بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
.. لم تضحك السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، بل عدت من البكائين السته في التاريخ : بكى آدم ندماً، وبكى نوح قومه، وبكى يعقوب ابنه يوسف، وبكى يحي خوف النار، وبكت فاطمة أباها، والمرة الوحيدة التي ابتسمت فيها بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، عند ما نظرت – وهي على فراش الموت- الى أسماء بنت عميس، وبعد أن لبست ملابس الموت، فابتسمت، ونظرت الى نعشها الذي عمل قبل وفاتها وقالت : “سترتموني ستركم الله”، فكانت هذه هي اللحظة الوحيدة التي رئيت فيها مبتسمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
كانت الزهراء الى جانب ابيها صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه لا تفارقه، تعني به، وتخدمه، ولما شارفه الموت قال صلى الله عليه وآله وسلم : “واكرباه”، فاخذتها اللوعة، وقالت في أنين، ومن قلب حزين : واكرب ابتاه، فادركته صلى الله عليه وآله وسلم عليها رقة ورحمة، فقال لها ليهديء خاطرها: “لاكرب على ابيك بعد اليوم”.
ثم تعود فاطمة الى نفسها وتذكر ما أسر به اليها من حضور اجله، وانها اول اهله لحوقاً به، وما بشرها به من قوله: “الا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين؟” فأخذت تهديء من روعها، ولكنها لم تستطع ان تقف ما استبق من عبراتها، فأخذت تمسح دموعها حتى لا يراها والدها صلى الله عليه وآله وسلم فيحزنه جزعها، ولكن انى لها ذلك وهي امام هول عظيم، فهذا ابوها وحبيبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد ثقل عليه مرضه، وفتحت له ابواب السماء، واقبلت عليه ملائكة الله عز وجل بروح من الله ورضوان، تبشره بلقاء ربه عز وجل، وما أعده له من الوسيلة والدرجة العظيمة والمقام المحمود، وما يلقاه في الخلد من نعيم مقيم، فلم يلبث صلى الله عليه وآله وسلم ان صعدت روحه الكريمة الطاهرة المطهرة الراضية المرضية الى ملئها الاعلى، والى جوار رب العالمين، فبكت فاطمة عليها السلام، اذ فقدت اباها البر الكريم، والرءوف الرحيم، وتغشاها الاسي والاكتئاب، وتولتها غصة وفجعة.
وقد روي ان فاطمة عليها السلام تندبه :
أبـا وا أبتــاه
أجاب ربا دعاه
جنة الفردوس مأواه
من ربه ما أدناه
الى جبريل نعاه
ولما دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اقبلت على انس بن مالك فقالت: “يا أنس، كيف طابت انفسكم ان تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟”.
ولقد عاشت السيدة الزهراء بعد الرسول عليه الصلاه والسلام خمسه وسبعين يوماً. وعن الصادق عليه السلام: مائة وخمسة وسبعين يوماً، لم تر كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل اسبوع مرتين: الاثنين والخميس، فتقول: “ها هنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وها هنا كان المشركون”، وفي رواية عن الصادق عليه السلام أنها كانت تصلي هناك وتدعو حتى ماتت، وروي عن الباقر عليه السلام قال: “ما رأيت فاطمة ضاحكة قط منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قبضت”.
وفي السيرة النبوية: عاشت فاطمة بعد أبيها سته أشهر، فما ضحكت تلك المدة.
وروي أنها مازالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب يغشي عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين جدكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة؟ اين ابوكما الذي كان اشد الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الارض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا، ولا يحملكما على عاتقه كما كان يفعل؟
وروي انه لما قبض الرسول صلى الله عليه وآله وسلم امتنع بلال عن الاذان وقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وان فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم : أشتهي ان اسمع صوت مؤذن أبي بالاذان، فبلغ ذلك بلالا، فأخذ يؤذن، فلما قال : الله اكبر الله اكبر، ذكرت أباها وأيامه، فلم تتمالك نفسها من البكاء، فلما بلغ قوله: وأشهد ان محمداً رسول الله، شهقت فاطمة عليها السلام، وسقطت لوجهها، وغشي عليها، فقيل لبلال: أمسك، فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحياة الدنيا، وظنوا أنها قد ماتت، فلم يتم الاذان، فافاقت، فسالته اتمامه، فلم يفعل وقال لها: يا سيدة النساء، اني اخشى عليك مما تنزلينه بنفسك اذا سمعت صوتي بالاذان، فاعفته من ذلك.
وعن علي عليه السلام قال: غسلت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه، فكانت فاطمة عليها السلام تقول: ارني القميص، فاذا شمته غشي عليها، فلما رأيت ذلك منها غيبته.
وفي روايه أن عليا عليه السلام بنى لها بيتاً في البقيع سمي ببيت الاحزان، وهو باق الى هذا الزمان، وهو الموضع المعروف بمسجد فاطمة في جهة قبة مشهد الحسن و العباس، واليه اشار ابن جبير بقوله: “ويلي القبة العباسية بيت فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويعرف ببيت الحزن”، يقال انه هو الذي اوت اليه، والتزمت الحزن فيه منذ وفاة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم.
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
.. لم تضحك السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، بل عدت من البكائين السته في التاريخ : بكى آدم ندماً، وبكى نوح قومه، وبكى يعقوب ابنه يوسف، وبكى يحي خوف النار، وبكت فاطمة أباها، والمرة الوحيدة التي ابتسمت فيها بعد وفاة ابيها صلى الله عليه وآله وسلم، عند ما نظرت – وهي على فراش الموت- الى أسماء بنت عميس، وبعد أن لبست ملابس الموت، فابتسمت، ونظرت الى نعشها الذي عمل قبل وفاتها وقالت : “سترتموني ستركم الله”، فكانت هذه هي اللحظة الوحيدة التي رئيت فيها مبتسمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
كانت الزهراء الى جانب ابيها صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه لا تفارقه، تعني به، وتخدمه، ولما شارفه الموت قال صلى الله عليه وآله وسلم : “واكرباه”، فاخذتها اللوعة، وقالت في أنين، ومن قلب حزين : واكرب ابتاه، فادركته صلى الله عليه وآله وسلم عليها رقة ورحمة، فقال لها ليهديء خاطرها: “لاكرب على ابيك بعد اليوم”.
ثم تعود فاطمة الى نفسها وتذكر ما أسر به اليها من حضور اجله، وانها اول اهله لحوقاً به، وما بشرها به من قوله: “الا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين؟” فأخذت تهديء من روعها، ولكنها لم تستطع ان تقف ما استبق من عبراتها، فأخذت تمسح دموعها حتى لا يراها والدها صلى الله عليه وآله وسلم فيحزنه جزعها، ولكن انى لها ذلك وهي امام هول عظيم، فهذا ابوها وحبيبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد ثقل عليه مرضه، وفتحت له ابواب السماء، واقبلت عليه ملائكة الله عز وجل بروح من الله ورضوان، تبشره بلقاء ربه عز وجل، وما أعده له من الوسيلة والدرجة العظيمة والمقام المحمود، وما يلقاه في الخلد من نعيم مقيم، فلم يلبث صلى الله عليه وآله وسلم ان صعدت روحه الكريمة الطاهرة المطهرة الراضية المرضية الى ملئها الاعلى، والى جوار رب العالمين، فبكت فاطمة عليها السلام، اذ فقدت اباها البر الكريم، والرءوف الرحيم، وتغشاها الاسي والاكتئاب، وتولتها غصة وفجعة.
وقد روي ان فاطمة عليها السلام تندبه :
أبـا وا أبتــاه
أجاب ربا دعاه
جنة الفردوس مأواه
من ربه ما أدناه
الى جبريل نعاه
ولما دفن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اقبلت على انس بن مالك فقالت: “يا أنس، كيف طابت انفسكم ان تحثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟”.
ولقد عاشت السيدة الزهراء بعد الرسول عليه الصلاه والسلام خمسه وسبعين يوماً. وعن الصادق عليه السلام: مائة وخمسة وسبعين يوماً، لم تر كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل اسبوع مرتين: الاثنين والخميس، فتقول: “ها هنا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وها هنا كان المشركون”، وفي رواية عن الصادق عليه السلام أنها كانت تصلي هناك وتدعو حتى ماتت، وروي عن الباقر عليه السلام قال: “ما رأيت فاطمة ضاحكة قط منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قبضت”.
وفي السيرة النبوية: عاشت فاطمة بعد أبيها سته أشهر، فما ضحكت تلك المدة.
وروي أنها مازالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب يغشي عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين جدكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة؟ اين ابوكما الذي كان اشد الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الارض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا، ولا يحملكما على عاتقه كما كان يفعل؟
وروي انه لما قبض الرسول صلى الله عليه وآله وسلم امتنع بلال عن الاذان وقال: لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وان فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم : أشتهي ان اسمع صوت مؤذن أبي بالاذان، فبلغ ذلك بلالا، فأخذ يؤذن، فلما قال : الله اكبر الله اكبر، ذكرت أباها وأيامه، فلم تتمالك نفسها من البكاء، فلما بلغ قوله: وأشهد ان محمداً رسول الله، شهقت فاطمة عليها السلام، وسقطت لوجهها، وغشي عليها، فقيل لبلال: أمسك، فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحياة الدنيا، وظنوا أنها قد ماتت، فلم يتم الاذان، فافاقت، فسالته اتمامه، فلم يفعل وقال لها: يا سيدة النساء، اني اخشى عليك مما تنزلينه بنفسك اذا سمعت صوتي بالاذان، فاعفته من ذلك.
وعن علي عليه السلام قال: غسلت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه، فكانت فاطمة عليها السلام تقول: ارني القميص، فاذا شمته غشي عليها، فلما رأيت ذلك منها غيبته.
وفي روايه أن عليا عليه السلام بنى لها بيتاً في البقيع سمي ببيت الاحزان، وهو باق الى هذا الزمان، وهو الموضع المعروف بمسجد فاطمة في جهة قبة مشهد الحسن و العباس، واليه اشار ابن جبير بقوله: “ويلي القبة العباسية بيت فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ويعرف ببيت الحزن”، يقال انه هو الذي اوت اليه، والتزمت الحزن فيه منذ وفاة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم.