قبل أنّ نبيّن بعض الحقائق حول الحرب مع الإمام الحسين (عليه السلام) أو ما يتعلّق به لا بأس أن نُشير إلى مطلب في غاية الأهميّة وهو أنّ البشريّة على مرّ التأريخ تُمتحن بالإمام الحسين (عليه السلام) ففاز طائفة منهم بالنصرة والثبات على خط الإمام الحسين (عليه السلام) وهوت طائفة أخرى وخسروا الدنيا والآخرة، ويشهد لذلك دعاء الإمام الحسين (عليه السلام) نفسه في القنوت حيث كان يقول: وأعذ أولياءك من الافتتان بي (6).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بالحسين أعطيتم الإحسان، وبالحسين تسعدون وبه تشقون إلا وإنّ الحسين باب من أبواب الجنّة من عاداه حرّم الله عليه رائحة الجنّة (7).
وما زالت الخلائق حتّى اليوم تُمتحن بالإمام الحسين (عليه السلام) وبما يتعلّق به، وهم بين من يناصر مبادئه ويذود عنها وبين من جعل شغله الشاغل هو التشكيك وعرقلة كل ما يرتبط بسيّد الشهداء (عليه السلام).
الحذر من محاربة الإمام الحسين (عليه السلام)
ومن مقاصد هذا المقال هو التحذير من محاربة الإمام الحسين (عليه السلام) وما يتعلّق به والاعتبار بمصير من حاربوه وكيف أنّهم خسروا الدنيا والآخرة.
فقد أخبر سيّد الشهداء قتلته بجزائهم في عدة مواضع ومنها قوله (عليه السلام): وأيم الله إنّي لأرجو أن يُكرمني ربّي بالشهادة بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون.
فصاح به الحصين بن مالك السكوني، فقال: يا بن فاطمة وبماذا ينتقم لك منّا؟
قال: يُلقي بأسكم بينكم ويسفك دماءكم ثم يصب عليكم العذاب الأليم (8).
وقال (عليه السلام): وأيم الله لتقتلني الفئة الباغية، وليلبسنهم الله ذلاً شاملاً، وسيفاً قاطعاً، وليسلطن عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم، فحكمت في أموالهم ودمائهم (9).
وليس الأمر مقتصراً على الحذر من محاربة الإمام الحسين (عليه السلام) وما يتعلق به بل لا بد من إجتناب الرضا بأفعالهم كي لا يشملنا قوله (عليه السلام): ولعن أمة رضيت بذلك.
بل ينبغي الحذر حتى من التقصير في نصرة الإمام الحسين (عليه السلام) وما يتعلّق به لأنّ التقصير عن النصرة أيضاً لها تبعات عظيمة وكشاهد على ذلك ننقل القضيتين التاليتين:
قال عبدالله بن رباح في جواب من سأله عن سبب العمى الذي ابتلي به: كنت حضرت كربلاء وما قاتلت فنمت فرأيت شخصاً هائلاً، قال: أجب رسول الله، فقلت: لا أطيق، فجرّني إلى رسول الله فوجدته حزيناً وفي يده حربة وبسط قدامه نطع وملك قبله قائم في يده سيف من النار يضرب أعناق القوم وتقع النار فيهم فتحرقهم ثم يحيون ويقتلهم أيضاً هكذا، فقلت: السلام عليك يارسول الله والله ماضربت بسيف ولاطعنت برمح ولا رميت سهماً، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): ألست كثرت السواد؟!
فسلمني وأخذ من طست فيه دم فكحّلني من ذلك الدم فاحترقت عيناي، فلما انتبهت كنت أعمى.
وقال السدي: لرجل أنت تبيع القطران؟
قال: والله ما رأيت القطران إلا أنّني كنت أبيع المسمار في عسكر عمر بن سعد في كربلاء فرأيت في منامي رسول الله وعلي بن أبي طالب (عليهما السلام) يسقيان الشهداء فاستسقيت علياً فأبى فأتيت النبي (صلى الله عليه وآله) فاستسقيت فنظر إلي، وقال: ألست ممّن أعان علينا؟
فقالت: يا رسول الله إنّني محترق ووالله ماحاربتهم، فقال: اسقه قطراناً، فسقاني شربه قطران، فلمّا انتبهت كنت أبول ثلاثة أيام القطران ثم انقطع وبقيت رائحته (10).
تعليق