بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
ورد عن الإمام الباقر : ينادي مناد كل يوم: [لِد للموت.. واجمع للفناء... وابنِ للخراب] «بحار الأنوار ج 68 ص 266».
نحتاج إلى المواعظ التي تنفض عنا غبار الغفلة ونسيان النفس من علياء كمالها في غمرة الانشغالات الحياتية المتزاحمة، موعظة تذكرنا بالدور الوظيفي المناط بالإنسان المكرم بالترفع عن الحياة البهيمية الصرفة، ومنها هذه الدرة الباقرية التي تنقل الأرواح إلى عالم الغيب، حينما ينادى ببني آدم كفوا عن الانغماس في الشهوات لدرجة تنسيكم آخرتكم.
ليست هذه المقولة منه مندرجة تحت ما يسمى بثقافة الموت والنظرة السوداوية للحياة، والتي يحملها من لا يملك هدفية في حياته يتحرك من خلالها نحو تنمية قدراته وتحقيق وجوده، بل هي تصحيح لسقطة يقع فيها المنبهرون بأنوار الدنيا المتلألئة في عيونهم، وفي حقيقتها ليست إلا سرابا يتراءى للعطشان الهائم في حبها، فيخوض لجج الحياة ودروبها وهو يحمل بين جوانحه طمعا لا يتناهى وأملا بتحصيل رغباته اللا محدودة، فيفقد أسس إنسانيته وكرامته في سبيل تحصيل الملذات والثروات والوجاهات، فتسقط عنه قيم احترام النفس قبل احترام الغير في خطواته المسيطر عليها من قبل النزوات والأهواء المتفلتة، والتي تسقطه في حفر الأطماع والبخل والتلون الاجتماعي وقسوة القلب والأنانية وسوداوية القلب وغيرها من الأمراض الناجمة من حب الدنيا، فلك أن تتخيل هذا الإنسان المسكين وقد سيطر عليه هوى حطام الدنيا الزائل إذ يهيم عقله وقلبه بالشعور بالقوة والآمال المتطاولة والشعور بالخلد في كل أفكاره وسلوكياته؛ ليكون حينها ناظرا للدنيا وكأنها جنة الخلد بالنسبة له ويعمرها ظاهرا بعالمه المادي الخاص، ولا يفيق من غيبوبته الفكرية وسلطان الغفلة عليه إلا مع مفاجأة حلول المنية والرحيل المر.
ولإفاقة هذا الإنسان المتمادي في حبه المشبوه والمهلك لدنيا زائفة آزفة، يدعو الإمام الباقر إلى إعادة الحسابات وإدراك حقيقة وجود الإنسان الوظيفي لا البهيمي، فالإنسان له في هذه الدنيا دورة عمرية افتراضية بأجل مسمى ثم يرحل عنها، فكأنما ولد بني آدم لتلتقمه حفر الأرض وتقبره في نهاية رحتله الدنيوية «لد للموت أي أولد وتناسل فالنهاية الموت»، وما يجمعه من أموال ومقتنيات ومدخرات لن يضع في قبره منها شيئا بل سيخرج خالي الوفاض منها، وما بناه وعمره من بيوت وقصور فمصيرها الحتمي الخراب والاضمحلال في يوم ما، فإذا كانت هذه حقيقة وجودنا الناصعة فلم نخدع بمجموعة من الأفكار الوهمية ونتلظى خلف قناع السيطرة والاقتدار والخلود؟!
والنقطة الآخيرة المشار إليها هو تبيان الفرق بين ثقافة الحياة وثقافة الموت، إذ التذكير بمحدودية الأعمار وما يجري بعد الموت من فقدان كل شيء مادي ما عدا الأعمال الصالحة، لا يعني أن يفقد المرء طموحه وتطلعاته بتحقيق تقدم وإنجاز يتناسب مع قدراته، وإنما يعني الموازنة - حسب النظرة الإسلامية - بين حاجات الروح والجسد، فالحياة الأخروية الأبدية هي ما يستحق من أجله بذل الجهد والوقت لنيل مقعد الصدق، وينتج من ذلك الدعوة إلى العمل النشط والدؤوب والإرادة القوية وتخطيط الأهداف الإيمانية المتعلقة بعلاقته بالله عز وجل والأعمال العبادية من جهة، والحياتية المتعلقة بتنمية شخصيته ومواجهة التحديات والاتجاه بعلاقاته نحو السمو والنجاح، فحياة المؤمن لا خمول فيها أو ضعف أو تشاؤم أو تردد بل مجملها السعي الحثيث والانطلاق في ميادين الحياة بكل قوة وعزم، ولكن دون أن تلهيه الجوانب المادية والانشغال بها عن الجوانب الروحية والعبادية، فالسعادة الحقيقية لا تتحقق بتحصيل الأموال والدور الآيلة إلى الخراب والفناء، وإنما يحققها الطمأنينة والهدوء النفسي الناجم عن العمل المتواصل دون التفات إلى أطماع النفس التي لا ترتوي ولا تشبع
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركااته
ورد عن الإمام الباقر : ينادي مناد كل يوم: [لِد للموت.. واجمع للفناء... وابنِ للخراب] «بحار الأنوار ج 68 ص 266».
نحتاج إلى المواعظ التي تنفض عنا غبار الغفلة ونسيان النفس من علياء كمالها في غمرة الانشغالات الحياتية المتزاحمة، موعظة تذكرنا بالدور الوظيفي المناط بالإنسان المكرم بالترفع عن الحياة البهيمية الصرفة، ومنها هذه الدرة الباقرية التي تنقل الأرواح إلى عالم الغيب، حينما ينادى ببني آدم كفوا عن الانغماس في الشهوات لدرجة تنسيكم آخرتكم.
ليست هذه المقولة منه مندرجة تحت ما يسمى بثقافة الموت والنظرة السوداوية للحياة، والتي يحملها من لا يملك هدفية في حياته يتحرك من خلالها نحو تنمية قدراته وتحقيق وجوده، بل هي تصحيح لسقطة يقع فيها المنبهرون بأنوار الدنيا المتلألئة في عيونهم، وفي حقيقتها ليست إلا سرابا يتراءى للعطشان الهائم في حبها، فيخوض لجج الحياة ودروبها وهو يحمل بين جوانحه طمعا لا يتناهى وأملا بتحصيل رغباته اللا محدودة، فيفقد أسس إنسانيته وكرامته في سبيل تحصيل الملذات والثروات والوجاهات، فتسقط عنه قيم احترام النفس قبل احترام الغير في خطواته المسيطر عليها من قبل النزوات والأهواء المتفلتة، والتي تسقطه في حفر الأطماع والبخل والتلون الاجتماعي وقسوة القلب والأنانية وسوداوية القلب وغيرها من الأمراض الناجمة من حب الدنيا، فلك أن تتخيل هذا الإنسان المسكين وقد سيطر عليه هوى حطام الدنيا الزائل إذ يهيم عقله وقلبه بالشعور بالقوة والآمال المتطاولة والشعور بالخلد في كل أفكاره وسلوكياته؛ ليكون حينها ناظرا للدنيا وكأنها جنة الخلد بالنسبة له ويعمرها ظاهرا بعالمه المادي الخاص، ولا يفيق من غيبوبته الفكرية وسلطان الغفلة عليه إلا مع مفاجأة حلول المنية والرحيل المر.
ولإفاقة هذا الإنسان المتمادي في حبه المشبوه والمهلك لدنيا زائفة آزفة، يدعو الإمام الباقر إلى إعادة الحسابات وإدراك حقيقة وجود الإنسان الوظيفي لا البهيمي، فالإنسان له في هذه الدنيا دورة عمرية افتراضية بأجل مسمى ثم يرحل عنها، فكأنما ولد بني آدم لتلتقمه حفر الأرض وتقبره في نهاية رحتله الدنيوية «لد للموت أي أولد وتناسل فالنهاية الموت»، وما يجمعه من أموال ومقتنيات ومدخرات لن يضع في قبره منها شيئا بل سيخرج خالي الوفاض منها، وما بناه وعمره من بيوت وقصور فمصيرها الحتمي الخراب والاضمحلال في يوم ما، فإذا كانت هذه حقيقة وجودنا الناصعة فلم نخدع بمجموعة من الأفكار الوهمية ونتلظى خلف قناع السيطرة والاقتدار والخلود؟!
والنقطة الآخيرة المشار إليها هو تبيان الفرق بين ثقافة الحياة وثقافة الموت، إذ التذكير بمحدودية الأعمار وما يجري بعد الموت من فقدان كل شيء مادي ما عدا الأعمال الصالحة، لا يعني أن يفقد المرء طموحه وتطلعاته بتحقيق تقدم وإنجاز يتناسب مع قدراته، وإنما يعني الموازنة - حسب النظرة الإسلامية - بين حاجات الروح والجسد، فالحياة الأخروية الأبدية هي ما يستحق من أجله بذل الجهد والوقت لنيل مقعد الصدق، وينتج من ذلك الدعوة إلى العمل النشط والدؤوب والإرادة القوية وتخطيط الأهداف الإيمانية المتعلقة بعلاقته بالله عز وجل والأعمال العبادية من جهة، والحياتية المتعلقة بتنمية شخصيته ومواجهة التحديات والاتجاه بعلاقاته نحو السمو والنجاح، فحياة المؤمن لا خمول فيها أو ضعف أو تشاؤم أو تردد بل مجملها السعي الحثيث والانطلاق في ميادين الحياة بكل قوة وعزم، ولكن دون أن تلهيه الجوانب المادية والانشغال بها عن الجوانب الروحية والعبادية، فالسعادة الحقيقية لا تتحقق بتحصيل الأموال والدور الآيلة إلى الخراب والفناء، وإنما يحققها الطمأنينة والهدوء النفسي الناجم عن العمل المتواصل دون التفات إلى أطماع النفس التي لا ترتوي ولا تشبع