بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين اللهم صل على محمد وآل محمد .
كلما كان هناك ظالم كان هناك مظلوم . فلا يتحقق مفهوم الظالم إلا إذا وجد مظلوم بسببه .
والظلم نوعان ظلم الإنسان لنفسه ، وظلم الإنسان لإنسان أخر .
والظلم من النوع الثاني له عدة مصاديق كالقتل ، والضرب ، ومنع الحق أو سلبه عن أهله .
روى ابن شَبَّةَ في تاريخ المدينة فقال :
(( حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفُضَيْلِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ ، قَالَ : دَعَا عُثْمَـانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ وَفِيهِمْ عَمَّـارٌ ، فَقَالَ : إِنِّي سَائِلُكُمْ ، أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُؤْثِرُ قُرَيْشًا عَلَى سَائِرِ النَّاسِ وَيُؤْثِرُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : لَوْ أَنَّ مَفَاتِيحَ الْجَنَّةِ فِي يَدِي لأَعْطَيْتُهَا بَنِي أُمَيَّةَ حَتَّى يَدْخُلُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ ، وَاللَّهِ لأُعْطِيَنَّهُمْ وَلأَسْتَعْمِلَنَّهُمْ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمَ . فَقَالَ عَمَّـارٌ : عَلَى رَغْمِ أَنْفِي ؟ قَالَ : عَلَى رَغْمِ أَنْفِكَ . قَالَ : وَأَنْفِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ؟ فَغَضِبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَوَثَبَ إِلَيْهِ فَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا ، فَأَجْفَلَهُ النَّاسُ عَنْهُ ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ : أَيَا أَخَابِثَ خَلْقِ اللَّهِ أَغْضَبْتُمُونِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى أُرَانِي قَدْ أَهْلَكْتُهُ وَهَلَكْتُ ، فَبَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ ، فَقَالَ : مَا كَانَ نَوَالِي إِذْ قَالَ لِي مَا قَالَ إِلا أَنْ أَقُولَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ ، وَمَا كَانَ لِي عَلَى قَسْرِهِ مِنْ سَبِيلٍ ، اذْهَبَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَخَيِّرَاهُ بَيْنَ ثَلاثٍ ، بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ أَرْشًا أَوْ يَعْفُوَ . فَقَالَ : وَاللَّهِ لا أَقْبَلُ مِنْهَا وَاحِدَةً حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ فَأَشْكُوَهُ إِلَيْهِ . فَأَتَوْا عُثْمَـانَ . فَقَالَ : سَأُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ ، كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ آخِذًا بِيَدِي بِالْبَطْحَاءِ فَأَتَى عَلَى أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَعَلَيْهِ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ ، فَقَالَ أَبُوهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَكُلَّ الدَّهْرِ هَكَذَا ؟ قَالَ : قَالَ : اصْبِرْ يَاسِرُ ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لآلِ يَاسِرٍ وَقَدْ فَعَلْتُ )) . (1) .
وقال الْبَلَاذُرِيُّ :
(( ويقال إِن المقداد بْن عَمْرو وعمار بْن ياسر وطلحة والزبير فِي عدة مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتبوا كتابًا عددوا فِيهِ أحداث عُثْمَـان وَخَوَّفُوهُ رَبَّهُ وأعلموه أنهم مواثبوه إِن لَمْ يقلع ، فأخذ عمار الكتاب وأتاه بِهِ ، فقرأ صدرًا منه فَقَالَ لَهُ عُثْمَـان : أعلي تقدم من بينهم ؟ فَقَالَ عمار : لأني أنصحُهم لَك ، فَقَالَ : كذبت يا ابن سُميَّة ، فقال : أنا والله ابْن سمية وابن ياسر ، فأمر غلمـانا لَهُ فمدوا بيديه ورجليه ثُمَّ ضربه عُثْمَـان برجليه وَهِيَ فِي الخفين عَلَى مذاكيره فأصابه الفتق ، وَكَانَ ضعيفًا كبيرًا فَغُشِيَ عَلَيْهِ )) . (2) .
-------------------------------------------
(1) تاريخ المدينة / للإمام عُمر بن شبة / الجزء 3 / الصفحة 1098 / طبعة السيد حبيب محمود أحمد - جدة / تحقيق : فهيم محمد شلتوت . وهناك روايات صحيحة عند الشيعة الإمامية عن هذه الحادثة بعينها .
(2) أنساب الأشراف / للإمام أحمد بن يحيى البلاذري/ الجزء 6 / الصفحة 162 / طبعة دار الفكر - بيروت / تحقيق : د . سُهَيل زَكَّار ، د . رياض زركلي . وهناك روايات صحيحة عند الشيعة الإمامية عن هذه الحادثة بعينها .