سجنوه وحاشا للنور أن يُسجن
حاولوا إخفاء نور الشمس بزجاج عِندَهم، وما عرفوا أن الزجاج يضفي على النور بهاءً وجمالاً
ويكون ككوكب دُريّ تشع أنواراً كلّاً منها له صفته، وأنّ الشمس في السماء العالية تشرق
وإن لفتها الغمام العاتية، وإن حاولوا إخفاء ضوء البدر، فنشروا ظلمهم وكفرهم وفسادهم في الأمة
واختبؤوا في أكناف الجبال وحانات الشياطين، وما عرفوا أنّ البدر سيُتم الله نوره ولو كره المشركون
فكلما زاد الليل سواداً زاد البدرُ بهاءً وجمالاً، فدبروا ومكروا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم
ولكنهم لم يتدبروا آيات الذكر الحكيم في مكانة الرسول صلى الله عليه وآله وآل بيته الاطهار،
ولم يقتبسوا من كتاب الحياة خلقاً، ولم يبحثوا في كتاب الإنسانية عن ضميرٍ وقيمٍ متينة.
ألا إن الله خير الماكرين.
فاعتقال الإمام الكاظم عليه السلام وسجنه بات مدرسة من مدارس أهل البيت عليهم السلام
يُنهل من مواقفها الخلقية والفقهية، وتحول السجّان إلى خادم للمسجون،
يروي ظماً ويُجلي صدأً حال بين القلوب المتعطشة، وذلك حينما عرف أن السجن والحصون لا تقف حائلاً بين
ذهابه وإيابه، ومتى وكيف وأين شاء..
كمن حبس نور الشمس في زجاجة كوكبٍ دُري.. وتناقلوا الإمام من سجن إلى سجن
ومن بلد إلى بلد ودبروا التدابير والله أفشل تدابيرهم وجعل كيدهم في تضليل
فمن أساليبهم ومحاولاتهم الفاشلة تقديم الإمام عليه السلام إلى الوحوش المتضورة جوعاً،
فكانت تلك الوحوش الحيوانية أكثر طوعاً من الوحوش الآدمية للإمام الكاظم عليه السلام
بل راحت تلوذ بكعبة كاظم الغيظ تحرسه في صلاته شاخصة أبصارها نحوه،
تُتمتم فضل صلاةٍ بإمامته، فذكره العطر ونسله المبارك حال دون إخفاء معالم جريمتهم في قتل الإمام الكاظم
فقلوب الطغاة مرتعدة دماً من الأتقياء الصالحين، فكيف بسليل النبوة وكعبة الغيظ،
إذ كان الهارون العباسي (لع) يرى في الإمام الكاظم عليه السلام سيف ذي الفقار الذي جهز على
أشلاء الشجرة الخبيثة وأعوانها، فبات الأمر الذي يؤرقه وشغله الشاغل في ثلم هذا السيف حتى أمر جلاوزته
باعتقاله وإرساله إلى البصرة ومنها إلى بغداد إلى أن وضعه في سجن السنديّ بن شاهك،
وأمره بدسِّ السّم إليه في الطعام المقدم له فأكل الإمام؛ ليتقوى على عبادة الله عزّ وجلّ بعد الصيام
فراح يُكابد أوجاع السُّم وآلامه لمدة ثلاثة أيام إلى أن فاضت روحه الطاهرة وصعدت إلى بارئها تشكو ظلم حكام
بني أمية وبني العباس، وذلك في يوم الجمعة في 25 من رجب الأصب سنة 183هـ، وحمله أربعة رجال
ووضعوا جسده الشريف على جسر بغداد مكشوف الوجه.
نعم، لقد هوى ذلك النجم العلوي، فارتفع إلى جنان الخُلد.. وسما على الوجود فارتفع فوق الزمان والمكان
سجنوه وما عرفوا أنّ سجنه كان كسجن الروح في الجسد
وأنه سينقلب السجن عليهم ويفضحهم في صفحات التاريخ
فسلام عليه حين ولد وحين سُجن وحين استشهد وحين يُبعث حياً شاهداً على أعمال الأمة الإسلامية.
تم نشره في المجلة العدد (46)
حاولوا إخفاء نور الشمس بزجاج عِندَهم، وما عرفوا أن الزجاج يضفي على النور بهاءً وجمالاً
ويكون ككوكب دُريّ تشع أنواراً كلّاً منها له صفته، وأنّ الشمس في السماء العالية تشرق
وإن لفتها الغمام العاتية، وإن حاولوا إخفاء ضوء البدر، فنشروا ظلمهم وكفرهم وفسادهم في الأمة
واختبؤوا في أكناف الجبال وحانات الشياطين، وما عرفوا أنّ البدر سيُتم الله نوره ولو كره المشركون
فكلما زاد الليل سواداً زاد البدرُ بهاءً وجمالاً، فدبروا ومكروا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم
ولكنهم لم يتدبروا آيات الذكر الحكيم في مكانة الرسول صلى الله عليه وآله وآل بيته الاطهار،
ولم يقتبسوا من كتاب الحياة خلقاً، ولم يبحثوا في كتاب الإنسانية عن ضميرٍ وقيمٍ متينة.
ألا إن الله خير الماكرين.
فاعتقال الإمام الكاظم عليه السلام وسجنه بات مدرسة من مدارس أهل البيت عليهم السلام
يُنهل من مواقفها الخلقية والفقهية، وتحول السجّان إلى خادم للمسجون،
يروي ظماً ويُجلي صدأً حال بين القلوب المتعطشة، وذلك حينما عرف أن السجن والحصون لا تقف حائلاً بين
ذهابه وإيابه، ومتى وكيف وأين شاء..
كمن حبس نور الشمس في زجاجة كوكبٍ دُري.. وتناقلوا الإمام من سجن إلى سجن
ومن بلد إلى بلد ودبروا التدابير والله أفشل تدابيرهم وجعل كيدهم في تضليل
فمن أساليبهم ومحاولاتهم الفاشلة تقديم الإمام عليه السلام إلى الوحوش المتضورة جوعاً،
فكانت تلك الوحوش الحيوانية أكثر طوعاً من الوحوش الآدمية للإمام الكاظم عليه السلام
بل راحت تلوذ بكعبة كاظم الغيظ تحرسه في صلاته شاخصة أبصارها نحوه،
تُتمتم فضل صلاةٍ بإمامته، فذكره العطر ونسله المبارك حال دون إخفاء معالم جريمتهم في قتل الإمام الكاظم
فقلوب الطغاة مرتعدة دماً من الأتقياء الصالحين، فكيف بسليل النبوة وكعبة الغيظ،
إذ كان الهارون العباسي (لع) يرى في الإمام الكاظم عليه السلام سيف ذي الفقار الذي جهز على
أشلاء الشجرة الخبيثة وأعوانها، فبات الأمر الذي يؤرقه وشغله الشاغل في ثلم هذا السيف حتى أمر جلاوزته
باعتقاله وإرساله إلى البصرة ومنها إلى بغداد إلى أن وضعه في سجن السنديّ بن شاهك،
وأمره بدسِّ السّم إليه في الطعام المقدم له فأكل الإمام؛ ليتقوى على عبادة الله عزّ وجلّ بعد الصيام
فراح يُكابد أوجاع السُّم وآلامه لمدة ثلاثة أيام إلى أن فاضت روحه الطاهرة وصعدت إلى بارئها تشكو ظلم حكام
بني أمية وبني العباس، وذلك في يوم الجمعة في 25 من رجب الأصب سنة 183هـ، وحمله أربعة رجال
ووضعوا جسده الشريف على جسر بغداد مكشوف الوجه.
نعم، لقد هوى ذلك النجم العلوي، فارتفع إلى جنان الخُلد.. وسما على الوجود فارتفع فوق الزمان والمكان
سجنوه وما عرفوا أنّ سجنه كان كسجن الروح في الجسد
وأنه سينقلب السجن عليهم ويفضحهم في صفحات التاريخ
فسلام عليه حين ولد وحين سُجن وحين استشهد وحين يُبعث حياً شاهداً على أعمال الأمة الإسلامية.
تم نشره في المجلة العدد (46)
تعليق