بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين واله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم اجمعين من الآن الى قيام يوم الدين.
لا يخفى ما للزمان وكذا المكان من أثر بالغ في العبادة ودور فاعل في تقوية الجانب الروحي للانسان، لذا حث الاسلام العظيم على اغتنام فرص بعض الازمنة المباركة كليلة النصف من شهر رجب والنصف من شعبان وليلة عرفة ويومها بل ركّز على أشهر معينة كشهر رجب الأصم مثلاً، فقد ورد فيه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: «ومن أحيا ليلة من ليالي رجب أعتقه الله من النار وقبل شفاعته في سبعين ألف رجل من المذنبين»[1]، وعن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال: «من صام ثلاثة أيام من رجب وقام لياليها في أوسطه ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة لا يخرج من الدنيا إلا على التوبة النصوح ويغفر له لكل يوم صامه سبعون كبيرة ويقضى له سبعون حاجة عند الفزع الأكبر وسبعون حاجة إذا دخل قبره وسبعون حاجة إذا خرج من قبره وسبعون حاجة إذا نصب الميزان وسبعون حاجة عند الصراط وكأنما عتق بكل يوم يصومه سبعين من ولد اسماعيل وكأنما ختم القرآن سبعين ألف مرة وأنما رابط في سبيل الله سبعين سنة وكأنما بنا سبعين قنطرة في سبيل الله وشفع في سبعين من أهل بيته ممن وجبت له النار وبني له في جنات الفردوس سبعون ألف مدينة في كل مدينة سبعون ألف قصر وفي كل قصر ألف حوراء ولكل حوراء سبعون ألف خادم»[2].
ليلة الرغائب:
ومن تلك الازمنة المباركة التي بعث الاسلام على احياءها واغتنامها «ليلة الرغائب» فهي من الليالي العظيمة وقد سمتها الملائكة ـ كما في الخبر ـ بهذا الاسم، وأوصى رسول الله صلى الله عليه وآله بها، ودعا إلى صوم اليوم الذي قبلها، وهي أول ليلة جمعة من شهر رجب.
فعن النبي صلى الله عليه وآله قال: «لا تغفلوا عن أول جمعة من رجب، فإنها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب، وذلك أنه إذا مضى ثلث الليل اجتمعت ملائكة السماوات والأرض في الكعبة وحولها، فيقول الله تعالى: يا ملائكتي سلوني ما شئتم، فيقولون: ربنا حاجتنا أن تغفر لصوّام رجب، فيقول الله تعالى: قد فعلت ذلك».
ثم قال صلى الله عليه وآله: «ما من أحد يصوم أول خميس من رجب ثم يصلي بين العشاءين ليلة الجمعة اثنتي عشرة ركعة، يفصل بين كل ركعتين بتسليمة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والقدر ثلاثاً والتوحيد اثنتي عشرة، فإذا سلّم قال: (اللهم صلّ على محمد وآله) سبعين مرة، ثم يسجد ويقول في سجوده: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) سبعين مرة، ثم يرفع رأسه ويقول: (رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك انت العلي العظيم) سبعين مرة، ثم يسجد أخرى ويقول فيها ما قاله في الأولى، ثم يسأل الله تعالى في سجوده حاجته، تقضى إن شاء الله تعالى» ثم قال صلى الله عليه وآله: «والذي نفسي بيده لا يصلِ عبد أو أمة هذه الصلاة إلا غفر الله تعالى له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل وزنة الجبال وعدد ورق الأشجار، وشفع يوم القيامة في سبع مائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار»[3].
فجدير بالمؤمنين طالبي الكمال ان يحيوا هذه الليلة متوسلين بالمولى سبحانه ان يغفر ذنوبهم ويرضا عنهم ويوفقهم لكل خير انه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.
_________
[1] الأمالي للصدوق: ص542 المجلس 81 ح1.
[2] اقبال الأعمال: ص656 فصل فيما نذكره من أيام البيض من رجب ولياليها.
[3] البلد الأمين: ص169-170 وأما صلوات رجب.