بسم الله الرحمن الرحيم
النبي يُخرج قادة الانقلاب ويلعنهم

كانت الايام الاخيرة من حياة النبي الاكرم صلى الله عليه وآله .. مصيرية وشهدت احداثاً كبرى .. أثرت بشكل كبير على مجرى التاريخ ... ومن تلك الاحداث .. تسيير النبي لجيش اسامة في خطوة فاجئت القوى الانقلابية ... التي ركّز النبي على اخراجها .. فسارعت الى الخلاص من النبي عن طريق الّد اي سقوه سماً .
ورغم اشتداد مرضه صلى الله عليه وآله ولكنه استمر في التأكيد على تسيير جيش اسامة .. في خطوة توضح ان ما يقصده هو ابعاد الانقلابيين .. اذ لا يبدو ان هناك حاجة عاجلة وملحة لاخراج الجيش الى الشام .
جيش اسامة .. النبي يقوم بابعاد قوى الانقلاب عن المدينة :
نعم اهتم النبي صلى الله عليه وآله بتسيير جيش اسامة .. واهتم بالتحاق قوى الانقلاب المعروفة لديه بذلك الجيش .. سيما ابا بكر وعمر ..
وبالغ في التأكيد على الخروج مع أسامة ولعن من تخلف عن الخروج .. وبدى بوضوح ان اهتمامه بخروج هؤلاء في جيش اسامة اكثر من اهتمامه بخروج الجيش نفسه .
وقد وجدت قوى الانقلاب في هذه الخطوة ضربة قاصمة لجهودها ولمخططها الانقلابي .. لذلك سارعت بتنفيذ جريمة قتل النبي صلى الله عليه وآله قبل ان يخرجهم من المدينة .. وبالفعل .. ففيما النبي كان مهتماً بتسيير جيش اسامة .. واذا باعراض المرض المفاجيء تظهر على النبي صلى الله عليه وآله .. .

- عيون الأثر - الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 352 ):

- سراية اسامة بن زيد بن حارثة إلى ابني وهى أرض الشراة ناحية البلقاء قالوا لما كان يوم الاثنين لاربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة من مهاجره أمر رسول الله (ص) الناس بالتهيؤ لغزو الروم فلما كان من الغد دعا أسامة بن زيد فقال سر إلى موضع مقتل ابيك فاوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش فأغر صباحا على أهل أبنى وحرق عليهم وأسرع السير تسبق الاخبار فان ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم وخذ معك الادلاء وقدم العيون والطلائع معك فلما كان يوم الاربعاء بدئ برسول الله (ص) وجعه فحم وصدع فلما أصبح يوم الخميس عقد لاسامة لواء بيده ثم قال اغز بسم الله وفى سبيل الله فقاتل من كفر بالله فخرج بلوائه معقودا فدفعه إلى بريدة بن الحصيب الاسلمي وعسكر بالجرف فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الاولين والانصار إلا انتدب في تلك الغزوة منهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبى وقاص وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم بن حريس فتكلم قوم وقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الاولين فغضب رسول الله (ص) غضبا شديدا فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة فصعد المنبر وحمد الله وأنثى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فما قالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ولئن طعنتم في امارتي أسامة لقد طعنتم في امارتي اياه من قبله وايم الله ان كان لخليقا .

ثم عقد رسول اللّه (ص) اللواء والإمرة لاُسامة بن زيد، وندبه أن يخرج بجمهور الاُمّة إلى حيث اُصيب أبوه من بلاد الروم، وكانت هذه هي آخر سريّة عقدها رسول اللّه (ص) في حياته، وكان قد اجتمع رأيه على إخراج جماعة من الذين تآمروا عليه في العقبة وتعاهدوا بينهم على نكث البيعة في معسكره، حتى لا يبقى في المدينة عند ارتحاله (ص) من يختلف في الرياسة، ويطمع في التقدّم على الناس بالإمارة، ويستتب الأمر لمن استخلفه من بعده ولا ينازعه في حقّه منازع.
فعقد (ص) لاُسامة الإمرة على كبار الصحابة وذوي أسنانهم وهو حدث السنّ، حتى لا يطعن أحد في تعيين اللّه ونصب رسوله علياً خليفة من بعده وأميراً للمؤمنين بحداثة السنّ، ثم جدّ في إخراجهم، وأمر اُسامة أن يعسكر بالجرف على أميال من المدينة، وأمر الناس بالخروج إليه والمسير معه، وحذّرهم من التلوّم والإبطاء عنه. وقال (ص): نفّذوا جيش اُسامة، نفّذوا جيش اُسامة، لعن اللّه من تخلّف عن جيش اُسامة، يكرّرها ثلاثاً
شرح النهج لابن أبي الحديد: ج6 ص52






الملفات المرفقة