اللهم صل على محمد وآل محمد
٦- هذا يحتم علينا أن نأخذ ذلك التاريخ بعين الإعتبار وننظر إليه وأن لا ننقطع عنه وإلاّ فلن يُقدر لنا فكريا أن نفهم الحركة الإصلاحية المنشودة إذا لم نفهم الحركة الإصلاحية الممهدة (إذ أن الحركة الحسينية على هذا تكون ممهدة للحركة المهدوية المنتظرة), ولذلك يمكن أن نقول أنّ حركة الإصلاح الحسيني من أهم الممهدات لحركة الإصلاح النهائي أو حركة الإصلاح المهدوي, وإذا لم تفهم هذه لم تفهم تلك.
٧- ينجلي لنا من خلال ذلك أن ما تحث عليه الروايات من طلب الثار-ليس بمعناه الفردي الشخصي الذي قد ينسبق لدى الذهنية الضيقة لانّه _طلب الثأر_ من أهم مرتكزات الإنتظار فيكون إبعادهُ عن اجوائه مميتا له ويجعله انتظارا فاقدا للروح والحيوية المحركة له.... فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أفضل الأعمال - وفي بعض النصوص العبادة- انتظار الفرج) وليس ذلك إلاّ لما سيتحقق على يديه من إرساء العدل وإقامة الحق فيتجلى ما قاله الصادق عليه السلام من أن الأمّة لا توفق حتى يأخذ الثائرُ بثار الحسين عليه السلام لانه أبرزُ تجسيد للعدل ولا يتحقق إلا برفع الظلم وقد اكّد ذلك حديث آخر للصادق عليه السلام مؤكّداً أن الفرج لايُرى، ولا يرتفع البلاءُ الذي نزل بقتل المظلوم في كربلاء إلاّ بأخذ الثار، وهذا نفس ما أكّد عليه الحسين عليه السلام بنفسه مرة في بداية حركته وهو في ساحة القتال مخاطبا من يريد قتله ان هناك من سيتسلط عليكم وينتقم لدمي ودم من قتل معي (الّلهم ... وسلط عليهم غلام ثقيف ... ينتقم لي ولاوليائي واهل بيتي وأشياعي منهم) وهو يعكس لنا ان الحسين عليه السلام من أول الأمر يرشد الناس ويهيء الذهنية لحالة الترقب والانتظار للقضاء على الظلم وفي نفس الوقت يحفز الناس على سلوك هذا الطريق ويؤكد ذلك لولده زين العابدين عليه السلام إذ يقول له (يا ولدي يا علي والله لايسكن دمي حتى يبعث الله المهدي عليه السلام فيقتل على دمي المنافقين والكفرة).
وهو بذلك يؤكد حالة الانتظار الثأري، وأن هذا الدم سيكون شعاراً لكل من يقومُ بالعدل ويريد إرساء قواعد القسط ورفع الظلم.
لذلك نجد أنّ هناك حقيقة أرستها الروايات ينبغي الالتفات إليها والتمعن فيها وهي الترابط بين الاخذ بالثار والقيام المهدوي من خلال التأكيد على أنّ ذلك القيام سيكون يوم عاشوراء فأختيار يوم عاشوراء ليس له معنىً في قبال بقية الأيام إلاّ لأجل أنْ تترسخ حالة الترابط بين الانتظار والأخذ بالثأر، إذ يقول الباقر عليه السلام (انّ يوم عاشوراء هو اليوم الذي يقوم فيه المهدي عليه السلام), ويؤكد في حديث آخر يظهر منه ما أشرنا إليه إذ ينص على أنّ القيام يكون في اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام لكي يملأ الأرض عدلا وهذا يؤكد الترابط بين العدل ويوم عاشورا، وإن الانتظار لطلب الثار حقيقة يجب أن تعاش في ضمير الفرد.
بل وصل الأمر في التأكيدات الصادرة عن أهل البيت عليهم السلام روائياً إلى أنّ نصر الحسين إنما يكون بالمهدي وقيامه.