اللهم صل على محمد وآل محمد
لما يترتب على اقتراف الذنوب من عواقب وخيمة و آثار سلبية جسيمة لا تقتصر على حياة مرتكبها و حسب بل و تتعداه الى حياة المجتمع ككل ، بل و تؤثر على الكون بأسره فتحدث فسادا يعم البر و البحر كما في قوله (تعالى) : " ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) "(1) فإن الاسلام لم يحارب اقتراف الذنب و حسب بل و حارب كل عامل يساعد على ذلك .
و يعد الرضا بالذنب والسكوت عليه من أهم العوامل التي تهيىء الارضية الاجتماعية للذنب و تساعد على اقترافه ، و ذلك لأن من يرتكب الذنوب عندما يواجه ردعا إجتماعيا عنه أو مقاطعة له إظهارا لعدم الرضا يقوم به فإنه من المحتمل جدا أن يرعوي عنه و يتوقف عن إقترافه . من جانب آخر فإن الرضا بإقتراف الذنوب يدل على خبث النفس الراضية به و جنوحها الى الشر و معصيتها لمفيض النعم على الوجود ، ولذلك فقد عبرّ الله (سبحانه ) عن اليهود في زمان الرسول الاكرم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بانهم قتلة الانبياء و ما ذلك إلا لأنهم رضوا بأعمال اجدادهم لا سيما قتلهم للأنبياء ( عليهم السلام ) .
و قد روي عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في معنى قوله تعالى :« قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين » وقد علم ان هؤلاء لم يقتلوا ، ولكن كان هواهم مع الذين قتلوا فسمّاهم الله قاتلين لمتابعة هواهم ورضاهم بذلك الفعل . وكذلك الأمر بالنسبة لمن قتل ناقة صالح ( عليه السلام ) فإنه شخص واحد ولكن الله (تعالى) شمل قوم النبي صالح (عليه السلام) بأجمعهم بإرتكاب هذه الجريمة حيث قال : " فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيامٍ ذلك وعد غير مكذوبٍ "(2) . وقد قال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) في بيان ذلك : « وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمّهم الله بالعذاب لمّا عمّوه بالرضا »
يتبع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
*(1) الروم 41*
*(2) هود 65*
*(3) نهج البلاغة خطبة 201 .*