قصة زيد والحارث وعشقهما الشديد للامام الحسين (ع) ...
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
زيــــد المجنون رجل من أهل الخير والصلاح ، وذو عقل سديد ورأي رشيد وإنما لقب بالمجنون ؛ لأنه أفحم كل لبيب وقطع حجة كل أريب وكان لا يعي من الجواب ولا يمل من الخطاب. وفي يوم سمع بتخريب بنيان قبر الحسين (عليه السلام) وحرث مكانه ، فعظم ذلك عليه واشتد حزنه وتجدد مصابه بسيده الحسين (عليه السلام) ، فلما غلب عليه الجد والغرام بلقاء سيده الهمام خرج من مصر ماشياً هائماً على وجهه، شاكياً وجده الى ربه متخطياً الصعاب والأهوال حتى وصل كربلاء ، وإذا القبر على حاله لم يتغير وقد هدموا بنيانه ، وكلما أجروا عليه الماء غار ، وحار واستدار بقدرة العزير الجبار، فتعجب زيد المجنون مما شاهده !!
انتبه حارث القبر الى وجود زيد ، فأقبل يمشي نحوه ، وقال له : من أين أقبلت يا شيخ ؟
قال : من مصر ، فقال له : ولأي شيء جئت إلى هنا ؟! وإني لأخشى عليك من القتل .
فبكى زيد وقال : والله قد بلغني حرث قبر الحسين (عليه السلام) فأحزنني ذلك وهيج حزني ووجدي !! فانكب الحارث على أقدام زيد يقبلهما وهو يقول : فداك أبي وامي ، فو الله يا شيخ من حين ما أقبلت إلي أقبلتْ إليّ الرحمة واستنار قلبي بنور الله ، وإني آمنت بالله ورسوله حارث هذه الأرض بأمر المتوكل ، وكلما أجريت الماء إلى قبر الحسين (عليه السلام) غار وحار واستدار ، ولم يصل إلى قبره قطرة !
فبكى زيد وبكى الحارث وقال : أنا الآن ماضٍ إلى المتوكل بسر من رأى ، أعرفه بصورة الحال ، فقال له زيد : وأنا أيضا أسير معك إليه .
قال : فلما دخل الحارث إلى المتوكل وأخبره بما شاهد من برهان قبر الحسين (عليه السلام) استشاط غيظاً وازداد بغضاً لأهل بيت رسول الله ، وأمر بقتل الحارث وصلبه .
وأما زيد المجنون فانه ازداد حزنه واشتد عزاؤه وصبر حتى أنزلوه - الحارثَ - من الصلب وألقوه على مزبلة هناك ، فاحتمله إلى نهر دجلة وغسَّله وكفَّنه وصلّى عليه ودفنه .
وبقي ثلاثة أيام لا يفارق قبره ، فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع صراخا عاليا ، ونوحا شجيا ، وإذا بجنازة محمولة على أعناق الرجال .
فسأل أحدهم : من يكون هذا الميت ؟ فقال : هذه جنازة جارية المتوكل !! ثم إنهم بنوا عليها قبة عالية .
فلما نظر زيد إلى ذلك جعل يلطم وجهه ، ويحثي التراب على رأسه ، وهو يقول : واويلاه وا أسفاه عليك يا حسين أتقتل بالطف غريبا وحيدا ظمآن شهيدا ، وتسبى نساؤك وبناتك وعيالك ، وتذبح أطفالك ، ولم يبك عليك أحد من الناس ، وتدفن بغير غسل ولا كفن ، ويحرث بعد ذلك قبرك ليطفئوا نورك ... ويكون هذا الشأن العظيم لموت جارية !! ولم يزل يبكي وينوح حتى غشي عليه ، فلما أفاق من غشيته أنشد يقول :
أيحرث بالطف قبر الحسين *** ويعمر قبر بني الزانية .
ألا لعن الله أهل الفساد *** ومن يأمن الدنية الفانية . - 1 -
القصة منقولة للفائدة .
**********************************
الهوامش :
1 – هذه القصة في كتاب بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 45 ، ص 407 .
بسم الله الرحمن الرحيم .
اللهم صل على محمد وال محمد .
زيــــد المجنون رجل من أهل الخير والصلاح ، وذو عقل سديد ورأي رشيد وإنما لقب بالمجنون ؛ لأنه أفحم كل لبيب وقطع حجة كل أريب وكان لا يعي من الجواب ولا يمل من الخطاب. وفي يوم سمع بتخريب بنيان قبر الحسين (عليه السلام) وحرث مكانه ، فعظم ذلك عليه واشتد حزنه وتجدد مصابه بسيده الحسين (عليه السلام) ، فلما غلب عليه الجد والغرام بلقاء سيده الهمام خرج من مصر ماشياً هائماً على وجهه، شاكياً وجده الى ربه متخطياً الصعاب والأهوال حتى وصل كربلاء ، وإذا القبر على حاله لم يتغير وقد هدموا بنيانه ، وكلما أجروا عليه الماء غار ، وحار واستدار بقدرة العزير الجبار، فتعجب زيد المجنون مما شاهده !!
انتبه حارث القبر الى وجود زيد ، فأقبل يمشي نحوه ، وقال له : من أين أقبلت يا شيخ ؟
قال : من مصر ، فقال له : ولأي شيء جئت إلى هنا ؟! وإني لأخشى عليك من القتل .
فبكى زيد وقال : والله قد بلغني حرث قبر الحسين (عليه السلام) فأحزنني ذلك وهيج حزني ووجدي !! فانكب الحارث على أقدام زيد يقبلهما وهو يقول : فداك أبي وامي ، فو الله يا شيخ من حين ما أقبلت إلي أقبلتْ إليّ الرحمة واستنار قلبي بنور الله ، وإني آمنت بالله ورسوله حارث هذه الأرض بأمر المتوكل ، وكلما أجريت الماء إلى قبر الحسين (عليه السلام) غار وحار واستدار ، ولم يصل إلى قبره قطرة !
فبكى زيد وبكى الحارث وقال : أنا الآن ماضٍ إلى المتوكل بسر من رأى ، أعرفه بصورة الحال ، فقال له زيد : وأنا أيضا أسير معك إليه .
قال : فلما دخل الحارث إلى المتوكل وأخبره بما شاهد من برهان قبر الحسين (عليه السلام) استشاط غيظاً وازداد بغضاً لأهل بيت رسول الله ، وأمر بقتل الحارث وصلبه .
وأما زيد المجنون فانه ازداد حزنه واشتد عزاؤه وصبر حتى أنزلوه - الحارثَ - من الصلب وألقوه على مزبلة هناك ، فاحتمله إلى نهر دجلة وغسَّله وكفَّنه وصلّى عليه ودفنه .
وبقي ثلاثة أيام لا يفارق قبره ، فبينما هو ذات يوم جالس إذ سمع صراخا عاليا ، ونوحا شجيا ، وإذا بجنازة محمولة على أعناق الرجال .
فسأل أحدهم : من يكون هذا الميت ؟ فقال : هذه جنازة جارية المتوكل !! ثم إنهم بنوا عليها قبة عالية .
فلما نظر زيد إلى ذلك جعل يلطم وجهه ، ويحثي التراب على رأسه ، وهو يقول : واويلاه وا أسفاه عليك يا حسين أتقتل بالطف غريبا وحيدا ظمآن شهيدا ، وتسبى نساؤك وبناتك وعيالك ، وتذبح أطفالك ، ولم يبك عليك أحد من الناس ، وتدفن بغير غسل ولا كفن ، ويحرث بعد ذلك قبرك ليطفئوا نورك ... ويكون هذا الشأن العظيم لموت جارية !! ولم يزل يبكي وينوح حتى غشي عليه ، فلما أفاق من غشيته أنشد يقول :
أيحرث بالطف قبر الحسين *** ويعمر قبر بني الزانية .
ألا لعن الله أهل الفساد *** ومن يأمن الدنية الفانية . - 1 -
القصة منقولة للفائدة .
**********************************
الهوامش :
1 – هذه القصة في كتاب بحار الأنوار ، العلامة المجلسي ، ج 45 ، ص 407 .
تعليق