إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سعادتك بيدك

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سعادتك بيدك

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    قرأت لك : من تفسير الميزان

    ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ 1.

    قوله تعالى:﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ... ﴾ 1قال في المجمع: الطائر هنا عمل الإنسان شبه بالطائر الذي يسنح و يتبرك به و الطائر الذي يبرح فيتشأم به، و السانح الذي يجعل ميامنه إلى مياسرك، و البارح الذي يجعل مياسره إلى ميامنك، و الأصل في هذا أنه إذا كان سانحا أمكن الرامي و إذا كان بارحا لم يمكنه قال أبو زيد: كل ما يجري من طائر أو ظبي أو غيره فهو عندهم طائر. انتهى.

    و في الكشاف: أنهم كانوا يتفألون بالطير و يسمونه زجرا فإذا سافروا و مر بهم طير زجروه فإن مر بهم سانحا بأن مر من جهة اليسار إلى اليمين تيمنوا و إن مر بارحا بأن مر من جهة اليمين إلى الشمال تشأموا و لذا سمي تطيرا. انتهى.

    و قال في المفردات: تطير فلان و أطير أصله التفاؤل بالطير ثم يستعمل في كل ما يتفاءل به و يتشاءم﴿ قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ ... ﴾ 2 و لذلك قيل: لا طير إلا طيرك و قال:﴿ ... وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا ... ﴾ 3 أي يتشاءموا به﴿ ... أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ ... ﴾ 3أي شؤمهم ما قد أعد الله لهم بسوء أعمالهم و على ذلك قوله:﴿ قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ... ﴾ 4 ﴿ ... قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ... ﴾ 4 ﴿ قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ... ﴾ 5 ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ... ﴾ 1أي عمله الذي طار عنه من خير و شر و يقال: تطايروا إذا أسرعوا و يقال إذا تفرقوا. انتهى.

    و بالجملة سياق ما قبل الآية و ما بعدها و خاصة قوله:﴿ مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ... ﴾ 6إلخ، يعطي أن المراد بالطائر ما يستدل به على الميمنة و المشأمة و يكشف عن حسن العاقبة و سوءها فلكل إنسان شيء يرتبط بعاقبة حاله يعلم به كيفيتها من خير أو شر.

    و إلزام الطائر جعله لازما له لا يفارقه، و إنما جعل الإلزام في العنق لأنه العضو الذي لا يمكن أن يفارقه الإنسان أو يفارق هو الإنسان بخلاف الأطراف كاليد و الرجل، و هو العضو الذي يوصل الرأس بالصدر فيشاهد ما يعلق عليه من قلادة أو طوق أو غل أول ما يواجه الإنسان.

    فالمراد بقوله:﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ... ﴾ 1أن الذي يستعقب لكل إنسان سعادته أو شقاءه هو معه لا يفارقه بقضاء من الله سبحانه فهو الذي ألزمه إياه، و هذا هو العمل الذي يعمله الإنسان لقوله تعالى:﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ ﴾ 7.

    فالطائر الذي ألزمه الله الإنسان في عنقه هو عمله، و معنى إلزامه إياه أن الله قضى أن يقوم كل عمل بعامله و يعود إليه خيره و شره و نفعه و ضره من غير أن يفارقه إلى غيره، و قد استفيد من قوله تعالى:﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ 8 ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ 9 أن من القضاء المحتوم أن حسن العاقبة للإيمان و التقوى و سوء العاقبة للكفر و المعصية.
    و لازم ذلك أن يكون مع كل إنسان من عمله ما يعين له حاله في عاقبة أمره معية لازمة لا يتركه و تعيينا قطعيا لا يخطىء و لا يغلط لما قضي به أن كل عمل فهو لصاحبه ليس له إلا هو و أن مصير الطاعة إلى الجنة و مصير المعصية إلى النار.

    و بما تقدم يظهر أن الآية إنما تثبت لزوم السعادة و الشقاء للإنسان من جهة أعماله الحسنة و السيئة المكتسبة من طريق الاختيار من دون أن يبطل تأثير العمل في السعادة و الشقاء بإثبات قضاء أزلي يحتم للإنسان سعادة أو شقاء سواء عمل أم لم يعمل و سواء أطاع أم عصى كما توهمه بعضهم.

    قوله تعالى:﴿ ... وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ 1يوضح حال هذا الكتاب قوله بعده:﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴾ 10حيث يدل أولا على أن الكتاب الذي يخرج له هو كتابه نفسه لا يتعلق بغيره، و ثانيا أن الكتاب متضمن لحقائق أعماله التي عملها في الدنيا من غير أن يفقد منها شيئا كما في قوله:﴿ ... وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ... ﴾ 11، و ثالثا أن الأعمال التي أحصاها بادية فيها بحقائقها من سعادة أو شقاء ظاهرة بنتائجها من خير أو شر ظهورا لا يستتر بستر و لا يقطع بعذر، قال تعالى:﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾ 12.
    و يظهر من قوله تعالى:﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ... ﴾ 13أن الكتاب يتضمن نفس الأعمال بحقائقها دون الرسوم المخطوطة على حد الكتب المعمولة فيما بيننا في الدنيا فهو نفس الأعمال يطلع الله الإنسان عليها عيانا، و لا حجة كالعيان.

    و بذلك يظهر أن المراد بالطائر و الكتاب في الآية أمر واحد و هو العمل الذي يعمله الإنسان غير أنه سبحانه قال:﴿ ... وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا ... ﴾ 1ففرق الكتاب عن الطائر و لم يقل: «و نخرجه» لئلا يوهم أن العمل إنما يصير كتابا يوم القيامة و هو قبل ذلك طائر و ليس بكتاب أو يوهم أن الطائر خفي مستور غير خارج قبل يوم القيامة فلا يلائم كونه ملزما له في عنقه.

    و بالجملة في قوله:﴿ ... وَنُخْرِجُ لَهُ ... ﴾ 1إشارة إلى أن كتاب الأعمال بحقائقها مستور عن إدراك الإنسان محجوب وراء حجاب الغفلة و إنما يخرجه الله سبحانه للإنسان يوم القيامة فيطلعه على تفاصيله، و هو المعنى بقوله:﴿ ... يَلْقَاهُ مَنْشُورًا ﴾ 1.

    و في ذلك دلالة على أن ذلك أمر مهيأ له غير مغفول عنه فيكون تأكيدا لقوله:﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ... ﴾ 1لأن المحصل أن الإنسان ستناله تبعة عمله لا محالة أما أولا فلأنه لازم له لا يفارقه.

    و أما ثانيا فلأنه مكتوب كتابا سيظهر له فيلقاه منشورا.

    المصادر

    1. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 13، الصفحة: 283.
    2. القران الكريم: سورة يس (36)، الآية: 18، الصفحة: 441.
    3. القران الكريم: سورة الأعراف (7)، الآية: 131، الصفحة: 166.
    4. القران الكريم: سورة النمل (27)، الآية: 47، الصفحة: 381.
    5. القران الكريم: سورة يس (36)، الآية: 19، الصفحة: 441.
    6. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 15، الصفحة: 283.
    7. القران الكريم: سورة النجم (53)، الآيات: 39 - 41، الصفحة: 527.
    8. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 43، الصفحة: 264.
    9. القران الكريم: سورة الحجر (15)، الآية: 45، الصفحة: 264.
    10. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 14، الصفحة: 283.
    11. القران الكريم: سورة الكهف (18)، الآية: 49، الصفحة: 299.
    12. القران الكريم: سورة ق (50)، الآية: 22، الصفحة: 519.
    13. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 30، الصفحة: 54.
    السَّلامُ عَلَى مَحَالِّ مَعْرِفَةِ اللهِ ، وَمَسَاكِنِ بَرَكَةِ اللهِ ، وَمَعَادِنِ حِكْمَةِ اللهِ ، وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ ، وَحَمَلَةِ كِتَابِ اللهِ ، وَأَوْصِيَاءِ نَبِيِّ اللهِ ، وَذُرِّيَّةِ رَسُولِ اللهِ .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X