قرابته بالمعصوم
ابن الإمام زين العابدين، وحفيد الإمام الحسين، وأخو الإمام الباقر، وعم الإمام الصادق(عليهم السلام).
اسمه وكنيته ونسبه
أبو الحسين، زيد ابن الإمام علي زين العابدين ابن الإمام الحسين(عليهم السلام).
أُمّه
جارية اسمها حورية أو حوراء، اشتراها المختار بن أبي عُبيدة الثقفي، وأهداها إلى الإمام زين العابدين(۱).
ولادته
ولد في عام ۷۸ﻫ بالمدينة المنوّرة.
من أولاده
۱ـ أبو عبد الله، الحسين، المعروف بذي الدمعة، عدّه الشيخ الطوسي(قدس سره) من أصحاب الإمام الصادق(عليه السلام)(۲).
۲ـ يحيى، عدّه الشيخ الطوسي(قدس سره) من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم(عليهما السلام)(۳).
صفاته
كان(رضي الله عنه) تام الخلق، طويل القامة، جميل المنظر، أبيض اللون، وسيم الوجه، واسع العينين، مقرون الحاجبين، كَثُّ اللحية، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، دقيق المسربة، واسع الجبهة، أقنى الأنف، أسود الرأس واللحية، إلّا أنّ الشيب خالط عارضَيه.
قال الوابشي: «كنت إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه»(۴).
من أقوال المعصومين(عليهم السلام) فيه
۱ـ قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) للحسين(عليه السلام): «يا حسين، يخرج من صلبك رجل يُقال له زيد، يتخطّا هو وأصحابه رقاب الناس، يدخلون الجنّة بلا حساب»(۵).
۲ـ قال الإمام الباقر(عليه السلام): «اللّهم اشدد أزري بزيد»(۶).
۳ـ قال الإمام الصادق(عليه السلام): «حدّثني أبي، عن جدّي(عليهما السلام): أنّه يخرج من ولده رجل يُقال له زيد، يُقتل بالكوفة، ويُصلب بالكناسة، يُخرج من قبره نبشاً، تفتح لروحه أبواب السماء، يبتهج به أهل السماوات، تُجعل روحه في حوصلة طير أخضر يسرح في الجنّة حيث يشاء»(۷).
من أقوال العلماء فيه
۱ـ قال الشيخ المفيد(قدس سره): «وكان زيد بن علي بن الحسين(عليهم السلام) عين إخوته بعد أبي جعفر(عليه السلام) وأفضلهم، وكان عابداً ورعاً فقيهاً سخيّاً شجاعاً، وظهر بالسيف، يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، ويطالب بثارات الحسين(عليه السلام)»(۸).
۲ـ قال السيّد ابن عنبة(قدس سره): «ومناقبه أجلّ من أن تُحصى، وفضله أكثر من أن يُوصف، ويُقال له: حليف القرآن»(۹).
۳ـ قال العلّامة الكاظمي(قدس سره): «اتّفق علماء الإسلام على جلالة زيد وورعه وفضله»(۱۰).
۴ـ قال العلّامة الأميني(قدس سره): «والشيعة على بكرة أبيها لا تقول فيه إلّا بالقداسة، وترى من واجبها تبرير كلّ عمل له من جهاد ناجع، ونهضة كريمة، ودعوة إلى الرضا من آل محمّد، تشهد لذلك كلّه أحاديث أسندوها إلى النبي(صلى الله عليه وآله) وأئمّتهم(عليهم السلام)، ونصوص علمائهم، ومدايح شعرائهم وتأبينهم له، وإفراد مؤلّفيهم أخباره بالتدوين»(۱۱).
علمه
كان(رضي الله عنه) من العلماء في عصره، فقد أخذ علومه من أبيه الإمام زين العابدين(عليه السلام)، ومن الإمامين الباقر والصادق(عليهما السلام)، ومنهم أخذ لطائف المعارف وأسرار الأحكام، فأفحم العلماء وأكابر المناظرين من سائر الملل والأديان.
وخير شاهد على هذا، قول الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ زيداً كان عالماً، وكان صدوقاً»(۱۲).
وقول الإمام الرضا(عليه السلام): «كان من علماء آل محمّد، غضب لله عزّ وجل، فجاهد أعداءه حتّى قُتل في سبيله»(۱۳).
وقول أبو حنيفة: «شاهدت زيد بن علي كما شاهدت أهله، فما رأيت في زمانه أفقه منه، ولا أسرع جواباً، ولا أبين قولاً»(۱۴).
خُطبه
كان(رضي الله عنه) معروفاً بفصاحة المنطق وجزالة القول، والسرعة في الجواب، وحسن المحاضرة، والوضوح في البيان، والإيجاز في تأدية المعاني على أبلغ وجه.
وكان كلامه يشبه كلام جدّه الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) بلاغةً وفصاحة، فلا بِدعَ إِذاً إن عَدّهُ الجاحظ من خطباء بني هاشم، ووصفه أبو إسحاق السبيعي والأعمش بأنّه أفصح أهل بيته لساناً وأكثرهم بياناً.
ويشهد له أنّ هشام بن عبد الملك لم يزل منذ دخل زيد الكوفة يبعث الكتاب أثر الكتاب إلى عامل العراق، يأمره بإخراج زيد من الكوفة، ومنع الناس من حضور مجلسه؛ لأنّه الجذّاب للقلوب بعلمه الجمّ وبيانه السهل، وأنّ له لساناً أقطع من السيف وأبلغ من السحر والكهانة(۱۵).
ثورته
لقد ثار(رضي الله عنه) على الحاكم الأُموي هشام بن عبد الملك، واختار الكوفة منطلقاً لثورته، ودعا المسلمين لمبايعته، فأقبلت عليه الشيعة وغيرها تبايعه، حتّى بلغ عددهم من الكوفة فقط خمسة عشر ألف رجلاً.
ومن الجلي الواضح أنّه لم يُعلن الثورة من أجل أن يتولّى الخلافة والإمامة بنفسه؛ لأنّه كان يعرف إمامه، بل كان يدعو إلى الرضا من آل محمّد(عليهم السلام)، طالباً الإصلاح في أُمّة جدّه التي أذاقها الأُمويون الظلم والجور.
وخير شاهد على هذا قول الإمام الصادق(عليه السلام): «إنّ زيداً… لم يدعكم إلى نفسه، إنّما دعاكم إلى الرضا من آل محمّد(عليهم السلام)، ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه، إنّما خرج إلى سلطان مجتمع لينقضه»(۱۶).
شهادته
استُشهد(رضي الله عنه) في ۲ صفر ۱۲۰ﻫ بمدينة الكوفة في العراق.
صلبه بعد شهادته
بعد شهادته(رضي الله عنه) أمر والي العراق يوسف بن عمر الثقفي ـ والد الحجّاج ـ بصلب زيد(رضي الله عنه) بالكناسة عارياً، ومكث مصلوباً أربع سنين إلى أيّام حكم الوليد بن يزيد الأُموي، فلمّا قام ابنه يحيى بن زيد بالثورة، كتب الوليد إلى يوسف: «إذا أتاك كتابي هذا فانظر عجل أهل العراق فأحرقه ثمّ انسفه في اليم نسفاً. قال: فأمر يوسف خراش بن حوشب فأنزله من جذعه فأحرقه بالنار، ثمّ رضّه فجعله في قوصرة، ثمّ جعله في سفينة، ثمّ ذراه في الفرات»(۱۷).
بكاء الأئمّة(عليهم السلام) عليه
وقف الإمام علي(عليه السلام) على موضع صلب زيد(رضي الله عنه) بالكوفة قبل صلبه، فبكى وبكى الناس لبكائه، فقيل له: «يا أمير المؤمنين، ممّ بكاؤك؟ فقد أبكيت أصحابك، فقال: أبكي أنّ رجلاً من ولدي يُصلب في هذا الموضع»(۱۸).
ولمّا سمع الإمام الصادق(عليه السلام) بقتل زيد(رضي الله عنه) بكى ثمّ قال: «إنّا لله وإنّا إليه راجعون، عند الله احتسب عمّي، إنّه كان نعم العم، إنّ عمّي كان رجلاً لدنيانا وآخرتنا، مضى والله عمّي شهيداً كشهداء استُشهدوا مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم»(۱۹).
————————————-
۱- اُنظر: مقاتل الطالبيين: ۸۶٫
۲- اُنظر: رجال الطوسي: ۱۸۲ رقم۲۱۹۸٫
۳- اُنظر: المصدر السابق: ۳۲۰ رقم۴۷۸۴ و۳۴۶ رقم۵۱۶۹٫
۴- مقاتل الطالبيين: ۸۶٫
۵- عيون أخبار الرضا ۱/ ۲۲۶ ح۲٫
۶- الأغاني ۲۴/ ۲۵۸٫
۷- الأمالي للصدوق: ۹۴ ح۷۲٫
۸- الإرشاد ۲/ ۱۷۱٫
۹- عمدة الطالب: ۲۵۵٫
۱۰- الغدير ۳/ ۷۱ نقلاً عن تكملة الرجال.
۱۱- الغدير ۳/ ۶۹٫
۱۲- الكافي ۸/ ۲۶۴ ح۳۸۱٫
۱۳- عيون أخبار الرضا ۱/ ۲۲۵ ح۱٫
۱۴- تاريخ الكوفة: ۳۷۶٫
۱۵- أُنظر: المصدر السابق: ۳۷۹٫
۱۶- الكافي ۸/ ۲۶۴ ح۳۸۱٫
۱۷- تاريخ الطبري ۵/ ۵۳۸٫
۱۸- الملاحم والفتن: ۲۴۴ ح۳۵۵٫
۱۹- عيون أخبار الرضا ۱/ ۲۲۸ ح۶٫
تعليق