بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
تسلم الامام الحسن بن علي سبط الرسول صلى الله عليه واله الخلافة وإمامة المسلمين بعد استشهاد أمير المؤمنين من قبل أعداء الله جل وعلا والإنسانية الخوارج، الذي ابتلت بهم الأمة في عهد الامام علي واستمر عداءهم وفتنهم ضد أهل البيت في عهد الامام الحسن فلهم أجندتهم الخاصة في ضرب أسس الدين وافتعال الأزمات وتصل الى القتل والغدر والاغتيال، وخير شاهد خوارج العصر الدواعش اخر إنتاجاتهم الخبيثة خدمة ومطية لضرب الاسلام الحقيقي وتشويه وجهه الناصع اشراقا وسماحة، ولهذا كانت ظروف الكوفة في عهد أمير المؤمنين تمر بحالة من التفكك بسبب المؤامرات من قبل الخوارج وبني امية من اجل زعزعة الامن وخلق واقع جديد يصب في مصلحة أعداء الله تعالى، فقد حاول الامام أمير المؤمنين إصلاح مايمكن اصلاحه من بعد التشويه والتزييف ووضع احاديث حسب الطلب وكل حديث له قيمة مادية، فهذا الوضع التي واجهه الامام الحسن وازداد تراجعا وتخلفا بعد المعارك الذي خاضوها مع الامام علي دفاعا عن ما تبقى من قيم ومبادئ، راح ضحيته الآلاف من الشهداء، ضد مرتزقة وحاقدين ومبغظين للإسلام والى اهل البيت ، هذا المجتمع المتفكك اصبح لقمة سائغة في فم بني اميه، وفي الروح الخبيثة للخوارج، فعصر الامام الحسن اكثر عصور الأئمة مظلومية بسبب البث الإعلامي التي قام به بني اميه واعوانهم اصحاب المصالح الشخصية وحب الدنيا.
الأمويون اشترى الكثير بالمال دفعت الملايين لأهل الشام ومن أتى من خارج الشام من المسلمين والنصارى ليكونوا فيه جيشا قويا يحارب به أئمة اهل البيت، ولم يقتصر الامر على ذلك فوصل المال الأموي الى عقر دار الامام فقد تخلى الكثير عن قيمهم وولائهم للحق واختاروا الباطل.
في هذه الأيام تتناقل وسائل الاعلام ما يجري في العراق الجريح من زمر هوجاء وغوغائية وهمج رعاع ينعقون وراء كل ناعق يخدمون أجندات خبيثة مدفوعة الثمن يعرضون فيها أرض الائمة للخطر وقرب ذكرى يوم الأربعين والملايين تتجه للعراق، الاعلام المظلل يلعب على العقول الساذجة كم فعل سابقا في زمن الائمة بشكل عام وزمن الامام الحسن بشكل خاص، فالمطالبات المشروعة حق يراد اليوم به باطل، فالعراق يمر بواقع متردي بسبب ما خلفه الاحتلال ومن بعده داعش التكفيري، كل تلك الأفعال تصب في مصلحة داعش ومن يقف خلفهم، الذين لا يريدون خير بالعراق وأهله، وغضبهم من المرجعية التي هزمت بفتواها المباركة الدواعش، سيبقى العراق راية خفاقة ببركة الائمة وصمام الأمان المرجعية الرشيدة.
فالافتراءات الشخصية ضد الامام الحسن حيث نشر الاعلام المضلل انه مزواج كثير الزواج والطلاق ظلما وحقدا وتشويها، حتى أوصل أعداءه ما تزوجهن آلامام مائتان وخمسون زوجة، «حدث العاقل بما لا يليق فأن صدق فلا عقل له». رغم ان فترة الامام الحسن وبعدها كان شائعا تعدد الزوجات سواء عند اهل البيت وغيرهم من الصحابه، فقد اتهم أعداء الله والمستشرقين رسول الله صلى الله عليه واله انه كثير الزواج وهو من اهتماماته.
فأصحاب الخلق السئ والمكانة الدونية لا يرتاح لهم بال ان يجدوا القيم الصحية بدون تشويه مسيرة العظماء والأئمة، ليغطوا به واقعهم الفاسد، فليس جديدا عليه تلك المؤمرات فقد شاهدها في عصر ابيه أمير المؤمنين، وشارك في جميع الحروب كقائد عسكري خاض غمرات الحروب بشجاعة واقدام فهو ابن علي بن ابي طالب، فالرسول صلى الله عليه واله يقول لو ولد جميع الناس من ابي طالب لاتصفوا جميعهم بالشجاعة.
فالإمام الحسن عندما يذكر، تذكر معه شمائل رسول الله صلى الله عليه واله، التي تمثلت فيه، فقد كان اشبه الناس بجده خلقا وخلقا، فكلما اشتاق اهل البيت والمسلمين لرؤية رسول الله صلى الله عليه واله يتطلعون إلى الحسن ، يجدون فيه خلقه وعلمه وعبادته وزهده وشجاعته وحلمه وعطاءه وكرمه وإيثاره وسخاءه وسماحته وحبه لمن حوله ورحمته بهم.
فقد اشتهر آلامام الحسن بالكرم والسخاء والإيثار، وهي من صفات اهل البيت ، لكن عصر الامام الحسن كانت هذه الخصلة بارزة بسبب عناية الامام الحسن بالفقراء، وما خلقته الحروب من واقع مزري من أيتام وأرامل ومقعدين زادهم سوء محاربة بني اميه لأبناء الشهداء وعوائلهم ولكل من له ولاء لأهل البيت ، فمثلا الظروف الواقعة في عصر الامام زين العابدين تطلبت العبادة والدعاء، وجميع اهل البيت اهل عبادة، ولم تكن العبادة الا لعلي ، واشتهر زمن الامام الباقر والصادق بالعلم، ووهم ليس اكثر علما من الامام علي وهو يقول سلوني قبل ان تفقدوني، وقس على ذلك بقية الأئمة وظروفهم وواقعهم السياسي والظلم المحيط بهم، كانو يقومون بالدور المهم في حفظ الدين والدفاع عن الاسلام.
فالكرم بذل المال أو الطعام أو أي نفع مشروع، عن طيب نفس، والكرم ضد البخل، وهو من أشرف خصال الامام الحسن وسجاياه، وأعز المواهب واخلد المآثر، ولذلك اشاد الله تعالى في كتابه الكريم ورسوله الأكرم، وعثرته الطاهرة، بالكرم والكرماء.
قال تعالى:
«وماتنفقوا من خير فلأنفسكم»
فالكرم ليس جديدا على حياة الامام الحسن ، فقد قال الله سبحانه وتعالى عن الرسول صلى الله عليه واله انه لعلى خلقا عظيم، والرسول يقول انه وجد ليتمم مكارم الأخلاق، فالحسن تربى في هذا البيت الايماني، كان بيت مشمول بكل الفضائل، ومن هذه الفضائل الكرم وسيرتهم وتاريخهم حافل بالعطاء والسخاء والإيثار.
قال الامام الحسن :
إذا ما أتاني سائلا: قلت بمن فضله فرض علي معجل
اهل البيت معنى العطاء في حياتهم ومماتهم وأنهم طريق يصل بهم الى الله سبحانه وتعالى ويدخلهم الجنة في اعلى الدرجات، حيث قال رسول الأكرم صلى الله عليه واله:
«أحبكم الى الله عز وجل، أسخاكم كفا».
وفي حديث اخر:
«السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، قريب من النار».
فالإمام الحسن اخد هذه الصفة من الكرم والإيثار من النبي الأكرم، صلى الله عليه واله والإمام علي وفاطمة الزهراء ، فخرج من ماله مرتين، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات، فالكرم تأتي من مجموعة صفات متكاملة في شخصية حاملها، فالكريم شجاع لا يخاف الفقر وذو ثقة بالله جل وعلا وعطاءه، وهو معنى واسع لا ينحصر في بدل المال أو أقراء الضيف، أو حسن الضيافة، بل هي مجموعة متكاملة من مكارم الأخلاق، فالمال عند الامام الحسن غاية الى هدف فيه رضا الله سبحانه وتعالى وهو تقديم عطاء الى عيال الله جل وعلا من فقراء وأيتام وأصحاب حوائج وإعاقة وملهوف او إشباع جائع ومن تقطعت بهم السبل والتضييق الأموي ومنع عنهم العطاء وحوربوا في أرزاقهم، على خطى الرسول صلى الله عليه واله وامير المؤمنين حيث قال الامام الصادق :
«كان علي أشبه الناس برسول الله، كان يأكل الخبز والزيت، ويطعم الناس الخبز واللحم».
فهذا العطاء الحسني ليس عطاء للقريبين والموالين، فقد كان عطاء لغير الموالين، لم يعطي ويبدل من اجل شهرة دنيوية، او طلبا لسمعة انية، او مباهاة مؤقتة، بل كان كل ذلك لله سبحانه وتعالى ورضاه. لم يكن من الباعثين عن الثناء فيكفيه قول جده عنه وعن أخيه «الحسن والحسين سيدا اهل الجنة».
فهذا الخلق العظيم والسخاء الجزيل والابتلاء العظيم هذه الشخصية ظلمة بسبب التشويه الأموي، لن تفي كل الكلمات في اعطاءه قليل من حقه والدفاع عن مظلومية، فهذه مسؤولية الجميع، حيث ترى مظلوميته حتى بين اتباعة ومن يدعون محبته ، فيحتاج من الجميع بدل اكثر من الموده ونشر المظلومية والابتلاء الذي عاشه . ظلم في حياته من اقرب المقربين له وتخلى عن نصرته والدفاع عنه اصحابه، وفي مماته، استشهد بالسم من قبل عدوة الله ورسوله بعد ان ضاقت بنى امية درعا بالحسن الذي يزداد نفودا وبوجوده يفضح ما آلت عليه الأمة من انحراف، وقد كان وجود الامام عثرة في وجه تنصيب يزيد مقاليد المسلمين وما فيهم من الصحابة والتابعين، فقرروا اغتياله، فتقطعت كبده ، ومن بعد هذه المأساة، كانت المؤامرة الدنيئه من مروان ابن الحكم في تجمع ظالم وعدائي ضد أهل البيت ، منع ان يدفن الامام الحسن مع جده سول الله صلى الله عليه واله ورشقت الجنازة بالسهام.