نزلت آية التطهير بحقِّ عترة النبي مُحَمَّد (صلّى الله عليهم وسلّم) حصراً . ولم تنزل بحقِّ زوجاته أبداً ولم ولن يرد أي حديثٍ من السُّنة المُحمديّة يبين أنّ الآية نزلت بحق زوجات النبي ! والله تعالى لم يقل (يُذهب عنكنَّ الرِّجس) ولا قال تعالى (يطهركنَّ تطهيراً) . ولو كان ذلك حاصلاً لا سامح الله لانتفت الطهارة من النبي الأعظم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على فرض أنها نزلت بحقِّ زوجاته فقط . كما ولا يحقُّ لأي أحدٍ من الناس وبأي شكلٍ من الأشكال أن يُفسِّر القرآن بحسب رأيه ! فقط الراسخون في العلم يعلمون تأويل الكتاب المكنون .
قَالَ تَعَالَى : ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ - [سُّورَةُ النَّجْمِ : 5.]
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 7.]
لقد قطعت هذه الآية الكريمة الطريق على كلِّ من يريد التفسير والتأويل للقرآن الكريم بغير عِلْمٍ من الراسخين في العلم . وإنّ معنى الرسوخ الثبات ، أي ثبت الشيء في الذهن . والراسخون في العلم : أي الثابتون فيه والعارفون ببواطنه . والراسخون في العلم المشار إليهم في الآية الكريمة هم النبي محمد وعترته (صلّى الله عليهم وسلّم) . فالوحيد الذي يعلم علوم القرآن هو النبي محمد (ص) ومن بعده عترته (ع) ؛ وذلك لأنّ الآية جاءت بصيغة الجمع بمعنى (راسخون) ولم تأتِ بصيغة المفرد (راسخ) .
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَعْنِي تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ، فَرَسُولُ اللَّهِ أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ ، قَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيلِ وَ التَّأْوِيلِ وَ مَا كَانَ اللَّهُ مُنْزِلًا عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ ، وَ أَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ . فَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَا نَقُولُ إِذَا لَمْ نَعْلَمْ تَأْوِيلَهُ ، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ : ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدَ رَبِّنا﴾ . وَالْقُرْآنُ لَهُ خَاصٌّ وَ عَامٌّ وَ نَاسِخٌ وَ مَنْسُوخٌ وَ مُحْكَمٌ وَ مُتَشَابِهٌ ، فَالرَّاسِخُونُ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ .
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّمَا نَحْنُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَعَدُوُّنَا الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، وَشِيعَتُنَا أُولُو الْأَلْبَابِ .
وَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ :
﴿بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ .
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
نَحْنُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ .
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ،
وَالْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) .
المصدر :
(الكافي : ج1، ص213،212.)
و(البحار : ج89, ص92.)
قَالَ تَعَالَى : ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ - [سُّورَةُ الْوَاقِعَةِ : 77 - 79.]
المسُّ أعمُّ من لمس المتوضئ لكلمات القرآن بيده ؛ بل المسّ يشمل الإطلاع الكامل على حقيقة معانيه وأسراره وهو أمرٌ لا يتيسر إلّا للنبي محمد وعترته لأنّهم طاهرون مُطهرون من الرّجس تطهيراً . ومن الأدلة على ذلك هي آية التطهير المباركة ، قَالَ تَعَالَى : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ - [سُّورَةُ الْأَحْزَابِ : 33.]
حيث نفت هذه الآية الرجس عنهم بشكل مبالغ جداً وذلك بوجوهٍ عدّة :
1- (إنّما) الدال على الحصر والتأكيد .
2- لام التأكيد في (ليذهب) .
3- لفظ (الإذهاب) الدال على الإزالة بالكلية .
4- التعريف بلام الجنس الذي يستلزم نفيه نفي جميع جزئياته .
5- الإتيان بالمضارع الدال على الاستمرار .
6- تقديم الظرف على المفعول الدال على كمال العناية والاختصاص .
7- النداء على وجه الاختصاص والإتيان بالمصدر تأكيداً .
جاء في صحيح مسلم (ج4، ص1883، ح2424، طبعة بيروت) بالإسناد إلى صفية بنت شيبة قالت : خرج النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) غداة وعليه مِرْط (كساء من صوف أو خزّ أو كتان يؤتزر به) مرحّل (ضرب من برود اليمن) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ .
وفي مسند أحمد بن حنبل ، عن أم سلمة أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة (حساء من لحم ودقيق) فدخلت بها عليه فقال لها : إدعي زوجك وابنيك ، قالت : فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري - قالت - وأنا أصلي في الحجرة ، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ هذه الآية : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال : ﴿اللَّهمَّ هَؤلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي ، فَأذْهِبْ عَنْهمُ الرِّجسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراَ﴾ .
قالت أمُّ سلمةَ : وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ ؟
قالَ (ص) : أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ .
وهناك أحاديث عديدة بصيغٍ مختلفة بهذا المضمون :
1- في بَيْتي أُنزِلَتْ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. قالتْ: فأَرسَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى فاطمةَ وعليٍّ والحَسنِ والحُسينِ، فقال: هؤلاءِ أهلُ بَيْتي. وفي حديثِ القاضي والسُّلَميِّ: هؤلاءِ أهْلي، قالتْ: فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أمَا أنا مِن أهلِ البيتِ؟ قال: بلى إنْ شاء اللهُ تعالى.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : الحاكم | المصدر : السنن الكبرى للبيهقي
الصفحة أو الرقم: 2/150 | خلاصة حكم المحدث : صحيح سنده ثقات رواته
2- لمَّا نزلت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} في بيتِ أمِّ سلمةَ فدعا فاطمةَ وحَسنًا وحُسينًا فجلَّلَهم بِكساءٍ وعليٌّ خلفَ ظَهرِهِ فجلَّلَهُ بِكساءٍ ثمَّ قالَ اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهلُ بيتي فأذْهِب عنْهمُ الرِّجسَ وطَهِّرْهم تطْهيرًا قالت أمُّ سلمةَ وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ قالَ أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ
الراوي : عمر بن أبي سلمة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 3205 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
وللمزيد من المصادر :-
الترمذي : أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة المتوفى سنة : 279 هجرية في صحيحه : 4 / 351 حديث 3205 ، طبعة : دار الكتاب العربي/ بيروت . والحاكم الحسكاني : عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، من أعلام القرن الخامس الهجري ، في كتابه شواهد التنزيل : 2 / 13 ، طبعة : منشورات الأعلمي بيروت . والحاكم النيسابوري : أبو عبد الله محمد بن محمد المتوفى سنة : 405 هجرية في كتابه المستدرك على الصحيحين : 3 / 146 و147 ، طبعة : دار المعرفة / بيروت . وابن الأثير : عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري المتوفى سنة : 630 هجرية في كتابه أسد الغابة : 7 / 343 ، طبعة دار الكتب العلمية / بيروت . والواحدي : أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري المتوفى سنة : 468 هجرية في كتابه : أسباب النزول : 203 ، طبعة المكتبة الثقافية / بيروت . والعسقلاني : ابن حجر المتوفى سنة : 852 هجرية في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة : 4 /568 ، طبعة دار الجيل / بيروت .
ولقد ذُكِرَ "الرجس" فِي القُرآن الكريم (9) مرات في مواضع مختلفة من الآيات ، مضمونها : الخمر وهو كل مسكر . والأنصاب وهي أشياء كانوا في الجاهلية ينصبونها يذبحون عندها لأصنامهم . والأزلام وهي أشياء كانوا في الجاهلية يستقسمون بها لحاجاتهم يكتب عليها : افعل لا تفعل غفل ، وهي كالنرد تماماً . والميسر فهو القمار المعروف . وضيق الصدر عن الإيمان والضيق عن العلم واليقين . والحيوانات الميتة والمسفوحة والدم ولحم الخنزير وما أُهِلَ به لغير الله وكل طعام حرام . والغضب الإلهي والعذاب . وجهنم . والأصنام وعبادة الأوثان. والآثام والخطايا ومن الخبائث في البواطن والاعتقاد . ومرض القلوب . والكفر وميتتة الكفر . وقول الزور . والبغي بغير الحق . والفواحش ما ظهر منها وما بطن .
وهذا يعني أنّ الله تعالى قد أذهب عنهم جميع تلك الأفعال والصفات الخاصة بــ"الرجس" . لقد خصّهم الله هؤلاء الخمسة (عليهم السلام) دون غيرهم بهذه المكانة العاليّة الرفيعة ، وهذا الاختصاص ليس عفويّاً وإنّما هو تعبير عن إعداد إلهي هادف لبيان الوجود الإمتدادي للرسالة المحمديّة ، وحيث أنّهم سادّة أهل الجنَّة كالنبي محمد وعلي قسيما الجنّة والنار والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهم الصلاة والسلام) .
لقد أكرمهم الله تعالى ببدنٍ طاهرٍ بكل أجزائه وتفاصيله وأفاض عليهم من أنوار قُدْسه وعظمة شأنه ، كلُّ جزءٍ من أجزاء أبدانهم الشريفة هي نورٌ يسبح لله تبارك وتعالى . جاء في زياراتهم الشريفة منها الزيارة الجامعة الكبيرة : « وَأَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصَّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ ، الْمُطِيعُونَ لِلَّهِ الْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهِ الْعَامِلُونَ بِإِرَادَتِهِ الْفَائِزُونَ بِكَرَامَتِهِ » . ومنها : « وَأَنَّ أَرْوَاحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطِينَتَكُمْ وَاحِدَةٌ ، طَابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ . خَلَقَكُمُ اللَّهُ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا بِكُمْ ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ، وَجَعَلَ صَلَوَاتِنَا عَلَيْكُمْ وَمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلَايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنَا وَطَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا وَتَزْكِيَةً لَنَا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا . فَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَلِّمِينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ ، فَبَلَغَ اللَّهُ بِكُمْ أَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمِينَ وَأَعْلَى مَنَازِلِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَرْفَعَ دَرَجَاتِ الْمُرْسَلِينَ » . ومنها : « فَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ خَالِقِي وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَأُشْهِدُكُمْ يَا مَوَالِيَّ ، أَنِّي مُؤْمِنٌ بِوَلَايَتِكُمْ مُعْتَقِدٌ لِإِمَامَتِكُمْ مُقِرٌّ بِخِلَافَتِكُمْ عَارِفٌ بِمَنْزِلَتِكُمْ مُوقِنٌ بِعِصْمَتِكُمْ خَاضِعٌ لِوَلَايَتِكُمْ ، مُتَقَرِّبٌ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُمْ وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ ، عَالِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَكُمْ مِنَ الْفَوَاحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ، وَمِنْ كُلِّ رِيبَةٍ وَنَجَاسَةٍ وَدَنِيَّةٍ وَرَجَاسَةٍ » .
طهارة الصدّيقة بنت الصدّيق فاطمة بنت محمد الزهراء (عليها الصلاة والسلام) :- هِيَ أُمُّ الْحَسَنِ وَأُمُّ الْحُسَيْنِ وَأُمُّ الْمُحَسِّنِ وَأُمُّ الْأَئِمَّةِ وَأُمُّ أَبِيهَا . وَأَسْمَاؤُهَا : فَاطِمَةُ الْبَتُولُ السَّيِّدَةُ الْعَذْرَاءُ الزَّهْرَاءُ الْحَوْرَاءُ الْمُبَارَكَةُ الطَّاهِرَةُ الزَّكِيَّةُ الرَّاضِيَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْمُحَدَّثَةُ الصِّدِّيقَةُ الْكُبْرَى . وَيُقَالُ لَهَا فِي السَّمَاءِ : النُّورِيَّةُ السَّمَاوِيَّةُ الْمَنْصُورَةُ .
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ :
شَقَّ اللَّهُ لَكِ يَا فَاطِمَةُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِهِ ، فَهُوَ الْفَاطِرُ وَأَنْتِ فَاطِمَةُ .
المصدر : (البحار : ج43، ص15.)
وَعَنْهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ سُئِلَ : مَا الْبَتُولُ ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ وَلَمْ تَحِضْ ، فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَائِشَةَ :
يَا حُمَيْرَاءُ ، إِنَّ فَاطِمَةَ لَيْسَتْ كَنِسَاءِ الْآدَمِيِّينَ ، لَا تَعْتَلُّ كَمَا تَعْتَلِلْنَ .
المصدر : (البحار : ج43، ص16،15.)
وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ :
مَا الْبَتُولُ ؟ فَإِنَّا سَمِعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ إِنَّ مَرْيَمَ بَتُولٌ وَفَاطِمَةَ بَتُولٌ .
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
الْبَتُولُ الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ ، أَيْ لَمْ تَحِضْ .
فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ .
المصدر : (البحار : ج43، ص15، عن مصباح الأنوار وعلل الشرائع.)
وَعَنْ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
مَعَاشِرَ النَّاسِ ، تَدْرُونَ [مِنْ مَاذَا] خُلِقَتْ فَاطِمَةُ ؟
قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ !
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
خُلِقَتْ فَاطِمَةُ حَوْرَاءَ إِنْسِيَّةً لَا إِنْسِيَّةٌ .
وَخُلِقَتْ مِنْ عَرَقِ جَبْرَئِيلَ وَمِنْ زَغَبِهِ .
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْنَا تَقُولُ حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ لَا إِنْسِيَّةٌ ثُمَّ تَقُولُ مِنْ عَرَقِ جَبْرَئِيلَ وَمِنْ زَغَبِهِ ؟!
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِذاً أُنَبِّئُكُمْ ، أَهْدَى إِلَيَّ رَبِّي تُفَّاحَةً مِنَ الْجَنَّةِ أَتَانِي بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، فَضَمَّهَا إِلَى صَدْرِهِ فَعَرِقَ جَبْرَئِيلُ وَعَرِقَتِ التُّفَّاحَةُ ، فَصَارَ عَرَقُهُمَا شَيْئاً وَاحِداً ثُمَّ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . قُلْتُ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا جَبْرَئِيلُ . فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَهْدَى إِلَيْكَ تُفَّاحَةً مِنَ الْجَنَّةِ . فَأَخَذْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَوَضَعْتُهَا عَلَى عَيْنِي وَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ كُلْهَا . قُلْتُ يَا حَبِيبِي يَا جَبْرَئِيلُ ، هَدِيَّةُ رَبِّي تُؤْكَلُ ؟ قَالَ نَعَمْ قَدْ أُمِرْتَ بِأَكْلِهَا . فَأَفْلَقْتُهَا فَرَأَيْتُ مِنْهَا نُوراً سَاطِعاً فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ ! قَالَ كُلْ فَإِنَّ ذَلِكَ نُورُ الْمَنْصُورَةِ فَاطِمَةَ . قُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ وَمَنِ الْمَنْصُورَةُ ؟ قَالَ جَارِيَةٌ تَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ وَاسْمُهَا فِي السَّمَاءِ مَنْصُورَةُ وَفِي الْأَرْضِ فَاطِمَةُ . فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ وَلِمَ سُمِّيَتْ فِي السَّمَاءِ مَنْصُورَةَ وَفِي الْأَرْضِ فَاطِمَةَ ؟ قَالَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ فَطَمَتْ شِيعَتَهَا مِنَ النَّارِ وَفُطِمُوا أَعْدَاؤُهَا عَنْ حُبِّهَا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ : ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ ، بِنَصْرِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) .
المصدر : (البحار : ج43، ص18، عن تفسير فرات.)
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ :
لِمَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ ، فَلَمَّا أَشْرَقَتْ أَضَاءَتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِنُورِهَا وَغَشِيَتْ أَبْصَارَ الْمَلَائِكَةِ وَخَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ لِلَّهِ سَاجِدِينَ . وَقَالُوا : إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا مَا هَذَا النُّورُ ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ : ﴿هَذَا نُورٌ مِنْ نُورِي وَأَسْكَنْتُهُ فِي سَمَائِي خَلَقْتُهُ مِنْ عَظَمَتِي ، أُخْرِجُهُ مِنْ صُلْبِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِي أُفَضِّلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَأُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ أَئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْرِي يَهْدُونَ إِلَى حَقِّي وَأَجْعَلُهُمْ خُلَفَائِي فِي أَرْضِي بَعْدَ انْقِضَاءِ وَحْيِي﴾ .
المصدر : (البحار : ج43، ص12، عن علل الشرائع.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ آبَائِهِ قَالَ :
إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرَةَ لِطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ رَفَثٍ .
وَمَا رَأَتْ قَطُّ يَوْماً حُمْرَةً وَلَا نِفَاساً .
المصدر : (البحار : ج43، ص19، عن مصباح الأنوار.)
وَعَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لِأَنَّهَا تَزْهَرُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي النَّهَارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالنُّورِ . كَانَ يَزْهَرُ نُورُ وَجْهِهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَالنَّاسُ فِي فِرَاشِهِمْ فَيَدْخُلُ بَيَاضُ ذَلِكَ النُّورِ إِلَى حُجُرَاتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ، فَتَبْيَضُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) ، فَيَأْتُونَ مَنْزِلَهَا فَيَرَوْنَهَا قَاعِدَةً فِي مِحْرَابِهَا تُصَلِّي وَالنُّورُ يَسْطَعُ مِنْ مِحْرَابِهَا مِنْ وَجْهِهَا ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْهُ كَانَ مِنْ نُورِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) . فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَتَرَتَّبَتْ لِلصَّلَاةِ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا بِالصُّفْرَةِ ، فَتَدْخُلُ الصُّفْرَةُ فِي حُجُرَاتِ النَّاسِ فَتُصَفِّرُ ثِيَابَهُمْ وَأَلْوَانَهُمْ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) فَيَرَوْنَهَا قَائِمَةً فِي مِحْرَابِهَا وَقَدْ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا وَعَلَى أَبِيهَا وَبَعْلِهَا وَبَنِيهَا بِالصُّفْرَةِ ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِهَا . فَإِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ احْمَرَّ وَجْهُ فَاطِمَةَ فَأَشْرَقَ وَجْهُهَا بِالْحُمْرَةِ فَرَحاً وَشُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ تَدْخُلُ حُمْرَةُ وَجْهِهَا حُجُرَاتِ الْقَوْمِ وَتَحْمَرُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَيَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) فَيَرَوْنَهَا جَالِسَةً تُسَبِّحُ اللَّهَ وَتُمَجِّدُهُ وَنُورُ وَجْهِهَا يَزْهَرُ بِالْحُمْرَةِ ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) . فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ النُّورُ فِي وَجْهِهَا حَتَّى وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي وُجُوهِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الْأَئِمَّةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتَ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ .
المصدر : (البحار : ج43، ص11، عن علل الشرائع.)
وَعَنْ أَسْمَاء قَالَتْ :
قَبِلْتُ أَيْ وَلَّدْتُ فَاطِمَةَ بِالْحَسَنِ ، فَلَمْ أَرَ لَهَا دَماً .
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، إِنِّي لَمْ أَرَ لَهَا دَماً فِي حَيْضٍ وَلاَ نِفَاسٍ ؟!
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اِبْنَتِي طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَةٌ . لاَ يُرَى لَهَا دَمٌ فِي طَمْثٍ وَلاَ وِلاَدَةٍ .
المصدر : (صحيفة الرضا (ع) : ج1، ص90. ذخائر العقبى : ص٤٤.)
وفي ذخائر العقبى ، وعن ابن عبّاس (رضي الله عنهما) قال :
إِنَّ ابْنَتِي فَاطِمَةَ حَوْرَاءُ إِذْ لَمْ تَحُضَّ وَلَمْ تَطْمِثْ ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا فَاطِمَةَ لِأَنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) فَطَمَهَا وَمُحِبِّيهَا عَنْ النَّارِ .
المصدر : (أخرجه النسائي ورواه في تاريخ بغداد : ج۱۲، ص۳۲۸ ، الرقم ٦۷۷۲ .)
ورُوِيَ أيضاً في ينابيع المودّة ص260. وفي منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش مسند أحمد : ج٥، ص۹۷، طبعة مصر . وفي رشفة الصادي :ص٤۷، طبعة مصر . وفي أرجح المطالب : ص۳۲۸، طبعة لاهور . وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي : ج۲، ص۳۲۸ . وفي التاريخ الكبير لابن عساكر : ج۱، ص،۲۹۱ . والصفوري في نزهة المجالس : ص۲۲۷. والرافعي في التدوين عن أمّ سلمة .
قَالَ تَعَالَى : ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ - [سُّورَةُ النَّجْمِ : 5.]
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 7.]
لقد قطعت هذه الآية الكريمة الطريق على كلِّ من يريد التفسير والتأويل للقرآن الكريم بغير عِلْمٍ من الراسخين في العلم . وإنّ معنى الرسوخ الثبات ، أي ثبت الشيء في الذهن . والراسخون في العلم : أي الثابتون فيه والعارفون ببواطنه . والراسخون في العلم المشار إليهم في الآية الكريمة هم النبي محمد وعترته (صلّى الله عليهم وسلّم) . فالوحيد الذي يعلم علوم القرآن هو النبي محمد (ص) ومن بعده عترته (ع) ؛ وذلك لأنّ الآية جاءت بصيغة الجمع بمعنى (راسخون) ولم تأتِ بصيغة المفرد (راسخ) .
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَعْنِي تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ، فَرَسُولُ اللَّهِ أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ ، قَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيلِ وَ التَّأْوِيلِ وَ مَا كَانَ اللَّهُ مُنْزِلًا عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ ، وَ أَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ . فَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَا نَقُولُ إِذَا لَمْ نَعْلَمْ تَأْوِيلَهُ ، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ : ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدَ رَبِّنا﴾ . وَالْقُرْآنُ لَهُ خَاصٌّ وَ عَامٌّ وَ نَاسِخٌ وَ مَنْسُوخٌ وَ مُحْكَمٌ وَ مُتَشَابِهٌ ، فَالرَّاسِخُونُ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ .
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّمَا نَحْنُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَعَدُوُّنَا الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، وَشِيعَتُنَا أُولُو الْأَلْبَابِ .
وَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ :
﴿بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ .
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
نَحْنُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ .
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ،
وَالْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) .
المصدر :
(الكافي : ج1، ص213،212.)
و(البحار : ج89, ص92.)
قَالَ تَعَالَى : ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ - [سُّورَةُ الْوَاقِعَةِ : 77 - 79.]
المسُّ أعمُّ من لمس المتوضئ لكلمات القرآن بيده ؛ بل المسّ يشمل الإطلاع الكامل على حقيقة معانيه وأسراره وهو أمرٌ لا يتيسر إلّا للنبي محمد وعترته لأنّهم طاهرون مُطهرون من الرّجس تطهيراً . ومن الأدلة على ذلك هي آية التطهير المباركة ، قَالَ تَعَالَى : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ - [سُّورَةُ الْأَحْزَابِ : 33.]
حيث نفت هذه الآية الرجس عنهم بشكل مبالغ جداً وذلك بوجوهٍ عدّة :
1- (إنّما) الدال على الحصر والتأكيد .
2- لام التأكيد في (ليذهب) .
3- لفظ (الإذهاب) الدال على الإزالة بالكلية .
4- التعريف بلام الجنس الذي يستلزم نفيه نفي جميع جزئياته .
5- الإتيان بالمضارع الدال على الاستمرار .
6- تقديم الظرف على المفعول الدال على كمال العناية والاختصاص .
7- النداء على وجه الاختصاص والإتيان بالمصدر تأكيداً .
جاء في صحيح مسلم (ج4، ص1883، ح2424، طبعة بيروت) بالإسناد إلى صفية بنت شيبة قالت : خرج النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) غداة وعليه مِرْط (كساء من صوف أو خزّ أو كتان يؤتزر به) مرحّل (ضرب من برود اليمن) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ .
وفي مسند أحمد بن حنبل ، عن أم سلمة أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة (حساء من لحم ودقيق) فدخلت بها عليه فقال لها : إدعي زوجك وابنيك ، قالت : فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري - قالت - وأنا أصلي في الحجرة ، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ هذه الآية : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال : ﴿اللَّهمَّ هَؤلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي ، فَأذْهِبْ عَنْهمُ الرِّجسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراَ﴾ .
قالت أمُّ سلمةَ : وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ ؟
قالَ (ص) : أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ .
وهناك أحاديث عديدة بصيغٍ مختلفة بهذا المضمون :
1- في بَيْتي أُنزِلَتْ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. قالتْ: فأَرسَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى فاطمةَ وعليٍّ والحَسنِ والحُسينِ، فقال: هؤلاءِ أهلُ بَيْتي. وفي حديثِ القاضي والسُّلَميِّ: هؤلاءِ أهْلي، قالتْ: فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أمَا أنا مِن أهلِ البيتِ؟ قال: بلى إنْ شاء اللهُ تعالى.
الراوي : أم سلمة أم المؤمنين | المحدث : الحاكم | المصدر : السنن الكبرى للبيهقي
الصفحة أو الرقم: 2/150 | خلاصة حكم المحدث : صحيح سنده ثقات رواته
2- لمَّا نزلت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ : {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} في بيتِ أمِّ سلمةَ فدعا فاطمةَ وحَسنًا وحُسينًا فجلَّلَهم بِكساءٍ وعليٌّ خلفَ ظَهرِهِ فجلَّلَهُ بِكساءٍ ثمَّ قالَ اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهلُ بيتي فأذْهِب عنْهمُ الرِّجسَ وطَهِّرْهم تطْهيرًا قالت أمُّ سلمةَ وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ قالَ أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ
الراوي : عمر بن أبي سلمة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 3205 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
وللمزيد من المصادر :-
الترمذي : أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة المتوفى سنة : 279 هجرية في صحيحه : 4 / 351 حديث 3205 ، طبعة : دار الكتاب العربي/ بيروت . والحاكم الحسكاني : عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، من أعلام القرن الخامس الهجري ، في كتابه شواهد التنزيل : 2 / 13 ، طبعة : منشورات الأعلمي بيروت . والحاكم النيسابوري : أبو عبد الله محمد بن محمد المتوفى سنة : 405 هجرية في كتابه المستدرك على الصحيحين : 3 / 146 و147 ، طبعة : دار المعرفة / بيروت . وابن الأثير : عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري المتوفى سنة : 630 هجرية في كتابه أسد الغابة : 7 / 343 ، طبعة دار الكتب العلمية / بيروت . والواحدي : أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري المتوفى سنة : 468 هجرية في كتابه : أسباب النزول : 203 ، طبعة المكتبة الثقافية / بيروت . والعسقلاني : ابن حجر المتوفى سنة : 852 هجرية في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة : 4 /568 ، طبعة دار الجيل / بيروت .
ولقد ذُكِرَ "الرجس" فِي القُرآن الكريم (9) مرات في مواضع مختلفة من الآيات ، مضمونها : الخمر وهو كل مسكر . والأنصاب وهي أشياء كانوا في الجاهلية ينصبونها يذبحون عندها لأصنامهم . والأزلام وهي أشياء كانوا في الجاهلية يستقسمون بها لحاجاتهم يكتب عليها : افعل لا تفعل غفل ، وهي كالنرد تماماً . والميسر فهو القمار المعروف . وضيق الصدر عن الإيمان والضيق عن العلم واليقين . والحيوانات الميتة والمسفوحة والدم ولحم الخنزير وما أُهِلَ به لغير الله وكل طعام حرام . والغضب الإلهي والعذاب . وجهنم . والأصنام وعبادة الأوثان. والآثام والخطايا ومن الخبائث في البواطن والاعتقاد . ومرض القلوب . والكفر وميتتة الكفر . وقول الزور . والبغي بغير الحق . والفواحش ما ظهر منها وما بطن .
وهذا يعني أنّ الله تعالى قد أذهب عنهم جميع تلك الأفعال والصفات الخاصة بــ"الرجس" . لقد خصّهم الله هؤلاء الخمسة (عليهم السلام) دون غيرهم بهذه المكانة العاليّة الرفيعة ، وهذا الاختصاص ليس عفويّاً وإنّما هو تعبير عن إعداد إلهي هادف لبيان الوجود الإمتدادي للرسالة المحمديّة ، وحيث أنّهم سادّة أهل الجنَّة كالنبي محمد وعلي قسيما الجنّة والنار والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهم الصلاة والسلام) .
لقد أكرمهم الله تعالى ببدنٍ طاهرٍ بكل أجزائه وتفاصيله وأفاض عليهم من أنوار قُدْسه وعظمة شأنه ، كلُّ جزءٍ من أجزاء أبدانهم الشريفة هي نورٌ يسبح لله تبارك وتعالى . جاء في زياراتهم الشريفة منها الزيارة الجامعة الكبيرة : « وَأَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصَّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ ، الْمُطِيعُونَ لِلَّهِ الْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهِ الْعَامِلُونَ بِإِرَادَتِهِ الْفَائِزُونَ بِكَرَامَتِهِ » . ومنها : « وَأَنَّ أَرْوَاحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطِينَتَكُمْ وَاحِدَةٌ ، طَابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ . خَلَقَكُمُ اللَّهُ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا بِكُمْ ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ، وَجَعَلَ صَلَوَاتِنَا عَلَيْكُمْ وَمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلَايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنَا وَطَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا وَتَزْكِيَةً لَنَا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا . فَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَلِّمِينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ ، فَبَلَغَ اللَّهُ بِكُمْ أَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمِينَ وَأَعْلَى مَنَازِلِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَرْفَعَ دَرَجَاتِ الْمُرْسَلِينَ » . ومنها : « فَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ خَالِقِي وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَأُشْهِدُكُمْ يَا مَوَالِيَّ ، أَنِّي مُؤْمِنٌ بِوَلَايَتِكُمْ مُعْتَقِدٌ لِإِمَامَتِكُمْ مُقِرٌّ بِخِلَافَتِكُمْ عَارِفٌ بِمَنْزِلَتِكُمْ مُوقِنٌ بِعِصْمَتِكُمْ خَاضِعٌ لِوَلَايَتِكُمْ ، مُتَقَرِّبٌ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُمْ وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ ، عَالِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَكُمْ مِنَ الْفَوَاحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ، وَمِنْ كُلِّ رِيبَةٍ وَنَجَاسَةٍ وَدَنِيَّةٍ وَرَجَاسَةٍ » .
طهارة الصدّيقة بنت الصدّيق فاطمة بنت محمد الزهراء (عليها الصلاة والسلام) :- هِيَ أُمُّ الْحَسَنِ وَأُمُّ الْحُسَيْنِ وَأُمُّ الْمُحَسِّنِ وَأُمُّ الْأَئِمَّةِ وَأُمُّ أَبِيهَا . وَأَسْمَاؤُهَا : فَاطِمَةُ الْبَتُولُ السَّيِّدَةُ الْعَذْرَاءُ الزَّهْرَاءُ الْحَوْرَاءُ الْمُبَارَكَةُ الطَّاهِرَةُ الزَّكِيَّةُ الرَّاضِيَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْمُحَدَّثَةُ الصِّدِّيقَةُ الْكُبْرَى . وَيُقَالُ لَهَا فِي السَّمَاءِ : النُّورِيَّةُ السَّمَاوِيَّةُ الْمَنْصُورَةُ .
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ :
شَقَّ اللَّهُ لَكِ يَا فَاطِمَةُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِهِ ، فَهُوَ الْفَاطِرُ وَأَنْتِ فَاطِمَةُ .
المصدر : (البحار : ج43، ص15.)
وَعَنْهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ سُئِلَ : مَا الْبَتُولُ ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ وَلَمْ تَحِضْ ، فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَائِشَةَ :
يَا حُمَيْرَاءُ ، إِنَّ فَاطِمَةَ لَيْسَتْ كَنِسَاءِ الْآدَمِيِّينَ ، لَا تَعْتَلُّ كَمَا تَعْتَلِلْنَ .
المصدر : (البحار : ج43، ص16،15.)
وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ :
مَا الْبَتُولُ ؟ فَإِنَّا سَمِعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ إِنَّ مَرْيَمَ بَتُولٌ وَفَاطِمَةَ بَتُولٌ .
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
الْبَتُولُ الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ ، أَيْ لَمْ تَحِضْ .
فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ .
المصدر : (البحار : ج43، ص15، عن مصباح الأنوار وعلل الشرائع.)
وَعَنْ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
مَعَاشِرَ النَّاسِ ، تَدْرُونَ [مِنْ مَاذَا] خُلِقَتْ فَاطِمَةُ ؟
قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ !
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
خُلِقَتْ فَاطِمَةُ حَوْرَاءَ إِنْسِيَّةً لَا إِنْسِيَّةٌ .
وَخُلِقَتْ مِنْ عَرَقِ جَبْرَئِيلَ وَمِنْ زَغَبِهِ .
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْنَا تَقُولُ حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ لَا إِنْسِيَّةٌ ثُمَّ تَقُولُ مِنْ عَرَقِ جَبْرَئِيلَ وَمِنْ زَغَبِهِ ؟!
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِذاً أُنَبِّئُكُمْ ، أَهْدَى إِلَيَّ رَبِّي تُفَّاحَةً مِنَ الْجَنَّةِ أَتَانِي بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، فَضَمَّهَا إِلَى صَدْرِهِ فَعَرِقَ جَبْرَئِيلُ وَعَرِقَتِ التُّفَّاحَةُ ، فَصَارَ عَرَقُهُمَا شَيْئاً وَاحِداً ثُمَّ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . قُلْتُ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا جَبْرَئِيلُ . فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَهْدَى إِلَيْكَ تُفَّاحَةً مِنَ الْجَنَّةِ . فَأَخَذْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَوَضَعْتُهَا عَلَى عَيْنِي وَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ كُلْهَا . قُلْتُ يَا حَبِيبِي يَا جَبْرَئِيلُ ، هَدِيَّةُ رَبِّي تُؤْكَلُ ؟ قَالَ نَعَمْ قَدْ أُمِرْتَ بِأَكْلِهَا . فَأَفْلَقْتُهَا فَرَأَيْتُ مِنْهَا نُوراً سَاطِعاً فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ ! قَالَ كُلْ فَإِنَّ ذَلِكَ نُورُ الْمَنْصُورَةِ فَاطِمَةَ . قُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ وَمَنِ الْمَنْصُورَةُ ؟ قَالَ جَارِيَةٌ تَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ وَاسْمُهَا فِي السَّمَاءِ مَنْصُورَةُ وَفِي الْأَرْضِ فَاطِمَةُ . فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ وَلِمَ سُمِّيَتْ فِي السَّمَاءِ مَنْصُورَةَ وَفِي الْأَرْضِ فَاطِمَةَ ؟ قَالَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ فَطَمَتْ شِيعَتَهَا مِنَ النَّارِ وَفُطِمُوا أَعْدَاؤُهَا عَنْ حُبِّهَا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ : ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ ، بِنَصْرِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) .
المصدر : (البحار : ج43، ص18، عن تفسير فرات.)
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ :
لِمَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ ، فَلَمَّا أَشْرَقَتْ أَضَاءَتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِنُورِهَا وَغَشِيَتْ أَبْصَارَ الْمَلَائِكَةِ وَخَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ لِلَّهِ سَاجِدِينَ . وَقَالُوا : إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا مَا هَذَا النُّورُ ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ : ﴿هَذَا نُورٌ مِنْ نُورِي وَأَسْكَنْتُهُ فِي سَمَائِي خَلَقْتُهُ مِنْ عَظَمَتِي ، أُخْرِجُهُ مِنْ صُلْبِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِي أُفَضِّلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَأُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ أَئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْرِي يَهْدُونَ إِلَى حَقِّي وَأَجْعَلُهُمْ خُلَفَائِي فِي أَرْضِي بَعْدَ انْقِضَاءِ وَحْيِي﴾ .
المصدر : (البحار : ج43، ص12، عن علل الشرائع.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ آبَائِهِ قَالَ :
إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرَةَ لِطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ رَفَثٍ .
وَمَا رَأَتْ قَطُّ يَوْماً حُمْرَةً وَلَا نِفَاساً .
المصدر : (البحار : ج43، ص19، عن مصباح الأنوار.)
وَعَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لِأَنَّهَا تَزْهَرُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي النَّهَارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالنُّورِ . كَانَ يَزْهَرُ نُورُ وَجْهِهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَالنَّاسُ فِي فِرَاشِهِمْ فَيَدْخُلُ بَيَاضُ ذَلِكَ النُّورِ إِلَى حُجُرَاتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ، فَتَبْيَضُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) ، فَيَأْتُونَ مَنْزِلَهَا فَيَرَوْنَهَا قَاعِدَةً فِي مِحْرَابِهَا تُصَلِّي وَالنُّورُ يَسْطَعُ مِنْ مِحْرَابِهَا مِنْ وَجْهِهَا ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْهُ كَانَ مِنْ نُورِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) . فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَتَرَتَّبَتْ لِلصَّلَاةِ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا بِالصُّفْرَةِ ، فَتَدْخُلُ الصُّفْرَةُ فِي حُجُرَاتِ النَّاسِ فَتُصَفِّرُ ثِيَابَهُمْ وَأَلْوَانَهُمْ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) فَيَرَوْنَهَا قَائِمَةً فِي مِحْرَابِهَا وَقَدْ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا وَعَلَى أَبِيهَا وَبَعْلِهَا وَبَنِيهَا بِالصُّفْرَةِ ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِهَا . فَإِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ احْمَرَّ وَجْهُ فَاطِمَةَ فَأَشْرَقَ وَجْهُهَا بِالْحُمْرَةِ فَرَحاً وَشُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ تَدْخُلُ حُمْرَةُ وَجْهِهَا حُجُرَاتِ الْقَوْمِ وَتَحْمَرُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَيَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) فَيَرَوْنَهَا جَالِسَةً تُسَبِّحُ اللَّهَ وَتُمَجِّدُهُ وَنُورُ وَجْهِهَا يَزْهَرُ بِالْحُمْرَةِ ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) . فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ النُّورُ فِي وَجْهِهَا حَتَّى وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي وُجُوهِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الْأَئِمَّةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتَ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ .
المصدر : (البحار : ج43، ص11، عن علل الشرائع.)
وَعَنْ أَسْمَاء قَالَتْ :
قَبِلْتُ أَيْ وَلَّدْتُ فَاطِمَةَ بِالْحَسَنِ ، فَلَمْ أَرَ لَهَا دَماً .
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، إِنِّي لَمْ أَرَ لَهَا دَماً فِي حَيْضٍ وَلاَ نِفَاسٍ ؟!
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اِبْنَتِي طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَةٌ . لاَ يُرَى لَهَا دَمٌ فِي طَمْثٍ وَلاَ وِلاَدَةٍ .
المصدر : (صحيفة الرضا (ع) : ج1، ص90. ذخائر العقبى : ص٤٤.)
وفي ذخائر العقبى ، وعن ابن عبّاس (رضي الله عنهما) قال :
إِنَّ ابْنَتِي فَاطِمَةَ حَوْرَاءُ إِذْ لَمْ تَحُضَّ وَلَمْ تَطْمِثْ ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا فَاطِمَةَ لِأَنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) فَطَمَهَا وَمُحِبِّيهَا عَنْ النَّارِ .
المصدر : (أخرجه النسائي ورواه في تاريخ بغداد : ج۱۲، ص۳۲۸ ، الرقم ٦۷۷۲ .)
ورُوِيَ أيضاً في ينابيع المودّة ص260. وفي منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش مسند أحمد : ج٥، ص۹۷، طبعة مصر . وفي رشفة الصادي :ص٤۷، طبعة مصر . وفي أرجح المطالب : ص۳۲۸، طبعة لاهور . وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي : ج۲، ص۳۲۸ . وفي التاريخ الكبير لابن عساكر : ج۱، ص،۲۹۱ . والصفوري في نزهة المجالس : ص۲۲۷. والرافعي في التدوين عن أمّ سلمة .
تعليق