اللهم صل على محمد وآل محمد
قال الإمام الصادق عليه السلام: "فإذا لم يرَ العبد لنفسه فيما خوّله الله تعالى مُلكاً، هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه، وإذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره، هان عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله تعالى ونهاه، لا يتفرّغ منهما إلى المراء والمباهاة مع الناس".
كل الرذائل الخلقية منشؤها التعلق بالنفس، الغضب منشؤه التكبر والتكبر منشؤه حب النفس، ومن كل واحدة تتفرع الكثير من الرذائل أبرزها ظلم الناس، فالإنسان يظلم الآخرين ليصل إلى مراد "نفسه"، إنسان كهذا يتمسك بنفسه أيما تمسك ولا يقبل أن يقول أحدٌ كلمةً ضده كما هو حال الحكام والرؤساء، فيشتم كل من يتصرف بطريقة لا تعجبه سواءاً حصل من هذا التصرف ضرر أم لا، بل وينتقد الجميع ويرى نفسه على حق والبقية على باطل، يقول الشيخ بهجت بأن داخل كل إنسان "شمراً" يستعد لقتل "الحسين عليه السلام"، كل من قدس نفسه فليستعد ليحشر مع فرعون وآل فرعون.
وفي المقابل يوجد صفة أخرى، وهي التواضع وبغض النفس، فصاحبها متسامح مع الجميع، لا يكن الشر لعباد الله وإذا انتقده أحد يعترف ولا يكابر ولا يلتمس لنفسه أعذار لأنه يعلم بأنه مخطئ "وقليلٌ ما هم!" تأمل في قول الرسول صلى الله عليه وآله في وصيته لأمير المؤمنين عليه السلام: "يا علي، ثلاث لا تطيقها هذه الأمة.. -إلى أن قال صلى الله عليه وآله- وإنصاف الناس من نفسه".
هناك الكثير من العادات البغيضة في المجتمع، إذا لم تتعايش معها فستعيش عذاباً باطنياً ولن يكون هناك نهاية لغضبك وسخطك، لنفترض أن النفس مملكة عمرانها ذكر الله، أنت بحقدك وغضبك وحسدك تدمر هذه المملكة وتُخرِبُها من أساسها، فيفر كل من فيها لأنها ليست مكاناً صالحاً للسكن، فلا تنزل الملائكة على مثل هذا القلب و لا ينظر الله إليه.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: "من لم يتغافل ولا يغض عن كثير من الأمور تنغصت عيشته".
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هانت عليه الدنيا، وإبليس والخلق.... قال الله تبارك وتعالى: "تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّاً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين