◄من أعظم ما ينفع من البلاء بشكل عام والقلق بشكل خاص الدعاء. قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر/ 60)، وقال: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) (البقرة/ 186)، وأوجب الله عزّ وجلّ الدعاء في قوله: (وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) (الأعراف/ 29).
ذكر د. جوزيف ميرفي في كتابه، الذي باع منه مليون نسخة، (Power of the Subconscious Mind) (قوة العقل الباطن)، ذكر أنّ المصر على الدعاء يتحقق له مطلبه يقيناً، وأنا أعجب لغير مسلم يقول هذا الكلام في الوقت الذي يُخذل فيه مسلمون!
حقيقةً إنّ الدعاء لا يُرد معه شيء، ورد في الحديث أنّ النبيّ (ص) أخبر أن كلّ دعاء مستجاب، فعجب الصحابة لذلك فقالوا: "إذن نُكثر"، قال: "الله أكثر"! أي الله أكبر، الله أكثر، الله أقدر، ماذا يتمنى ابن آدم؟ 99.99% من أمنيات الناس لا تزيد عن حجم بلدة، كمن من الناس يتمنى الكرة الأرضية كلها؟ لو أنّ الله أعطى كلّ واحد عطايا بحجم الكرة الأرضية كم نقص من ملك الله؟ هذه المجرات الضخمة والأجرام العظيمة التي فيها الأرضية كالذرة في فلاة.
الدعاء مجاب لكن يحتاج إلى التالي:
- اليقين: فهو العماد للإجابة، وفي الحديث: "ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة"، وقل لمن لا يقين عنده لا تُتعب نفسك. وهناك طرق فعالة في رفع درجة اليقين.
- العمل الصالح: ففي الآية القرآنية: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (فاطر/ 10)، فالدعاء أحياناً يكون فوق الرأس يحتاج ما يرفعه، والعمل الصالح هو الذي يرفعه. وما أكثر الأعمال الصالحة، ومن أعظمها برّ الوالدين، وقلّ من يُستجاب له وهو عاق لوالديه. من أفضل الأعمال الصالحة الصدقة، فهي تطفئ غضب الرب، وتجلب الخيرات، وتقي مصارع السوء. والصدقة أنواع، خيرها الصدقة المالية لكنها لا تقف عند هذا الحد بل تمتد إلى التصدق بالوقت وهو أنفس شيء. فيه يعمل للتبشير بهذا الدين، والذود عن أراضيه ومقدساته. ومن أجل الأعمال الصالحة العطاء للآخرين، وأفضل العطاء العلم، والأعمال الصالحة لا نهاية لها.
- صدق المقصد: وذلك بتوجيه السؤال لله وحده. هناك من يتوجه بالسؤال مع إشراك أحد الأنبياء أو الصالحين أو الأقربين أو الأشياء فلا يُستجاب لهم؛ لأنّ الله لا يقبل أن يُشرك به شيئاً. وقد يختبرك الله بالتأجيل فتلجأ إلى الحرام أو أهل الشعوذة والبطلان أو الاستغاثة بغيره أو غير ذلك فتستحيل الإجابة. فمتى تأخر الجواب فاعلم أنّ الأمر موقوت، وأنّ "النصر مع الصبر، وأن مع العسر يسراً".
- حسن المطلب: وذلك بطلب الطيب من الأشياء أو الأماني، فلا تدعو على الناس بظلم أو أذى، ولا تسأل حراماً أو مكروهاً. وإذا حرت في أمر ففوض أمره إلى الله واجعل الاستخارة منارة لك. وإياك والاستخارة الباردة التي يقوم بها البعض تبرأة للذمة، ولكن اجعلها استخارة من لا يعرف الخير من الشر في أمره الذي هو مقبل عليه.
- تحرى المعينات على الجواب: وهي كثيرة، فمنها المعينات من الأوقات، كالثلث الأخير من الليل، وبعد الصلوات المفروضة، وآخر ساعة من يوم الجمعة، وعند خطبة الخطيب، وبين الأذان والإقامة، وحين نزول المطر، وفي السفر، وعند المرض، ومنها المعينات من الأماكن كالدعاء في الحرم المكي أو المدني أو المقدسي وفي المسجد وموقع السجود.
المصدر: كتاب كن مطمئناً