إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

لكي تكون زيارة البابا فرانسيس للعراق مهمة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لكي تكون زيارة البابا فرانسيس للعراق مهمة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    من المتوقع أن تبدأ زيارة البابا[1] فرانسيس في الخامس من شهر آذار القادم، وهو زعيم الكنيسة الرومانية الكاثوليكية ومقرها في دولة الفاتيكان.
    زيارة البابا الكاثوليكي فرانسيس للعراق يراد تحميلها من المعاني والاحتفالية أكبر بكثير مما تستحق، وقد اعتدنا على ان يكون للماكنة الاعلامية تأثير واسع في حياة الشعوب، ولذلك نجدها ترسم هالة ضخمة لتلك الزيارة واهميتها في مقابل واقع بائس ومرير تمر به شعوب العالم كافة، والشعب العراقي على نحو خاص.
    وقد زار البابا عدة دول عربية في منطقة الشرق الاوسط ابرزها الأردن ومصر ودولة الامارات العربية، كما زار الكيان الصهيوني سنة 2014م. ومن المخطط له ان تكون زيارة العراق في آذار القادم هي المحطة الاولى ضمن محطات أخرى تتبعها زيارته لمصر والكيان الصهيوني.
    لا يخفى ان هناك دوافع سياسية ترافق زيارة بابا الفاتيكان الى جانب الدوافع الاجتماعية والايمانية التي ترفع شعار السلام والمحبة! وربما من المحبط أن نعلم أنَّ بابا الفاتيكان الذي يطمح لنشر السلام في الشرق الاوسط يعاني من مشاكل كبيرة في محيطه الأوربي، فعلى الصعيد الايماني في اوربا نجد "ان الايمان المسيحي ليس على ما يرام في الغرب. فالكاثوليك اقليات والايمان مهمل"[2]، فالمجتمع الاوربي في مقدمة المجتمعات التي ينهش فيها الإلحاد والقيم الماديّة، وتعاني من ضعف الروابط الاسرية وانتشار إدمان الخمور والمخدرات والفواحش الاخلاقية من زنى وشذوذ جنسي وإباحية وتهتك النساء وديوثية الرجال وغيرها.
    ومن المهم الإنتباه إلى أنَّ بابا الفاتيكان ليس زعيماً وحيداً للعالم المسيحي، بل هو زعيم طائفة مهمة هي الطائفة الكاثوليكية، الى جانب وجود طوائف أخرى مهمة أيضاً لها زعاماتها المستقلة كبابا الأقباط في مصر وبطاركة الكنيسة الآرثوذكسية الشرقية. وأبرز الطوائف المسيحية المعاصرة الى جانب الكاثوليك: الآرثوذكسية الشرقية والآرثوذكسية المشرقية والبروتستانت والانجليكانية والنساطرة وشهود يهوه والمورمون واللاثالوثيين.

    مطالب متعلقة بزيارة البابا:
    أمّا بخصوص زيارة البابا فرانسيس للعراق المخطط لها في شهر آذار القادم، فالهدف المعلن منها هو "الحد من الصراعات، وتغليب الحكمة والعقل وإعلاء قيمة الإنسان فوق كل المصالح السياسية والنزاعات والحروب"، وهو هدف نبيل وسامي معلن من جميع القادة الدينيين في العالم، بخلاف الأفعال الصادرة عنهم والتي قد تصدِّق هذه الأهداف أو تكذِّبها!
    وبالاضافة الى هذا الهدف المعلن، نتوقع ان الزيارة سوف تستكمل اهميتها، إذا تضمنت الملفات التالية:
    1- إعلان إيقاف دعم الفاتيكان لتبشير الشعوب، حيث يوجد في الفاتيكان مجمع تبشير الشعوب[3]، وارساليات الفاتيكان ومسؤوليته عن موضوع التبشير واضحة لا يختلف عليها أثنان. وإلا فكيف يتوقع سلام بين الاديان وأعلى مرجعية مسيحية في العالم الغربي تدعم الصراع الديني من خلال التبشير! وإلا فهل من المعقول أن يدعو للسلام بين الاديان وفي نفس الوقت يخطط لغزو المجتمعات غير المسيحية فكرياً وثقافياً ودينياً؟!
    2- إعلان إيقاف تبشير المسيحيين من المذاهب الاخرى. حيث تعاني الطوائف المسيحية من حملات تبشيرية كاثوليكية وإنجيلية لتغيير مذهبها من الآرثوذكسية الشرقية أو المشرقية الى الكاثوليكية الفاتيكانية أو الانجيلية. وهذه مشكلة كبير تعرقل صفو الطوائف المسيحية في المجتمعات المشتركة التي تتعايش فيها، ومن ضمنها المجتمع المسيحي في العراق.
    3- تقديم اعتذار عن الحروب الصليبية التي دعا اليها بابا الفاتيكان أوربان الثاني في عام 1095م، وتحولت الى ست حملات صليبية راح ضحيتها ما لا يمكن احصاؤه اليوم من الضحايا من المسلمين.
    4- إدانة إيرونيموس رئيس اساقفة اليونان، بسبب العبارات التي تلفظ بها ضد الإسلام والمسلمين. وإلا فإنَّ هذا الصمت المريب من قبل بابا الفاتيكان ضد التصريحات المسيئة للاسلام تعني موافقته الضمنية عليها!
    5- ان يعلن الفاتيكان تحريم صنع واستخدام الاسلحة النووية وجميع اسلحة الدمار الشامل، وهي خطوة جريئة تحتاجها الانسانية، ونحن نلمس ما تعانيه الانسانية من هدر لمواردها في ظل السباق النووي بين الدول العظمى والكبرى وغيرها، وما يهدد البشرية من مخاطر جراء وجود تلك الاسلحة.
    هذه أبرز المطالب التي نتمنى تحقيقها لتكون زيارة بابا الفاتيكان ذات أثر حميد وليست مجرّد زيارة قد يٌخشى أن يحسبها البعض على محور التطبيع مع الكيان الصهيوني!

    الستراتيجية المشتركة للنهضة الاخلاقية في المجتمعات الإسلامية والمسيحية:
    في عالم الأديان يرى كل دين حقانيته على الأديان الأخرى. ولكل إنسان تفكيره الحر في ضوء البيئة التي يعيشها، وتأثيرات محيطه العائلي، وقناعته الشخصية، فيما يجب عليه أن يعتنقه من دين أو مذهب وفق الدليل الذي يكون مقنعاً له، بحسب طريقة تفكيره، مهما كانت النتائج و"الضريبة الشخصية" التي سيدفعها.
    وفي عالمنا المعاصر لم تعد النزاعات الدينية سوى أداة بيد خصوم الاديان من الملحدين والعلمانيين لإضعاف الأديان جميعها. وهذا ما انتبه اليه القادة الدينيّون. ولذلك نجدهم يعملون من أجل نزع فتيل الحروب والازمات بين الأديان وإشاعة اجواء السلام والحوار والتعايش السلمي.
    وفي خِضَمّ الحراك الفكري حول الأديان، وتربص الملحدين والليبراليين بها، وإنتقال المعركة الفكرية بين الطرفين من ساحة الدين الى ساحة المجتمع والقيم الخلاقية، نجد أنّه من الضروري أن يتم تمييز جبهات الإيمان التي تنادي بالحفاظ على القيم الخلاقية للمجتمع، عن جبهات الإلحاد والليبرالية الساعية لطمس المعالم الأخلاقية للمجتمعات كافة.
    وفيما يخص زيارة البابا فرانسيس للعراق، وعلاقة الفاتيكان مع المسلمين ومع القيادات الدينية من مختلف المذاهب الإسلامية، فإن أفضل ما يمكن للفاتيكان تقديمه لخير الشعوب هو التحالف مع الاسلام، لما له من إنتشار وتأثير، من أجل ترسيخ قيم الاخلاق في المجتعات الغربية والشرقية، فالمسيحية والإسلام يمتلكان مجموعة قيم أخلاقية مشتركة، يمكن بتعاونهما أن يثمرا إعادة إحيائها أو تقويتها في المجتمعات التي إضمحلت منها أو ضعف فيها وجود تلك القيم.
    فالنهضة الاخلاقية هي خير ما يمكن للمسيحيين والمسلمين أن يتعاونوا من أجله، في مقابل سعي الليبراليين والملحدين لهدم القيم الاخلاقية للفرد والعائلة والمجتمع.
    فالمجتمعات الشرقية والغربية جميعها تعاني من التدهور الاخلاقي، بنسب متفاوتة، ويجب على القيادات الدينية العمل معاً لإيقاف هذا التدهور ثم العمل لإنهاء مظاهره، ورفع شعار (الأخلاق أولاً) بين شعوب العالم جميعها. وقد ذكرنا في بداية هذا المقال بعضاً من مظاهر التدهور الاخلاقي الحاصل في المجتمعات الغربية والشرقية وإنْ كان بنسب متفاوتة.
    فلن يجدينا ان يأتي البابا فرانسيس للعراق وفي يديه شعارات السلام والحوار والتعايش، فهذه أمور قد ألِفناها ولا نختلف عليها، بل ما يجدينا كعراقيين خصوصاً وكإنسانية عموماً هو التعاون بين المسيحية والاسلام من أجل النهضة الاخلاقية المشار إليها، بعد مراحل الانحطاط التي مرت بها البشرية وما زالت منذ بدايات القرن العشرين والى يومنا هذا.
    إنها الثورة الاخلاقية التي نطمح لها الإنطلاق، في مقابل ما ساد القرن العشرين والى عصر الحالي من ثورات جنسية وإباحية وإنحطاط اخلاقي لا يرتضيه أي دين.





    الهوامش:

    [1] كلمة (البابا) دخيلة على اللغة العربية، وهي تقابل بالانجليزية كلمة (Pope) وترجمتها في العربية الفصحى كلمة (حَبْر).
    [2] مقال بعنوان (البابا يعطي المجمع الفاتيكاني الثاني روحا جديدة في الذكرى الخمسين لانعقاده)، منشور بتاريخ 19 مايو/آيار 2013م، في موقع الالكتروني لكنيسة الاسكندرية للاقباط الكاثوليك بمصر، عبر الرابط: http://bit.ly/3q4xHR0
    [3] تجدون موقعه الالكتروني عبر الرابط: https://bit.ly/3dR0J42

المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X