بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
فيما كان أبن عمه ووصيه دون فصل الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام مشغولاً بتجهيز ودفن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وكان لا يزال جسده الطاهر لم يوار الثرى عقد القوم الطغاة سقيفة "بني ساعدة" لتكون الخطوة الثانية لآنقلابهم على الاسلام وأصله بعد مقولة أحدهم "أن الرجل ليهجر".. ومن بعدها خطوتهم الثالثة وهي الهجوم على دار بضعته وروحه التي بين جنبيه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام حقداً وكرهاً وبغضاً وعداوة وانتقاماً من الخدمات الجلية والكبيرة التي قدمها والدها نبي الرأفة والرحمة والمودة والمحبة بحمله رسالة السماء وإخراج القوم من الظلمات الى النور ومن الجهالة الى العلم ومن القبلية الى المدنية ومن الشرك الى الايمان وكل ذلك خلال ثلاثة ايام فقط!!..
سجل بعض كبار الصحابة أرقاماً فاقت حدّ التصور في الأحداث بعد الرسول (ص) فسرعان ما أنقلبوا على الحقيقة وتجاهلوا العهود والمواثيق التي قطعوها على أنفسهم بإلتزامهم أقوال ووصايا "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى" النجم: 3و4، فكانوا مصاديق لقوله (ص):" ليردنّ علي الحوض رجالٌ ممّن صحبني ورآني، حتى إذا رفعوا الي ورأيتهم اختلجوا دوني، فلاَقولنّ: ربّ أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، انهم أرتدوا على أعقابهم القهقري"- (مسند أحمد: 5: 48)، وفي لفظ آخر:" ليردن علي الحوض رجلان ممن صحبني، فإذا رأيتهما اختلجا دوني"- (مسند أحمد 4: 20).
لقد تمعن الطغاة وقادة القوم بكل ما للكلمة من معانِ في التنكيل بأم أبيها وفلذة كبده الزهراء البتول (ع) وجسدوا كل ما قاله رسول الله (ص) من قبل لاصحابه وهو آخذ بيد أبنته فاطمة (ع): "وأما ابنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، ونور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي... وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ... فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وأذل من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها..." - جاء في فرائد السمطين: ج 2 ص 34-35 والأمالي للشيخ الصدوق ص 99- 101 وإثبات الهداة: ج 1 ص 280 -281 ، وإرشاد القلوب ص 295، وبحار الأنوار: ج 28 ص 37 -39، وج 43 ص 172- 173، والعوالم: ج 11 ص 391 و392، وفي هامشه عن غاية المرام ص 48 والمحتضر ص 109، وجلاء العيون للمجلسي: ج 1 ص 186- 188 وبشارة المصطفى ص 197- 200 والفضائل لابن شاذان ص 8- 11، وتحقيق المحدث الأرموي.
وقف القوم الطغاة على باب بيت النبوة ومهبط الوحي والتنزيل دون إكتراث أو تأني، وتعمدوا إحراق بابه ومن فيه وصب جام غضبهم على من قتل آبائهم وأخوانهم وأبناء قومهم من المشركين والملحدين في بدر والخندق والاحزاب وخيبر و... وصرخوا بأعلى صوتهم بكلمة "وإن" على من قال لهم "إن في البيت فاطمة" وتجاهلوا آية التطهير بحقها وأهل بيتها (ع)، فأضرموا نار جاهليتهم ووثنيتهم وقبليتهم وشركهم على آل الرسول وأم ابيها تلك التي قال عنها (ص): "إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"- رواه مستدرك الحاكم:3/154، والخوارزمي في كشف الغمة 1، وعوالم العلوم: 116، وذخائر العقبى: 39 وغيرهم .
وقد أتفق مشاهير الرواة وكبارهم من أهل السنة على حادثة الباب وكسر ضلع الزهراء وإسقاط جنينها ومنهم "البخاري" في "الصحاح" و"المسعودي" صاحب تأريخ "مروج الذهب" في كتابه "إثبات الوصية" و"أبي الفتح الشهرستاني" في "الملل والنحل" و"أن قتيبة" في "الامامة والسياسة" و"أبن أبي الحديد" في "شرح نهج البلاغة" و"الطبري" وغيرهم من كبار علمائهم ، حيث كتبوا .."أن أبو بكر وعمر بن الخطاب وجمع من الناس أتوا بين علي (ع) وكان عمر يحمل الحطب وقبس النار.. وأخذ يصرخ عمر بصوت عالي عند باب بيت علي (ع): والذي نفس عمر بيده لتخرجن لمبايعة أبو بكر أو لأحرقنها على من فيها! فقيل له: يا أبا حفص أن فيها فاطمة ! فقال : وإن!! ، فهجم عمر ومن معه فدفعوا باب الدار بشدة وهم يعلمون بأن فاطمة (ع) خلفه.. فكسروا بعض اضلاعها.. وسببوا إسقاط جنينها.. ثم مرضها.. وشهادتها (ع)
ففعلوا ما فعلوا ونكروا ما نكروا وانقلبوا على الحق والحقيقة وأرتدوا على ما عهدوا به ونكثوا ما بايعوا عليه أمام عشرات آلاف من المسلمين في "غدير خم" وذهب قولهم "بخ بخ لك يا علي.." هواءً في شبك وكأن لم يقولوها مطلقاً، فأنكروا الوصاية لبعل الزهرا (ع) دون فصل وغصبوا إرث البتول (ع) وسلبوها "نحلة فدك" رغم وقوفهم على حقانيتها عليها وأنها هدية ربانية إكراماً لما أنفقته أمها خديجة (ع) من مالها الوفير في خدمة نشر الاسلام ولم يكتفوا بذلك فقط، بل فعلوا فعلتهم الشنيعة حيث عصروها بين الباب والحائط رغم علمهم بوجودها خلف الباب.. (الامامة والسياسة ج1 ص19) فنبت المسمار في صدرها الشريف وكسروا ضلعها، وأسقطوا جنينها، وأرعبوها وأرهبوها وأهل بيتها (ع) وطرحوها مريضة الفراش وبقيت على هذه الحالة المأساوية حتى فارقت روحها الطاهرة جسدها نحو ربها في 13 جمادي الأولى سنة 11 للهجرة في عام رحيل والدها خاتم المرسلين (ص) في 28 صفر عام 11 للهجرة، ودفنت سراً ولا زال قبرها الشريف مجهولاً كما أوصت (ع) بذلك لآنها ماتت وهي واجدة ممن آذوها كما روته عائشة: "ماتت فاطمة وهي واجدة (غاضبة) عليهما (أبو بكر وعمر)" - كما جاء في صحيح البخاري عدة احاديث منها 2862 وكذلك : ج 5 - ص 177 وصحيح مسلم: ج 1 (ملخص) - ص 589 دار السلام - رياض - السعودية وكتاب الامامة والسياسة ج 1 - ابن قتيبة الدينوري تحقيق الشيري ص 31 .
توارث الأحفاد الأحقاد والعداء والجاهلية والقبلية والإجرام والدموية والتنكيل والتمثيل من أسلافهم الجهلة والقتلة والمجرمين والمزيفين والمنحرفين، فواصلوا سلب ونهب الحق وإستباحة المحرمات وانتهاك المقدسات واغتصاب الخلافة والسلطة وتزييف وتدليس وتزوير الحقائق كما فعل أجدادهم قادة القوم في صدر الاسلام وواصلوا سياسة إبقاء الناس على الضلالة والجاهلية وعبدة الأوثان بأسم القرآن ولباس السنة وهما عنهم براء كما فعل أسلافهم فحرفوا تفاسير الايات وأدخلوا أحاديث وروايات لا تنم للاسلام من صلة لا من قريب ولا من بعيد ليظهروا أنه دين الدم والقتل والسبي والنهب والدمار، فأرهبوا الاخرين منه وأتسع نطاق "الاسلام فوبيا" الذي يسعى اليه أعداء الاسلام دين المحبة والسماحة والأخوة والتعاون والتعايش السلمي والمودة والرأفة الألهية والأخلاق المحمدية بقوله تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" – سورة القلم – الآية 4، وهو القائل (ص) "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ" .
منذ يوم "رزية الخميس" وحتى يومنا هذا والصراع قائم بين الباطل والحق، والظلم والعدالة، والطاغية والمظلوم، والتحريف والحقيقة، والتزوير والواقع، والجاهلية والمدنية، والقبلية والأخوة هنا وهناك بدءاً من "شجرة الأرآك" التي أقتطعتها يد الطغيان والكراهية والعصبية وحب السلطة ودعاة دم قتلى بدر وحنين والخندق وخيبر على طول "فدك" المغتصبة و"الخلافة" المسلوبة من اقصى نقاط بلاد المسلمين الى اقصاها بسيف الدعوة الانحرافية المزيفة والضالة المضلة وبدعم دراهم ودنانير سلطان القمع والجور المسلطين على رقاب المسلمين وثرواتهم ليعيثوا الفساد في البلاد والعباد ويولجوا في إراقة دماء الابرياء هنا وهناك طمعاً بالسلطة والقدرة التي إن كانت باقية لأحد لما وصلت اليهم، لكنهم لا يفقهون ولا يعلمون.
من العراق وحتى اليمن ومن البحرين وحتى ليبيا مروراً بسوريا ولبنان ومصر وفلسطين المحتلة كلها تعاني من النهج القبلي الجاهلي والتطرف الوثني والتزلف السلطوي النابع من حقد عصبي عربي - يهودي قديم عمره أكثر من أربعة عشر قرناً، منذ فتح خيبر وكسر شوكة قريش في بدر والخندق على يد النبي الأمي (ص) وابن عمه ووصيه دون فصل الامام علي (ع)، ما يعكس مواجهته لمدرسة الرفض والاباء التي حملت رايتها سيدة النساء وخيرهن فاطمة الزهراء (ع)، أول شهيدة في تاريخ صراع الحق والحقيقة مع التزوير والتزييف، والنور والظلام، والإيمان والجاهلية، وأرست صرح حركة الرفض السياسي ضد الظلم والتحريف والتزوير في تاريخ الدين الاسلامي الحنيف؛ تلك المرأة التي تعد أنموذجاً للمرأة الرسالية العالمة والمربية الصالحة التي لم ولن نجد ما يقابلها من النساء ولن تتكرر ظاهرة أم أبيها الزهراء البتول (ع)، ولكن يبقى الاشعاع الذي انطلق قبسه من بيت النبوة ضياءاً وهاجاً للبشرية جمعاء على طول التاريخ .
ولهذا كله كانت صلوات الله عليها قد أوصت بعلها وأبن عمها الامام علي (ع) بأن: "لاَ يُصَلِّي عَلَيَّ أُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَداً، وَلاَ حَضَرَ وَفَاتَهَا أَحَدٌ وَ لاَ صَلَّى عَلَيْهَا مِنْ سَائِرِ اَلنَّاسِ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهَا وَصَّتْ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ)، وَقَالَتْ: لاَ يُصَلِّي عَلَيَّ أُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَ اَللَّهِ وَعَهْدَ أَبِي رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ بَعْلِي وَظَلَمُونِي وَأَخَذُوا وِرَاثَتِي وَحَرَقُوا صَحِيفَتِيَ اَلَّتِي كَتَبَهَا أَبِي بِمِلْكِ فَدَكَ وَاَلْعَوَالِي وَكَذَّبُوا شُهُودِي وَهُمْ وَاَللَّهِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَأُمُّ أَيْمَنَ وَطُفْتُ عَلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ، وَأَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) يَحْمِلُنِي وَمَعِيَ اَلْحَسَنُ وَاَلْحُسَيْنُ لَيْلاً وَنَهَاراً إِلَى مَنَازِلِهِمْ يُذَكِّرُهُمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لِئَلاَّ يَظْلِمُونَا وَيُعْطُونَا حَقَّنَا اَلَّذِي جَعَلَهُ اَللَّهُ لَنَا فَيُجِيبُونَ لَيْلاً وَيقْعُدُونَ عَنْ نُصْرَتِنَا نَهَاراً ثُمَّ يُنْفِذُونَ إِلَى دَارِنَا قُنْفُذاً وَمَعَهُ خَالِدُ بْنُ اَلْوَلِيدِ لِيُخْرِجَا اِبْنَ عَمِّي إِلَى سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ لِبَيْعَتِهِمُ اَلْخَاسِرَةِ وَلاَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مُتَشَاغِلاً بِوَصَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَأَزْوَاجِهِ وَ تَأْلِيفِ اَلْقُرْآنِ وَقَضَاءِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَّاهُ بِقَضَائِهَا عَنْهُ عِدَاتٍ وَدَيْناً فَجَمَعُوا اَلْحَطَبَ بِبَابِنَا وَأَتَوْا بِالنَّارِ لِيُحْرِقُوا اَلْبَيْتَ فَأَخَذْتُ بِعِضَادَتَيِ اَلْبَابِ وَقُلْتُ: نَاشَدْتُكُمُ اَللَّهَ وَبِأَبِي رَسُولِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنْ تَكُفُّوا عَنَّا وَ تَنْصَرِفُوا فَأَخَذَ عُمَرُ اَلسَّوْطَ مِنْ قُنْفُذٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فَضَرَبَ بِهِ عَضُدِي فَالْتَوَى اَلسَّوْطُ عَلَى يَدِي حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ، وَ رَكَلَ اَلْبَابَ بِرِجْلِهِ فَرَدَّهُ عَلَيَّ وَ أَنَا حَامِلٌ فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي وَ اَلنَّارُ تَسَعَّرُ، وَ صَفَقَ وَجْهِي بِيَدِهِ حَتَّى اِنْتَثَرَ قُرْطِي مِنْ أُذُنِي وَ جَاءَنِي اَلْمَخَاضُ فَأَسْقَطْتُ مُحَسِّناً قَتِيلاً بِغَيْرِ جُرْمٍ فَهَذِهِ أُمَّةٌ تُصَلِّي عَلَيَّ، وَ قَدْ تَبَرَّأَ اَللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهَا وَتَبَرَّأْتُ مِنْهَا.. فَعَمِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ بِوَصِيَّتِهَا"- جاء في: المعارف لابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ج3 ص352 - النسخة الصخرية القديمة، وفي كتابي أبن قتيبة (المعارف ص211) و(الإمامة والسياسية ص12)، وابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ج3 ص352، والذهبي في سير أعلام النبلاء ج15 ص676، والشهرستاني في الملل والنحل ج1 ص 57و59، والصفدي في الوافي بالوفيات ج6 ص17، وأبي الحديد في شرح النهج ج14 ص192، والوافي بالوفيّات للصفدي ج6 ص17، وأنساب الأشراف للبلاذري أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي ج1 ص586، والعقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي ج5 ص13، ,فرائد السمطين للجويني الشافعي ج2 ص34، ومسند فاطمة للسيوطي ص34 وروى الخبر عن أبي بكر أيضا الطبراني في المعجم الكبير ج1 ص62 والطبري في تاريخه ج3 ص430 وابن عبد ربّه في العقد الفريد ج2 ص254... وغيرهم كثير.
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
فيما كان أبن عمه ووصيه دون فصل الامام علي أمير المؤمنين عليه السلام مشغولاً بتجهيز ودفن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وكان لا يزال جسده الطاهر لم يوار الثرى عقد القوم الطغاة سقيفة "بني ساعدة" لتكون الخطوة الثانية لآنقلابهم على الاسلام وأصله بعد مقولة أحدهم "أن الرجل ليهجر".. ومن بعدها خطوتهم الثالثة وهي الهجوم على دار بضعته وروحه التي بين جنبيه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام حقداً وكرهاً وبغضاً وعداوة وانتقاماً من الخدمات الجلية والكبيرة التي قدمها والدها نبي الرأفة والرحمة والمودة والمحبة بحمله رسالة السماء وإخراج القوم من الظلمات الى النور ومن الجهالة الى العلم ومن القبلية الى المدنية ومن الشرك الى الايمان وكل ذلك خلال ثلاثة ايام فقط!!..
سجل بعض كبار الصحابة أرقاماً فاقت حدّ التصور في الأحداث بعد الرسول (ص) فسرعان ما أنقلبوا على الحقيقة وتجاهلوا العهود والمواثيق التي قطعوها على أنفسهم بإلتزامهم أقوال ووصايا "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى" النجم: 3و4، فكانوا مصاديق لقوله (ص):" ليردنّ علي الحوض رجالٌ ممّن صحبني ورآني، حتى إذا رفعوا الي ورأيتهم اختلجوا دوني، فلاَقولنّ: ربّ أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، انهم أرتدوا على أعقابهم القهقري"- (مسند أحمد: 5: 48)، وفي لفظ آخر:" ليردن علي الحوض رجلان ممن صحبني، فإذا رأيتهما اختلجا دوني"- (مسند أحمد 4: 20).
لقد تمعن الطغاة وقادة القوم بكل ما للكلمة من معانِ في التنكيل بأم أبيها وفلذة كبده الزهراء البتول (ع) وجسدوا كل ما قاله رسول الله (ص) من قبل لاصحابه وهو آخذ بيد أبنته فاطمة (ع): "وأما ابنتي فاطمة، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، ونور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي... وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي: يا محمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ... فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وأذل من أذلها، وخلد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها..." - جاء في فرائد السمطين: ج 2 ص 34-35 والأمالي للشيخ الصدوق ص 99- 101 وإثبات الهداة: ج 1 ص 280 -281 ، وإرشاد القلوب ص 295، وبحار الأنوار: ج 28 ص 37 -39، وج 43 ص 172- 173، والعوالم: ج 11 ص 391 و392، وفي هامشه عن غاية المرام ص 48 والمحتضر ص 109، وجلاء العيون للمجلسي: ج 1 ص 186- 188 وبشارة المصطفى ص 197- 200 والفضائل لابن شاذان ص 8- 11، وتحقيق المحدث الأرموي.
وقف القوم الطغاة على باب بيت النبوة ومهبط الوحي والتنزيل دون إكتراث أو تأني، وتعمدوا إحراق بابه ومن فيه وصب جام غضبهم على من قتل آبائهم وأخوانهم وأبناء قومهم من المشركين والملحدين في بدر والخندق والاحزاب وخيبر و... وصرخوا بأعلى صوتهم بكلمة "وإن" على من قال لهم "إن في البيت فاطمة" وتجاهلوا آية التطهير بحقها وأهل بيتها (ع)، فأضرموا نار جاهليتهم ووثنيتهم وقبليتهم وشركهم على آل الرسول وأم ابيها تلك التي قال عنها (ص): "إن الله ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"- رواه مستدرك الحاكم:3/154، والخوارزمي في كشف الغمة 1، وعوالم العلوم: 116، وذخائر العقبى: 39 وغيرهم .
وقد أتفق مشاهير الرواة وكبارهم من أهل السنة على حادثة الباب وكسر ضلع الزهراء وإسقاط جنينها ومنهم "البخاري" في "الصحاح" و"المسعودي" صاحب تأريخ "مروج الذهب" في كتابه "إثبات الوصية" و"أبي الفتح الشهرستاني" في "الملل والنحل" و"أن قتيبة" في "الامامة والسياسة" و"أبن أبي الحديد" في "شرح نهج البلاغة" و"الطبري" وغيرهم من كبار علمائهم ، حيث كتبوا .."أن أبو بكر وعمر بن الخطاب وجمع من الناس أتوا بين علي (ع) وكان عمر يحمل الحطب وقبس النار.. وأخذ يصرخ عمر بصوت عالي عند باب بيت علي (ع): والذي نفس عمر بيده لتخرجن لمبايعة أبو بكر أو لأحرقنها على من فيها! فقيل له: يا أبا حفص أن فيها فاطمة ! فقال : وإن!! ، فهجم عمر ومن معه فدفعوا باب الدار بشدة وهم يعلمون بأن فاطمة (ع) خلفه.. فكسروا بعض اضلاعها.. وسببوا إسقاط جنينها.. ثم مرضها.. وشهادتها (ع)
ففعلوا ما فعلوا ونكروا ما نكروا وانقلبوا على الحق والحقيقة وأرتدوا على ما عهدوا به ونكثوا ما بايعوا عليه أمام عشرات آلاف من المسلمين في "غدير خم" وذهب قولهم "بخ بخ لك يا علي.." هواءً في شبك وكأن لم يقولوها مطلقاً، فأنكروا الوصاية لبعل الزهرا (ع) دون فصل وغصبوا إرث البتول (ع) وسلبوها "نحلة فدك" رغم وقوفهم على حقانيتها عليها وأنها هدية ربانية إكراماً لما أنفقته أمها خديجة (ع) من مالها الوفير في خدمة نشر الاسلام ولم يكتفوا بذلك فقط، بل فعلوا فعلتهم الشنيعة حيث عصروها بين الباب والحائط رغم علمهم بوجودها خلف الباب.. (الامامة والسياسة ج1 ص19) فنبت المسمار في صدرها الشريف وكسروا ضلعها، وأسقطوا جنينها، وأرعبوها وأرهبوها وأهل بيتها (ع) وطرحوها مريضة الفراش وبقيت على هذه الحالة المأساوية حتى فارقت روحها الطاهرة جسدها نحو ربها في 13 جمادي الأولى سنة 11 للهجرة في عام رحيل والدها خاتم المرسلين (ص) في 28 صفر عام 11 للهجرة، ودفنت سراً ولا زال قبرها الشريف مجهولاً كما أوصت (ع) بذلك لآنها ماتت وهي واجدة ممن آذوها كما روته عائشة: "ماتت فاطمة وهي واجدة (غاضبة) عليهما (أبو بكر وعمر)" - كما جاء في صحيح البخاري عدة احاديث منها 2862 وكذلك : ج 5 - ص 177 وصحيح مسلم: ج 1 (ملخص) - ص 589 دار السلام - رياض - السعودية وكتاب الامامة والسياسة ج 1 - ابن قتيبة الدينوري تحقيق الشيري ص 31 .
توارث الأحفاد الأحقاد والعداء والجاهلية والقبلية والإجرام والدموية والتنكيل والتمثيل من أسلافهم الجهلة والقتلة والمجرمين والمزيفين والمنحرفين، فواصلوا سلب ونهب الحق وإستباحة المحرمات وانتهاك المقدسات واغتصاب الخلافة والسلطة وتزييف وتدليس وتزوير الحقائق كما فعل أجدادهم قادة القوم في صدر الاسلام وواصلوا سياسة إبقاء الناس على الضلالة والجاهلية وعبدة الأوثان بأسم القرآن ولباس السنة وهما عنهم براء كما فعل أسلافهم فحرفوا تفاسير الايات وأدخلوا أحاديث وروايات لا تنم للاسلام من صلة لا من قريب ولا من بعيد ليظهروا أنه دين الدم والقتل والسبي والنهب والدمار، فأرهبوا الاخرين منه وأتسع نطاق "الاسلام فوبيا" الذي يسعى اليه أعداء الاسلام دين المحبة والسماحة والأخوة والتعاون والتعايش السلمي والمودة والرأفة الألهية والأخلاق المحمدية بقوله تعالى: "وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" – سورة القلم – الآية 4، وهو القائل (ص) "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ" .
منذ يوم "رزية الخميس" وحتى يومنا هذا والصراع قائم بين الباطل والحق، والظلم والعدالة، والطاغية والمظلوم، والتحريف والحقيقة، والتزوير والواقع، والجاهلية والمدنية، والقبلية والأخوة هنا وهناك بدءاً من "شجرة الأرآك" التي أقتطعتها يد الطغيان والكراهية والعصبية وحب السلطة ودعاة دم قتلى بدر وحنين والخندق وخيبر على طول "فدك" المغتصبة و"الخلافة" المسلوبة من اقصى نقاط بلاد المسلمين الى اقصاها بسيف الدعوة الانحرافية المزيفة والضالة المضلة وبدعم دراهم ودنانير سلطان القمع والجور المسلطين على رقاب المسلمين وثرواتهم ليعيثوا الفساد في البلاد والعباد ويولجوا في إراقة دماء الابرياء هنا وهناك طمعاً بالسلطة والقدرة التي إن كانت باقية لأحد لما وصلت اليهم، لكنهم لا يفقهون ولا يعلمون.
من العراق وحتى اليمن ومن البحرين وحتى ليبيا مروراً بسوريا ولبنان ومصر وفلسطين المحتلة كلها تعاني من النهج القبلي الجاهلي والتطرف الوثني والتزلف السلطوي النابع من حقد عصبي عربي - يهودي قديم عمره أكثر من أربعة عشر قرناً، منذ فتح خيبر وكسر شوكة قريش في بدر والخندق على يد النبي الأمي (ص) وابن عمه ووصيه دون فصل الامام علي (ع)، ما يعكس مواجهته لمدرسة الرفض والاباء التي حملت رايتها سيدة النساء وخيرهن فاطمة الزهراء (ع)، أول شهيدة في تاريخ صراع الحق والحقيقة مع التزوير والتزييف، والنور والظلام، والإيمان والجاهلية، وأرست صرح حركة الرفض السياسي ضد الظلم والتحريف والتزوير في تاريخ الدين الاسلامي الحنيف؛ تلك المرأة التي تعد أنموذجاً للمرأة الرسالية العالمة والمربية الصالحة التي لم ولن نجد ما يقابلها من النساء ولن تتكرر ظاهرة أم أبيها الزهراء البتول (ع)، ولكن يبقى الاشعاع الذي انطلق قبسه من بيت النبوة ضياءاً وهاجاً للبشرية جمعاء على طول التاريخ .
ولهذا كله كانت صلوات الله عليها قد أوصت بعلها وأبن عمها الامام علي (ع) بأن: "لاَ يُصَلِّي عَلَيَّ أُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) وَلَمْ يُعْلِمْ بِهَا أَحَداً، وَلاَ حَضَرَ وَفَاتَهَا أَحَدٌ وَ لاَ صَلَّى عَلَيْهَا مِنْ سَائِرِ اَلنَّاسِ غَيْرُهُمْ لِأَنَّهَا وَصَّتْ (عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ)، وَقَالَتْ: لاَ يُصَلِّي عَلَيَّ أُمَّةٌ نَقَضَتْ عَهْدَ اَللَّهِ وَعَهْدَ أَبِي رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وَأَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ بَعْلِي وَظَلَمُونِي وَأَخَذُوا وِرَاثَتِي وَحَرَقُوا صَحِيفَتِيَ اَلَّتِي كَتَبَهَا أَبِي بِمِلْكِ فَدَكَ وَاَلْعَوَالِي وَكَذَّبُوا شُهُودِي وَهُمْ وَاَللَّهِ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَأُمُّ أَيْمَنَ وَطُفْتُ عَلَيْهِمْ فِي بُيُوتِهِمْ، وَأَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ) يَحْمِلُنِي وَمَعِيَ اَلْحَسَنُ وَاَلْحُسَيْنُ لَيْلاً وَنَهَاراً إِلَى مَنَازِلِهِمْ يُذَكِّرُهُمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ لِئَلاَّ يَظْلِمُونَا وَيُعْطُونَا حَقَّنَا اَلَّذِي جَعَلَهُ اَللَّهُ لَنَا فَيُجِيبُونَ لَيْلاً وَيقْعُدُونَ عَنْ نُصْرَتِنَا نَهَاراً ثُمَّ يُنْفِذُونَ إِلَى دَارِنَا قُنْفُذاً وَمَعَهُ خَالِدُ بْنُ اَلْوَلِيدِ لِيُخْرِجَا اِبْنَ عَمِّي إِلَى سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ لِبَيْعَتِهِمُ اَلْخَاسِرَةِ وَلاَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مُتَشَاغِلاً بِوَصَاةِ رَسُولِ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَأَزْوَاجِهِ وَ تَأْلِيفِ اَلْقُرْآنِ وَقَضَاءِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَصَّاهُ بِقَضَائِهَا عَنْهُ عِدَاتٍ وَدَيْناً فَجَمَعُوا اَلْحَطَبَ بِبَابِنَا وَأَتَوْا بِالنَّارِ لِيُحْرِقُوا اَلْبَيْتَ فَأَخَذْتُ بِعِضَادَتَيِ اَلْبَابِ وَقُلْتُ: نَاشَدْتُكُمُ اَللَّهَ وَبِأَبِي رَسُولِ اَللَّهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) أَنْ تَكُفُّوا عَنَّا وَ تَنْصَرِفُوا فَأَخَذَ عُمَرُ اَلسَّوْطَ مِنْ قُنْفُذٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فَضَرَبَ بِهِ عَضُدِي فَالْتَوَى اَلسَّوْطُ عَلَى يَدِي حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ، وَ رَكَلَ اَلْبَابَ بِرِجْلِهِ فَرَدَّهُ عَلَيَّ وَ أَنَا حَامِلٌ فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي وَ اَلنَّارُ تَسَعَّرُ، وَ صَفَقَ وَجْهِي بِيَدِهِ حَتَّى اِنْتَثَرَ قُرْطِي مِنْ أُذُنِي وَ جَاءَنِي اَلْمَخَاضُ فَأَسْقَطْتُ مُحَسِّناً قَتِيلاً بِغَيْرِ جُرْمٍ فَهَذِهِ أُمَّةٌ تُصَلِّي عَلَيَّ، وَ قَدْ تَبَرَّأَ اَللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْهَا وَتَبَرَّأْتُ مِنْهَا.. فَعَمِلَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ بِوَصِيَّتِهَا"- جاء في: المعارف لابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ج3 ص352 - النسخة الصخرية القديمة، وفي كتابي أبن قتيبة (المعارف ص211) و(الإمامة والسياسية ص12)، وابن شهراشوب في مناقب آل أبي طالب ج3 ص352، والذهبي في سير أعلام النبلاء ج15 ص676، والشهرستاني في الملل والنحل ج1 ص 57و59، والصفدي في الوافي بالوفيات ج6 ص17، وأبي الحديد في شرح النهج ج14 ص192، والوافي بالوفيّات للصفدي ج6 ص17، وأنساب الأشراف للبلاذري أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي ج1 ص586، والعقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي ج5 ص13، ,فرائد السمطين للجويني الشافعي ج2 ص34، ومسند فاطمة للسيوطي ص34 وروى الخبر عن أبي بكر أيضا الطبراني في المعجم الكبير ج1 ص62 والطبري في تاريخه ج3 ص430 وابن عبد ربّه في العقد الفريد ج2 ص254... وغيرهم كثير.
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
تعليق