلا عاليا , فلما سمعت السيدة زينب صهيل الجواد التفتت الى سُكينة وقالت : عمه هذا ابوك الحسين قد أقبل قومي لاستقباله , قامت سُكينة الى باب الخيمة لتستقبل أباها وإذا بالفرس خال من الحسين عليه السلام , ملطخ بالدماء ملوي السرج - لطمت سُكينة وجهها وصاحت : عمه زينب لقد قُتل والله والدي. -صارت- النساء محدقة بالفرس وهو مطأطأ برأسه الى الارض ثم توجه الى الميدان فتبعته بنات رسول الله صل الله عليه واله فصار الفرس دليلا لهن , السيدة زينب , سُكينة , رقية و ام كلثوم وباقي بنات الامام الحسين و نسائة عليهم السلام , اقبلن في اثر الجواد حتى وصلن الى مصرع ابي عبد الله , وإذا الحسين يتقلب على وجه الرمال يمد يمينا ويقبض شمالا , يناجي ربه :
الهي تركت الخلق طرا في هواكا .... وأيتمتُ العيال لكي أراكا
فلو قطعتني في الحب اربا .... لما مال الفؤاد إلى سواكا
إلهي وفيتُ بعهدي , الهي الهي هذي رجالي في رضاك ذبائح.
أقبلن النسوة احطن بالحسين, السيدة زينب عند رأسه , سُكينة عند رجليه , أُم كلثوم , رقية , باقي النساء احطن بالحسين من كل جانب , حينها السيدة زينب مدت يدها تحت ظهر الحسين رفعته حتى اسندته إلى صدرها ثم رفعت طرفها نحو السماء وقالت : اللهم تقبل منا هذا القربان. ثم اعادت الامام الحسين عليه السلام الى مكانه , لكن الحسين لا يتكلم , فقالت له السيدة زينب : اخي كلمني بحق جدنا رسول الله , اخي كلمني بحق ابينا امير المؤمنين , اخي كلمني بحق أُمنا الزهراء , حينها فتح الامام الحسين عليه السلام عينيه وقال : أُخيه زينب لقد كسرتي قلبي وزدتي كربي فبالله عليك إلا ما سكتِ وسكنتِ. فصاحت: وا ويلاه يابن أمي كيف اسكن واسكت وأنت بهذه الحالة تعالج سكرات الموت؟ روحي لروحك الفداء، نفسي لنفسك الوقاء! فخرج عبد الله بن الحسن وهو غلامٌ لم يراهق من عند النساء، فشدّ حتى وقف إلى جنب عمّه الحسين، فلحقته زينب بنت علي لتحسبه، فقال لها الحسين: احبسيه يا أختي فابى وامتنع عليها امتناعاً شديداً وقال: والله لا أفارق عمي، واهوى أبحر بن كعب إلى الحسين بالسيف فقال له الغلام: ويلك يابن الخبيثة أتقتل عمّي فضربه أبحر بالسيف فأتقاه الغلام بيده وأطنّها الى الجلد فإذا هي معلّقة، ونادى الغلام: يا عمّاه يا أبتاه فأخذه الحسين فضمّه إليه وقال: يا ابن أخي صبراً على ما نزل بك واحتسب في ذلك الأجر فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين فرماه حرملة بسهم فذبحه في حجر عمّه الحسين.
ثم إلتفت الإمام للسيدة زينب و قال لها : أُخيه ارجعي الى الخيمة واحفظي لي العيال والاطفال - قيل فرجعت النساء ولما همت الحوراء زينب بالرجوع - وإذا بخولي بن يزيد لعنه الله أقبل يريد ذبح الامام الحسين عليه السلام , لكن لما نظر الامام الحسين اليه ارتعش بدنه ورمى السيف من يده وولى , ثم جاء لعين اخر فنظر الامام الحسين اليه فارتعد وولى , وهكذا كلما جاء احد ينظر اليه الحسين فيرتعد ويولي هاربا - فبعث عمر بن سعد لعنه الله في الجيش قائلا : فتشوا هل تجدون في الجيش كاتبا لا يعرف الحسين ولا يعرف محمد بن عبد الله و لا يعرف علي بن ابي طالب حتى يذبح الحسين؟
بينما هم كذلك وإذا بالشمر لعنة الله قد أقبل الى الحسين عليه السلام, هذا والسيدة زينب عليها السلام منكبة عليه وتبكي وإذا بكعب الرمح بين كتفي السيدة زينب واللعين يقول لها : قومي عنه يا زينب , قالوا : وقعت السيدة زينب مغمى عليها فلما افاقت وإذا برأس الامام الحسين على رأس الرمح , وإذا بشيبة الامام الحسين مخظوبة بدمائه فصاحت : وااخاه واحسيناه.
وفي رواية اخرى انه عندما قال الامام الحسين عليه السلام للسيدة زينب عليها السلام أُخية ارجعي الى الخيمة واخفظي لي العيال و الاطفال , فتركته السيدة زينب وعادت الى الخيمة , فرأت الكون قد تغير فأقبلت الى الامام علي زين العابدين ابن الامام الحسين عليهم السلام وقالت : يا ابن أخي مالي أرى الكون قد تغير , قال : عمة زينب ارفعي طرف الخيمة , فرفعت السيدة زينب طرف الخيمة فنظر الامام زين العابدين عليه السلام نحو المعركة مليا , ثم قال : عمة زينب اجمعي العيال والاطفال في خيمة واحدة , عمة زينب إلبسي ازارك , عمة تهيأي للسبي , قالت : يابن أخي ما الخبر ؟ قال : عمة هذا رأس والدي الحسين على رأس الرمح , لما نظرت السيدة زينب رأس أخيها لطمت وجهها وصاحت : وااخاه واحسيناه.
سمـعته يـون وتگــربت لــيه ،، و لگـيت الولـي مـتوســـد ايديــه
و لگيت ألف و تسع ميّة جرح بيه ،، ما هـو جرح واحد وأداويه
أشــداً يا جَــرُحْ ،،، يا جَـرَح أخلــيه؟؟!!!
و إذا بالحسين عليه السلام يرد على زينب روحي فداها قائلاً :
يخيّـه كل جــرح بعضاي عوفــيه ،، بـس جـرح البگلبي عينچ اعليه
وبمعـصبج يخــتي زيــن شديّــه ،، علـى كيفــج يزيــنب لا تنجبيـه
لكن حتى بعد استشهاد الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء لم تسلم تلك الانامل الكريمة من ايدي الاعداء , فقد روي انه بجدل بن سليم الكلبي لعنة الله أقبل الى الامام الحسين وهو جثة بلا رأس , عار اللباس ما تركوا عليه شيئا يُسلب , نظر هذا اللعين الى خاتم في خنصر الحسين عليه السلام , فحاول ان يخرجه ما تمكن لأن الدماء قد جمدت عليه , فتناول اللعين قطعة سيف من الارض وصار يحز خنصر الامام الحسين عليه السلام الى ان فصله واخذ الخاتم.
**************
:
اللهم صل على محمد و آل محمد و ألعن أعداء محمد و آل محمد
(( لما سقط الامام الحسين عليه السلام على الارض خرجت السيدة زينب عليها السلام من باب الخيمة نحو الميدان وهي تنادي : وا أخاه واسيداه وا أهل بيتاه ليت السماء أطبقت على الارض وليت الجبال تدكدكت على السهل. ثم وجهت كلامها الى عمر بن سعد وقالت: يا بن سعد! أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر اليه؟! فلم يجبها عمر بشيء فنادت: ويحكم!! أما فيكم مسلم؟! فلم يجبها أحد بشيء , ثم انحدرت نحو المعركة وهي تركض مسرعة. فتارة تعثر بأذيالها وتارة تسقط على وجهها من عظم دهشتها حتى وصلت الى وسط المعركة فجعلت تنظر يمينا وشمالاً فرأت أخاها الحسين (عليه السلام) مطروحاً على وجه الارض وهو يخور في دمه ويقبض يمينا و شمالاً ويجمع رجلاً ويمد أخرى والدماء تسيل من جراحاته فجلست عنده وطرحت نفسها على جسده الشريف وجعلت تقول ءأنت الحسين؟! ءأنت أخي؟! ءأنت ابن امي؟! ءأنت نور بصري؟! ءأنت مهجة فؤادي؟! ءأنت حمانا؟! ءأنت رجانا؟! ءأنت ابن محمد المصطفى؟! ءأنت ابن علي المرتضى؟! ءأنت ابن فاطمة الزهراء؟! كل هذا والامام الحسين لا يرد عليها جواباً لانه كان مشغولاً بنفسه وقد استولى عليه الضعف الشديد بسبب نزف الدم وكثرة الجراحات. فقالت: أخي! بحق جدي رسول الله إلا ما كلمتني , وبحق أبي علي المرتضى إلا ما خاطبتني , وبحق أمي فاطمة الزهراء إلا ما جاوبتني . ياضياء عيني كلمني ... وعند ذلك جلست خلفه وادخلت يدها تحت كتفه واجلسته حاضنة له بصدرها فأنتبه الامام الحسين من كلامها وقال لها بصوت ضعيف: " اُخية زينب كسرتي قلبي , وزدتني كرباً على كربي فبالله عليك إلا ما سكنتِ وسكتِ. فصاحت : واويلاه يا أخي وابن أمي كيف أسكن واسكت وأنت بهذه الحالة تعالج سكرات الموت؟! روحي لروحك الفداء ونفسي لنفسك الوقاء ؛ فـ بينما هي تخاطبه ويخاطبها وإذا بالسوط يلتوي على كتفها وقائل يقول : تنحي عنه وإلا ألحقتكِ به , فألتفتت وإذا هو شمر بن ذي الجوشن لعنه الله. فأعتنقت أخاها ، وقالت : والله لا أتنحى عنه ، وإن ذبحته فأذبحني قبله. فجذبها عنه قهراً ، وقال : والله إن تقدمتِ إليه لضربت عنقكِ بهذا السيف. ثم جلس اللعين على صدر الإمام ، فتقدمت السيدة زينب إليه ، وجذبت السيف من يده. وقالت : يا عدو الله! إرفق به لقد كسرت صدره ، واثقلت ظهره ، فبالله عليك إلا ما أمهلته سويعةً لا تزود منه. ويلك! أما علمت أن هذا الصدر تربى على صدر رسول الله وصدر فاطمة الزهراء؟! ويحك! هذا الذي ناغاه جبرائيل ، وهز مهده ميكائيل!! دعني أودعه ، دعني أغمضه ، فلم يعبأ اللعين بكلامها ، ولا رقّ قلبه عليها))
تعليق