إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مبدا الشفاعه في ميراثي الامام الحسين ع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مبدا الشفاعه في ميراثي الامام الحسين ع







    إذا كان الأدب دليل الجمال فأول ما يُشترط فيه سمو المعنى لكي يكون المعبّر عن أحاسيس الأمة وعواطفها وأفكارها، فالأدب بصورة عامة والشعر خاصة لابد أن يكون هادفاً لتحقيق غاية منشودة نفسية أو اجتماعية أو أخلاقية أو سياسية مستنداً في ذلك إلى مبدأ الالتزام بقضايا الإنسان.

    عند استقرائنا لمراثي الإمام الحسين (عليه السلام) نجد أن هذه المراثي لم تنفك من معالجة قضايا الإنسان والمجتمع, فقد عبّرت عن هموم الجماهير وطموحاتها، فحاول الشعراء توظيف الحقائق التاريخية المتمثلة بأحداث الطف من أجل ربط الحاضر بالماضي لمنحه قوة و ثراءً ولتأكيد عمق الإنتماء التاريخي المتمثل بأنصع صفحات التاريخ إشراقاً، صفحة الثورة الحسينية الخالدة.

    أن أهم ما ميّز مراثي الإمام الحسين (ع) هو النظرة النقدية للواقع وهو أمر يدل على إدراك ووعي عند الشعراء بمسؤولياتهم التاريخية، وشعورهم بأن غائية الأدب لا تتعارض مطلقاً مع القيمة الفنية الخاصة فقد وجد هؤلاء الشعراء إن الأدب يجب أن ينسجم في مشكلات المجتمع حتى يحيل حياتنا الفردية إلى حياة اجتماعية تترفع عن الهموم الشخصية الصغيرة وتضطلع بالهموم الإنسانية الكبرى لذلك كان التزام هؤلاء الشعراء بقضايا أمتهم وهم يرثون الإمام الحسين معبّراً عن التزامهم بمبادئ الثورة الحسينية كون تلك المبادئ خير ما ينهض بالإنسان إلى عالم السمو الروحي والأخلاقي فضلاً عما يؤديه رثاء الإمام الحسين من رؤية ذاتية تتمثل في رجاء التقرّب إلى الله عن طريقه (عليه السلام) وما ينتج من ذلك الأمر من شعور بالراحة النفسية والأمان الداخلي وهكذا نجد أن الشاعر يهدف إلى خلق عالم أفضل من العالم الذي نعيش فيه.

    إن الإنسان إذا ما آمن بعدالة قضية فإنه يكون من الناحية النفسية مستعداً لتقبل كل ما يدعم ويعزز تلك القضية وحينما يكون النص الأدبي موظفاً لتلك القضية فأنه سيكون محور التقاء بين المبدع والمتلقي كما أن هناك اتفاقاً ضمنياً مشتركاً على قضية واحدة، والنقطة الأساسية التي يلتقي عندها الشاعر والمتلقي في مراثي الإمام الحسين (ع) هي المنزلة العظيمة للإمام وعدالة قضيته وتضحيته في سبيلها مما يترتب على ذلك أن يكون الإمام الحسين (ع) شفيعاً لمحبيه وأنصاره.

    وقد جاءت في ذلك طائفة كبيرة من الروايات المعتبرة عن الأئمة الطاهرين (ع) فكان هذا المبدأ ــ الشفاعة ــ حافزاً دفع الشعراء إلى القول وجعل المتلقي يعيش حالات التأثر لما يحققه مبدأ الشفاعة من شعور بالأمان النفسي.

    من هنا كان الحزن على الإمام الحسين (ع) طريقاً للشعراء من أجل نيل شفاعته للوصول إلى مرضاة الله, وهذا وحده يمكن أن يكون كافياً لبعث الراحة النفسية للشاعر والمتلقي معاً فالكل بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم يوم القيامة، يقول الشاعر عبد الحسين الحلي:

    أنتَ لي ركنٌ شديدٌ يوم لا *** يُلتجى إلّا إلى ركن شديدِ

    هذه منــــــي يدٌ مُدّت فخذ *** بيدي منك إلى ظـلٍ مديدِ

    فالإنسان بما هو كائن تتجاذبه الغرائز فإنه سيظل عرضة للتقصير مما يولد في داخله أنواعاً من الصراعات التي تزعجه ولا سيما حينما يتراءى له ذلك الموقف الرهيب وهو يعرض للحساب الإلهي يوم القيامة فيأتي دور الشفيع ــ الإمام الحسين (ع) ــ ليكون أملاً في النجاة، يقول محمد علي اليعقوبي:

    لست أرجو سوى حضوركم يوم وفاتي وفي الحساب خلاصي

    إن ملازمة الحزن لطلب الشفاعة في المرثية الحسينية دليل واضح على إيمان الشعراء بشفاعة الإمام الحسين وأنه (ع) لن يخيب رجاءهم فهو المعقل والمنهل، يقول السيد حيدر الحلي:

    أأصدرُ ظمــــــــآناً وقد جـئتُ مورداً *** رجــــائيَ من جدواكَ أعذبُ منهلِ

    وتُسلمني للدهــــــــــــــــرِ بعد تيقّني *** بأنكَ مـــــهما راعني الدهرُ معقلي

    فهَبْ، سوء فعلي من صِلاتك مانعي *** فحسنُ رجائي نحو جودِكَ موصلي

    ويقول في مرثية أخرى:

    بولاء أبنـــــــــــــــــاء الرسالة أتقي *** يوم القيـــــــــــــامة هولها وبلاءها

    آليت ألزم طـــــــــــــائراً مدحي لهم *** عنقي إذا مـــــــــــا الله شاء فناءها

    ليرى الإلهَ ضجيــــــــــعَ قلبي حبها *** وضجيــــع جسمي مدحها ورثاءها

    ماذا تظن إذا رفعـــــــــــت وسيلتي *** لله حمد أئمتــــــــــــــــــي وولاءها

    أترى يقلّدني صحيــــــــــفة شقوتي *** ويبزّ عنقي مدحـــــــــــــها وثناءها

    بل أين من عنقي صحيـــــفتيَ التي *** أخشى وقد ضمــــن الولاء جلاءها

    لقد ارتبطت ثورة الحسين (ع) وشخصيته ومبادئه وبطولته وتضحيته بالألم، والألم بالأمل والأمل بالإنقاذ والخلاص لأن البشرية لا تستطيع لوحدها أن تتغلب على الألم البشري وبذلك أصبح الاستشهاد طريق الشفاعة والخلاص فالإمام حينما ضحى بنفسه وأصحابه فإن ذلك كان من أجل خلاص المسلمين حتى أن تضحيته في سبيل الاسلام لم تقف عند حد فقد أعطى الله كل شيء فأعطاه الله كل شيء ومما أعطاه الله للحسين أن يشفع لمن نصره ولو ببيت واحد من الشعر أو بدمعة حزن، يقول محمد علي النجار:

    وأرى ببعدي عن رثائك جفوةً *** فنظمتُ أبياتاً على مقداري

    لأكون مصداقَ الأحاديثِ التي *** تروى لنا في جملةِ الأخبارِ

    من قال فيـــنا بيتَ شعرٍ واحدٍ *** فله جنــــانُ الخلدِ دار قرارِ

    ويقول عباس رشيد الخزاعي:

    تدخلون الجنــانَ من قال فيكم *** بيتَ شعــــــرٍ وقلبُه مسرورُ

    وشعوري لديــــــكمُ والقوافي *** هي لي عندكــم شفيعٌ نصيرُ

    ويقول عبد المنعم الفرطوسي:

    أنتَ الشفيعُ وما عندي لما اكتسبت *** يدايَ غيرك يوم الحشرِ من أملِ

    لقد حاول الشعراء من خلال الكلمة الصادقة تحقيق غايتين تتمثل الأولى بالاستجابة لدافع القول بوصفه إنساناً مبدعاً, فيما تتمثل الثانية في رجائه بنيل الشفاعة لتتوحد الغايتان في تحقيق جو من الأمان النفسي والاطمئنان الداخلي، يقول طالب الجبوري:

    إن لم أدَّخـر لحشري ونشري *** غير هذي اليتائم الأفوافِ

    ودموعي على الحسين شهيد الــــطف حسبي إذا عدمتُ القوافي

    ويقول السيد صالح القزويني النجفي:

    وإني بكم أنزلت جل مطالبي *** وأدركت من أفضالكم كل مطلبِ

    ويلاحظ أن الإمام الحسين (ع) وأهل بيته عليهم السلام لم يكونوا شفعاء في الآخرة فحسب, بل إن الشعراء استنجدوا بهم للخلاص من صعوبات الدنيا ومصائبها أو لطلب النجاح في حياتهم، يقول يعقوب الحاج جعفر الحلي:

    إني لأرجوكم في كل نائبةٍ *** فإنكم خيرُ مرجوٍ ومنتدبِ

    ويقول محسن ابو الحب:

    أنتم رجائي وأنتم عدتي *** وبكم أرجو النجاة فأنتم علةُ العللِ

    ويقول عبد القادر رشيد الناصري:

    يا ابن رب البيان كن لي شفيعاً *** يوم لا شافع سواكم ومـــــطلبْ

    واذكرني لدى إلهــــــــــــــــــك إن جئت ومن حوله التســـــابيح تسكبْ

    قل له عبدك المشــــــــرّد يحيا *** في زحامِ الحياةِ من غيرِ مأربْ

    غيره ناعم بدنيـــــــــا الأماني *** وهو في عــــــالم الشقاء معذبْ

    إن هذا المنحى في طلب الشفاعة والنصرة يكاد يكون ظاهرة عامة في خواتيم المراثي في إشارة من الشعراء إلى أن حزنهم على سيد الشهداء دليل على إخلاصهم لمنهج أهل البيت (ع) لذلك فمن حقهم أن يتوسلوا به (ع) لتحقيق مطالبهم التي تعبر عن نفوس أرهقها الزمن فلم تجد سوى اللوذ بحمى الحسين لاستعادة الثقة بالنفس وليكون ذلك للشاعر مصدراً وطريقاً في الشفاعة.


  • #2

    الأخت الفاضلة ارض البقيع . أحسنتِ وأجدتِ وسلمت أناملكِ على نقل و نشر هذه المشاركة القيمة . رزقنا الله وإياكِ شفاعة الإمام الحسين (عليه السلام) في الأخرة . وجعل الله عملكِ هذا في ميزان حسناتكِ . ودمتِ في رعاية الله تعالى وحفظه .

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X