إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة وفاة السيدة مريم عليه السلام

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة وفاة السيدة مريم عليه السلام


    اللهم صل على محمد وآل محمد
    عاشت السيدة مريم عليها السلام مع ولدها عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام دهرا طويلا في الجبل يعبدان إلههما الجبار يقومان الليل ويصومان النهار وياكلان من ورق الاشجار ونبات الارض ويشربان من ماء الامطار ، ثم ان عيسى ذات يوم نزل من الجبل يلتقط من نبات الارض ما يفطر به هو وامه إذ هبط ملك على مريم عليها السلام وهي معتكفة في محرابها وقال : السلام عليك يامريم الصائمة القائمة فخرت مغشيا عليها من شدة هول ملك الموت ، فلما أفاقت من غشوتها قالت له : من أنت يرحمك الله ؟ فلقد اقشعر جسمي وارتعدت فرائصي وذهب عقلي وتلجلج لساني وتغيرت من مخافتك الواني وخريت من خوفك مغشية على وجهي ؟
    قال لها : يا مريم أنا ملك الموت الذي لا أرحم الصغير لصغره ولا الكبير لكبره ولا الشاب لشبابه ، أنا هادم اللذات ، أنا مفرق الجماعات ، أنا منغص الشهوات ، أنا قاطع الأمنيات ، أنا مرسول لقبض الأرواح ، أنا مخرب القصور ، أنا عامر القبور ، أنا الذي لا أستأذن على أحد بدخولي عليه من الملوك والجبابره ، أنا ملك الموت.
    فقالت مريم : جئت زائراً أم جئت قابضاً ؟ قال : بل قابضاً فاستعدي يا مريم ، فقالت : يا ملك الموت لا تعجل علي حتى يجيء قرة عيني وثمرة فؤادي وريحانة قلبي وفلذة كبدي عيسى ، فقال لها ملك الموت : ما أمرني الله تعالى بذلك وأنا عبد مأمور من الله تعالى الحي الذي لا يموت ، وقد أمرني أن لا أرفع قدم حتى أقبض روحك في موضعك هذا ، فقالت : يا ملك الموت قد سلمت أمري لله تعالى ورضيت بقضائه. فدنى ملك الموت عليه السلام منها وقبض روحها الى رضوان الله وجنانه فأمسى عيسى تلك الليلة لم يصعد إلى الجبل حتى دنى وقت العشاء الآخرة ، فلما صعد الجبل نظرالى أمه فإذا هي ممدده فظن انها نائمة ، وقد أدت الفريضة لربها ، ونامت لتستريح ولم يعلم عيسى بما نزل عليها من امر الله تعالى ، فوضع ما كان عنده من حشيش الارض ولم يفطر بشيء كل هذا لأجل أمه يريد أن يفطر معها ولم يعلم أن ملك الموت قد نزل بها.
    وقام عيسى عليه السلام في محرابه وجعل يصلي حتى مضى من الليل ثلاث ساعات ،فجاء ووقف عند رأسها وناداها بصوت خفيف وقلب يدها وقال : السلام عليك يا أماه قد انتصف الليل وأفطر الصائمون وقام العابدون الى عبادة الجبار ، فلم تكلمه ، فقال في نفسه لكل نومة لذة وهي الآن في لذة نومها فما أنا بالذي منغص عليها لذتها.
    فعاد الى محرابه فصلى ثلث الليل الثاني وجاء ووقف عند رأسها وبكى وقال : السلام عليك يا أماه قد انصرم الليل وأفطر الصائمون وقام العابدون الى عبادة الرحمن فلم تكلمه ،
    فظن أنها تعبانه من العبادة وقد نامت لتستريح ثم عاد الى المحراب ولم يفطر تلك الليلة بشيء حتى كان عند الفجر جاء إليها ووقف عند رأسها وناداها فلم تجبه فأنكر شأنها فوضع فمه على فمها وخده على خدها وهو يقول : يا أماه حملتيني في بطنك ورضعتيني من ثديك وسهرت علي ليلك وتعبت عليّ نهارك ، يا أماه مضى الليل وجاء النهار وقد جاءت فريضة رب العالمين التي لا بد منها ، فبكت عند ذلك ملائكة السماوات رحمة لهما ، وأوحى الله تعالى الى الملائكة يا ملائكتي ما يبكيكم ؟ فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا نبكي رحمة على عيسى وأمه عبديك وكلمتك وروحك ، فإذا منادي ينادي في السماء يا عيسى إرفع فمك وخدك عن أمك الصائمة القائمة فإنها عرج بروحها الى ربها فلما سمع ذلك الكلام خرّ مغشياً عليه ، فلما أفاق من غشوته نادى بأعلا صوته واحسرتاه وانقطاع ظهراه ، واغربتاه ، واوحشتاه يا أماه من يؤنسني في وحشتي ، ومن يعينني على عبادة ربي ،
    فأوحى الله تعالى إلى الجبل أن يكلم عيسى فكلمه وقال : يا روح الله ما هذا الجزع أتريد أحسن مني مؤنساً ؟ فقال : أعوذ بعزة ربي ورأفته ، ثم ان عيسى عليه السلام صبر على قضاء الله وقدره وشكره على نعمته وحكمته .
    ثم هبط من ذلك الجبل إلى قرية من قرى بني إسرائيل فنادى بصوت حزين: السلام عليكم يا بني إسرائيل فخرجن ذوات الخدور من خدورهن وقلن: من أنت يا عبد الله فقد أضاء من حسن وجهك نور فقال: أنا روح الله عيسى بن مريم إن أمي ماتت غريبة فأعينوني على غسلها وكفنها و دفنها فقالوا: يا روح الله إن هذا الجبل كثير الأفاعي والحيات لم يسلكه آباؤنا وأجدادنا منذ ثلاثمائة سنة، فهذا الحنوط والكفن فسر به فتولى عيسى فردا فلقى رجلين فقال لهما إن أمي ماتت غريبة في هذا الجبل فأعيناني على غسلها ودفنها فقالا: لذلك أرسلنا أنا جبرئيل وهذا ميكائيل وهذا الحنوط واكفان الجنة يا عيسى أعرض بوجهك، فإن الحور العين يهبطن عليها لغسلها فأعرض عيسى عليه السلام بوجهه حتى أهبطت الحور العين فغسلتها وحنطتها وتولى جبرئيل حفر قبرها وشق الجبل شقا وجعل رأسها مما يلي القبلة التي كانا يصليان إليها ثم صلى عليها عيسى وجبرئيل وميكائيل مع الملائكة صفوفاً من المشرق إلى المغرب فلما دفنوها و عرج جبرئيل وميكائيل والملائكة إلى السماء فرجعت الحور العين إلى الجنة باكيات ثم قال عيسى يا إلهي

    قد ترى مكاني وتسمع كلامي ولا يخفى عليك شيء من أمري قال: أمي ماتت ولم أشهدها عند وفاتها فأئذن لها تتكلم معي أسألها عما أريد، فأوحى الله إليه أني قد أذنت لها بالجواب فاسألها، فناداها عيسى: يا أماه فأجابته من جوف القبر حبيبي وقرة عيني لم أخرجتني من قصور وأزعجتني من مكاني؟ فقال يا أماه كيف وجدت مصيرك والقدوم على ربك قالت جئت خير مصير وقدمت على رب كريم فوجدته راضياً غير غضبان قال لها يا أماه كيف وجدت سكرات الموت؟
    قالت: والذي بعثك بالحق نبياً واصطفاك بالرسالة ما ذهبت مرارة الموت من حلقي وضرب ملك بين كتفي ومعاينه بين عيني وعليك السلام إلى يوم القيامة ثم ربط على قلبها وختم على لسانها وربط الله على قلب عيسى عليه السلام بالصبر والسكينة .
    ــــــــــــــــــ
    * بحار الانوار

    أين استقرت بك النوى
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X