بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الواقع حينما نراجع القران الكريم نجد هناك بعض الايات القرانية التي تذم النسيان وتحذر عنه ,وترتب عليه من العقاب الشديد ,فماذا يراد بهذا النسيان خصوصاً وان بني ادم كلهم معرضين للنسيان ماخلا المعصوم فتعالوا معي لنعرف هذه المعلومة من القران الكريم
قال الله عزّ وجلّ:(كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه/ 126)
.وقال تعالى:(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (الحشر/ 19).
(فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) (الجاثية/ 34).
وقال تعالى:(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) (الكهف/ 57)،وآيات أخرى تتضمن هذا المعنى.
وورد في الحديث الشريف الثابت قول الرسول (ص).
"رفع عن أمتي تسع: الخطأ، والنسيان، وما اضطروا إليه، وما أكرهوا عليه وما لا يطيقون.. إلخ".
فما هو النسيان المنهى عنه المواخذ عليه في الشريعة الإسلامية، وما هو النسيان المسموح به المعفو عنه؟من تقصّى أحكام النسيان في الشريعة واستقراء ما ثبت العفو عنه وما ثبت النهي عنه نخرج بتحديد يميز لنا نوعين من النسيان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً جوهرياً:النوع الأوّل: زوال صورة الشيء (فكرة أو مشهد أو شعور) من صفحة النفس زوالاً وقتياً أو نهائياً بحيث يفشل الإنسان في استرجاعها إلى ذاكرته مهما أعملها، وهذا هو المعنى العرفي للنسيان، وهو تارة نسيان بسيط حيث ينسى الإنسان فيه الصورة وتارة نسيان مركب حيث ينسى الصورة وينسى أنّه ناس لصوره.
والنوع الثاني: زوال صورة الشيء لا من صفحة النفس كلياً بل من بين الصور التي يعيشها الإنسان ويتعامل بها مع الحياة، أي زوال الصورة من واجهة الذاكرة وإن بقيت في أقصاها وأمكن استخراجها إلى الواجهة بمحاولة استذكار صغيرة أو كبيرة.. وهذا النسيان كثير في حياة الناس.فكم من شخص يحمل شعور الحب لولده أو لزوجته أو والده أو صديقه، ولكنه لا يستحضر هذا الشعور في شيء من معاملته إياه لأنّه شعور مقصي في أقصى الذاكرة وإن أمكنه إستعادته بيسر بالتذكر أو التذكير.وكم من شخص يومن بالله واليوم الآخر ويشعر بهما، ولكنه لا يتعامل بإيمانه هذا مع شيء من حياته لأنّه قد أقصى صورته حتى كمنت في خلفية الذاكرة وأهملت مع الصورة التي يحملها ولا يتعامل فيها مع الحياة.وهذا النحو من النسيان هو بالحقيقة إغماض وإعراض عن أفكار ومشاعر ومشاهد ينتج عنه خفوتها في خلفية النفس حتى تصبح كأنها غير موجودة.والفارق بين هذين النوعين من النسيان كبير، حيث أنّ النوع الأوّل نتيجة طبيعية لمحدودية الاستيعاب الذهني لدى الإنسان. أما النوع الثاني فهو نتيجة طبيعية لتكرر الأعراض وتنامي إقصاء الصورة من واجهة النفس إلى خلفيتها.وما أبعد الفرق بين صفة تكون نتيجة لناحية تكوينية في خلق الإنسان وظروفه كما هو الحال في النوع الأوّل، وبين صفة تكون نتيجة لسلوك مقصود للإنسان. وهذا ما يكشف لنا وجه المواخذة وعدم المواخذة.. فإنّ النسيان الأوّل أمر لا إرادي، والشريعة المقدسة لا تواخذ بغير المقدور ولا تكلف الإنسان مالا يستطيع. أما النوع الثاني فهو نسيان إرادي أو هو بالحقيقة تناسٍ وتكريس للإعراض عما يجب استحضاره من الأحكام والمشاعر، ولذلك صح أن تنهى الشريعة عنه وتسجل العقوبة عليه.قد تسأل: ما دام النسيان من النوع الأوّل خارجاً عن إرادة الإنسان فيكن داخلاً في قول الرسول (ص) "وما لا يطيقون" ولا يبقى مسوغ لأن يعده الرسول أمراً مستقلاً عما عفى عنه في الشريعة. وحيث أنّه (ص) عد العفو عن النسيان أمراً مستقلاً فلا يبقى إلا أن يكون هو النوع الثاني منه.والجواب: صحيح أنّ النوع الأوّل من النسيان (زوال صورة الشيء من صفحة النفس موقتاً أو نهائياً) بذاته أمر لا إرادي لا يصح التكليف به، ولكن يمكن تكليف الإنسان بأن يحصن معلوماته ومشاعره ويرفع مستوى تذكره واستحضاره في النطاق الذي تراه الشريعة ضرورياً... انّ الأمور اللاإرادية وإن لم يصح التكليف بها لكنه يصح بمقدماتها ومسبباتها الداخلية تحت الإرادة كما نلاحظ في القوانين والشرائع.
وعليه فإنّ رفع النسيان اللاإرادي عن الأُمّة في الحديث النبوي هو بمعنى رفع التكليف بمقدماته الإرادية. والتكليف بالمقدمات الإرادية لما كان من حقِّ الشريعة وضعه صح أن يكون من مختصاتها رفعه كما عنى الحديث الشريف.أما النسيان بالمعنى الثاني الذي هو في حقيقته تناس وإغماض فإنّه لم يعف عنه في الشريعة ولا يصح أن يعفى عنه.. وهو الذي عنته الآيات الكريمة وحذرت من عواقبه وعقوبته.وكذلك ينسجم الإسلام مع منطق الحياة وطبيعة الإنسان حينما يفرق بين الشخص الذي يكون بصدد تحمل مسوولياته والتزام أحكام الله تعالى ولكنه بسبب محدودية استيعابه الذهني ومشاغل الحياة ينسى حكماً شرعياً أو موضوعاً شرعياً فيقع في مخالفة.. وبين من لا يكون بصدد تحمل مسوولياته في تطبيق أحكام الله تعالى فينسى عقيدته وواجباته، ينسى الله تعالى ولقاءه وآياته على حد تعبير الآيات الكريمة..
اللهم صلِ على محمد واله الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الواقع حينما نراجع القران الكريم نجد هناك بعض الايات القرانية التي تذم النسيان وتحذر عنه ,وترتب عليه من العقاب الشديد ,فماذا يراد بهذا النسيان خصوصاً وان بني ادم كلهم معرضين للنسيان ماخلا المعصوم فتعالوا معي لنعرف هذه المعلومة من القران الكريم
قال الله عزّ وجلّ:(كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى) (طه/ 126)
.وقال تعالى:(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ) (الحشر/ 19).
(فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) (الجاثية/ 34).
وقال تعالى:(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) (الكهف/ 57)،وآيات أخرى تتضمن هذا المعنى.
وورد في الحديث الشريف الثابت قول الرسول (ص).
"رفع عن أمتي تسع: الخطأ، والنسيان، وما اضطروا إليه، وما أكرهوا عليه وما لا يطيقون.. إلخ".
فما هو النسيان المنهى عنه المواخذ عليه في الشريعة الإسلامية، وما هو النسيان المسموح به المعفو عنه؟من تقصّى أحكام النسيان في الشريعة واستقراء ما ثبت العفو عنه وما ثبت النهي عنه نخرج بتحديد يميز لنا نوعين من النسيان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافاً جوهرياً:النوع الأوّل: زوال صورة الشيء (فكرة أو مشهد أو شعور) من صفحة النفس زوالاً وقتياً أو نهائياً بحيث يفشل الإنسان في استرجاعها إلى ذاكرته مهما أعملها، وهذا هو المعنى العرفي للنسيان، وهو تارة نسيان بسيط حيث ينسى الإنسان فيه الصورة وتارة نسيان مركب حيث ينسى الصورة وينسى أنّه ناس لصوره.
والنوع الثاني: زوال صورة الشيء لا من صفحة النفس كلياً بل من بين الصور التي يعيشها الإنسان ويتعامل بها مع الحياة، أي زوال الصورة من واجهة الذاكرة وإن بقيت في أقصاها وأمكن استخراجها إلى الواجهة بمحاولة استذكار صغيرة أو كبيرة.. وهذا النسيان كثير في حياة الناس.فكم من شخص يحمل شعور الحب لولده أو لزوجته أو والده أو صديقه، ولكنه لا يستحضر هذا الشعور في شيء من معاملته إياه لأنّه شعور مقصي في أقصى الذاكرة وإن أمكنه إستعادته بيسر بالتذكر أو التذكير.وكم من شخص يومن بالله واليوم الآخر ويشعر بهما، ولكنه لا يتعامل بإيمانه هذا مع شيء من حياته لأنّه قد أقصى صورته حتى كمنت في خلفية الذاكرة وأهملت مع الصورة التي يحملها ولا يتعامل فيها مع الحياة.وهذا النحو من النسيان هو بالحقيقة إغماض وإعراض عن أفكار ومشاعر ومشاهد ينتج عنه خفوتها في خلفية النفس حتى تصبح كأنها غير موجودة.والفارق بين هذين النوعين من النسيان كبير، حيث أنّ النوع الأوّل نتيجة طبيعية لمحدودية الاستيعاب الذهني لدى الإنسان. أما النوع الثاني فهو نتيجة طبيعية لتكرر الأعراض وتنامي إقصاء الصورة من واجهة النفس إلى خلفيتها.وما أبعد الفرق بين صفة تكون نتيجة لناحية تكوينية في خلق الإنسان وظروفه كما هو الحال في النوع الأوّل، وبين صفة تكون نتيجة لسلوك مقصود للإنسان. وهذا ما يكشف لنا وجه المواخذة وعدم المواخذة.. فإنّ النسيان الأوّل أمر لا إرادي، والشريعة المقدسة لا تواخذ بغير المقدور ولا تكلف الإنسان مالا يستطيع. أما النوع الثاني فهو نسيان إرادي أو هو بالحقيقة تناسٍ وتكريس للإعراض عما يجب استحضاره من الأحكام والمشاعر، ولذلك صح أن تنهى الشريعة عنه وتسجل العقوبة عليه.قد تسأل: ما دام النسيان من النوع الأوّل خارجاً عن إرادة الإنسان فيكن داخلاً في قول الرسول (ص) "وما لا يطيقون" ولا يبقى مسوغ لأن يعده الرسول أمراً مستقلاً عما عفى عنه في الشريعة. وحيث أنّه (ص) عد العفو عن النسيان أمراً مستقلاً فلا يبقى إلا أن يكون هو النوع الثاني منه.والجواب: صحيح أنّ النوع الأوّل من النسيان (زوال صورة الشيء من صفحة النفس موقتاً أو نهائياً) بذاته أمر لا إرادي لا يصح التكليف به، ولكن يمكن تكليف الإنسان بأن يحصن معلوماته ومشاعره ويرفع مستوى تذكره واستحضاره في النطاق الذي تراه الشريعة ضرورياً... انّ الأمور اللاإرادية وإن لم يصح التكليف بها لكنه يصح بمقدماتها ومسبباتها الداخلية تحت الإرادة كما نلاحظ في القوانين والشرائع.
وعليه فإنّ رفع النسيان اللاإرادي عن الأُمّة في الحديث النبوي هو بمعنى رفع التكليف بمقدماته الإرادية. والتكليف بالمقدمات الإرادية لما كان من حقِّ الشريعة وضعه صح أن يكون من مختصاتها رفعه كما عنى الحديث الشريف.أما النسيان بالمعنى الثاني الذي هو في حقيقته تناس وإغماض فإنّه لم يعف عنه في الشريعة ولا يصح أن يعفى عنه.. وهو الذي عنته الآيات الكريمة وحذرت من عواقبه وعقوبته.وكذلك ينسجم الإسلام مع منطق الحياة وطبيعة الإنسان حينما يفرق بين الشخص الذي يكون بصدد تحمل مسوولياته والتزام أحكام الله تعالى ولكنه بسبب محدودية استيعابه الذهني ومشاغل الحياة ينسى حكماً شرعياً أو موضوعاً شرعياً فيقع في مخالفة.. وبين من لا يكون بصدد تحمل مسوولياته في تطبيق أحكام الله تعالى فينسى عقيدته وواجباته، ينسى الله تعالى ولقاءه وآياته على حد تعبير الآيات الكريمة..
تعليق