أجوبة الإمام الحسن المجتبى(ع) لرجل شامي
قال الإمام الباقر (ع): بينما أمير المؤمنين عليه السلام في الرحبة والناس عليه متراكمون فمن بين مستفت ومن بين مستعدى إذ قام إليه رجل فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فنظر إليه أمير المؤمنين عليه السلام بعينيه هاتيك العظيمتين ثم قال : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته من أنت ؟ فقال : أنا رجل من رعيتك وأهل بلادك قال : ما أنت من رعيتي وأهل بلادي ، ولو سلمت علي يوما واحدا ما خفيت علي.
فقال : الأمان يا أمير المؤمنين ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هل أحدثت في مصري هذا حدثا منذ دخلته قال : لا ، قال : فعلك من رجال الحرب ؟ قال : نعم ، قال : إذا وضعت الحرب أوزارها فلا بأس ، قال : أنا رجل بعثني إليك معاوية متغفلا لك أسألك عن شئ بعث فيه ابن الأصفر وقال له : إن كنت أنت أحق بهذا الامر والخليفة بعد محمد فأجبني عما أسألك فإنك إذا فعلت ذلك اتبعتك وأبعث إليك بالجائزة فلم يكن عنده جواب ، وقد أقلقه ذلك فبعثني إليك لأسألك عنها.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : قاتل الله ابن آكلة الأكباد ما أضله وأعماه ومن معه والله لقد أعتق جارية فما أحسن أن يتروج بها حكم الله بيني وبين هذه الأمة ، قطعوا رحمي ، وأضاعوا أيامي ، ودفعوا حقي وصغروا عظيم منزلتي وأجمعوا على منازعتي ، علي بالحسن والحسين ومحمد فاحضروا فقال : يا شامي هذان ابنا رسول الله وهذا ابني فسأل أيهم أحببت.
فقال : أسأل ذا الوفرة يعني الحسن عليه السلام وكان صبيا فقال له الحسن عليه السلام : سلني عما بدا لك ، فقال الشامي : كم بين الحق والباطل ، وكم بين السماء والأرض ، وكم بين المشرق والمغرب ، وما قوس قزح ، وما العين التي تأوي إليها أرواح المشركين ، وما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين ، وما المؤنث ، وما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض ؟
فقال الحسن بن علي عليهما السلام : بين الحق والباطل أربع أصابع فما رأيته بعينك فهو الحق ، وقد تسمع بإذنيك باطلا كثيرا ، قال الشامي صدقت ، قال : وبين السماء والأرض دعوة المظلوم ومد البصر فمن قال لك غير هذا فكذبه قال : صدقت يا ابن رسول الله ، قال : وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس تنظر إليها حين تطلع من مشرقها وحين تغيب من مغربها ، قال الشامي : صدقت فما قوس قزح ؟ قال عليه السلام ويحك لا تقل قوس قزح فإن قزح اسم شيطان وهو قوس الله وعلامة الخصب وأمان لأهل الأرض من الغرق ، وأما العين التي تأوي إليها أرواح المشركين فهي عين يقال لها : برهوت ، وأما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين وهي يقال لها : سلمى ، وأما المؤنث فهو الذي لا يدري أذكر هو أم أنثى فإنه ينتظر به فإن كان ذكرا احتلم وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثديها ، وإلا قيل له بل على الحائط فان أصاب بوله الحائط فهو ذكر وإن انتكص بوله كما انتكص بول البعير فهي امرأة .
وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض فأشد شئ خلقه الله عز وجل الحجر ، وأشد من الحجر الحديد الذي يقطع به الحجر ، وأشد من الحديد النار تذيب الحديد وأشد من النار الماء يطفئ النار ، وأشد من الماء السحاب يحمل الماء ، وأشد من السحاب الريح تحمل السحاب ، وأشد من الريح الملك الذي يرسلها ، وأشد من الملك ملك الموت الذي يميت الملك ، وأشد من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت ، وأشد من الموت أمر الله رب العالمين يميت الموت .
فقال الشامي : أشهد أنك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله حقا وأن عليا أولى بالامر من معاوية ، ثم كتب هذه الجوابات وذهب بها إلى معاوية ، فبعثها معاوية إلى ابن الأصفر فكتب إليه ابن الأصفر : يا معاوية لم تكلمني بغير كلامك وتجيبني بغير جوابك ، أقسم بالمسيح ما هذا جوابك وما هو إلا من معدن النبوة وموضع الرسالة وأما أنت فلو سألتني درهما ما أعطيتك .
تعليق