يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾([1]).
- روي في المصادر الإسلامية في ذيل هذه الآية أنّ جارية لعلي بن الحسين زين العابدين عليه السلام جعلت تسکب عليه الماء ليتهيّأ للصلاة، فسقط الإبريق من يدها فشجّه، فرفع رأسه إليها فقالت له الجارية: إنّ الله تعالی يقول: «والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ»، فقال لها: قد کظمت غيظي، قالت: «والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ» قال: قد عفا الله عنک، قالت: «واللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» قال: اذهبي فأنت حرّة لوجه الله([2]).
وقد روي عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قوله: "ما من عبدٍ کظم غيظاً إلَّا زاده الله عزّ وجلّ عزّاً في الدنيا والآخرة وقد قال الله عزّ وجلّ «والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» وأثابه الله مکان غيظه ذلک»([3]) .
التعاليم:
١ـ لا انفکاک بين التقوی والإنفاق، «أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آلعمران-١٣٣] الَّذِينَ يُنْفِقُونَ...».
٢ـ الإنفاق بحاجة إلی السخاء لا إلی الثروة، «فِي السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ».
٣ـ ليکن إنفاقنا علی نحوٍ بحيث لا ننسی المحرومين عند الغنی، ولا نعتذر بفقرنا عند الضيق، «فِي السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ».
٤ـ المتّقون ليسوا عبيداً لأهوائهم، بل يملکون أزمّة أنفسهم، «والْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ».
٥ ـ التقوی ورحابة الصدر متلازمان، «والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ».
٦ـ الورع لا يعتزل الناس، بل يعاشرهم بماله وخُلُقه، «يُنْفِقُونَ، والْكَاظِمِينَ، والْعَافِينَ».
٧ـ لا يشترط الإيمان عند العفو عن المذنب، «والْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ».
٨ ـ من أراد الفوز بحبّ الله عليه أن يستغني عن ماله ويکظم غيظه وغضبه، «واللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ».
٩ـ الإنفاق علی المحرومين والصفح عن أخطاء الناس وزلاّتهم من أمثلة الإحسان، «يُنْفِقُونَ، والْكَاظِمِينَ، والْعَافِينَ، الْمُحْسِنِينَ».
تفسير النور، سماحة الشيخ محسن قراءتي
([1]) سورة آل عمران: 134.
([2]) تفسير مجمع البيان؛ تفسير روح البيان.
([3]) الكافي، ج٢، ص ١١٠.
تعليق