بسم الله الرحمن الرحيم
ورد هلاك يزيد بن معاوية في اكثر من خبر وفي اكثر من حالة منها:
الأوّل : قال ابن حبان : و توفّي يزيد بن معاوية بحوارين (قرية من قرى دمشق) لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوَّل سنة أربع وستين , و هو يومئذ ابن ثمان و ثلاثين , وقد قيل : إن يزيد بن معاوية سكر ليلة ، وقام يرقص فسقط على رأسه ، و تناثر دماغه فمات ...(1)
الثاني : وقال ابن كثير : وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف و شرب الخمر , والغناء والصيد ، و اتخاذ الغلمان والقيان , والكلاب والنطاح بين الكباش , والدباب والقرود ، و ما من يوم إلاّ يصبح فيه مخموراً . وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال و يسوق به ، و يلبس القرد قلانس الذهب ، و كذلك الغلمان ، وكان يسابق بين الخيل ، وكان إذا مات القرد حزن عليه . وقيل : إنّ سبب موته أنه حمل قردة و جعل ينقزها فعضّته . و ذكروا عنه غير ذلك , والله أعلم بصحة ذلك(2) .
الثالث : و روى البلاذري قال : و ذكر لي شيخ من أهل الشام أنّ سبب وفاة يزيد أنه حمل قردة على الأتان ـ و هو سكران ـ ثمَّ ركض خلفها ، فسقط فاندقّت عنقه ، أو انقطع في جوفه شيء . وحدثني محمّد بن يزيد الرفاعي ، حدّثني عمِّي ، عن ابن عياش قال : خرج يزيد يتصيّد بحوارين و هو سكران , فركب و بين يديه أتان وحشية قد حمل عليها قرداً ، و جعل يركض الأتان و يقول :
أبـا خَلَفٍ إحتلْ لنفسِك حيلةً فليس عليها إن هلكت ضمانُ
فسقط و اندقّت عنقه . ولا منافاة بين هذه الروايات(3) ؛ فمن الجائز أنه أركب قردة على أتان ، و ركب هو أيضاً و ركض خلفه ، و جعل ينقزها فعضّته و سقط و اندقت عنقه , و انقطع في جوفه شيء . و هكذا استشهد الخليفة قتيل القرد(4) .
الرابع : قال الديار بكري في تاريخه : توفّي (يزيد بن معاوية) لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل . وفي سيرة معالطاي : في ثلاث و عشرين من شهر ربيع الأوَّل . وقال الحافظ : سنة أربع و ستين بحواين , بالذبحة(5) و ذات الجنب . لقد ذاب ذوبان الرصاص ، و حُمل إلى دمشق و دفن في مقبرة الباب الصغير ، و صلّى عليه ابنه معاوية بن يزيد ، و عمره يوم مات ثمان أو تسع و ثلاثون سنة(6) .
قال الذهبي : و عن محمّد بن أحمد بن مسمع قال : سكر يزيد فقام يرقص ، فسقط على رأسه فانشق وبدا دماغه(7) .
قال ابن حمدون : حدّث أبو عمرو الشيباني أن يزيد بن معاوية شرب حتّى سكر ، ثمَّ ركب فرساً و أقبل حتّى علا جبلاً ، فانتهى إلى فصل بينه و بين جبل آخر ، فأراد أن يوثب فرسه حتّى يلحق الجبل الآخر ، فقرعه بالسوط ، فوثب فلم يبلغ ، و سقط فمات(8) .
وقد نقل ابن طاووس (أعلى الله مقامه) , من علماء الشيعة الإماميّة , عن أبي مخنف في هلاك يزيد بن معاوية عليه لعائن الله , قال : قال أبو مخنف (رض) : و أمّا ما كان من أمر يزيد بن معاوية ، فإنه ركب في بعض الأيام في خاصته في عشر آلاف فارس يريد الصيد والقنص ، فسار حتّى بعُد من دمشق مسير يومين ، فلاحت له ظبية ، فقال لأصحابه : لا يتبعني منكم أحد .
ثمَّ إنه انطلق جواده في طلبها ، و جعل يطاردها من وادٍ إلى وادٍ حتّى انتهت إلى وادٍ مهول مخوف ، فأسرع في طلبها ، فلمَّا توسّط الوادي لم يرَ لها خبراً ، ولم يعرف لها أثراً ، وكضّه العطش فلم يجد هناك شيئاً من الماء(9) ، و إذا برجل معه صحن ماء ، فقال : يا هذا , اسقني قليلاً من الماء . فلمَّا سقاه قال : لو عرفت مَن أنا لازددت من كرامتي .
فقال له : و مَن تكون ؟
قال : أنا أمير المؤمنين يزيد بن معاوية .
فقال الرجل : أنت والله قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) يا عدوَّ الله ! ثمَّ نهض ليلزمه فنفر من تحته , فرمى به عن مستتر ، فعلقت رجله بالركاب ، فجعل الفرس كلمَّا رآه خلفه نفر ، فلم يزل كذلك إلى أن مزَّقه ، و عجَّل الله بروحه إلى النار .
وكان له عشرة ندماء لا يفارقونه ولا يفارقهم , و يأمنهم على حريمه و أولاده و ماله ، فاقتحموا الطريق الذي سلك فيه ليعرفوا خبره ، فوجدوا الفرس و فخذه معلّق بالركاب ، فرفعت الصيحة في المعسكرين ، فرجعوا إلى دمشق (هكذا ) (10) .
_______________________
(1) الثقات ـ ابن حبان 2 / 314 .
(2) البداية والنهاية ـ ابن كثير 8 / 258 .
(3) أقول : و أيضاً لكثرة ما عنده من القرود !
(4) أنساب الأشراف ـ البلاذري 4 / 1 , وفي ط 5 / 300 .
(5) النهاية في غريب الحديث ـ ابن الأثير 2 / 154 : (الذبحة) وقد تسكّن : وجع يعرض في الحلق من الدم , وقيل : هي قرحة تظهر فيه فينسدّ معها و ينقطع النفس فتقتل . وفي لسان العرب ـ ابن منظور 2 / 438 : الذبحة : وجع يأخذ في الحلق من الدم ، وقيل : هي قرحة تظهر فيه فينسدّ معها و ينقطع النفس فتقتل .
(6) تاريخ الخميس ـ الديار بكري 2 / 30 .
(7) سير أعلام النبلاء ـ الذهبي 4 / 37 .
(8) التذكرة الحمدونيّة / 5974 لابن حمدون , نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة .
(9) ذكر في اللهوف في قتلى الطفوف بعد هذه الرواية رواية اُخرى ابتداءها من هنا : فلم يجدها , فخرج إليه ملك من الملائكة الموكّلين في جهنم و بيده سوط من النار ، فضربه على وجهه فأهلكه لعنه الله ، فلما أبطأ على أصحابه اقتحموا الطريق الذي سلكه فلم يردوه . وقيل : إنهم سلكوا مسلكه , و مضوا إلى جنهم و بئس المصير لعنهم الله جميعاً .
(10) اللهوف في قتلى الطفوف ـ السيد ابن طاووس الحسني / 151 .
---------------
منقول
ورد هلاك يزيد بن معاوية في اكثر من خبر وفي اكثر من حالة منها:
الأوّل : قال ابن حبان : و توفّي يزيد بن معاوية بحوارين (قرية من قرى دمشق) لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوَّل سنة أربع وستين , و هو يومئذ ابن ثمان و ثلاثين , وقد قيل : إن يزيد بن معاوية سكر ليلة ، وقام يرقص فسقط على رأسه ، و تناثر دماغه فمات ...(1)
الثاني : وقال ابن كثير : وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف و شرب الخمر , والغناء والصيد ، و اتخاذ الغلمان والقيان , والكلاب والنطاح بين الكباش , والدباب والقرود ، و ما من يوم إلاّ يصبح فيه مخموراً . وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال و يسوق به ، و يلبس القرد قلانس الذهب ، و كذلك الغلمان ، وكان يسابق بين الخيل ، وكان إذا مات القرد حزن عليه . وقيل : إنّ سبب موته أنه حمل قردة و جعل ينقزها فعضّته . و ذكروا عنه غير ذلك , والله أعلم بصحة ذلك(2) .
الثالث : و روى البلاذري قال : و ذكر لي شيخ من أهل الشام أنّ سبب وفاة يزيد أنه حمل قردة على الأتان ـ و هو سكران ـ ثمَّ ركض خلفها ، فسقط فاندقّت عنقه ، أو انقطع في جوفه شيء . وحدثني محمّد بن يزيد الرفاعي ، حدّثني عمِّي ، عن ابن عياش قال : خرج يزيد يتصيّد بحوارين و هو سكران , فركب و بين يديه أتان وحشية قد حمل عليها قرداً ، و جعل يركض الأتان و يقول :
أبـا خَلَفٍ إحتلْ لنفسِك حيلةً فليس عليها إن هلكت ضمانُ
فسقط و اندقّت عنقه . ولا منافاة بين هذه الروايات(3) ؛ فمن الجائز أنه أركب قردة على أتان ، و ركب هو أيضاً و ركض خلفه ، و جعل ينقزها فعضّته و سقط و اندقت عنقه , و انقطع في جوفه شيء . و هكذا استشهد الخليفة قتيل القرد(4) .
الرابع : قال الديار بكري في تاريخه : توفّي (يزيد بن معاوية) لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل . وفي سيرة معالطاي : في ثلاث و عشرين من شهر ربيع الأوَّل . وقال الحافظ : سنة أربع و ستين بحواين , بالذبحة(5) و ذات الجنب . لقد ذاب ذوبان الرصاص ، و حُمل إلى دمشق و دفن في مقبرة الباب الصغير ، و صلّى عليه ابنه معاوية بن يزيد ، و عمره يوم مات ثمان أو تسع و ثلاثون سنة(6) .
قال الذهبي : و عن محمّد بن أحمد بن مسمع قال : سكر يزيد فقام يرقص ، فسقط على رأسه فانشق وبدا دماغه(7) .
قال ابن حمدون : حدّث أبو عمرو الشيباني أن يزيد بن معاوية شرب حتّى سكر ، ثمَّ ركب فرساً و أقبل حتّى علا جبلاً ، فانتهى إلى فصل بينه و بين جبل آخر ، فأراد أن يوثب فرسه حتّى يلحق الجبل الآخر ، فقرعه بالسوط ، فوثب فلم يبلغ ، و سقط فمات(8) .
وقد نقل ابن طاووس (أعلى الله مقامه) , من علماء الشيعة الإماميّة , عن أبي مخنف في هلاك يزيد بن معاوية عليه لعائن الله , قال : قال أبو مخنف (رض) : و أمّا ما كان من أمر يزيد بن معاوية ، فإنه ركب في بعض الأيام في خاصته في عشر آلاف فارس يريد الصيد والقنص ، فسار حتّى بعُد من دمشق مسير يومين ، فلاحت له ظبية ، فقال لأصحابه : لا يتبعني منكم أحد .
ثمَّ إنه انطلق جواده في طلبها ، و جعل يطاردها من وادٍ إلى وادٍ حتّى انتهت إلى وادٍ مهول مخوف ، فأسرع في طلبها ، فلمَّا توسّط الوادي لم يرَ لها خبراً ، ولم يعرف لها أثراً ، وكضّه العطش فلم يجد هناك شيئاً من الماء(9) ، و إذا برجل معه صحن ماء ، فقال : يا هذا , اسقني قليلاً من الماء . فلمَّا سقاه قال : لو عرفت مَن أنا لازددت من كرامتي .
فقال له : و مَن تكون ؟
قال : أنا أمير المؤمنين يزيد بن معاوية .
فقال الرجل : أنت والله قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) يا عدوَّ الله ! ثمَّ نهض ليلزمه فنفر من تحته , فرمى به عن مستتر ، فعلقت رجله بالركاب ، فجعل الفرس كلمَّا رآه خلفه نفر ، فلم يزل كذلك إلى أن مزَّقه ، و عجَّل الله بروحه إلى النار .
وكان له عشرة ندماء لا يفارقونه ولا يفارقهم , و يأمنهم على حريمه و أولاده و ماله ، فاقتحموا الطريق الذي سلك فيه ليعرفوا خبره ، فوجدوا الفرس و فخذه معلّق بالركاب ، فرفعت الصيحة في المعسكرين ، فرجعوا إلى دمشق (هكذا ) (10) .
_______________________
(1) الثقات ـ ابن حبان 2 / 314 .
(2) البداية والنهاية ـ ابن كثير 8 / 258 .
(3) أقول : و أيضاً لكثرة ما عنده من القرود !
(4) أنساب الأشراف ـ البلاذري 4 / 1 , وفي ط 5 / 300 .
(5) النهاية في غريب الحديث ـ ابن الأثير 2 / 154 : (الذبحة) وقد تسكّن : وجع يعرض في الحلق من الدم , وقيل : هي قرحة تظهر فيه فينسدّ معها و ينقطع النفس فتقتل . وفي لسان العرب ـ ابن منظور 2 / 438 : الذبحة : وجع يأخذ في الحلق من الدم ، وقيل : هي قرحة تظهر فيه فينسدّ معها و ينقطع النفس فتقتل .
(6) تاريخ الخميس ـ الديار بكري 2 / 30 .
(7) سير أعلام النبلاء ـ الذهبي 4 / 37 .
(8) التذكرة الحمدونيّة / 5974 لابن حمدون , نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة .
(9) ذكر في اللهوف في قتلى الطفوف بعد هذه الرواية رواية اُخرى ابتداءها من هنا : فلم يجدها , فخرج إليه ملك من الملائكة الموكّلين في جهنم و بيده سوط من النار ، فضربه على وجهه فأهلكه لعنه الله ، فلما أبطأ على أصحابه اقتحموا الطريق الذي سلكه فلم يردوه . وقيل : إنهم سلكوا مسلكه , و مضوا إلى جنهم و بئس المصير لعنهم الله جميعاً .
(10) اللهوف في قتلى الطفوف ـ السيد ابن طاووس الحسني / 151 .
---------------
منقول
تعليق