إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تفسير دعاء مكارم الأخلاق 2 جانب من سيرة الإمام السجاد ع

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تفسير دعاء مكارم الأخلاق 2 جانب من سيرة الإمام السجاد ع

    الإمام علي السجاد عليه السلام
    الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) المشهور بالسجاد وزين العابدين، هو رابع أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، ولد في الخامس من شعبان سنة 38 للهجرة، واستمرت إمامته 35 سنة.
    اتسمت الفترة التي عاشها الإمام زين العابدين (ع) بكثرة الأحداث التي وقعت في التاريخ الإسلامي، ومنها واقعة كربلاء حيث كان حاضراً فيها، والتي استشهد خلالها والده الإمام الحسين(عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، ولكن بسبب مرض الإمام (ع) لم يتمكن من المشاركة في القتال، وبعد أن سُبيت العيال بيد جيش الشام، كان الإمام السجاد(عليه السلام) مع موكب السبايا، وبعد أن ألقى خطبة مؤثّرة في مجلس يزيد بن معاوية بيّن من خلالها سموّ مكانة أهل البيت (ع) وحقيقة أعدائهم، إضافة إلى شرح ما جرى من رزايا في كربلاء، رجع بالسبايا من الشام إلى المدينة.
    للإمام علي بن الحسين(عليه السلام) ألقاب عدة، ومنها: زين العابدين، وسيد العابدين، وذو الثفنات، والسجاد، كما واتصف بمجموعة من الصفات والملكات التي نقلها المؤرخون مما جعل إمامته محل قبول أغلب المسلمين من الشيعة وأهل السنة، ومما امتاز به الإمام من سمات وأخلاق يمكن الإشارة إلى الحلم، والشجاعة، والصبر، وغيرها من الفضائل الأخلاقية، كما وكان يحنّ على العبيد فلم يضرب عبداً أو أمة قط، بل كان يتملك العديد منهم ويعتقهم جميعاً في عيد الفطر، ويشتري مجموعة أخرى؛ ليعتقها هي الأخرى أيضا.
    من الناحية السياسية في عصر الإمام السجاد(عليه السلام) يذكر التاريخ قيام ثورات عدة في العالم الإسلامي، منها: ثورة أهل المدينة الشهيرة بواقعة الحرة، وثورة التوابين، وثورة المختار الثقفي.
    هناك مجموعة من الآثار التي نُسبت للإمام زين العابدين(عليه السلام)، وهي: الصحيفة السجادية، ورسالة الحقوق، والمناجيات الخمس عشرة، إضافة إلى: كتاب علي بن الحسين، وديوان منسوب للإمام السجاد، ومصحف بخطه.
    عاصر الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) عدداً من حُكّام بني أمية، منهم: يزيد بن معاوية، ومروان بن الحكم، واستشهد (عليه السلام) مسموماً بأمر من الوليد بن عبد الملك، في 25 من المحرم سنة 95 للهجرة، ودُفن بمقبرة البقيع في المدينة المنورة إلى جوار عمّه الإمام الحسن(عليه السلام).
    للإمام السجاد (ع) عدة أولاد من بنات وبنين، منهم زيد الذي استشهد بعد ما ثار ضد الحكم الأموي والإمام محمد الباقر(عليه السلام) الذي تسلم الإمامة بعد استشهاد أبيه.
    هويته الشخصية
    هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، وقد ورد في بعض الروايات أن الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) قد سمّاه بـ"علي" ولقّبه بـ"زين العابدين"، وذلك قبل أن يولد بعشرات السنين([1])، ومن هذه الأخبار: روى جابر بن عبد الله الأنصاري قال كنت جالساً عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) والحسين في حجره، وهو يداعبه، فقال: يا جابر يولد له مولود اسمه "علي" إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم سيد العابدين، فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمد، فإن أدركته يا جابر فأقرأه مني السلام([2]).
    أبوه: هو الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة، والإمام الثالث عند الشيعة.
    أمه: فقد اختلف في اسم والدة الإمام السجاد (ع)، ولكن الأشهر هوشهربانويه([3]). ولكن عُرفت بشاه زنان، ومعناه في اللغة العربية ملكة النساء أو سيدة النساء، وقيل بأنه ليس اسمها بل لقبها. والمشهور بين الأوساط المختلفة أنّها ابنة يزدجر آخر ملوك إيران في العهد الساساني([4]).
    ذكرت المصادر الروائية أن والدة الإمام علي بن الحسين السجاد (ع) قد اتصفت بالعفة، والطهارة، والكمال، وسمو الأخلاق، وحدّة الذكاء؛ ولذلك بادر أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى زواجها من ولده الإمام الحسين(عليه السلام)، كما عهد إليه بالإحسان إليها، والبر بها، قائلاً له: وأحسن إلى شهربانويه، فإنها مرضية ستلد لك خير أهل الأرض بعدك([5]).
    ألقابه
    لقد لقب الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) بمجموعة من الألقاب، ومنها:
    1- زين العابدين: لقبه النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا اللقب([6])، وإنما لُقب به لكثرة عبادته، وقد عُرف بهذا اللقب.
    وقالوا: إنَّ سبب تلقّبه بـ"زين العابدين" إنَّ الشيطان تمثّل بصورة أفعى، فلدغ إصبع رجله حين كان منشغلا بالصلاة، فلم يلتفت إليه، ولم يقطع صلاته. فسمع مناد ينادي: أنت زين العابدين حقا([7]).
    2 - سيد العابدين: لُقب به لما ظهر منه من الانقياد والطاعة لله.
    3- ذوالثفنات: لُقب بذلك لما ظهر على أعضاء سجوده من شبه ثفنات البعير،[17] وذلك لكثرة سجوده وعبادته، وعن محمد بن علي الباقر(عليه السلام) قال: كان لأبي في موضع سجوده آثار ناتية، وكان يقطعها في السنة مرتين في كل مرة خمس ثفنات، فسمي ذا الثفنات لذلك.[18]
    4 - السجّاد: قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر(عليه السلام) إن أبي علي بن الحسين (ع) ما ذكر نعمة الله عليه إلا سجد، ولا قرأ آية من كتاب الله فيها سجود إلا سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوء يخشاه أو كيد كايد إلا سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلا سجد، ولا وفق لإصلاح بين اثنين إلا سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع جسده فسمي السجاد لذلك.[19]
    5 - الزكي: لُقب بالزكي لأن الله زكاه وطهّره.[21]
    6 - الأمين: ذُكر في التاريخ انه لُقب بـ"الأمين"،فقد روي عنه أنه قال(عليه السلام): لو أن قاتل أبي أودع عندي السيف الذي قتل به أبي لأديته إليه.[23]
    كُناه
    كُني الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) بأبي الحسين وأبي الحسن، وأبي محمد[27] وأبي عبد الله.
    ولادته ونشأته
    تاريخ الولادة: لقد تعددت الأقوال في تاريخ ولادة الإمام زين العابدين(عليه السلام)، وأشهرها عند الإمامية، والذي تُقام فيه المهرجانات العامة إحياء لذكرى ولادته، هو اليوم الخامس من شعبان سنة "38 هـ"[30] وذلك في يوم الخميس.
    مكان الولادة: هناك اختلاف في تحديد مكان ولادة الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) فقد قال البعض بأنه ولد في الكوفة،[35] واعتبر آخرون يثرب مكانا لولادته.[36]
    ونشأ الإمام زين العابدين في بيت النبوة والإمامة، فقد عاش في كنف جده أمير المؤمنين(عليه السلام) فترة قصيرة جدا وقد حددها المؤرخون بسنتين، وبعد شهادة أمير المؤمنين تولى تربية الإمام زين العابدين عمّه الإمام الحسن(عليه السلام)، وبعدها تولى تربية الإمام زين العابدين والده الإمام الحسين(عليه السلام).[37]
    استشهاده
    روي بأن الأمويين قد خافوا من وجود شخصية كالإمام السجاد(عليه السلام) وكان أشدهم خوفا منه الوليد بن عبد الملك، فقد روى محمد بن مسلم الزهري أنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا".[38]
    وأجمع رأي الوليد بن عبد الملك على اغتيال الإمام حينما جلس على كرسي الحكم، فبعث سماً قاتلاً إلى عامله على يثرب، وأمره أن يدسه للإمام،[39] وهكذا استشهد الإمام مسموماً بأمر الوليد ودُفن في البقيع مع عمه الإمام الحسن (ع)، بقرب مدفن العباس بن عبد المطلب.[40]
    تاريخ ومكان شهادته (ع)
    هناك آراء عند علماء الشيعة ومؤرخيهم في تاريخ شهادة الإمام زين العابدين(عليه السلام). فنقل الشيخ الكليني: عن أبي عبد الله الصادق(عليه السلام)، قال: قُبض علي بن الحسين وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين.[41] ووافقه الشيخ المفيد في ذلك وأضاف بأنه توفي بالمدينة.[42] وقال الشيخ الكفعمي بأن وفاته كانت في الخامس والعشرين من المحرم.[43]
    وأما الشيخ الطوسي فذكر وفاته في اليوم الخامس والعشرين من المحرم في المدينة المنورة، ولكن اعتبره في سنة 94 للهجرة.[44]
    صفاته
    اتصف الإمام علي بن الحسينعليه السلام بمجموعة صفات، وهي:
    1. الخَلْقية
    روى التاريخ أنه كان أسمرا، وقصيرا، ونحيفا،[60] ورقيقا، وجميلا.[61]
    ولقد وصف الفرزدق هيبة الإمام بقوله:
    يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته فلا يُكلّمُ إلا حين يبتسمُ
    1. الخُلْقية
    الحلم: توجد صورا كثيرة تدل على حلمه، ومنها: انه كانت له جارية تسكب على يديه الماء، فسقط الإبريق من يدها على وجهه الشريف فشجّه، فبادرت الجارية قائلة: إنّ اللهعز وجليقول:﴿والكاظمين الغيظ﴾ وأسرع الإمام قائلاً: «كظمت غيظي»، وطمعت الجارية في حلم الإمام ونبله، فراحت تطلب منه المزيد قائلة:﴿والعافين عن الناس﴾ فقال الإمام(عليه السلام): «عفا الله عنك»، ثمّ قالت:﴿والله يحبّ المحسنين﴾[62] فقال لها: «إذهبي فأنت حرّة».[63]
    الشجاعة: ذكر المجلسي انه لما اُدخل الإمام(عليه السلام) أسيراً على عبيد الله وقد جابهه بكلمات التشفي فأجابه الإمام بكلمات أمر ابن زياد على إثرها بقتله، فأجابه الإمام: أبالقتل تهددني يا ابن زياد أما علمت ان القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة.[64]
    التجرد عن الأنانية: روى الصدوق في عيون أخبار الرضا(عليه السلام): أن الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) كان إذا أراد السفر سافر مع قوم لا يعرفونه ليقوم بنفسه برعايتهم وخدماتهم ولا يخدمه أحد منهم، وسافر مرة مع قوم لا يعرفونه، فنظر إليه رجل فعرفه فصاح بالقوم: ويلكم أتعرفون من هذا؟ فقالوا: لا ندري، فقال: هذا علي بن الحسين، وأسرع القوم نحو الإمام، وجعلوا يقبّلون يديه ورجليه قائلين: "أتريد أن تصلينا نار جهنم؟ ما الذي حملك على هذا؟"، فقال: "كنت قد سافرت مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ما لا أستحق وإني أخاف أن تعطوني مثل ذلك، فصار كتمان أمري أحب إلي.[65]
    الإحسان إلى الناس: أُثِرَ أنه كان(عليه السلام) يبادر لقضاء حوائج الناس خوفاً من أن يقوم بقضائها غيره فيحرم الثواب، وقد قال: إن عدوي يأتيني بحاجة فأبادر إلى قضائها خوفاً من أن يسبقني أحد إليها أو أن يستغني عنها فتفوتني فضيلتها.[66]
    السخاء: لقد نقلت التواريخ أخبار كثيرة من جوده وكرمه، ومنها: أنه كان يُطعم الناس إطعاما عاما في كل يوم في يثرب، وذلك في وقت الظهر في داره.[67]
    حنوه على الفقراء: روى العلامة المجلسي: ان الإمام السجاد(عليه السلام) كان يحمل إلى الفقراء الطعام والحطب على ظهره حتى يأتي بابا من أبوابهم فيناولهم إياه.[68]
    سيرته
    نقلت كتب التاريخ نماذج من سيرته، ومنها:
    1. سيرته في بيته:
    كان الإمام زين العابدين(عليه السلام) من أرحم الناس وأبرهم بأهل بيته، وكان لا يتميز عليهم، بل كان كأحدهم، ويُنقل عنه قوله: "لأن أدخل السوق ومعي دراهم أبتاع بها لعيالي لحماً، وقد قرموا[69] أحب إلي من أن أعتق نسمة".[70] وكان يبكر في خروجه صبحاً لطلب الرزق لعياله، فقيل له: إلى أين تذهب؟ فقال: أتصدق لعيالي من طلب الحلال، فإنه من الله صدقة عليهم.[71]
    1. سيرته في بره بمربيته:
    عهد الإمام الحسين(عليه السلام) بعد موت والدة الإمام زين العابدين(عليه السلام)- وهو لا يزال صغيرا - إلى سيدة من أمهات أولاده بالقيام بحضانة ولده زين العابدين ورضاعته ورعايته، وقد ذكر الرواة أنه أمتنع أن يؤاكلها فلامه الناس، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين: أنت أبر الناس، وأوصلهم رحماً فلماذا لا تؤاكل أمك؟ فأجابهم: أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت عينها إليها فأكون قد عققتها.[73]
    1. سيرته مع مماليكه:
    كان (عليه السلام) لا يستخدم خادما فوق حول، فإذا ملك عبدا في أي وقت من السنة كان يعتقه ليلة عيد الفطر، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثم أعتق، كذلك كان يفعل حتى لحق بالله تعالى، فيُذكر بأنه كان لا يضرب عبدا له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والأمة يكتب عنده: أذنب فلان، وأذنبت فلانة يوم كذا وكذا، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثم أظهر الكتاب، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: "ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا [...] فاعف واصفح يعف عنك المليك،" ثم يقبل عليهم فيقول: "اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عني وعتق رقبتي" فيعتقهم، فإذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز.[74]
    تنقل الروايات ان الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) اهتم بطبقة العبيد، فقد كان يسعى لرفع منزلتهم فقد أعتق إحدى إمائه، وعقد عليها فعابه عبد الملك بن مروان على ذلك، وقال له: ما الذي دفعك لمثل هذا العمل؟ فأجابه الإمام السجاد(عليه السلام) محتجا بالآية الشريفة﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة﴾[75] وهو يشير بذلك إلى زواج النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) من صفية وينبّه إلى مافعله النبي حيث عقد لإبنة عمته زينب على زيد بن حارثة الذي كان عبدا.
    1. سيرته مع جيرانه:
    لقد روى الزهري انه كان من أبر الناس بجيرانه، فكان يرعاهم كما يرعى أهله، وكان يستقي لضعفاء جيرانه في غلس الليل.[76]
    1. سيرته العبادية
    الإنابة لله تعالى: نقلت لنا الكثير من كتب الأدعية أدعية للإمام السجاد(عليه السلام) في الإنابة لله تعالى، ومنها دعاؤه عند اللجوء إلى الله تعالى، والذي جاء فيه: اللَّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تعَذِّبنَا فَبِعَدْلِكَ * فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ، فَإِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ، وَلَا نَجَاةَ لِأَحَدٍ مِنَّا دُونَ عَفْوِكَ * يَا غَنِيَّ الْأَغْنِيَاءِ، هَا نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأَنَا أَفقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ، فَاجْبُرْ فَاقتنَابِوُسْعِكَ.[77]
    وضوؤه: رووا عنه انه إذا أراد الوضوء اصفرّ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فأجابهم عن خوفه وخشيته من الله قائلا: أتدرون بين يدي من أقوم؟[78]
    صلاته: فيُذكر بأنه "كَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ غَشِيَ لَوْنَهُ لَوْنٌ آخَرَ وَكَانَ قِيَامُهُ فِي صَلَاتِهِ قِيَامَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الْجَلِيلِ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ ترْتَعِدُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ كَانَ يُصَلِّي صَلَاةَ مُوَدِّعٍ يرَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّيَ بعْدَهَا أَبَدا"[79]
    صومه: سُئلت جارية له عن عبادته(عليه السلام): فقالت: ما قدمت له طعاما في نهار قطّ، فقد كان يحث على الصوم، فقد قال: إنَّ الله تعالى وكَّلَ ملائكة بالصائمين.[80]
    زهده: سئل الزهري عن أزهد الناس، فقال: علي بن الحسين.[81] وروي عن الإمام زين العابدين(عليه السلام) أنه رأى سائلا يبكي، فتأثر منه، وراح يقول: "لو أنَّ الدنيا كانت في كفِّ هذا، ثم سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها".[82]
    حجّه: ذكر ابن عبد ربه: أنه حج خمسا وعشرين حجّة راجلا.[83]
    علمه
    هناك روايات عديدة تدل على علمه بالقرآن الكريم وتفسيره وما يخص الفقه والكلام وسائر العلوم الإسلامية.
    1. تفسيره للقرآن الكريم
    ذكر العلماء والمفسرون إن الإمام زين العابدين(عليه السلام) كان من مفسري القرآن الكريم، وقد استشهدوا بالكثير من تفاسيره، وقالوا: انه كان صاحب مدرسة لتفسير القرآن، وقد أخذ عنه ابنه الشهيد زيد في تفسيره للقرآن، كما أخذ عنه ابنه الإمام الباقر (عليه السلام) في تفسيره الذي رواه عنه زياد بن المنذر زعيم الفرقة الجارودية.[97]، ومما يُذكر بخصوص تفسيره يمكن الإشارة إلى:
    تفسيره لقوله تعالى:﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ ترْتِيلا﴾[98] فقد قال: بيّنه - أي القرآن - في تلاوته تبيينا، ولا تنثره نثر البقل، ولا تهذه هذي الشعر، قفوا عند عجائبه لتُحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.[99]
    تفسيره لقوله تعالى:﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾[100] بقوله: السلم هو ولاية الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام).[101]
    1. الفقه
    يقال أن الإمام زين العابدين(عليه السلام) كان يشبه جده الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) في قدرته على الإحاطة بالمسائل الفقهية من جميع جوانبها والتفريع عليها، فقد كان الزهري وهو من فقهاء المدينة المشهورين يرجع إلى الإمام السجاد (ع) في ما يهمه من الأحكام الشرعية.[102].
    ومن الأمور الفقهية التي تنسب للإمام السجاد هي:
    الجمع بين صلاتي العشائين: روى الفضيل بن يسار فقال: كان علي بن الحسين(عليه السلام) يأمر الصبيان يُجمعون بين المغرب والعشاء الآخرة، ويقول: هو خير من أن يناموا عنها.[103]
    اعتبار النية في العبادات: روي عن الإمام زين العابدين(عليه السلام): لا عمل إلاّ بنية.[104]
    1. بحوث كلامية
    تطرق الإمام السجاد (عليه السلام) لبعض البحوث الكلامية خلال دعائه وأقواله، فمثلا بشأن القضاء والقدر وعلاقتهما بالعمل روي عنه (عليه السلام): إِنَ‏ الْقَدَرَ وَالْعَمَلَ‏ بِمَنْزِلَةِ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ، فَالرُّوحُ بِغَيْرِ جَسَدٍ لَا تُحَسُّ، وَالْجَسَدُ بِغَيْرِ رُوحٍ صُورَةٌ لَا حَرَاكَ بِهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَا قَوِيَا وَصَلُحَا كَذَلِكَ الْعَمَلُ وَالْقَدَرُ. فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْقَدَرُ وَاقِعاً عَلَى الْعَمَلِ لَمْ يُعْرَفِ الْخَالِقُ مِنَ الْمَخْلُوقِ، وَكَان‏ الْقَدَرُ شَيْئاً لَا يُحَسُّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْعَمَلُ بِمُوَافَقَةٍ مِنَ الْقَدَرِ لَمْ يَمْضِ، ولَمْ يَتِمَّ وَلَكِنَّهُمَا بِاجْتِمَاعِهِمَا قَوِيَا وَلِلَّهِ فِيهِ الْعَوْنُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ‏.[105]
    وعنه (عليه السلام)، بشأن استحالة وصف الله تعالى بالمحدودية: إِنَّ اللَّهَ لَا يُوصَفُ بِمَحْدُودِيَّةٍ عَظُمَ رَبُّنَا عَنِ‏ الصِّفَةِ، فَكَيْفَ يُوصَفُ بِمَحْدُودِيَّةٍ مَنْ لَا يُحَدُّ وَلا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ.[106]
    وروى الشيخ المفيد عنه (عليه السلام) بشأن عقيدة التشبيه والتجسيم: إِلَهِي بَدَتْ قُدْرَتُكَ، وَلَمْ تَبْدُ هَيْئَةٌ فَجَهَلُوكَ وَقَدَّرُوكَ بِالتَّقْدِيرِ عَلَى غَيْرِ مَا بِهِ أَنْتَ‏ شَبَّهُوكَ، وَأَنَا بَرِي‏ءٌ يَا إِلَهِي مِنَ الَّذِينَ بِالتَّشْبِيهِ‏ طَلَبُوكَ‏ لَيْسَ كَمِثْلِكَ‏ شَيْ‏ءٌ إِلَهِي، وَلَمْ يُدْرِكُوكَ وَظَاهِرُ مَا بِهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ دَلِيلُهُمُ عَلَيْكَ لَوْ عَرَفُوكَ، وَفِي خَلْقِكَ يَا إِلَهِي مَنْدُوحَةٌ أَنْ يُنَاوِلُوكَ‏، بَلْ سَوَّوْكَ بِخَلْقِكَ فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَعْرِفُوكَ، وَاتَّخَذُوا بَعْضَ آيَاتِكَ رَبّاً فَبِذَلِكَ وَصَفُوكَ فَتَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَمَّا بِهِ الْمُشَبِّهُونَ نَعَتُوكَ‏.[107]
    الآثار المنسوبة إليه
    لقد ذكر أصحاب الحديث والرواة مجموعة من الآثار التي وصلت إلينا ونسبوها للإمام علي بن الحسين السجاد(عليه السلام) وهي:
    1. الصحيفة السجادية
    تعتبر الصحيفة السجاديّة من أهم الآثار التي انطوت على الحقائق والمعارف الإسلامية بعد القرآن الكريم ونهج البلاغة، وقد أشار أغا بزرك الطهراني إلى مجموعة من الأسماء و النعوت التي وصفت بها الصحيفة السجادية، منها: «أخت القرآن»، و«إنجيل أهل البيت»، و«زبور آل محمد» و«الصحيفة الكاملة».[108]
    ونُقل عن ابن الجوزي قوله: «إن لعلي بن الحسين زين العابدين حق التعليم على المسلمين في الإملاء والإنشاء وكيفية التكلم والخطاب وطلب الحاجة من الباري تعالى؛ فلولاه لم يكن ليعرف المسلمون آداب التحدث وطلب الحوائج من الله تعالى؛ إن هذا الإمام علّم البشر كيف يستغفرون الله وكيف يستسقون ويطلبون الغيث منه تعالى وكيف يستعيذون به عند الخوف من الأعداء لدفع شرورهم.[109]
    ولقد اهتم علماء الشيعة بدراسة الصحيفة السجادية، وأخذوا يبحثون في مضامينها، وجاوزت رواية الصحيفة حد التواتر.[110] وقد ترجمت الصحيفة السجادية إلى كثير من اللغات في العالم، منها الفارسية والإنجليزية والإسبانية، والتركية، والفرنسية، والروسية.[111]
    1. رسالة الحقوق
    روى رسالة الحقوق عن الإمام علي بن الحسين(عليه السلام) ثابت بن أبي صفية المعروف بأبي حمزة الثمالي، ورواها المحدث الصدوق، ومحمد بن يعقوب الكليني، والحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني في "تحف العقول".[112]
    ولقد ذكر الإمام(عليه السلام) مجموعة من الحقوق في رسالة الحقوق بلغ عددها "54" موضحا كل واحد من تلك الحقوق توضيحا تاما، وذلك ضمن سبع مجاميع، هي:
    • حق الله
    • حق النفس والجوارح
    • حق الافعال العبادية
    • حق الحاكم الشرعي
    • حقوق الأهل والأقارب
    • حقوق بعض الاصناف والطبقات الاجتماعية
    • حق المال
    1. المناجاة الخمسة عشر
    لقد شاعت نسبة هذه المناجاة للإمام زين العابدين(عليه السلام) وقد دوّنها العلامة المجلسي في بحار الأنوار، وعدّها العلماء الذين ألّفوا في ملحقات الصحيفة السجادية من بنودها، كما ذكرها الشيخ عباس القمي في مفاتيح الجنان.
    تُرجمت المناجيات الخمس عشرة إلى بعض اللغات ومنها اللغة الفارسية، وقد خُطت بخطوط أثرية مذهّبة ومزخرفة، تعدّ من ذخائر الخط العربي وقد حفلت بها خزائن المخطوطات في مكتبات العالم الإسلامي، وتوجد منها نسخة أثرية بخط رائع في مكتبة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) تسلسل "2098". [113]
    كتاب علي بن الحسين (عليه السلام)
    من الآثار التي ذكرت للإمام علي بن الحسين(عليه السلام) كتاب سُمي بـ"كتاب علي بن الحسين (ع)" وقد فُقد هذا الكتاب، وقد عُثر على قطعة يسيرة منه نقلها عنه الإمام الباقر(عليه السلام) حيث يذكر (عليه السلام) قبل نقله للحديث جملة: "وجدنا في كتاب علي بن الحسين"[114]
    ديوان منسوب للإمام السجاد (عليه السلام)
    نُسب للإمام زين العابدين(عليه السلام) ديوان من الشعر حافل بالنصائح والمواعظ، وتوجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام) بخطّ السيد أحمد بن الحسين الجزائري، وقد استنسخها على نسخة بخط السيد محمد بن السيد عبد الله الشوشتري (ت 1283 ه). وهناك ظن بأن ما نُسب للإمام هو من مضامين كلامه، ونظم معانيه، واتّباع منهجه، ودليل سيرته واقتداء بهداه.[115]
    كما وشكك البعض في نسبة الديوان للإمام وذلك لركّة بعض ألفاظه، رغم كون الصحيفة السجادية من مناجم البلاغة في الإسلام، مضافا إلى عدم النص عليه في المصادر القديمة.[116]
    مصحف بخط الإمام السجاد (عليه السلام)
    ذُكِرَ أن للإمام زين العابدين(عليه السلام) مصاحف تنسب إلى خطّه الشريف توجد في مكاتب شيراز وقزوين وأصفهان ومشهد.[117]
    مكانته عند المسلمين
    تذكر المصادر كثيرا من الكلمات في حق الإمام السجاد(عليه السلام) والتي تُبيّن منزلته بين المسلمين في كل الأعصار، وكمثال على ذلك فيذكر ابو حمزة الثمالي بأنه ما سمع بأحد أزهد من علي بن الحسين إلاّ الإمام علي بن أبي طالب".[118] واعتبر جابر الأنصاري أن ليس في أولاد الأنبياء مثل علي بن الحسين."[119]
    كما وامتدحه كل من محمد بن مسلم الزهري والذي كان يُعد عالم الحجاز والشام[120] قائلا: "ما رأيت أورع ولا أفضل منه" [121] وابن سعد [122] والجاحظ[123] وابن الجوزي[124] وابن خلكان[125] وابن تيمية[126] والذهبي[127] وغيرهم.
    فيقول ابن حجر العسقلاني: عليّ بن الحُسين بن عليّ بن أبي طالب، زين العابدين، ثقة ثبت، عابد، فقيه، فاضل، ‏مشهور[128] ويقول الشيخ المفيد: "كان عليّ بن الحُسين أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً وقد روى عنه فُقهاء العامّة من العُلوم ما لا ‏يحصى كثرة، وحفظ عنه من المواعظ والأدعية، وفضائل القران والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور ‏بين العُلماء".[129]
    كما وللإمام السجاد مكانة في الأدب العربي ومنه ما نظمه الفرزدق في جواب عن سؤال قاله هشام بن عبد الملك تجاهلا لقدر الإمام زين العابدين(عليه السلام) عندما جاء لاستلام الحجر الأسود ففرج له الناس، فقال هشام بن عبد الملك: من هذا؟ فأجابه الفرزدق:
    هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم
    هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم‏ [130]
    ورغم اختلاف تفسير كلمة "الإمام" بين الشيعة والسنة، ولكن إضافة للمصادر الشيعية فكثيرا من مصادر أهل السنة ذكرته كإمام أيضا ومنها ما قاله الذهبي في ترجمة الإمام السجاد(عليه السلام): "السيد الإمام، زين العابدين، وكان له جلالة عجيبة، وحق له ذلك، فقد كان أهلا للإمامة العظمى: لشرفه، وسؤدده، وعلمه، وتألهه، وكمال عقله.[131] ومثل هذه النصوص ذكرها كل من المناوي[132] والجاحظ[133]



    [1]) القرشي، موسوعة سيرة أهل البيتعليهم السلام، ج 15، ص 33 - 34.

    [2]) الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.

    [3]) النيشابوري، روضة الواعظين، ج 1، ص 237.

    [4]) اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 247.

    [5]) الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 5، ص 214.

    [6]) الحضرمي، وسيلة المأل في مناقب الآل، ص 7.

    [7]) الفالي، موسوعة الأنوار في سيرة الأئمة الأطهار، ج 7، ص 12.




  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم
    بارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X