منذ أعوام ، بينما كنت في ندوة عن العلاقات الإنسانية قام أحد الحاضرين وسأل المتحدث ((ما الذي يدفعني إلى التعامل بحب مع زوجتي رغم أنها لا تتعامل معي بتلك الكيفية؟)) أجاب المتحدث بأسلوب لبق وودود ((لأنك في حاجة الى أن تتدرب على ذلك)).
كان وقع كلماته علي قوياً ، فلقد علقت بذاكرتي منذ ذلك الحين. لقد كانت نصيحته ولا تزال في مكانها الصحيح . وفي واقع الأمر ، أعتقد انه ليس هناك شخص واحد في غنى عن التدرب على التعامل بحب ، فهل تختلف معي في ذلك ، هل سبق وان عرفت رجلا متمرسا في فن التعامل بحب وود؟ إذا كان هذا الشخص موجوداً فإنني أول من يرغب في مقابلته.
نحن جميعاً في حاجة الى التدرب على الحب غير المشروط نستطيع جميعاً ان نحد من ظاهرة اتخاذ موقف مدافع ، من الانانية وسرعة الانفعال ونسعى لاكتساب قدر أكبر من الانصات الى الاخرين ومن الود في المعاملة واللياقة والكرم. لا بد أن تتدرب على التعامل مع زوجتك بتلك الصفات ، وألا يكون ذلك استجابة طبيعية للحب والتأييد اللذين تظهرهما لك ، ولكن يكون نهجا تتبعه معها وان بدر منها غير ذلك. بمعنى آخر ، من السهل على الشخص ان يكون ودوداً ومحبا عندما تكون امراته كذلك ، ولكن الأمر يختلف تماماً اذا كانت على النقيض.
بإمكان سلطة الحب ان تغير مجرى حياتك للأبد ، اذا احسنت استغلالها. اذا تجاوبت مع قرينتك بحب وليس بتبرم ، اذا كان الحب ، وليس الرغبة في الانتصار للنفس هو سمة تعاملك معها ، اذا اتسع قلبك دائما لشريكة حياتك ، وان لم يتواجد عامل مشجع على ذلك فستكتشف حينئذ ما للحب من سلطة وستعلم انه اكثر الوسائل فاعلية لتأكيد دوام واثراء علاقتك .
إن نظم الكلمات عن الاستغلال الأمثل لسلطة الحب هو أيسر من وضعها في حيز التنفيذ إلا أن الأمر ليس بالغ الصعوبة كما نتصور ، فالمطلوب منك هو أن تتحلى بالإصرار وتلتزم بالتدريب الكافي ، عندما تلتمس الاهتمام والحب في تصرفات زوجتك فلتسعد بذلك ولتكن شاكراً ، عندما تحس منها الجفاء فاعلم ان هذا هو الوقت المناسب لكي يتدخل القلب. ابذل أقصى جهدك لكي تكون متفهما ومحبا بلا حدود مع التغاضي عن اختلاف اسلوبها في المعاملة. كن متسامحا وانصت اليها جيدا واحتفظ بروح الدعابة وقف دائما بجوارها .
إن من أكثر الأشياء غرابة وروعة على مستوى جميع العلاقات هي تلك الصلة الوثيقة التي تنشأ بين الزوجين فيشعر كل منهما بداخل نفس الآخر عندما يمتلئ قلبك بالغضب تصاب علاقتك الزوجية بالاضطراب ، عندما تكون كثير المطالب وحاد الطباع تلجأ زوجتك الى تجنبك عندما تنشغل بعيوب الطرف الآخر وغيرها من الأفكار السلبية فسيشعر بذلك بطريقة او بأخرى وسيلتزم بالتحفظ والبقاء على بعد. بهذا الشكل لن تكون العلاقة بينكما على النحو المنشود ولن يتم التقارب بينكما .
على الجانب الآخر، عندما يمتلئ قلبك بالحب فستشعر شريكة حياتك ، في أغلب الحالات بذلك ! ستسقط عنها اسلحتها الدفاعية وسيمتلئ قلبها بالحب من جديد وعاطفة اقوى مما كانت. إذا بدر من زوجتك خطأ ما فتجاوز عنه وكن محباً فسيكون لذلك أثر أقوى من تراجعها عن الخطأ بسرعة من ردود الأفعال العنيفة.
إذا نجحت في إشاعة جو من الحب لا تؤثر فيه الأخطاء البسيطة ، فستحل معظم مشاكلك بسرعة وبتلقائية. إني لا أطلب منك بذلك أن تغرس رأسك في الرمال أو تتقبل التصرفات البذيئة، ولكن أن تتجاوز صغائر الأمور ليتسع قلبك دائماً لشريكة حياتك.
عندما تشعر بالحنق أو الضيق من الطرف الآخر في المرة القادمة ، اتبع استراتيجية مختلفة في التعامل مع الموقف. لا تسر مع التيار السائد على مستوى العالم بالإصرار على ان تكون الخطوة الايجابية الاولى صادرة عن الطرف الاخر ، ولكن كن مستعداً للتعامل بحب رغم كل شيء وستندهش من السرعة والصورة الجوهرية التي تتحسن بها الامور. لا تبخس مطلقاً تقدير سلطة الحب.