ذكر المفسرون احتمالات عديدة للباقيات الصالحات، نشير إلى خمسة منها:
الف: المراد هو الصلوات اليومية الخمس لأنها أعمال صالحة وخالدة كذلك، فالصلاة تعمر كل مكان اُقيمت فيه من البيت والدائرة والمجتمع والبلد، والمكان الذي لا تُقام فيه صلاة يخرب ويُدمَّر. الصلاة إذا وجَّهت القلب الذي هو مركز الاضطرابات والقلق نحو الله طمأنته وسكّنته وملخَّص الكلام هو أنَّها معيار قبول أوردّ الأعمال وباقي العبادات .
باء: المراد من الباقيات الصالحات هو الذكر الشريف التالي: (سبحان اللّه والحمدُ للّه ولا إله إلاَّ اللهُ واللهُ أكبر).هذا الذكر ينزّه الله تعالى عن كل عيب ونقص ويوصفه بصفات الكمال، وربٌّ بهذه الصفات جدير بالحمد والثناء; لأنَّه الوحيد المتصف بهذه الصفات الكمالية والوحيد الذي هو جدير وأهل للعبادة، ولا معبود غيره، وهو أرفع شاناً ممَّا نصفه به وممَّا نظن ونتصوَّر وأعظم من أن تحدَّه افكارنا.
جيم: المراد منها صلاة الليل, فهي صلاة تحضى بأهمية كبيرة، وكل ما قلنا فيها كان قليلاً، يقول الله في هذا المجال: (وَمِنَ اللّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نَافِلةً لَكَ عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ ربُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً)). بلوغ المقام المحمود غير ميسَّر حتى للرسول (صلى الله عليه وآله) إلاَّ من خلال صلاة الليل. بالطبع لا ينبغي للانسان أن يأتي بجميع آداب ومستحبات صلاة الليل وبخاصة بالنسبة إلى أولئك الذين قصدوا تواً نيل هذه السعادة العظمى بل يكفيهم الاتيان بأحد عشرة ركعة بنحوها العادي والمألوف، رغم أن الذي يأتي بباقي آدابها ومستحباتها سينال قسطاً أوفر من الثواب عند الله قطعاً.
أتمنى التوفيق للقيام بهذه العبادة الكبرى لكي يتسنَّى لنا الإحساس بلذة بلوغ المقام المحمود تدريجياً.
دال: فسَّر بعض المفسِّرين الباقيات الصالحات بـ البنات اللاتي يتم تربيتهنَّ بالآداب الاسلامية ليصبحن اُمهات نموذجيات , لأنَّهن منشأ أمل لوالديهن في عالم الآخرة.
هاء: نقرأ في رواية وردت عن الامام الصادق (عليه السلام) أن حبَّ أهل البيت وولايتهم من مصاديق الباقيات الصالحات.
هذه خمسة تفاسير مختلفة للباقيات الصالحات، لكن تقدَّم منا أنَّ هذه التفاسير رغم تضادها الظاهري غير متضادة ولا متنافية في الواقع، ويمكن شمول الباقيات الصالحات لها جميعاً من خلال القول بأن كلاً من التفاسير التي ذكرناها والتفاسير التي لم نذكرها بمثابة المصاديق للباقيات الصالحات , فإنَّ لهذا العنوان مصاديق متعدّدة ومختلفة.
والنتيجة : هي أن لا يتعلَّق الانسان بدنياه الفانية والعاجلة بل عليه التعلُّق بالباقيات الصالحات.
منقووووووووووول
تعليق