بسم الله الرحمن الرحيم
من المحقق الفاضل السيد جعفر مرتضى العاملي حفظه الله
السلام عليكم
أبو لؤلؤة هو: فيروز النهاوندي. كان أخاً لذكوان، والد أبي الزناد، عبد الله بن ذكوان، عالم أهل المدينة بالحساب والفرائض، والشعر، والنحو، والحديث، والفقه.
أما ما ينسبونه إليه، من أنه كان مجوسياً.. فهو محل شك عندنا، ومنشأ هذا الشك هو الأمور التالية:
1 ـ اختلفت كلمات المؤرخين في خصوص هذه النقطة، فهناك من يدعي: أنه كان نصرانياً.
وهناك من يرميه بالمجوسية
وهناك من يقول بأنه كان مسلماً
فالجزم بمجوسيته من دون تحقيق في هذا الأمر يصبح مجازفة، لا يليق بالإنسان العاقل والمنصف، أن يلجأ إليها..
2 ـ وابن كثير يرى: أنه كان في الأصل مجوسياً، فقد قال: (فاتفق له أن ضربه أبو لؤلؤة فيروز، المجوسي الأصل، الرومي الدار)
ولكن ابن كثير لم يصرح بانتقاله إلى الإسلام، بل سكت عن ذلك.
3 ـ قال الميرزا عبد الله الأفندي: إن فيروز قد كان من أكابر المسلمين، والمجاهدين، بل من خُلَّص أتباع أمير المؤمنين (عليه السلام)
وقال: (والمعروف كون أبي لؤلؤة من خيار شيعة علي)
4 ـ وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال لعمر بن الخطاب: (إني أراك في الدنيا قتيلاً، بجراحة من عبد أم معمر، تحكم عليه جوراً، فيقتلك توفيقاً)
فهو (عليه السلام) وفق ما ورد في هذا الحديث يعتبر: أن ما فعله أبو لؤلؤة كان من التوفيقات التي نالته، وفي هذا نوع من المدح له، كما هو ظاهر.
5 ـ ويمكن تأييد ذلك بما روي: من أنه بعد قتل عمر بن الخطاب بادر عبيد الله بن عمر، فقتل الهرمزان، وجفينة، وبنتاً صغيرة لأبي لؤلؤة، فأشار الإمام علي (عليه السلام) على عثمان أن يقتله بهم، فأبى..
فإن هذا يشير إلى: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعتبر ابنة أبي لؤلؤة في جملة أهل الإسلام، ويطالب بقتل قاتلها، ولا يقتل المسلم بكافر.
ومع كونها صغيرة لم تبلغ سن التكليف، فإن لحوق حكم الإسلام بها إنما يكون من أجل تبعيتها لأبويها المسلمين، أو لأحدهما إذا كان مسلماً..
وهذا يثير احتمال أن يكون أبوها مسلماً أيضاً، وقد لحقت هي به، مع احتمال أن تكون أمها هي المسلمة وقد ألحقت بها..
بل إن إسلام أمها يكفي لإثبات إسلام أبيها. فإن إسلام أمها يفرض أن يكون أبوها مسلماً أيضاً. إذ إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يقر كافراً على مسلمة.
والشواهد المتقدمة تؤيد أن يكون أبوها مسلماً أيضاً..
والظاهر: أن الآخرين قد تنبهوا لهذا الأمر، فحاولوا التعمية على الناس بمثل قولهم: (كانت صغيرة تدَّعي الإسلام)
مع أن من الواضح: أن ادعاء الصغير للإسلام لا يخرجه عن كونه ملحقاً بأبويه فيما يرتبط بالأحكام، ولا سيما فيما يرتبط بالقود وبالدماء..
ومما يسهل علينا تصور هذا الأمر: أن النصوص تدل على أن الإسلام كان قد فشا وشاع في العلوج الذين كانوا بيد المسلمين، حتى إنهم يذكرون: أنه لما طعن عمر قال لابن عباس: (لقد كنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً، فقال: إن شئت فعلت. أي إن شئت قتلنا. (هم ظ).
قال: كذبت، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم..)
وحسب نص ابن شبة: أنه قال: (إن شئت قتلناه)، فأجابه عمر بما ذكر..
وهذا معناه: أن عمر قد أقر بإسلام أبي لؤلؤة.
6 ـ وقال عيينة بن حصين لعمر: إني أرى هذه الأعاجم قد كثرت ببلدك فاحترس منهم، قال: إنهم قد اعتصموا بالإسلام.
قال: أما والله، لكأني أنظر إلى أحمر أزرق منهم قد جال في هذه، في بطن عمر، فلما طعن عمر قال: ما فعل عيينة الخ..
7 ـ روي عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان.
وروي أيضاً: أن عمر لما سمع بهذا الحديث بادر إلى إخراج غير المسلمين من جزيرة العرب)
ونحن وإن كنا نشك في صحة هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونستقرب أن يكون عمر نفسه هو الذي قال: لا يجتمع بأرض العرب دينان. كما أوضحناه في موضع آخر
وكما يشير إليه نسبة الحديث إلى عمر فقط، من قِبَل القاسم بن سلام
غير أن ذلك لا يضر في صحة الإستدلال به على ما نحن بصدده، لأن مفاده: أن عمر بن الخطاب كان يرى: أنه لا يصح أن يبقى أي إنسان غير مسلم في جزيرة العرب. فدل ذلك على أن أبا لؤلؤة كان مسلماً.
8 ـ ورد في حديث عن الإمام الهادي (عليه السلام)، أن حذيفة (رحمه الله) روى قضية قتل أبي لؤلؤة لعمر، ثم قال في أواخر كلامه: فاستجاب الله دعاء مولاتي (عليها السلام)..
إلى أن قال: وأجرى قتله على يد قاتله (رحمة الله عليه)
فالترحم على أبي لؤلؤة سواء أكان من حذيفة، أم من الإمام (عليه السلام)، أم من الراوي، يدل على أن من فعل ذلك يرى هذا الرجل مسلماً، وليس مجوسياً ولا نصرانياً.. بل هو يدل على رضاه عما صدر منه في حق عمر.
9 ـ عن جابر الأنصاري، أنه قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر فقال عمر: يا عدو الله، ما حملك على قتلي؟! ومن الذي دسك إلى قتلي؟!
قال: اجعل بيني وبينك حكماً حتى أتكلم معك.
فقال عمر: بمن ترضى بيننا حكم عدلٍ؟!
قال: بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)..
فلما جاءه الإمام علي (عليه السلام)، قال عمر لأبي لؤلؤة: تكلم، فقد حكم بيننا حكم عدل!
فقال: أنت أمرتني بقتلك يا عمر.
قال: وكيف ذلك؟!
قال: إني سمعتك تخطب على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنت تقول: كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة وقانا الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، وقد عدت أنت إلى مثلها.
فقال له: صدقت. ثم أغمي عليه ومات.
----------------------
منقول
من المحقق الفاضل السيد جعفر مرتضى العاملي حفظه الله
السلام عليكم
أبو لؤلؤة هو: فيروز النهاوندي. كان أخاً لذكوان، والد أبي الزناد، عبد الله بن ذكوان، عالم أهل المدينة بالحساب والفرائض، والشعر، والنحو، والحديث، والفقه.
أما ما ينسبونه إليه، من أنه كان مجوسياً.. فهو محل شك عندنا، ومنشأ هذا الشك هو الأمور التالية:
1 ـ اختلفت كلمات المؤرخين في خصوص هذه النقطة، فهناك من يدعي: أنه كان نصرانياً.
وهناك من يرميه بالمجوسية
وهناك من يقول بأنه كان مسلماً
فالجزم بمجوسيته من دون تحقيق في هذا الأمر يصبح مجازفة، لا يليق بالإنسان العاقل والمنصف، أن يلجأ إليها..
2 ـ وابن كثير يرى: أنه كان في الأصل مجوسياً، فقد قال: (فاتفق له أن ضربه أبو لؤلؤة فيروز، المجوسي الأصل، الرومي الدار)
ولكن ابن كثير لم يصرح بانتقاله إلى الإسلام، بل سكت عن ذلك.
3 ـ قال الميرزا عبد الله الأفندي: إن فيروز قد كان من أكابر المسلمين، والمجاهدين، بل من خُلَّص أتباع أمير المؤمنين (عليه السلام)
وقال: (والمعروف كون أبي لؤلؤة من خيار شيعة علي)
4 ـ وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، أنه قال لعمر بن الخطاب: (إني أراك في الدنيا قتيلاً، بجراحة من عبد أم معمر، تحكم عليه جوراً، فيقتلك توفيقاً)
فهو (عليه السلام) وفق ما ورد في هذا الحديث يعتبر: أن ما فعله أبو لؤلؤة كان من التوفيقات التي نالته، وفي هذا نوع من المدح له، كما هو ظاهر.
5 ـ ويمكن تأييد ذلك بما روي: من أنه بعد قتل عمر بن الخطاب بادر عبيد الله بن عمر، فقتل الهرمزان، وجفينة، وبنتاً صغيرة لأبي لؤلؤة، فأشار الإمام علي (عليه السلام) على عثمان أن يقتله بهم، فأبى..
فإن هذا يشير إلى: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) يعتبر ابنة أبي لؤلؤة في جملة أهل الإسلام، ويطالب بقتل قاتلها، ولا يقتل المسلم بكافر.
ومع كونها صغيرة لم تبلغ سن التكليف، فإن لحوق حكم الإسلام بها إنما يكون من أجل تبعيتها لأبويها المسلمين، أو لأحدهما إذا كان مسلماً..
وهذا يثير احتمال أن يكون أبوها مسلماً أيضاً، وقد لحقت هي به، مع احتمال أن تكون أمها هي المسلمة وقد ألحقت بها..
بل إن إسلام أمها يكفي لإثبات إسلام أبيها. فإن إسلام أمها يفرض أن يكون أبوها مسلماً أيضاً. إذ إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يقر كافراً على مسلمة.
والشواهد المتقدمة تؤيد أن يكون أبوها مسلماً أيضاً..
والظاهر: أن الآخرين قد تنبهوا لهذا الأمر، فحاولوا التعمية على الناس بمثل قولهم: (كانت صغيرة تدَّعي الإسلام)
مع أن من الواضح: أن ادعاء الصغير للإسلام لا يخرجه عن كونه ملحقاً بأبويه فيما يرتبط بالأحكام، ولا سيما فيما يرتبط بالقود وبالدماء..
ومما يسهل علينا تصور هذا الأمر: أن النصوص تدل على أن الإسلام كان قد فشا وشاع في العلوج الذين كانوا بيد المسلمين، حتى إنهم يذكرون: أنه لما طعن عمر قال لابن عباس: (لقد كنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً، فقال: إن شئت فعلت. أي إن شئت قتلنا. (هم ظ).
قال: كذبت، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم..)
وحسب نص ابن شبة: أنه قال: (إن شئت قتلناه)، فأجابه عمر بما ذكر..
وهذا معناه: أن عمر قد أقر بإسلام أبي لؤلؤة.
6 ـ وقال عيينة بن حصين لعمر: إني أرى هذه الأعاجم قد كثرت ببلدك فاحترس منهم، قال: إنهم قد اعتصموا بالإسلام.
قال: أما والله، لكأني أنظر إلى أحمر أزرق منهم قد جال في هذه، في بطن عمر، فلما طعن عمر قال: ما فعل عيينة الخ..
7 ـ روي عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان.
وروي أيضاً: أن عمر لما سمع بهذا الحديث بادر إلى إخراج غير المسلمين من جزيرة العرب)
ونحن وإن كنا نشك في صحة هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونستقرب أن يكون عمر نفسه هو الذي قال: لا يجتمع بأرض العرب دينان. كما أوضحناه في موضع آخر
وكما يشير إليه نسبة الحديث إلى عمر فقط، من قِبَل القاسم بن سلام
غير أن ذلك لا يضر في صحة الإستدلال به على ما نحن بصدده، لأن مفاده: أن عمر بن الخطاب كان يرى: أنه لا يصح أن يبقى أي إنسان غير مسلم في جزيرة العرب. فدل ذلك على أن أبا لؤلؤة كان مسلماً.
8 ـ ورد في حديث عن الإمام الهادي (عليه السلام)، أن حذيفة (رحمه الله) روى قضية قتل أبي لؤلؤة لعمر، ثم قال في أواخر كلامه: فاستجاب الله دعاء مولاتي (عليها السلام)..
إلى أن قال: وأجرى قتله على يد قاتله (رحمة الله عليه)
فالترحم على أبي لؤلؤة سواء أكان من حذيفة، أم من الإمام (عليه السلام)، أم من الراوي، يدل على أن من فعل ذلك يرى هذا الرجل مسلماً، وليس مجوسياً ولا نصرانياً.. بل هو يدل على رضاه عما صدر منه في حق عمر.
9 ـ عن جابر الأنصاري، أنه قال: لما طعن أبو لؤلؤة عمر فقال عمر: يا عدو الله، ما حملك على قتلي؟! ومن الذي دسك إلى قتلي؟!
قال: اجعل بيني وبينك حكماً حتى أتكلم معك.
فقال عمر: بمن ترضى بيننا حكم عدلٍ؟!
قال: بعلي بن أبي طالب (عليه السلام)..
فلما جاءه الإمام علي (عليه السلام)، قال عمر لأبي لؤلؤة: تكلم، فقد حكم بيننا حكم عدل!
فقال: أنت أمرتني بقتلك يا عمر.
قال: وكيف ذلك؟!
قال: إني سمعتك تخطب على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنت تقول: كانت بيعتنا لأبي بكر فلتة وقانا الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، وقد عدت أنت إلى مثلها.
فقال له: صدقت. ثم أغمي عليه ومات.
----------------------
منقول
تعليق