إخوتنا الأعزة، إن النهضة الحسينية المباركة، هي نهضة دينية إلهية، حملت أسمى القيم وأجل المبادئ وأفخر الأمثلة الإنسانية، تلقي الدروس على الأجيال، وتغير مجرى الأحداث؛ لأن صانعها إمام هو ولي من أولياء الله، ووصي من أوصياء رسول الله، تجسدت فيه الشرائع الحقة، ومكارم الأخلاق الفاضلة، فدعا إليها حريصا على هداية الأمة، فأجابوه بالجفاء والسهام فقتل من قتل، وسبي من سبي، وأقصي من أقصي، وظن العدو أن الحق قد خمدت أنفاسه، وأن النور قد أطفئت أشعته، ولكن الله تعالى أبى ذلك ولو كره المشركون والكافرون جميعا وعلى مدى الزمان، فقد قامت النهضة الحسينية الشريفة تواصل بثها للقيم العليا من يوم عاشوراء، ومن أرض كربلاء، مرة أخرى وبصدى أعلى، وأنوار أضاءت جميع الآفاق، فوعى من وعى، وهدي من هدي، وأسلم من أسلم.. وجرى القضاء بما يرجى له حسن المثوبة.. والعاقبة للمتقين.
إخوتنا الأحبة المؤمنين.. نادى الإمام الحسين(عليه السلام) في الناس يوما فقال: "أوصيكم بتقوى الله؛ فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب، ويرزقه من حيث لايحتسب، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه! فإن الله تبارك وتعالى لايخدع عن جنته، ولاينال ما عنده إلا بطاعته، إن شاء الله".
لقد فاحت تلك الكلمات العابقة الزاكية ونظائرها عن أبوة حانية، وقلب رحيم، وفاضت عن صدر ملؤه الإيمان والتقوى والمعرفة وحب الخير، وصدرت عن فم طاهر طالما قبّله رسول الله(صلى الله عليه واله) وزقه العلم زقا، فاهتدى بكلماته من اهتدى ويهتدي، وقد بلغت الناس آلاف من الحكم والمعارف، مقرين بأن الحسين(عليه السلام) هو وريث رسول الله حقا، في كل صفاته وخصاله، وعلومه وفضائله.
وحتى الساعة الأخيرة من حياة الإمام الحسين(عليه السلام) كانت مواعظه للقوم تسمع منه وهم يتقدمون لقتله، وهو(سلام الله عليه) غير عابئ بجمعهم، بل هام بهدايتهم.. ذلك الهم النبيل على حسن العاقبة وعدم تورطهم بدمه المقدس، لكن القوم أبوا وأصروا إلا أن يقتحموا الجحيم بأقدامهم، لأنهم أعرضوا عن مواعظ الإمام الحسين(عليه السلام). وإذا كان القوم، إخوتنا الأكارم، قد أخطأوا حظهم، فإن الأجيال فيما بعد جاءت تقرأ سيرة أبي عبد الله الحسين وتعجب بها وتجلها، وأخذت القلوب تميل إليها ولو اكتأبت لمصاب سيد الشهداء(عليه السلام)، لكنها تعاطفت مع ذلك المصاب الجلل، ووالت الحسين، واهتدت بمواعظه.. وصدع شاعر من هناك يخاطبه:
أروحك أم روح النبي تصعد
من الأرض للفردوس والحور سجد؟!
ورأسك أم رأس الرسول على القنا
بآية أهل الكهف راح يردد؟!
وصدرك أم مستودع العلم والحجى
لتحطيمه جيش من الجهل يعمد؟!
كتب السيد ابن طاووس: كان الصحابي أبو برزة الأسلمي واقفا فرأى يزيد بن معاوية ينكث ثغر الحسين بقضيب كان بيده ويقول متشفيا: يوم بيوم بدر! فما كان من أبي برزة إلا أن صاح في المجلس: أشهد أني رأيت النبي يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن ويقول لهما: "أنتما سيدا شباب أهل الجنة، قتل الله قاتلكما، ولعنه، وأعد له جهنم وساءت مصيرا". فغضب يزيد من أبي برزة وأمر به فأخرج من المجلس سحبا.
وروي ابن شهر آشوب في كتابه(مناقب آل أبي طالب) أن الحسين(عليه السلام) دخل يوما على معاوية وعنده أعرابي يسأله حاجة، فأمسك معاوية بخلا وتشاغل بالحسين يكلمه، فسأل الأعرابي بعض من حضر: من هذا الذي دخل، فقالوا: الحسين بن علي، فخاطبه الأعرابي: أسألك يابن رسول الله لما كلمت معاوية في حاجتي. فكلمه الحسين فقضى حاجته، فقال الأعرابي متهكما بمعاوية ومادحا لأبي عبد الله الحسين(عليه السلام):
أتيت العبشمي فلم يجد لي
إلى أن هزه ابن الرسول
هو ابن المصطفى كرما وجودا
ومن بطن المطهرة البتول
وإن لهاشم فضلا عليكم
كما فضل الربيع على المحول
فانزعج معاوية فصاح به: يا أعرابي! أعطيك وتمدحه؟! فأجابه الأعرابي: يا معاوية! أعطيتني من حقه، وقضيت حاجتي بقوله.
وروي، أيها الإخوة الأفاضل، أن عصام بن المصطلق قال: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي، فأعجبني سمته ورواؤه، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البعض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟ فقال: نعم. فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف، وقرأ آيات.. ثم قال لي: "خفض عليك، أستغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا لأعناك، و لو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لرشدناك".
قال عصام: فتوسم مني الندم على ما فرط مني، فقال لي: "لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين.. أمن أهل الشام أنت"؟ قلت: نعم. فقال: "حيانا الله وإياك، إنبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك، تجدني عند أفضل ظنك إن شاء الله تعالى". قال عصام بن المصطلق: فضاقت علي الأرض بما رحبت، ووودت لو ساخت بي، ثم سللت منه لواذا وما على الأرض أحب إلي منه ومن أبيه! أجل.. بعد أن اهتدى بالحسين سلام الله على الحسين.
وكما تلاحظون، إخوتنا الأفاضل، فإن أخلاق سيد الشهداء(سلام الله عليه) كانت سببا لهداية من فتح قلبه عليها في حياته مثلما أن ملحمة إستشهاده ومظلوميته كانت سببا لاهتداء الكثيرين حيث فتحت له آفاق الحياة الإلهية السامية التي تسترخص كل شيء في سبيل قيم الكرامة والعزة ومنهم الأخت(ماري ستاينهوف).. وقد ولدت سنة ۱۹٦۰ للميلاد في ولاية(ميشيغن) الأمريكية ونشأت في عائلة كاثوليكية ملتزمة فكانت تتردد بكثرة على الكنيسة لكنها لم تستطع أن تلبي حاجاتها الفطرية للإيمان الحق، فبدأت رحلتها التي انتهت بإعتناقها إسلام محمد وعلي وآلهما الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.. .
وكان للملحمة الحسينية أثرها البالغ في رحلتها هذه الى الإيمان تقول الأخت مريم ستاينهوف: (عند ما كنت أرى غروب الشمس واحمرارها كنت أعلم بأنه صنع الله.. فعلمت أن لله أهمية في حياة الناس.. كثرت شكوكي حول الكاثوليكية عندما قيل لي أن علي أن أقبل خاتم الراهب في كنيستنا فتحولت إلى المسيحية الأنجيلية ولكن سلسلة الأسئلة بقيت مستمرة ولم أستطع قبول المفهوم المسيحي للثالوث.. واستمرت حيرتي إلى أن شاهدت خلال أيام عاشوراء تجمع الكثير من المسلمين في الجامع القريب من محل سكني.. فسألت مرة شابا مسلما عن عاشوراء فشرح لي الحوادث التي حصلت فيه.. فتأثرت كثيرا.. وهكذا بدأت أتعرف على مجتمع جديد..) وانتهت رحلة الأخت الأمريكية ماري ستاينهوف بإعتناقها الإسلام وايمانها بثورة الحسين(عليه السلام) وتزوجها من شاب مسلم أصلا قال عن الإسلام: لقد أصبحت أكثر إلتزاما بالإسلام.. لأنني أشعر بالخجل وأنا أرى زوجتي تعرف الإسلام أكثر مني!
إخوتنا الأحبة المؤمنين.. نادى الإمام الحسين(عليه السلام) في الناس يوما فقال: "أوصيكم بتقوى الله؛ فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب، ويرزقه من حيث لايحتسب، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه! فإن الله تبارك وتعالى لايخدع عن جنته، ولاينال ما عنده إلا بطاعته، إن شاء الله".
لقد فاحت تلك الكلمات العابقة الزاكية ونظائرها عن أبوة حانية، وقلب رحيم، وفاضت عن صدر ملؤه الإيمان والتقوى والمعرفة وحب الخير، وصدرت عن فم طاهر طالما قبّله رسول الله(صلى الله عليه واله) وزقه العلم زقا، فاهتدى بكلماته من اهتدى ويهتدي، وقد بلغت الناس آلاف من الحكم والمعارف، مقرين بأن الحسين(عليه السلام) هو وريث رسول الله حقا، في كل صفاته وخصاله، وعلومه وفضائله.
وحتى الساعة الأخيرة من حياة الإمام الحسين(عليه السلام) كانت مواعظه للقوم تسمع منه وهم يتقدمون لقتله، وهو(سلام الله عليه) غير عابئ بجمعهم، بل هام بهدايتهم.. ذلك الهم النبيل على حسن العاقبة وعدم تورطهم بدمه المقدس، لكن القوم أبوا وأصروا إلا أن يقتحموا الجحيم بأقدامهم، لأنهم أعرضوا عن مواعظ الإمام الحسين(عليه السلام). وإذا كان القوم، إخوتنا الأكارم، قد أخطأوا حظهم، فإن الأجيال فيما بعد جاءت تقرأ سيرة أبي عبد الله الحسين وتعجب بها وتجلها، وأخذت القلوب تميل إليها ولو اكتأبت لمصاب سيد الشهداء(عليه السلام)، لكنها تعاطفت مع ذلك المصاب الجلل، ووالت الحسين، واهتدت بمواعظه.. وصدع شاعر من هناك يخاطبه:
أروحك أم روح النبي تصعد
من الأرض للفردوس والحور سجد؟!
ورأسك أم رأس الرسول على القنا
بآية أهل الكهف راح يردد؟!
وصدرك أم مستودع العلم والحجى
لتحطيمه جيش من الجهل يعمد؟!
كتب السيد ابن طاووس: كان الصحابي أبو برزة الأسلمي واقفا فرأى يزيد بن معاوية ينكث ثغر الحسين بقضيب كان بيده ويقول متشفيا: يوم بيوم بدر! فما كان من أبي برزة إلا أن صاح في المجلس: أشهد أني رأيت النبي يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن ويقول لهما: "أنتما سيدا شباب أهل الجنة، قتل الله قاتلكما، ولعنه، وأعد له جهنم وساءت مصيرا". فغضب يزيد من أبي برزة وأمر به فأخرج من المجلس سحبا.
وروي ابن شهر آشوب في كتابه(مناقب آل أبي طالب) أن الحسين(عليه السلام) دخل يوما على معاوية وعنده أعرابي يسأله حاجة، فأمسك معاوية بخلا وتشاغل بالحسين يكلمه، فسأل الأعرابي بعض من حضر: من هذا الذي دخل، فقالوا: الحسين بن علي، فخاطبه الأعرابي: أسألك يابن رسول الله لما كلمت معاوية في حاجتي. فكلمه الحسين فقضى حاجته، فقال الأعرابي متهكما بمعاوية ومادحا لأبي عبد الله الحسين(عليه السلام):
أتيت العبشمي فلم يجد لي
إلى أن هزه ابن الرسول
هو ابن المصطفى كرما وجودا
ومن بطن المطهرة البتول
وإن لهاشم فضلا عليكم
كما فضل الربيع على المحول
فانزعج معاوية فصاح به: يا أعرابي! أعطيك وتمدحه؟! فأجابه الأعرابي: يا معاوية! أعطيتني من حقه، وقضيت حاجتي بقوله.
وروي، أيها الإخوة الأفاضل، أن عصام بن المصطلق قال: دخلت المدينة فرأيت الحسين بن علي، فأعجبني سمته ورواؤه، وأثار من الحسد ما كان يخفيه صدري لأبيه من البعض، فقلت له: أنت ابن أبي تراب؟ فقال: نعم. فبالغت في شتمه وشتم أبيه، فنظر إلي نظرة عاطف رؤوف، وقرأ آيات.. ثم قال لي: "خفض عليك، أستغفر الله لي ولك، إنك لو استعنتنا لأعناك، و لو استرفدتنا لرفدناك، ولو استرشدتنا لرشدناك".
قال عصام: فتوسم مني الندم على ما فرط مني، فقال لي: "لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين.. أمن أهل الشام أنت"؟ قلت: نعم. فقال: "حيانا الله وإياك، إنبسط إلينا في حوائجك وما يعرض لك، تجدني عند أفضل ظنك إن شاء الله تعالى". قال عصام بن المصطلق: فضاقت علي الأرض بما رحبت، ووودت لو ساخت بي، ثم سللت منه لواذا وما على الأرض أحب إلي منه ومن أبيه! أجل.. بعد أن اهتدى بالحسين سلام الله على الحسين.
وكما تلاحظون، إخوتنا الأفاضل، فإن أخلاق سيد الشهداء(سلام الله عليه) كانت سببا لهداية من فتح قلبه عليها في حياته مثلما أن ملحمة إستشهاده ومظلوميته كانت سببا لاهتداء الكثيرين حيث فتحت له آفاق الحياة الإلهية السامية التي تسترخص كل شيء في سبيل قيم الكرامة والعزة ومنهم الأخت(ماري ستاينهوف).. وقد ولدت سنة ۱۹٦۰ للميلاد في ولاية(ميشيغن) الأمريكية ونشأت في عائلة كاثوليكية ملتزمة فكانت تتردد بكثرة على الكنيسة لكنها لم تستطع أن تلبي حاجاتها الفطرية للإيمان الحق، فبدأت رحلتها التي انتهت بإعتناقها إسلام محمد وعلي وآلهما الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.. .
وكان للملحمة الحسينية أثرها البالغ في رحلتها هذه الى الإيمان تقول الأخت مريم ستاينهوف: (عند ما كنت أرى غروب الشمس واحمرارها كنت أعلم بأنه صنع الله.. فعلمت أن لله أهمية في حياة الناس.. كثرت شكوكي حول الكاثوليكية عندما قيل لي أن علي أن أقبل خاتم الراهب في كنيستنا فتحولت إلى المسيحية الأنجيلية ولكن سلسلة الأسئلة بقيت مستمرة ولم أستطع قبول المفهوم المسيحي للثالوث.. واستمرت حيرتي إلى أن شاهدت خلال أيام عاشوراء تجمع الكثير من المسلمين في الجامع القريب من محل سكني.. فسألت مرة شابا مسلما عن عاشوراء فشرح لي الحوادث التي حصلت فيه.. فتأثرت كثيرا.. وهكذا بدأت أتعرف على مجتمع جديد..) وانتهت رحلة الأخت الأمريكية ماري ستاينهوف بإعتناقها الإسلام وايمانها بثورة الحسين(عليه السلام) وتزوجها من شاب مسلم أصلا قال عن الإسلام: لقد أصبحت أكثر إلتزاما بالإسلام.. لأنني أشعر بالخجل وأنا أرى زوجتي تعرف الإسلام أكثر مني!
تعليق