بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إنّ العفاف هو الاستحياء عن التمادي في الاستجابة للغريزة الخاصّة التي يبتني عليها التناسل والتكاثر في الجنس البشريّ، ويُعتبر العفاف قيمة فطريّة فاضلة، فما من إنسان إلّا وهو يجد في داخله أنّ كفّ المرء عن الاستجابة للغريزة في غير الإطار المحدّد هي سمة فاضلة، فالشابّ الذي لا يبحث عن إغراء الفتيات بنفسه بل يسعى إلى أن يتزوّج ويشكّل أسرةً مستقرّةً يجد كفافه فيها ممدوحاً لدى الناس كلّهم، كما أنّ الفتاة التي لا تبحث عن إغراء الشباب بنفسها وتستطيع أن تملك نفسها عن الاستجابة لدواعي الإغراء تكون ممدوحةً كذلك، وما من مجتمع بشريّ إلّا وهو يتبنّى أمر العفاف بدرجة أو أخرى، وليس هناك أيّ مجتمع إنسانيّ يبني على الإباحيّة المطلقة والانفلات المطلق، وأرشد المجتمعات من هذه الزاوية هو المجتمع الذي يتمسّك بأدوات أكثر ملاءمةً للحفاظ على عفاف الرجل والمرأة وتوقّي السلبيّات التي تنشأ عن انتهاك هذا المبدأ الإنسانيّ الهامّ.

🔹 ويتقوّم العفاف بأمور ثلاثة:
الأوّل: العفاف عن العلاقة الخاطئة.
والثاني: العفاف عن الممارسات الخاطئة، من قبيل التحرّشات السلوكيّة واللفظيّة ونحوها.
والثالث: العفاف عن الإغراء بالنفس من خلال المظاهر والسلوكيّات والحركات العامّة.
فهذه الأمور الثلاثة من العفاف ذات ارتباط موثوق، فلن يستطيع المجتمع أن يصل إلى العفاف المطلوب إلّا برعاية أفراده لمستوىً مقبول من التحذّر عن العلاقات الخاطئة وعن الممارسات الخاطئة المنتهية إليها وعن المظاهر المغرية بالشكل العامّ في كلّ مجتمع بحسبه للآخر.

🔹 ويمكن للإنسان أن يجد المقدار المطلوب من العفاف من المنظور الإنسانيّ العامّ من خلال القاعدة الأخلاقيّة المعروفة بـ(القاعدة الذهبيّة) وهي: (أن يحبّ الإنسان لنفسه ما يحبّ لأخيه، ويكره لنفسه ما يكره لأخيه).
فعلينا أن نطبّق هذا المبدأ بالنسبة إلى أنفسنا في سلوكيّاتنا، فما الذي ترغب فيه المرأة أن تكون عليه الفتيات الأخريات أمام زوجها وأبيها وأخيها؟ وما الذي يرغب فيه الشاب أن يكون الفتيان الآخرون أمام زوجته وأمّه وأخته وابنته وسائر قرابته، فهذا الميزان ميزان إنسانيّ عادل ينبّه الإنسان على التصرّف اللائق مع الآخرين، فإذا كانت المرأة المتزوّجة تكره أن تظهر الفتيات أمام زوجها بمظهر الإغراء والاستدراج والسلوكيّات الأخرى فإنّ عليها أن تلتفت في شأن نفسها إلى مثل ذلك.

🔹 إنّ العفاف يمثّل ركيزةً أساسيّةً في الحياة الإنسانيّة؛ لأنّ العلاقة الخاصّة التي أودعها الله سبحانه في نفس كلّ إنسان ذكراً كان أو أنثى من الانجذاب إلى الآخر إنّما جُعل لتكوين أسرة سليمة يجد كلّ من الطرفين سعادته فيها ويخلقون بذلك جيلاً آخر يتصدّون لتربيته وتنميته وإعداده واتصافه بالرشد والحكمة والفضيلة.
فعلى الإنسان أن يسير على هذه الركيزة الأساسيّة في الحياة ويهتمّ بمراعاة مقتضاه كما يحبّ أن يراعي الآخرون مقتضاه بالنسبة إلى ذويه.

📚: مقتبس من محاضرة القيت على مجموعة من الطالبات
: السيد محمد باقر السيستاني.